أدان تقرير التنمية الإنسانية المنعقد في الأردن
الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وما خلفه من دمار معتبراً أنه
يمثل جرائم حرب يرتكبها الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني وإهدار لكرامته
وإنسانيته ولكل حقوقه، وأشار إلى ما تعانيه التنمية في فلسطين من فقدان
للحريات الأساسية، وإهدار للحياة وتدهور للأوضاع في ظل الممارسات
الإسرائيلية المستمرة، والانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان الأساسية في
الحياة والحرية والغذاء والتعليم والعمل نوه التقرير إلى أن مخاطر
الاحتلال الإسرائيلي باتت تتخذها دول عربية كذريعة للإبطاء في عملية
الإصلاح السياسي والاقتصادي بدعوة المحافظة على الأمن القومي لمواجهة
خطر العدوان الخارجي).
ودعا إلى بلورة رؤية عربية تضلع بها النخبة تسعى
إلى إعادة الإصلاح من الداخل، الذي يتأسس على النظر الرصين للذات
باعتباره البديل أمام موجات التدخل الساعية لإعادة رسم وتشكيل هذه
المنطقة، وفي الوقت ذاته أشاد التقرير بما أحرزته دول عربية من تطوير
لبنيتها التحتية، خاصة وسائل الاتصال وثقافة المعلومات وانتشار التعامل
بالانترنيت، كما نوه باستخدام اللغة العربية في وسائل الإعلام
المستحدثة على أقل أن تكون هذه المبادرات جميعها بداية لإعلام عربي حر
يوسع من هامش الحرية والجهد للانفتاح السياسي في العالم العربي ولفت
التقرير رغم هذه الإشادة إلى أنه ما زال هناك تأخر كبير بالمنطقة في
مجال الحاسب الآلي حيث يوجد أقل من 18 جهاز كمبيوتر لكل ألف شخص
بالبلدان العربية.
مقارنة بالمتوسط العالمي الذي يزيد على 78 جهاز
لكل ألف شخص وأشار التقرير إلى أن الكتب الأكثر رواجاً في العالم
العربي تبلغ نحو (5) آلاف عنوان فحسب، رغم أن هناك 270 مليون عربي
يقطنون في 22 دولة كما أن الكمية العادية المطبوعة من أي مجموعة قصصية
تتراوح ما بين ألف إلى 3 آلاف نسخة، مشيراً إلى أن الدول العربية أنتجت
مجتمعة 5600 عنوان عام 1991م مقابل 102200 عنوان صدرت في أمريكا
الشمالية، و12000 عنوان في أمريكا اللاتينية ودول البحر الكاريبي،
مذكراً أن الإنتاج العربي من الثقافة يشهد تدنياً قياسياً بمقارنة
بمعدل السكان في دول أخرى، وفي كثير من الأحيان يعامل الكتاب في دول
عربية باعتبار سلعة محظورة؟!! وتعرض التقرير لأوضاع وحالة المعرفة
بالبلدان العربية معتبراً أن هذه العملية بشقيها من نشر المعرفة
وإنتاجها تعتريها تنشئة تكبح الفكر، وتتسم بالتسلط والتذبذب والحماية
الزائدة بصورة تؤثر سلباً على عملية نمو الاستقلال والثقة بالذات
والكفاءة الاجتماعية والقدرة على التفكير، خاصة لدى الأطفال، مما
يجعلهم يعتادون منذ صغرهم على كبح التساؤل والاكتشاف والمبادرة، ولفت
إلى ما شهدته الدول العربية من توسع كمي في مجال التعليم على مدى النصف
الثاني من القرن الماضي رغم أن وضع التعليم مازال متواضعاً مقارنة
بإنجازات دول أخرى حتى في العالم النامي كما أن الأمية مازال مرتفعاً
في الدول العربية وخاصة بين الإناث وحذر من أن هذه القضية تعد من أخطر
ما يواجه الدول العربية من تحديات ودعا التقرير بشدة إلى استقلال
المعرفة عن النشاط السياسي في الوطن العربي وفك الارتباط بينهما، وأن
يتم الإنتاج المعرفي بمنأى عن أي أرغام سياسي، وعن وضع الحريات وحقوق
الإنسان في الدول العربية انتقد التقرير وضع الحريات وحقوق الإنسان
وقال أن الحرب على الإرهاب الدولي بسبب أحداث 11 يناير عام 2001م قدمت
مبرراً واهياً للسلطة في الدول العربية للغلو في كبح الحريات وربما كان
الانقضاض على الحرية من أوضح العواقب التي أسفرت عنها الحرب على
الإرهاب، وأضاف السياسات والإجراءات الصارمة التي اتخذتها الولايات
المتحدة خلال هذه الحملة للتضييق على الحريات العامة تبنتها عدة أقطار
نامية، من بينها دول عربية وهو أمر خلق أجواء متناقضة ومناوئة لعملية
التنمية وأشار التقرير إلى تبني عدة دول عربية تعريفاً موسعاً للإرهاب
أتخذ تعبيراً مؤسسياً على الصعيد العربي في الميثاق العربي لمكافحة
الإرهاب الذي تعرض لانتقاد من جانب منظمات ولجان حقوق الإنسان لأنه
يقيد الطباعة والنشر ولا يسمح للمواطنين بدخول شبكة الانترنيت بحرية،
بجانب عدم تحريمه عمليات الاغتيال والتعذيب وكشف التقرير عن أن
المضايقات التي يتعرض لها العرب بالخارج خلفت مناخاً يتناقض مع رفاهم،
ويقوض من فرص اكتسابهم المعرفة في الأقطار الأجنبية، ويعرقل عملية
التفاعل بينهم وبين مجتمعات الدول التي يقيمون بها.
وحذر التقرير من مبالغة الدول العربية في إلقاء
ذلك على التحديات الخارجية، وتحميل هذه الظروف المسؤولية الكاملة عن
تعطل عملية التنمية لديها، فهذا أسلوب للتنصل والاستكانة يفضي إلى
التهاون، بينما الواجب هو تطوير الذات العربية وطالب بأن تكون الأجيال
الشابة واعية بتراثها وبمقتضيات الحاضر، وأن تتزود منه بالثقة الفكرية
والعقلية وبالملكات النقدية اللازمة لمواجهة القضايا المعاصرة.
وشدد التقرير على ضرورة إنهاء الاحتلال الأجنبي
للعراق، وسرعة إعادة أعماره، وتحقيق نهضته المجتمعة، فالحرب أدت إلى
إسقاط نظام حكم تسلطي تولى قمع شعبه وحرمانه من شتى الحقوق والحريات. |