هل يدوم الحب إلى الأبد؟ هذا السؤال كثيراً ما
يتردد على الألسنة، والأجوبة أيضاً كثيرة لكن أهمها اثنين.
1ـ هناك اعتقاد أن لكل قصة حب نهاية محتومة..
ولا وجود للحب الذي يستمر إلى الأبد، ربما هذا الاعتقاد ناشئ عن
التجارب التي يمر بها الإنسان، حيث للحب خط بياني عندما يصل إلى أعلى
نقطة صعود يشتعل، ثم بعد ذلك يبدأ الخط في الهبوط المتدرج المؤدي
بالضرورة إلى انطفاء لهيب الحب، كما في العلاقات الفاشلة في الزواج.
2ـ واعتقاد آخر بإمكان استمرار الحب إذا كان
الحب للحب، فيكسبه الخلود والدوام.
ومن هنا أكدت دراسة أن مصير العلاقات الزوجية
يتحدد بعد 14 عاماً من الارتباط.
دراسة تخالف مقولة (السبع سنوات)
مصير العلاقات الزوجية يتحدد
بعد 14 عاماً من الارتباط
انسوا ما يعرف بأزمة السبعة أعوام فقد توصل
الباحثون إلى أن الفترة التي ينبغي أن يجتازها المتزوجون كمؤشر على
احتمال بقاء الزوجين معا هي 14 عاماً وليس سبعة أعوام كما ذكر من قبل
حيث تزداد فرص وقوع الطلاق في تلك المرحلة بالذات. وهذه البحوث التي
أجريت على 4000 من الأزواج والزوجات الأميركيين لمدة تصل إلى أكثر من
عشرين عاماً.
وتعد إحدى أكبر الدراسات التي أجريت لمعرفة
أسباب ما يجمع الزوجين او يبعدهما عن بعضهما، وتعكس نتائج الدراسة التي
أجراها باحثو جامعة ولاية بنسلفانيا في أميركا تجارب العديد من الازواج
والزوجات الشهيرين.
فالامير تشارلز والاميرة ديانا تطلقا بعد 14
عاما والامر نفسه حدث لنجم الروك الفيس بريسلي الذي تطلق من زوجته
(بريسيليا بوليو) بعد العدد نفسه من سنوات الزواج.
والممثل البريطاني هيو جرانت والعارضة اليزابيث
هيرلي بقيا معا للفترة نفسها حيث استمرت خطبتهما لمدة 13 عاما رغم
انهما لم يتزوجا أبدا.
وتقول انا ريبرن المعالجة والمحللة النفسانية
أنه يمكن تفسير سبب تضاعف فترة السبعة أعوام بأن الناس أصبحوا يتأخرون
في الزاوج وينتظرون لفترة أطول قبل أن ينجبوا أطفالاً.
وتضيف انه بعد مضي 14 عاما يكون الزوجان قد عاشا
مع بعضهما حياة طويلة يزول على الارجح بعدها ما تسميه السحر بينهما او
الانجذاب والافتتان احدهما بالاخر.
وتظهر احصائيات الطلاق التي اعلن عنها في
بريطانيا مؤخراً ان اربعا من كل عشر زيجات تنتهي بالطلاق في انجلترا
وويلز وهو المعدل الاعلى منذ سبعة اعوام.
ومتوسط طول حالات الزواج التي فشلت وفقا
للاحصائيات بلغ 1.11 عاما وهو ما لا يختلف كثيرا عن عدد السنين الذي
حددته الدراسة الاميركية، اضف الى ذلك انه اذا ما تم الاخذ بالاعتبار
سنوات الغزل والتوود او فترة الخطبة فان الرقم يمكن ان يقترب اكثر من
14.
ومصطلح أزمة السبعة أعوام يرجع لشعور الزوج في
الغالب لتسوق إلى البحث عن مغامرات عاطفية في الخارج بعد بقائه لسبعة
أعوام داخل عشر الزوجية.
وقد اشتهر هذا المصطلح بفضل فيلم النجمة الراحلة
مارلين مونرو الذي عرض في العام 1955م ويحمل الاسم نفسه، وترجح البحوث
الجديدة أن فترة السبعة أعوام في الواقع لا تكفي لقياس إذا ما كان
الزواج سيستمر أو ينتهي.
وتقول الأخصائية النفسية سوزان فان سكويوك التي
تملك خبرة تمتد لعشرين عاما في علاج المشاكل الزوجية انه بمرور 14عاما
يكون من الواضح اذا ما كان الزوجان قادرين على الانضمام معا كوحدة او
تشكيل جبهة واحدة لمقاومة الضغوط الخارجية، أما (ريبرن) فهي تقول أن
الزاوج يضعف عندما لا يسمح بوقت للرجل والمرأة بالعمل على زواجهما.
وتضيف انه عندما لا يبذل الزوجان مجهوداً لتسوية
خلافاتهما فانهما يبتعدان تدريجيا عن بعضهما وهو ما لا يكون ملحوظا في
المراحل الاولى من الزواج ولكن اذا ما استمر الوضع على حاله لمدة عشرة
اعوام يصل الزوجان الى مرحلة يكونان فيها لا يعرفان بعضهما، وما يفترض
ان يجده اي من الزوجين لدى احدهما الآخر يبحثان عنه في مكان آخر.
والى جانب قياس متوسط طول الزواج لدى 201 من
الازواج والزوجات الذين انفصلوا خلال فترة الدراسة تعرف الباحثون على
18 سببا لعدم بقاء الازواج معا. والتصنيف الأول الذي يسمى المكافآت
يتألف من 11 عاملا ايجابيا يساهم في استمرارية الزواج.
وهذه تشتمل على الحب والصداقة والتواصل
والاحترام المتبادل ونوعية العلاقة الحميمة بينهما كما حددها 28% من
الازواج والزوجات والتصنيف الثاني يسمى (الحواجز) ويتألف من ستة عوامل
تمنع الزوجين من الانفصال ولكن لا تقربهما من بعض بالضرورة وهي الاطفال
والدين والحاجة المادية والالتزام لمؤسسة الزواج والتي حددها 14% من
الازواج والزوجات في الدراسة.
اما التصنيف الثالث فهو عدم وجود بديل او خيار
ثان. والذي حدده 1% منهم.كما قارنت الدراسة كذلك بين تلك الاستجابات
وبين ما ذكره الازواج والزوجات في معرض اجابتهم عن اسئلة مشابهة في
علاقتهما.
ووجد الباحثون ان الازواج والزوجات الذين يؤمنون
ان حواجز معينة كالاطفال والمال والدين هي اهم الامور التي تحافظ على
استمرارية زواجهم هم الاكثر عرضة للطلاق من اولئك الذين استمروا معا من
اجل المكافآت كالحب مثلا، حيث ذكر التقرير انه بالمقارنة مع الاشخاص
الذين تحدثوا عن المكافآت فقط فان الاشخاص الذين اشاروا الى الحواجز
فقط هم اكثر عرضة للطلاق بمعدل يصل إلى 7.1 مرة.
وأشار مؤلفوا الدراسة إلى أن الأشخاص السعداء في
زواجهم يميلون للنظر إلى زواجهم كنوع من المكافأة أو الأمر المجزي في
حين أن الأزواج والزوجات التعيسين في زواجهم لا ينظرون إلا إلى الحواجز
الموجودة في زواجهم.
ولا تتطابق نتائج الدراسة مع الاعتقاد السائد
بشكل واسع بأن عوامل معينة كالأطفال والاهتمامات الاقتصادية المشتركة
تساهم في استقرار الزواج.
(فانيسا لويد بلات) محامية الطلاق ذات الخبرة
التي تصل إلى ستة وعشرين عاماً ومؤلفة كتاب (اسرار النجاح العلاقات)
عقت بالقول بأن ثمة أزمة في العلاقات الزوجية والتوقعات في الوقت
الحالي وقالت أن خبرتها الطويلة في هذا الموضوع جعلتها تخلص إلى أن
المال هو سبب زواج معظم الناس وكذلك هو السبب الرئيسي الذي يضعه الناس
لتفسير رغبتهم في الطلاق لا سيما الرجال على حد قولها.
مهما يكن النتائج إلا أنه يمكن القول إن دوام
الحب وزواله متوقف على الأسس التي قام عليها الحب. لأنها المحبة إن
أقيمت على أسس قلقة عابرة فإنها معرضة للزوال وإن طال، فإذا كان المال،
أو الجمال، أو المقام أو أحد العوامل المادية والدنيوية هي سر الحب
والمودة فلن تستمر المحبة بل يبقى مضطرباً لا يمكن الاعتماد عليه، فما
دامت هذه العوامل موجودة فإن للمحبة وجوداً ظاهرياً وبفنائها تزول
المودة أيضاً.
أما الحب الحقيقي المقام على أساس الإيمان بخالق
الحب سبحانه وتعالى القائل: (واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءً
فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا).
فلابد وأن يدوم لأن الأمر الوحيد الذي يمتلك
أصالة وبقاء هو الإيمان.
والإسلام يقيم المحبة بمقدار ما تنعكس فيه
أشعتها على شؤون الحياة الفردية والاجتماعية للمسلمين ولكل الناس
وتهديهم إلى التكامل، فليست المحبة مجرد علاقة عاطفية داخلية فكل حقه،
فالرب له حق والنبي والإمام والوالدان والإخوة والأرحام والجيران
والأصدقاء والزوجة والأولاد...
وعن الإمام الصادق (ع): (إن المتحابين في الله
يوم القيامة على منابر من نور قد أضاء نور أجسادهم ونور منابرهم كل شيء
حتى يعرفوا به فيقال: هؤلاء المتحابون في الله..). |