بعد إنهيار المنظومة الإشتراكية مطلع التسعينات
من القرن الماضي وما أحدثته من فراغ آيدلوجي خصوصاً في المنطقة العربية،
حيث كانت هذه الدول منقسمة في متبنياتها ومواقفها ما بين المنظومة
الإشتراكية التي يتزعم كتلتها (الإتحاد السوفيتي السابق) وما بين الدول
التي تدعمها الولايات المتحدة التي تتزعم ما يسمى النظام الرأسمالي،
وقد إستحدث الى ما يسمى بالعولمة حالياً. كما إنهارت معها جميع
الإطروحات القومية الضيقة والأفكار المطالبة بالوحدة العربية ألتي تقف
ورائها أنظمة شمولية إستبدادية لم تحقق الحد الأدنى من الوحدة، بل كانت
مجرد شعارات جوفاء يتستروا بها حين يضيق بهم الحال، بل على العكس من
ذلك فقد ساعدت هذه الأنظمة في تشرذم وإنقسام هذه الأمة. فلم تصمد
الأفكار والأيدلوجيات في ساحتنا العربية وسرعان ما تنهار وذلك للكثير
من المسببات، أولها أن جميع الأفكار كانت أما مستوردة من الخارج،
لاتتلائم مع طبيعة المجتمع العربي الذي هو مجتمع عنيد من الصعب ترويضه،
وإما آيدلوجية أحزاب عنصرية ترفع شعارات قومية متطرفة تسيطر عليها
أنظمة وشخصيات استبدادية كحزب البعث مثلاً،
ألتي عمدت الى ضرب المشروع الوحدوي المزعوم ألتي جاءت على أساسه. وقامت
على سحق الآخر وإقصاءه، بعد أن قامت بضرب وقمع حركات إسلامية تلتزم
الإعتدال (الى حدٍ ما) في منهجها وإطروحتها. ولما كان الحال كذلك، حيث
وفرّت هذه العوامل أرضية خصبة أدت الى ظهور حركات متطرفة تكاد تكون لا
تختلف في ممارساتها عن هذه الأنظمة في الإسلوب والأداء ولكن قد تختلف
في المنهج والأفكار، وهي حركات تتبنى المفهوم الإسلامي على أساس خاطئ ،
حيث تتخذ من العنف وسيلة لتحقيق ما تصبوا إليه وتبرر أحياناً قتل
الأبرياء ، ( هذا لا يعني عدم وجود حركات متطرفة ( عنيفة ) ) في ديانات
أخرى قد لا تكون نشطة في الساحة العربية ولكنها موجودة في كثير من دول
العالم حتى في أميركا نفسها ، تتخذ نفس الاسلوب في الممارسة في تحقيق
غاياتها ، ولكن مدار بحثنا هو منطقتنا التي تعصف بها هذه الرياح .ـ
إعتادت المنطقة العربية وهي صاحبة أكبر
دكتاتوريات في العالم ، أن تكون لديها معارضات إما داخلية أو خارجية
ويتبع بعضها إسلوباً حضاريا أي ( المعارضات ) في نقد الحكومات هنا او
هناك من خلال أقلامها أو نشرياتها التي تدين وتفضح هذه الانظمة ، ومنهم
من حمل السلاح لكي يقوم بالتغيير بواسطة المقاومة التي يعتبرها هي الحل
للخلاص ، أو كرد فعل لما يرتكبه الحاكم المستبد ضدها وضد شعبها ، وعادة
ما تكون هذه الاعمال ( المسلحة ) تستهدف رأس النظام أو مؤسساته ورجال
حكمه . ولكن وجود حركات مسلحة تنطق على أساس ديني تتخذ العنف وسيلة
اساسية من وسائلها ولا تعطي اي مجال للحوار ، حيث أن الدين الاسلامي
يمثل النموذج الواقعي للحوار الفكري والإنفتاح على الآخر وهذا ما أكده
القرآن في أكثر من موقع ، ولو إستعرضنا أكثر من آية تشير الى هذا
المعنى منها الآية ( وجادلهم بالتي هي أحسن ) والآية ( تعالوا الى كلمة
سواء بيننا وبينكم . . الى آخر الآية الكريمة ) تمثلان الوجه الحقيقي
للحوار الرصين الذي أعتمده القران في مخاطبة الآخر ، مهما يكن الآخر ،
وهي خير دليل على إعطاء الجدال الحسـن المساحة الواسعة في الإلتزام
السلمي كأساس للحوار والمناقشة في حال تباين الأفكار .ـ
أن وجود حركات متطرفة ( عنيقة ) داخل الجسد
الإسلامي هو بمثابة سرطان( يجب أستئصاله) من جسد هذا الدين الذي عرف
بالتسامح والتعايش السلمي داخل مجتمعه . السؤال هو لماذا ظهرت هذه
الحركات المتطرفة التي تجيز قتل حتى الآخر المسلم الذي يختلف معها
بالطرح ؟؟ هل للتأريخ الإسلامي الذي زورت فيه الكثير من الحقائق والتي
جعلت من خلفاء نصبوا انفسهم حماة للرعية وقد عاثوا بالأرض فساداً ؟؟
والذين يقيمُ لهم المسلمون أحتراماً وتقديساً غير مبرراً ؟؟ أم هو تفسر
خاطئ للدين ؟؟ له دور في بروز هذه الحركات ؟ أم حالة من الأنتقام
والتمرد على الواقع ؟؟ أم إستغلال الدين كواجهة للوصول والتسلط ولو على
حساب جثث الأبرياء ؟؟ . لي عودة . . والســــــــــلام
samawa70@hotmail.com |