كشفت افغانستان عن مسودة طال انتظارها لاول دستور
للبلاد بعد زوال حكم طالبان تنص على تعزيز دور الاسلام في البلاد
ومبادىء الديموقراطية وتمهد الطريق لاجراء انتخابات عامة في 2004.
وقدمت المسودة التي تقع في 12 فصلا و160 مادة الى
الرئيس الافغاني حميد كرزاي الاثنين الماضي في حفل في القصر الرئاسي في
كابول حضره دبلوماسيون اجانب والملك الافغاني السابق محمد ظاهر شاه.
وتحتوي المسودة على رؤية لنظام رئاسي يستند الى
مبادىء ديموقراطية تتداخل مع قوانين مستمدة من الاسلام المعتدل. ومن
المقرر ان يتم مناقشة المسودة وتبنيها في كانون اول/ديسمبر من قبل
المجلس الاكبر لاعيان القبائل (لويا جيرغا) الذي يضم 500 عضوا.
وياتي الدستور ليكمل مرحلة هامة في عملية بدأت
اثناء محادثات تقاسم السلطة التي جرت في بون في كانون اول/ديسمبر 2001
ونتجت عنها اول حكومة افغانية عقب النزاع في افغانستان.
ورحب البيت الابيض بالمسودة التي قال انها "خطوة
مهمة جدا" في التطور السياسي في افغانستان.
وقال المتحدث باسم البيت الابيض سكوت ماكليلان ان "الاعلان
عن هذه المسودة المهمة جدا التي جاءت نتيجة مشاورات وحوار بين الافغان
تعد خطوة هامة في التطور السياسي في افغانستان". واضاف ان "الشعب
الافغاني لديه الان فرصة لمراجعة مسودة الدستور في الفترة التي تسبق
اجتماع مجلس لويا جيرغا في كانون اول/ديسمبر المقبل الذي سيصادق في
النهاية على الدستور الافغاني الجديد".
وياتي الدستور الجديد ليحل محل وثيقة تمت صياغتها
قبل حوالى نصف قرن وتعطل تطبيقها بسبب عقدين من الحروب اثناء الاحتلال
السوفييتي للبلاد والحرب الاهلية وبروز حركة طالبان المتشددة.
وتنص مسودة الدستور على ان افغانستان "جمهورية
اسلامية" الاسلام "الدين المقدس" لشعبها. الا انها لم تذكر شيئا عن
الشريعة الاسلامية التي بالغ طالبان في التطرف في تطبيقها.
وفي مقابلة تلفزيونية قبيل الحفل قال متحدث باسم
كرزاي ان الدستور سيساعد افغانستان على "بناء مجتمع يحكمه القانون".
ولا يزال الامن يمثل مشكلة كبرى بالنسبة لكابول منذ
الاطاحة بنظام طالبان على يد القوات التي قادتها الولايات المتحدة عام
2001 بسبب صلاته بتنظيم القاعدة الذي يتزعمه اسامة بن لادن. كما لا
يزال امراء الحرب يسيطرون على مناطق كبيرة من افغانستان كما يواصل
المتمردون المتطرفون شن هجماتهم.
وتزامن الكشف عن مسودة الدستور مع زيارة يقوم بها
فريق من مجلس الامن الدولي لاظهار الدعم لادارة كرزاي.
وفي كلمته امام الحفل قال الملك محمد ظاهر شاه انه
يامل في ان تقود مسودة الدستور الشعب "باتجاه السلام والامن
والديمقراطية".
ومع ان الملك لا يزال يحظى بشعبية في افغانستان
بالرغم من انه امضى ثلاثة عقود في المنفى منذ الاطاحة به في انقلاب لا
يمنح الدستور العائلة المالكة اي دور فعال في البلاد. وبدلا من ذلك فان
الدستور يمنح السلطة للرئيس الذي يجب ان يكون ولد مسلما لابوين
افغانيين ينتخب بشكل مباشر من قبل الشعب الافغاني لمدة خمس سنوات ولا
يحق للرئيس تولي الرئاسة لاكثر من ولايتين.
وينص الدستور على ان توكل الى الرئيس سلطة تعيين
الوزراء ورئيس القضاة والقضاة الثمانية الاخرين في المحكمة العليا الا
انه يتعين الحصول على موافقة البرلمان على تعيينات الرئيس.
وبموجب الدستور يقسم البرلمان الى "مجلس للشعب" يتم
انتخابه مباشرة ويعرف باسم "ووليسي جيرغا" و"مجلس للحكماء" يعرف باسم "ميشرانو
جيرغا". ويشرف على البرلمان بمجلسيه "اللويا جيرغا" الذي يضم وجهاء
القبائل الافغانية. وينص الدستور كذلك على حظر "كافة اشكال النشاطات
الارهابية وانتاج وتهريب المخدرات".
وذكرت لجنة دستورية رسمية في بيان الاثنين ان مسودة
الدستور "تهدف الى توفير اساسا للوحدة في كافة انحاء افغانستان (...)
وتقر تحديدا بان افغانستان هي دولة واحدة ومتحدة تعود الى كافة افراد
شعبها كما تعترف باهمية الوحدة الوطنية".
وتجري حاليا انتخابات لتعيين افراد مجلس "اللويا
جيرغا" الذي سيتبنى الدستور.
وتنتخب المجالس الاقليمية حوالى 344 عضوا بينما
يختار اللاجئون والاقليات الدينية 42 آخرين وتنتخب النساء 64 عضوا من
النساء.وسيقوم كرزاي باختيار الاعضاء الخمسين الباقين. |