اغلق النظام العراقي السابق شمال البلاد امام معظم
العراقيين بعد انتفاضة عام 1991 واقامة منطقة للحكم الذاتي بمساعدة
القوى الغربية التي كانت تراقب المنطقة بالطائرات ، وبعد رحيل صدام اخذ
يهرب الاف العراقيين من شدة الحرارة في الجنوب وينعمون بجو بارد منعش
في مصايف بالشمال. وبفضل عودة السياحة تمكن عراقيون أكراد وعرب من
الالتقاء بعد أكثر من عقد من الانفصال. واستطاع شبان الاستمتاع بجمال
الطبيعة في شمال بلادهم للمرة الاولى. وقال المصطافين وهو يجلس الى
منضدة من البلاستيك في كهف انشكي على مسافة 50 كيلومترا جنوب الحدود مع
تركيا «لا أصدق انني هنا، الناس يحسنون معاملتي، الانظمة والحكومات
تخلق خلافات بين العرب والاكراد، ولكننا شعب واحد وأمة واحدة».
وكانت نقاط تفتيش من اجهزة الامن التابعة لصدام
منتشرة في المنطقة والمرور خلالها يتوقف على مزاج الحراس أو حجم الرشوة.
وكان الجنود يشكون في أي شخص يحاول زيارة المنطقة التي كان حزب البعث
الحاكم انذاك يعتقد انها قاعدة لاعداء الدولة.
ويتذكر وليد عبد الرحمن وهو زائر من بغداد ويقول
وهو يشخص نحو المروج الممتده على مرمى البصر عند العودة ان الاكراد
المشهورين بالكرم كانوا من ناحيتهم يرحبون عادة بالضيوف ولكن بحذر خوفا
من جواسيس صدام. والان اختفت نقاط التفتيش وتتدفق حركة السيارات في
سهولة على طول الطريق الرئيسي من الموصل. وبعد الحرب سارع وكلاء السفر
في بغداد المتخصصون في جولات سريعة في الشمال الى ارسال حافلات مملوءة
بالسواح الى المنطقة كل اسبوع. واصبحت الاعداد أقل بعد افتتاح المدارس.
قال كاميران بارواري مدير فندق جيان في دهوك ان
نسبة الاعمال في الفندق زادت 70 في المائة بعد الحرب بالمقارنة مع
مناطق اخرى في العراق. واضاف «كان الناس يخشون المجيء الى هنا. والان
زال سبب خوفهم». وكما يحدث في أماكن اخرى اثارت السياحة توترات مع
السكان المحليين ومخاوف من طمس هوية المنطقة. وبعض الاكراد من (المتشددين
والاصوليين) لا يرحبون بزوار يعتقدون انهم منفلتون أخلاقيا. وقال سكان
ان مشاجرة واحدة على الاقل وقعت حديثا مع بغداديين حاولوا تجاذب الحديث
مع كرديات.
وقال سيار مصطفى عامل الجمارك وهو يجلس في مقهى
بدهوك يطل على الجبال «نحن الشعب الكردي نحب استقبال أكبر عدد ممكن من
الضيوف. ولكن دهوك بلدة صغيرة واذا ازدحمت تحدث مشاكل. في الثمانينات
اقام حزب البعث نوادي ليلية. ولكننا لا نحب هذه الاشياء، بلدتنا تتمسك
بالتقاليد». بيد أن الموسم السياحي كان هادئا وربما بات الشمال العراقي
أكثر اغراء مما كان عليه في الماضي. يمنح السلام في المنطقة العراقيين
متنفسا لنسيان تفشي الفوضى وغياب القانون. الشوارع أكثر نظافة من
مثيلاتها في أماكن اخرى بالعراق ولا توجد دوريات أميركية وسائقو
السيارات لا يخالفون اشارات المرور. قال مصطفى «لا توجد حوادث اختطاف
في البلدة أو اغتيالات أو كوكايين. لا شيء من هذا القبيل. فقط حوادث
سيارات». |