ستقدم منظمة هيومان رايتس ووتش، في 12 تشرين
الثاني/نوفمبر، أرفع تقدير لديها، إلى د. عايدة سيف الدولة، وهي طبيبة
نفسانية و ناشطة، عملت بشجاعة على كسر طوق الصمت الذي يحيط بممارسات
التعذيب في مصر. وتوفر د. سيف الدولة من خلال عملها الرائد، الرعاية
والعزاء لضحايا التعذيب، ووسائل تساعدهم في سعيهم لتحقيق العدالة.
منذ آذار/مارس 2002، أدى التعذيب الذي تمارسه
الشرطة وقوات الأمن المصرية، إلى مقتل ما لا يقل عن ثلاثة عشر شخصاً.
ويعاني آلاف الرجال والنساء والأطفال، من آثار الندوب الجسدية والنفسية
الناتجة عن تعرضهم للصدمات الكهربائية، والضرب، والتعليق من السقف،
والعنف الجنسي. أما عناصر الشرطة الذين يرتكبون هذه الممارسات،
والمشرفون عليهم الذين يتغاضون عن هذه الأعمال، فهم لا يواجهون أي عقاب.
قالت كلاريسا بنكومو، الباحثة في قسم حقوق الطفل
في منظمة هيومان رايتس ووتش،
"الكل في مصر يعلم بأن التعذيب منتشر، ولكن قد
يتعرض من يتحدث عن ذلك جهاراً لخطر التعذيب. إن عمل د. سيف الدولة يكسر
طوق الصمت، ويوفر للضحايا وعائلاتهم الدعم الذي يحتاجونه للشفاء مما
أصابهم. كما تعمل على مساعدة الضحايا في رفع شكاوى قانونية ومطالبات
بالتعويض المالي."
أسست د. عايدة سيف الدولة الجمعية المصرية
لمناهضة التعذيب، وتديرها منذ تأسيسها. وتتفرد هذه الجمعية بتعاونها مع
منظمات غير حكومية توفر خدمات المساعدة القانونية والطبية والاجتماعية،
لضمان حصول ضحايا التعذيب وعائلاتهم على الدعم الضروري. كما تعمل
الجمعية على مراقبة التقارير المتعلقة بحالات التعذيب، وتقوم بحملات
ضغط سياسي من أجل محاكمة المسؤولين عن ارتكاب التعذيب، وإجراء تغيرات
قانونية واجتماعية.
رفضت الحكومة المصرية، في آب/أغسطس 2003، طلب
الجمعية المصرية لمناهضة التعذيب، للحصول على ترخيص كمنظمة غير حكومية.
وزعمت الحكومة، دون إبداء الأسباب، إن المنظمة تنتهك القانون المصري
الخاص بالمنظمات غير الحكومية، والمحاط بسرية كبيرة. إن قانون المنظمات
غير الحكومية، في صياغته المبهمة، يوفر للحكومة سلطات غير مسبوقة،
تمكنها من حل المنظمات غير الحكومية، وسجن الأشخاص الذين يديرون جمعيات
غير مرخصة، وفرض غرامات عليهم.
وقالت بنكومو: "لقد
ألهمت د. سيف الدولة، بالتزامها الراسخ بمكافحة التعذيب والانتهاكات
الأخرى لحقوق الإنسان، زملاءها من نشطاء حقوق الإنسان في مصر والخارج،
الذين يساهمون في إحياء آمال المجتمع المدني المصري، من خلال تصميمهم
على مواصلة تحدي التشريعات القمعية".
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تُعرِّض فيها
د. سيف الدولة نفسها للخطر، دفاعاً عن حقوق الإنسان في مصر. فعندما
احتشد الناشطون للاحتجاج على الاعتقالات الجماعية وعمليات التعذيب التي
واجهت المتظاهرين المناهضين للحرب، في شهري آذار/مارس ونيسان/إبريل
2003، بذلت د. عايدة جهداً هائلاً، وعملت على توثيق إصابات الجرحى،
وترتيب أمر الدفاع القانوني عنهم، حتى إنها تظاهرت أمام مكتب
النائب العام للمطالبة بتقديم الرعاية الطبية للذين ظلوا محتجزين. في
العام 1999 شاركت في حملة وطنية لمعارضة نسخة سابقة من قانون المنظمات
غير الحكومية الحالي، وقامت بإضراب عن الطعام لمدة أسبوع، للضغط على
البرلمان الذي تسيطر عليه الحكومة، لإعادة النظر في القانون.
وقالت بنكومو: "لقد
اعتادت الحكومات المصرية المتعاقبة، على استخدام التهديد بالاعتقال
والتعذيب لإخماد المعارضة السلمية. نحن نأمل أن هذا التكريم لنشاطات د.
عايدة سيف الدولة في مجال تحقيق العدالة، سوف يشجع آخرين على الانضمام
لها في مساعيها لإنهاء التعذيب ولمحاسبة مرتكبيه".
نبذة عن مسيرة د. عايدة سيف
الدولة
ظلت د. عايدة سيف الدولة تكافح طوال ثلاثة عقود
لمناصرة حقوق الإنسان في مصر والشرق الأوسط. فقد ولدت لعائلة ناشطة
سياسياً في خمسينات القرن الماضي، ونشأت في فترة كانت الحكومة المصرية
تتبنى فيها إصلاحات اقتصادية واجتماعية محدودة، بينما تقيّد الحريات
المدنية والسياسية بشدة.
وقالت د. عايدة سيف الدولة:
"قبل التحاقي بالدراسة الجامعية، شهدت أبي يعتقل مرتين، كما اعتقل
شخصان آخران من أعضاء الأسرة، وكل ذلك بسبب 'الجريمة' التي لا تغتفر،
وهي التفكير بصورة مغايرة، والتعبير عن أفكارهم ومعتقداتهم".
شجعت هذه التجارب د. عايدة على الانخراط في
الحركة الطلابية المصرية في عقد السبعينات من القرن الماضي، إذ عملت هي
وآخرون على تنظيم أنفسهم لمواجهة المظالم الاجتماعية والسياسية،
والتعسفات المتعلقة بالجنوسة.
شاركت د. سيف الدولة في العام 1984 في تأسيس
مركز المرأة الجديدة للدراسات، ولعبت من خلال هذه الصفة، دوراً رئيساً
في تطوير استراتيجيات لمجابهة العوائق التي تواجه تحرير المرأة،
والناتجة عن السياسات الحكومية الضعيفة. كما كافحت ضد جهود الأصوليين
الدينيين الهادفة إلى إجبار المرأة على العودة إلى وضع محتجب في
المجتمع - بالمعنيين الحرفي والمجازي -. وكانت كذلك من نشطاء الحركة
المناهضة لممارسة تشويه الأعضاء الجنسية للإناث. وقد شمل تأثير هذه
الممارسة، أثناء عقد التسعينات، ما يقدّر بِ 97 بالمئة من النساء
المصريات المتزوجات، اللاتي تتراوح أعمارهن ما بين خمسة عشر عاماً إلى
خمسة وأربعين عاماً.
في العام 1993، ساعدت د. سيف الدولة على تأسيس
مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي لضحايا العنف، وهي المنظمة الأولى
والوحيدة من نوعها في مصر. وكان المركز مهتماً في البداية بضحايا العنف
الذي ترتكبه الدولة - الرجال والنساء والأطفال الذين يتعرضون للتعذيب
على يد الشرطة وقوات الأمن المصرية -، ولكن بعد ذلك، طوّر المركز
برنامجاً مستقلاً لعلاج الإناث ضحايا العنف بكافة أشكالة. ويكاد هذا
المشروع يعتمد بصورة كاملة على العمل التطوعي من النساء. ويوفر المركز
خدماته في عدة أحياء فقيرة في القاهرة، إضافة إلى أربع محافظات أخرى. |