ذكرت دراسة حديثة أن نحو ثلاثة من كل أربعة منازل يمتلكون واحدا أو أكثر من أجهزة الكمبيوتر الشخصية في سنغافورة البارعة في التكنولوجيا. وترتفع الارقام الواردة من هيئة تنمية إتصالات المعلومات بنسبة  68 في المئة عن عام 2002. وقالت الهيئة ان هناك وعيا كبيرا بين العائلات عن أهمية استخدام تكنولوجيا المعلومات وبرامج التعليم الوطني.. كما ساعدت الصفقات المالية الجذابة على تزايد دخول الانترنت إلى المنازل. وأسفرت خطط نظام الاشتراك الشهري لخدمة الانترنت الممكن تحملها إلى اشتراك  40 في المئة من المنازل التي جرى استطلاع آرائها في النظام العام الماضي 2003 مقارنة بنسبة  24 في المئة عام 2002.

 

إنَّ سكينةَ القلبِ تُوجبُ الاتزانَ في التفكيرِ، وهو بدورهِ يوجبُ التحرُّكَ الصحيحَ نحوَ الأهدافِ الرفيعةِ.

ايران في جولة ثانية: انكشاف اوراق اللعبة.. انتخاب السيئ لتفادي الاسوء
إغلاق صحف إيرانية جديدة بسبب إشكالات الانتخابات الأخيرة
استجواب صدام واعوانه تمهيدا للمحاكمة الكبرى
إنجاز 70 - 80% من صياغة الدستور العراقي الجديد
75 بالمائة من الفلسطينيين يؤيدون تخلي حماس عن العنف
ندوة الوثائق التاريخية للقدس محاولة عقلانية لإيقاف تهويدها
التغذية السليمة تضمن للانسان ذاكرة نشطة حتى سن التسعينات
 
 
 
 

 

بداية النهاية لطغاة العالم

الباحث السوري : هشام محمد الحرك

يجري التركيز إعلامياً، حول انفراد أمريكا بالعالم، وأنها أصبحت القوة الوحيدة المسيطرة، والآمرة والناهية، وأنها تمتلك أقوى اقتصاد وأقوى جيش وأقوى تكنولوجيا. كما يجري التركيز على نتائج الاعتداءات الأمريكية من زوايا خسائر الأطراف العربية والإسلامية، والخطط الأمريكية لضرب بلاد أخرى، وتغيير المناهج التعليمية.. إلخ.لكن هذا الملف يذكر الوجه الآخر للقضية وهو : فما هو حجم الخسائر الأمريكية منذ 11 سبتمبر وحتى الآن ؟ وهل يمكن للمجتمع والاقتصاد والجيش الأمريكي "احتمالها" حتى في حدودها الراهنة ؟وهل تحققت لأمريكا أهدافها في عدوانها على أفغانستان والعراق ؟ أم أن النتائج عكسية؟!. إن ثمة فارقاً كبيراً بين أن نقول : إن هناك اعتداءات أمريكية عسكرية وسياسية الخ، وبين أن نقول : إن سبب شن أمريكا اعتداءاتها هنا وهناك هو قوتها الشاملة عسكرياً وسياسياً واقتصادياً وحضارياً .. إذ ربما يكون سبب العدوان هو بدء الانهيار والنزول من حالة الامبراطورية والدولة العضمى الوحيدة، إلى مجتمع دولي متعدد الأقطاب أي انهيار انفراد الولايات المتحدة بقمة العالم.. ويبدو أن ثمة ضرورة للقول بأن الاعتداءات وأشكال العدوان ليست فقط، أحد مؤشرات الضعف أومحاولة قطع الطريق على تغييرات قادمة، ولكنها أيضا جلبت عوامل جديدة، تسارع من تدهور مكانة الولايات المتحدة وليس العكس.وإذا كانت غزوة سبتمبر هي الضربة الاستراتيجية التي أطاحت بالهيبة الأمريكية ، وفتحت "جروح" الاقتصاد الأمريكي ، وأنهت "أسطورة أمريكا المصطنعة كقلعة للحريات وللتعايش الاثني والعرقي والديني ، وفرضت مفهوماً إستراتيجياً للأمن في الولايات المتحدة، لأول مرة في تاريخها، فان العمليات الجارية في أفغانستان والعراق تمثل النزيف التكتيكي الذي يعجل بتطور نتائج هذه الغزوة المباركة ..وهكذا فإن الدب ( العسكرية والأمريكية) يقتل صاحبه (الهيمنة والسطوة والقدرة الإقتصادية ) ..

سنبحث هنا ثلاث من المسائل الشائكة :

1- الخسائر الأمريكية نتيجة ضربات سبتمبر 2001 وتداعياتها السياسية والاقتصادية والإجتماعية .

2- الخسائر الأمريكية نتيجة عدوانها على أفغانستان ، ومن بعدها العراق .

3- الخسائر الأمريكية جراء تبني الولايات المتحدة للكيان الصهيوني ، وهذا المحور أضفناه للتذكير بأن الحرب بين أمريكا والأمة شاملة ، وأن الخسائر متعددة المصادر والأبعادولا بد من التقديم بين يدي هذه الفصول بمقدّماتٍ ثلاثٍ تُعين على تصور وضع أمريكا الحالي ، والمستقبل المتوقع لها ، وهذه المقدمات هي:

أولاً : السنن الكونية.

ثانيًا : الاقتصاد الأمريكي.

ثالثًا : الجهاد خيار الأمة.

المقدمة الأولى : السنن الكونية

خلق الله الكون ، وجعل له سننًا كونيَّةً لا تتبدَّل ، كما قال سبحانه : {فلن تجد لسنَّة الله تبديلاً ولن تجد لسنة الله تحويلاً} ، فمن سننه السنن الفيزيائية والكيميائية وغيرها ، ومن سننه السننُ المتعلِّقةُ بسقوطِ الدُّول وقيامِها.والناظر في حال أمريكا ، يعلمُ أنَّها جمعت الأسباب الكونية لسقوط الدول ، وهذه الأسباب على قسمين : عوامل ذاتيَّة ، وعوامل خارجيَّة. فأمَّا العوامل الذَّاتيَّة : فقد تخلَّت أمريكا عن المبادئ التي قامت عليها ، والدَّولة التي تتّخذ أسسًا لها من المبادئ ثمّ تتخلى عنها تنهار سريعًا ، كما يسقط البنيان إذا اختلّت أساساته الماديَّة ، ونحن نرى كيف تنازلت أمريكا عن قوانين الحريات الشخصية ، وتخلت عن القيم الأمريكية ، وأعرضت عن القانون الدولي –الذي يراه المسلم طاغوتًا يجب الكفر به- وعن هيئة الأمم المتحدة التي لم تكن غير آلةٍ لتنفيذ سياسات أمريكا وحلفائها.كما أنَّ أمريكا جمعت ألوان الفساد الداخلي من انتشار الجريمة ، وشيوع الفواحش وألفتها واستمرائها ، وتشريعها بالقوانين ، وعملت كالذي عمله قوم لوط وأفحش ، وجمعت ذنوب الأمم السابقة وزادت على كل أمة منها ، ولو نظرتَ في تاريخ الأمم السابقة وجدتَ أنَّها لم تسقط ولم تزل إلاَّ بعد انتشار الفواحش والذنوب.

وأما الظلم فحدّث ولا حرج ، فلم يعرف التاريخ المعاصر أظلم من أمريكا ولا أطغى ، ومن سنن الله الكونية ، أنَّ من نازعه الكبرياء والعظمة قصمه الله وأهلكه ، ومن تسلَّط على العباد بالظلم أعاد الله عليه عاقبة ظلمه ، والعدل أساس الملك والممالك ، والدولة الظالمة أسرع الدول سقوطًا ، كما نرى من تهاوي النظام النازي في المملكة العربية السعودية.كما أنَّ أمريكا ضُربت ضرباتٍ موجعةً في اقتصادها ، وسوف نتطرّق في المقدّمة الثانية إلى أهمَّيَّة ذلك بالنسبة لأمريكا.وأمَّا العوامل الخارجيَّة : فقد سلَّط الله على أمريكا فئةً مؤمنةً مجاهدةً ، جمعت قدر الاستطاعة أسباب النصر، وقد وعد الله المؤمنين بالنصر على الكافرين، والنصر وإن تأخر إلاَّ أنَّ نهايته هزيمة دولة الكفر ، ولا يلزم من الهزيمة سقوط الدولة في الأصل ، إلاَّ أنَّ هذا في أمريكا متلازمٌ بسبب طبيعة الوضع الدولي ، ووضع أمريكا.كما أنَّ أعداء أمريكا كُثُرٌ ، وإذا شعروا بضعفها فستبدأ كثيرٌ من صور تصفية الحسابات.

المقدمة الثانية : الاقتصاد الأمريكيّتقوم أمريكا بجميع مقوّماتها على الاقتصاد ، فعليه يعتمد تقدُّمها التقنيُّ وأبحاثها المتطورة ، كما تحتوي الشركات والمؤسسات جميع القوى العاملة من الشعب وتوفر مصدر الرزق الأساس ، وهو الرافد الرئيسيُّ لقوة التسليح الأمريكية المتفوَّقة ، واقتصاد أمريكا إضافةً إلى ذلك عاملٌ مهمُّ تستعمله أمريكا في تنفيذ سياساتها الخارجية عن طريق الضغط على الدول مخازن الثروات النفطية وغير النفطية ، وفرض الحصار على كل من خالف سياساتها ، كما أنَّ هذا التحكم يعودُ مرَّةً أخرى على الاقتصاد الأمريكي بالدعم ، من جهة توفير الفرص الملائمة ، بل وخلق الفرص التي تحتاجها لدعم اقتصادها في أي دولة وأي سوقٍ من أسواق العالم.إن دولةً يُشكّل الاقتصاد هذه الأهميَّة فيها ، لا يحتاج خصمها إلى كثيرٍ من التفكير ليعرف من أين تؤكل كتفها ، فانهيار الاقتصاد يعني انهيار الدولة ، وسقوط العملة يعني الدخول في هاويةٍ لا يمكن الخروج منها.ساعد على هذا طبيعة الاقتصاد الربوي ، الذي توعَّد الله بمحقِهِ ، فهو اقتصاد متهافتٌ ، لا يقومُ على سلع وأثمانٍ ، وإنَّما يقوم على اتّخاذ الأثمانِ سلعًا كما وضَّح ابن القيم في أعلام الموقعين ، وتضخيمه يجعل الأثمان (أو النقود والعملات) هي السلعة الأساسيَّة والسوق الكبرى للبلد ، وإذا كانت اللعبة الاقتصادية بكاملها إنَّما تقوم على فروق الأسعار فإنَّ النقود وما يمثّلها حين يُباع بعضها ببعض لا يمكن أن يكون ذلك بناء على فرق حقيقي ، بل هو فرقٌ مبنيٌّ على الآجال ، وتوقع الربح الناتج عن التفاوت المتوقّع خلال المدة الزمنية فقط ، وهذا ما يُدخل مسألة "السمعة الاقتصاديَّة" كعاملٍ فعَّال في البُنية الاقتصاديَّة.والسمعة الاقتصادية هي ما يجعل الدولار الأمريكي يهبط سعره كلَّما ظهر الشيخ أسامة بن لادن على الشاشات ، وقد اعتمد اقتصاد أمريكا فيما مضى على السمعة المثالية التي اكتسبها نتيجة الحرية الاقتصادية ، والأمان اللذان توفرهما أمريكا.واعتماد الاقتصاد على هذا العامل ، يُضاعف آثار العمليَّات الجهاديَّة ، التي يدعونها بالهجمات الإرهابيَّة ، ويجعل الضربة ضربتينِ ، فقد كان من أهمّ الأهداف في حروب أمريكا في أفغانستان والعراق ، المحافظة على هذه السمعة وطمأنة المستثمرين إلى قوة أمريكا وهيبتها ، ومحاولة محو آثار الهزة الاقتصادية العنيفة التي مُنيت بها إثر غزة منهاتن ، ولا زالت تنزف الخسائر إلى اليوم.والضربات القادمة بإذن الله وتوفيقه لأمريكا ، ستجعلها تفقد آخر خيوط هذه الهيبة ، وستجعلها محرقةً للاستثمارات ، وستُخرج العملة الأمريكية عن أن تكون لغةً للتداول ، والسوق الأمريكية عن أن تكون سوقًا للتجار من مختلف الجنسيات ، وستبحث رؤوس الأموال عن أسواق جديدة آمنة ، فرأس المال جبانٌ كما يحلو للاقتصاديين أن يُردِّدوا.ومتانة الاقتصاد الأمريكي التي جعلته هو العمود الفقري لهذه الدولة الضخمة ، هي ما أخَّر سقوط أمريكا وانهيارها إلى اليوم ، إضافةً إلى الدعاية الإعلاميَّة الهائلة ، والعامل الأخير وهو مساندة الدول وخاصة دول الخليج النفطية ، وبالأخصّ حكومتا المملكة العربية السعودية والكويت ، اللتان أنهبتا أمريكا النفط والاقتصاد لترقيع آثار الضربة ، ولله حكمة في مد عمر أمريكا إلى هذا الوقت يبتلي بها المؤمنين ، {ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض}.والعجيب أن يوجد من أبناء المسلمين من يتكلم بقوة أمريكا وطول بقائها ، ويجزم باستحالة سقوطها ، في وقتٍ أصبح سقوط أمريكا أمرًا حتميًّا لدى المتوسّمين وأصحاب الخبرة ، وأكثرهم تفاؤلاً لأمريكا يجعل احتمال سقوطها احتمالاً قويًّا جدًّا ، بل يرى أن فرص نجاتها محدودة جدًّا.

المقدمة الثالثة : الجهاد خيار الأمةالجهاد عند المسلمين حكم شرعيٌّ ، لا يستمدُّ شرعيَّته من التجارب والمحاولات ، بل هو أمرٌ من الله للمسلمين يفعلونه حسب الاستطاعة في المنشط والمكره والعسر واليسر والغنى والفقر ، ومثال غزوة العسرة يوضح ذلك للمؤمنين.والكافر الصائل المتسلط على المسلمين ، لا حل لكف بأسه إلاَّ الجهاد ، ولا يُجدي معه إلاَّ القتال ، وهذا هو منصوص قوله تعالى : {فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا والله أشد بأسًا وأشدُّ تنكيلاً} ، وقوله : {ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعضٍ لفسدت الأرض} ، كما أنَّه من المتفق عليه في العقول والفطر ، ومما يشهد له التاريخ في أدواره المختلفة.وهذا التقرير "نزيف الخسائر" يُبيِّن شيئًا مما اعترف به العدوُّ من آثار غزوةِ منهاتن التي خاضها تسعة عشر استشهاديًّا أمام أعتى دول العالم ، وخسرت خلال أسبوعٍ واحدٍ تريليون ريالٍ ، كما تحدث عن ذلك الشيخ أسامة بن لادن حفظه الله في إحدى كلماته ، وما زالت أمريكا تتجرع العلقم من أثر تلك الضربة المؤلمة ، كما تطرقنا في هذا التقرير إلى بيان شيءٍ من الخسائر الأمريكية من أثر الجهاد في أفغانستان والعراق ، وها هي أمريكا تتهاوى ، وتؤذن بالسقوط والدمار ، بسبب تلك المجهودات التي لم يمض عليها سنون كثيرة ، ولو استُغرقت الأعمار بالشجب والاستنكارِ والمطالبة القانونية ، والاستجداء المتمثل في الحملات العالمية السلمية ، لما تحرَّك للعدو ساكنٌ ، ولما حرَّك ذلك منه شعرةً.

الفصل الاول :

الخسائر الامريكية نتيجة غزوة منهاتن

من يتأمل المشكلات الكبرى التى يعانى منها نظام الولايات المتحدة الامريكية على صعيد بنيانها الداخلي وعلى مستوى علاقاتها بالعالم الخارجي يدرك أن امريكا ستخسر امبراطوريتها فى وقت أقصر بكثير مما توقعه أكثر المحللين تشاؤماً .و يمكن القول بأن هذه الامبراطورية بدأت بالفعل فى التفكك .. والأسباب في ذلك كثيرة فمثلاً في كتاب " ما بعد الامبراطورية: دراسة فى تفكك النظام الامريكى " والذي ترجمه الى العربية محمد زكريا اسماعيل , يرجع مؤلفه الكاتب " إيمانويل تود " هذا التفكك إلى الركود الاقتصادي ، وتراجع القدرات العسكرية والايديولوجية ، ومحاولات السيطرة على المحاورالكبرى مثل اوروبا وروسيا والصين واليابان. هذا فضلا عن إفلاسها الأخلاقى على المستوى الدولى فى ظل سياستها الخارجية غير الحكيمة ، وهو البعد الاساسى الذى قد يساعد على سقوط الامبراطورية الامريكية .فعلى المستوي الاقتصادي عندما انتصرت أمريكا في الحرب العالمية الثانية أصبح الدولار سيد السوق العالمية ، وتحول إلى العملة الصعبة لشراء منتجات الصناعات الأمريكية . ولكن ومنذ ذلك الحين تغيرت الساحة العالمية ، وبدأت أمريكا تواجه منافسة قوية من اليابان وألمانيا،ثم الصين والهند وغيرها حتى تحولت أمريكا من دولة مصدّرة إلى اكبر دولة مستوردة في العالم !! ولم ينجح العدوان على أفغانستان و العراق في قلب المعادلة .وكذلك الحملة الإعلامية التي كُرّست بمعظمها لتغطية الحروب وصرف الأنظار عن القضايا الداخلية ،لم تغير هي الأخرى المعطيات الاقتصادية. ففي حين تركزت الأنظار على ما يحدث في تورا بورا والحدود الأفغانية الباكستانية ، ثم البصرة والفرات الأوسط وبغداد ، طرأت تطورات مهمة نشرتها الصحف الأمريكية بالقطارة ، مما أضعف إمكانية حصول المراقبين والمحللين والصحفيين على ما يكوّن صورة واضحة لما يحدث داخل أمريكا في هذا الميدان لكنه أمر بات يتغير رويداً رويداً في ضوء نزيف الخسائر العسكرية والبشرية وفى ضوء الارتباك والاضطراب في العلاقات الدولية مع حلفائها الغربيين حيث هي باتت مواجهة بحلف فرنسي ألماني روسي صيني يتصاعد دوره تدريجياً . وبات تراجع الاقتصاد الامريكي - عن إحتلال ما كان له من موقع مهيمن في العالم الصناعي المعاصر - يشكل إحدى نقاط الضعف في الامبراطورية الأميركية في القرن الحادي والعشرين , وبدأ في أزمة تشير إلى بداية إنهيار طبقات النظام الرأسمالي الأمريكي ,والدخول فى حالة كساد وصفها الاقتصاديون الامريكيون بأنها ستكون أسوأ من أزمة الثلاثينات .... حتى إن هناك من قال : إن هذا الكساد سيؤدي إلى إنهيار الإقتصاد الأمريكي‏ تماماً كما فعلت طائرات المجاهدين في طبقات برجي مركز التجارة العالمي ..لقد جاءت تفجيرات 11 سبتمبر في مرحلة عانى خلالها الاقتصاد الأمريكي من تباطؤ متزايد دفع به إلى حافة ركود فعلي ـ أي انكماش معدل النمو ـ طيلة الأشهر التسعة التي سبقت الهجمات‏ ، وجاءت هذه الضربات المباركة لتعجل بترنح الاقتصاد الأمريكي ..

وتشير المعلومات والبيانات التي تنشر يوماً بعد يوم عن الخسائر التي تكبدها الاقتصاد الأمريكي منذ غزوتي نيويورك وواشنطن التي وقعت في الحادي عشر من سبتمبر ، إلى أنها خسائر ضخمة ومتصاعدة ، فاقت كل التوقعات السابقة , بل إنها قد تكون الأسوأ في تاريخ أمريكا ..

11 سبتمبر ... بداية مسلسل الخسائر

استهدفت الضربات التي وقعت في أماكن متفرقة من الولايات المتحدة الأمريكية أكبر رموز الهيمنة الأمريكية العسكرية (وزارة الدفاع)، والاقتصادية (مركز التجارة العالمي) ..ولذلك فإن آثار هذا العمل غير المسبوق من نوعه تتنوع بين آثار سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية ، ونركز هنا على الآثار التي بدأت في الظهور مع بداية دوي هذه التفجيرات المباركة ، وأخذت وما زالت تتفاعل داخل مختلف أركان الاقتصاد الغربي مع العدوان على أفغانستان ثم العراق ..

أولاً: آثار الغزوة اقتصادياً :لحقت الأضرار بأسواق المال ، سواء في الولايات المتحدة أو في أسواق المال العالمية ؛ جراء وقوع ضربات المجاهدين في الحادي عشر من سبتمير قبل بدء التعامل في بورصة نيويورك ، وهو ما منع فتح التعامل في هذه البورصة ، وأجبر ذلك معظم أسواق المال العالمية على الإغلاق ؛ خوفًا من حدوث إنهيار في أسعار الأسهم ، بسبب القيام بعمليات بيع جماعية من جانب حملة الأسهم ؛ خوفًا من تحمل خسائر أكبر في المستقبل .. وكانت خطورة إغلاق أسواق المال في أمريكا على أسواق المال الأخرى بسبب تتابع توقيتات الافتتاح في هذه الأسواق ، حيث تبدأ التعاملات في طوكيو عقب إغلاق بورصة نيويورك ، ثم تبدأ بورصة لندن بعد الإغلاق في طوكيو ، وهو ما أثار مخاوف انتقال الهزات إلى هذه الأسواق بالتتابع ؛ ولذلك كان الإغلاق هو الحل الأفضل . ولحقت الأضرار بأسواق " نيويورك " التجارية "نايمكس" وبورصة السلع الأولية "نايبوت" ؛ حيث تم تعليق التداول في هذه الأسواق على بعض أهم السلع في العالم ، وهي السكر الخام والبن والكاكاو والقطن وعصير البرتقال . وتأثرت أسواق الصرف في جميع أنحاء العالم وخاصة سعر صرف الدولار الذي تراجع أمام اليورو والين ؛ حيث قفز اليورو إلى 97.5 سنتًا مقابل الدولار ، وهبط الدولار مقابل الين الياباني ليصل إلى حوالي 121 ينًا . وحدثت قفزة في سوق السندات الأمريكية وفي أسواق الذهب العالمية ، حيث تعتبر سندات الخزانة الأمريكية والذهب الملاذ الآمن للمستثمرين في حالة حدوث الأزمات ، وقد زاد سعر أوقية الذهب في السوق العالمي بحوالي 20 دولارًا دفعة واحدة ، ثم أعقبها تذبذبات في السعر عاد بعدها السعر للاستقرار ولكن عند مستوى مرتفع . وتأثرت أسواق النفط وخاصة بالنسبة للعقود الآجلة (تعاقدات أكتوبر 2001)؛ حيث وصل سعر البرميل إلى حوالي 31 دولارًا ، ولكن هذا السعر أخذ في التراجع التدريجي عقب إعلان دول أوبك بما فيها دول الخليج استعدادها لزيادة إمدادات النفط ، وبسبب تراجع الطلب العالمي على النفط في أعقاب توقف حركة الطيران التجارية في الولايات المتحدة الأمريكية إلا أنه بصيغة عامة ظل في معدلات عالية . وتعرضت شركات التأمين العالمية وشركات إعادة التأمين للأزمات ، خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية ؛ وذلك بسبب التزامها بضرورة دفع التعويضات للشركات وجميع الجهات والأفراد الذين تأثروا بهذا الحادث ، ويقدر الخبراء هذه المبالغ بقيمة أولية تصل إلى حوالي 15 مليار دولار ، متمثلة في المطالبات المطلوب دفعها من قبل شركات التأمين فقط ، ويضاف إلى ذلك تعرض هذه الشركات إلى مزيد من الخسائر في المستقبل ؛ بسبب التحول من شراء أسهم هذه الشركات بعد تأثرها إلى شراء أسهم شركات أخرى ، وخاصة شركات البترول الذي يرجح البعض احتمالات ارتفاع أسعاره في ظل هذه الظروف ، وكذلك ارتفاع أسعار منتجات البترول في الأسواق الأمريكية ، ويدللون على ذلك بما حدث من ارتفاع في أسعار البنزين الذي ارتفع بمعدل 5 دولارات للجالون الواحد في الولايات المتحدة الأمريكية ، ويرجحون استمرار هذا الارتفاع لفترة قادمة . وتعرضت شركات الطيران والسياحة حول مختلف دول العالم لأثار سلبية ، وتراجع أعداد المسافرين لفترة قد تطول حتى يعود الاطمئنان والهدوء إلى العالم ، وهذه الآثار تتفاقم في ظل وجود رد عسكري أمريكي واسع النطاق على بعض الدول ، كما تأثرت معظم الشركات والمصالح التي يرتبط عملها بعمل شركات الطيران والسياحة وخدماتها .. في أمريكا وحدها تراجع قطاع الطيران بنحو 32.2% في الأسبوع التالي للأحداث ، و هذا يعني خسارة 60 مليون راكب بالنسبة لسنة 2001. ومع أن التباطؤ بدأ قبل 11 سبتمبر ، إلا أن الهجمات على نيويورك وواشنطن والخوف من ركوب الطائرات يفسر الهبوط الحاد في الشهور الأخيرة من العام الماضي .واستمر الضغط على الدولار الأمريكي ، خاصة مع طرح الاتحاد الأوروبي اليورو في التعاملات اليومية للمواطنين ، ومع اتجاه اليورو للتحسن أمام الدولار والإقبال على اتخاذ اليورو كعملة للاحتياط في العديد من دول العالم خشية تأثرها بسبب تراجع سعر صرف الدولار . وشهدت بورصة " وول ستريت " في الأسبوع الأخير من نوفمبر 2001 هبوطاً حاداً ونزيفاً مستمراً لخسائر الأسهم لم تشهد له مثيلا منذ إنشائها قبل 210 أعوام مع معاناة الأسهم الممتازة من أكبر هبوط منذ الكساد الكبير في الثلاثينيات من القرن الماضي وذلك مع تزايد المخاوف من حرب طويلة على الإرهاب وعلامات على مزيد من التباطؤ للاقتصاد الأمريكي . قدرت الخسائر الاقتصادية للولايات المتحدة عقب الأحداث بقيمة 100 مليار دولار إضافة إلى إلغاء ما يقارب من 100 ألف وظيفة ، حيث ألغت الشركات الجوية الأساسية الست ما مجموعه 58 ألف وظيفة في الأسبوعين التاليين للاعتداءات فقط , ولهذا تفشت البطالة لتبلغ نسبة 6% من مجمل القوى العاملة ، ويعتبر هذا أيضاً رقماً قياسياً لم يسبق له مثيل منذ 20 عاما . كما حدثت فوضى إدارية عارمة جعلت جميع المرتبطين بعقود مع مركز التجارة العالمي يلجأون إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه والفرار ببقية أموالهم وبيع كل أسهمهم المالية لتوقعهم أن هذه الأسهم آيلة للسقوط ..لحقت الخسائر كذلك بقطاع السياحة حيث انحسرت وفود السائحين في أمريكا، وشغرت أكثر من 50% من غرف الفنادق الكبرى رغم أنها خفضت أسعارها بنسبة 40% ثم جاء وباء الجمرة الخبيثة فألغى كثيراً من المؤتمرات واللقاءات التجارية وأصبحت الفنادق تواجه مأزقا إضافيا ليس في " نيويورك " وحدها وإنما في كل المدن الكبرى من " شيكاغو " إلى " لوس أنجلوس " إلى " هيوستون " و " ميامي " ..

وتضاعفت خسائر البريد بمؤشرات أعلى إلى أن بلغت ملياراً ونصف المليار دولار حيث تناقصت خدمات البريد بنسبة 6.5% وهي أدنى نسبة تهبط إليها خدمات البريد منذ الكساد الكبير الذي شهدته الثلاثينيات ..بلغ العجز التجاري 504 مليار دولار ، في حين كان متوقعاً أن يصل العجز في الميزانية عام 2002 إلى 158 مليار دولار فقط . بمعنى أن العجز المزدوج ( عجز في ميزانية الدولة الفيدرالية وعجز في الميزان التجاري بين أمريكا والعالم ) وصل إلى الرقم القياسي 662 مليار دولار عام 2002، أي ما يعادل 6،4% من الناتج الإجمالي المحلي , وهذا يبين أن الاتجاه العام يميل إلى الركود . كما حدث تغير كبير في الميزانية الفيدرالية من فائض بلغ 127 مليار دولار عام 2001، وصل في عام 2003 إلى عجز قياسي قيمته 300 مليار دولار ، يعادل 2,75% من الناتج الاجمالي المحلي.كذلك تقلصت البرامج الخدماتية المختلفة لعدد من الولايات , حيث نقل تقريرلصحيفة "نيويورك تايمز" صورة قاتمة للوضع في الولايات الأمريكية ، عندما أشار إلي أن "حاكم ولاية " ميسوري " أمر بإزالة ثلث المصابيح الكهربائية توفيراً في النفقات . ولكن تراجع الدولار أمام اليورو هو ما تنظر إليه أوروبا بقلق ، إذ أن اقتصادها يعتمد على التصدير لأمريكا ، وكل هبوط في قيمة الدولار يرفع أسعار البضائع المنتجة في أوروبا . وكل زيادة في قيمة اليورو مقابل الدولار بنسبة 10% تضرب أرباح الشركات الأوروبية بنسبة 4% . بما مضى يتضح أنه بعد الغزوة المباركة دخل رأس المال الأمريكي إلى طريق مسدود بعد أن فقد مصداقيته أمام العالم من جهة - وسيأتي تفصيله - ، و بعد أن أصبحت الحكومة عاجزة عن استعادة زمام المبادرة لإنعاش الاقتصاد من جهة أخرى ..

تراجع الاستثمارات الاجنبية في الولايات المتحدة الأمريكية :اعترفت إحصائية لوزارة التجارة الامريكية في 26/6/2003 بتراجع الاستثمارات الأجنبية للعام الثاني علي التوالي بنسبة تزيد علي النصف ، حيث تراجع إجمالي الاستثمارات العالمية في الولايات المتحدة بنسبة 64 % لتصل إلى 1.147 مليار دولار أمريكي. وأشارت الإحصائية إلى أن " التراجع في الانفاق في عام 2002 يجسد الضعف المستمر في الاقتصاد الامريكي وفي الاقتصاديات الاجنبية والتراجع في عمليات الاندماج والشراء في مختلف أنحاء العالم" . وأشارت كذلك إلى أن اليابان احتفظت العام الماضي بمركزها كأكبر مستثمر آسيوي في الولايات المتحدة تليها بفارق كبير استراليا ثم سنغافورة و أوضحت الاحصائية أن اليابان كانت قد ضخت نحو43ر3 ملياردولار أمريكي العام الماضي 2002 مقارنة بنحو 34ر5 مليار دولار في عام 2001 ، أي بفارق يزيد عن المليار ونصف . فيما ضخت استراليا 65ر1 مليار دولار في عام 2002 م مقارنة بنحو 84ر4 مليار دولار في عام 2001م ، أي بفارق يزيد عن الثلاثة مليارات دولار .. وتزايدت عمليات بيع سندات الخزانة الأمريكية , وتزايدت احتمالات انزلاق الاقتصاد الأمريكى نحو الركود في أعقاب التقارير التي أشارت إلى تراجع جميع القطاعات الاقتصادية رغم قيام بنك الاحتياط الفيدرالي بخفض معدل الفائدة أكثر من 12 مرة من تاريخ 11 سبتمبر ، و بالرغم من ضخ الحكومة بمزيد من الأموال لتحقيق السيولة في الأسواق .انعكست خسائر الاقتصاد الأمريكى سلباً على مناخ الاستثمار في الولايات المتحدة وتراجعت معدلات الإنفاق الاستهلاكي نتيجة إحجام المستهلكين عن إنفاق أموالهم ولجوئهم إلى الادخار في ظل الأوضاع الاقتصادية غير المستقرة , وانعكس تراجع الثقة في مناخ الأعمال والإنفاق الاستهلاكي سلباً على أرباح وأسعار أسهم الشركات الأمريكية الكبرى ..كما شهدت شركات التكنولوجيا الأمريكية تراجعاً حاداً نتيجة تقلص معدلات الطلب والإنفاق الاستهلاكي .

إفلاس الشركات الأمريكية :في الفترة من 11 سبتمبر 2001 وحتي 11سبتمبر 2002 انهارت وافلست مجموعة كبيرة من الشركات الامريكية ، قدرت بـ 60 ألف شركة وقد تم تسريح مالا يقل عن 140 ألف عامل أمريكي في نفس الفترة ، وفقاً لتقرير صحيفة " وول ستريت جورنال" وما زال مسلسل الانهيارات والإفلاسات مستمراً حيث يسجل قطاعى الطيران الأمريكى ، والتأمين أعلى معدلات الإفلاس والتسريح للعمال .

انهيار " إنرون " :استعمل ميشال جوبير وزير خارجية فرنسا الأسبق عبارة الغرق حين تحدث في مقاله الأسبوعي الصادر يوم 19 يناير 2002 عن إفلاس الشركة العملاقة الامريكية المتحكمة في الطاقة" إنرون " والتي تربعت على عرشها في ولاية تكساس لتدير دفة النفط وما يتبع النفط من طاقة كهربائية هي عصب الصناعة الامريكية بل الاقتصاد الامريكي. وكان إفلاس " إنرون " هو أول ضربة كبرى وموجعة يتلقاها النظام الرأسمالي المتعاظم في الولايات المتحدة في مطلع هذا القرن الجديد ، بل تتلقاها آلة العولمة الأمريكية كطعنة في هيبتها. فالعملاق " إنرون " هو الذي كان وراء رفض الحكومة الامريكية التوقيع على إعلان " كيوتو " الخاص بحماية فضاء العالم من التلوث في عهد كلينتون ، مما فتح الباب أمام فوضى التصنيع والطاقة وتوسيع أخطار التلوث الى ظاهرة كونية تنشأ في أمريكا ويتحملها العالم بأسره .

" وورلد كوم " أكبر عملية إفلاس :تقدمت شركة " وورلد كوم " الأمريكية للاتصالات بطلب رسمي إلى المحكمة لإعلان إفلاسها لتصبح بذلك أكبر عملية إفلاس في التاريخ الأمريكي ‏,‏ متجاوزةً بذلك فضيحة إفلاس شركة " إنرون " لخدمات الطاقة ‏.

‏ و جاء إفلاسها في الوقت الذي تشهد فيه بورصة " وول ستريت " سلسلة من فضائح المحاسبات المالية التي تورطت فيها عدة شركات أمريكية خاصة في قطاع الاتصالات في محاولة لإخفاء خسائرها ‏.‏‏ إفلاس شركة " كاربت إنك " فى أمريكا :أعلنت مجموعة " كاربت جولف " الكندية لصناعة أرضيات ملاعب الجولف عن تقديم الشركة التابعة لها في الولايات المتحدة الأمريكية والمعروفة باسم " كاربت إنك " طلباً إلى السلطات الأمريكية لإعلان إفلاسها وحمايتها من الدائنين ..

" ميديكال ليندر " تعلن إفلاسها : تقدمت شركة " ميديكال ليندر " الأمريكية للخدمات المالية للمؤسسات الصحية بطلب إلى السلطات الأمريكية لإعلان إفلاسها.و يمثل إفلاس هذه الشركة تهديداً خطيراً لعدد من مؤسسات الرعاية الصحية التي لها مستحقات كبيرة لدى الشركة المفلسة .. كانت " ميديكال ليندر " قد عجزت خلال الفترة الأخيرة عن سداد مستحقات عدد كبير من العملاء لديها الأمر الذي دفع عدد من هؤلاء العملاء إلى المطالبة بتصفيتها.

" أوكوود هومز " تعلن إفلاسها :أعلنت شركة " أوكوود هومز " الأمريكية أنها ستتقدم إلى السلطات الأمريكية بطلب إعلان إفلاسها ، و تعد " أوكوود هومز " ثاني أكبر شركة للمباني الجاهزة في الولايات المتحدة الأمريكية . تبلغ ديون الشركة حالياً حوالي 570 مليون دولارا في الوقت الذي تتعرض فيه للخسائر المستمرة منذ ثلاث سنوات. إعلان إفلاس شركة البرامج " برجراين سيستمز " الأمريكية :أعلنت شركة البرامج " برجراين سيستمز " الأمريكية إفلاسها ، وتقدمت بطلب إلى السلطات الأمريكية لحمايتها من الدائنين . في الوقت نفسه قالت الشركة أنها ستقيم دعوى تطالب فيها شركة " آرثر أندرسن " للمراجعة المحاسبية بتعويض قدره 250 مليون دولار باعتبار الشركة مسئولة عن الظروف المالية التي تمر بها " برجراين " حالياً بسبب المخالفات التي ارتكبها محاسبوا " آرثر " في حساباتها .

" بلانيت هوليوود " الأمريكية تعلن إفلاسها للمرة الثانية : قامت شركة " بلانيت هوليوود " بشطب خمسة ملايين دولار على شكل قروض قدمتها لمشاهير ولصالح شبكة من المستفيدين من كبار المسؤولين في الشركة وفقا لمصادر مستقلة في الشركة التي تعاني من إفلاس .

مجموعة " يو.أس آير وايز " تشهر إفلاسها : أشهرت مجموعة " US آيروايز " إفلاسها عملاً بالأحكام الأمريكية لحماية حقوق المستثمرين ، مؤكدةً أنها ستستمر في عملياتها إلى حين ترتيب وإعادة تنظيم هيكلية القسم المالي آملة في الخروج من هذه الأزمة في الربع الأول من العام 2003 .

" باسيفك كروسنج " للاتصالات تطلب حمايتها من الإفلاس :تقدمت شركة " باسيفيك كروسنج " للاتصالات التابعة لشركة " جلوبال كروسنج " بطلب لحمايتها من إشهار إفلاسها وفقا للفصل الحادي عشر من قانون الشركات الأمريكي. يذكر أن شركة " جلوبال كروسنج " الأم تواجه هي الأخرى شبح الإفلاس ، و تعمل الشركتان في مجال إدارة شبكات نقل البيانات عبر الألياف الضوئية .

" إكس أو كومينكشنز " تطالب بالحماية ضد الإفلاس :تقدمت شركة " إكس أو كومينكشنز " الامريكية للاتصالات وخدمات الإنترنت بطلب إلى السلطات الأمريكية لحمايتها ضد إشهار الإفلاس . كانت شركة " تليفونوس دي مكسيكو " المكسيكية للاتصالات قد تراجعت عن استثمار 800 مليون دولار في " إكس أو كومينكشنز " الأمر الذي تسبب في مشكلات مالية قاسية للشركة الأمريكية ..

إفلاس " متروكول " الأمريكية :أعلنت شركة " متروكول " الأمريكية للاتصالات اعتزامها فصل 495 موظف لديها واللجوء للقضاء الأمريكي لطلب الحماية من الإفلاس .وكانت خسائر " متروكول " قد بلغت خلال عام 2001 حوالي 612.8 مليون دولار .

إفلاس " اندرسون " :أصاب إفلاس شركة " انرون " النفطية شركة " آرثر اندرسون " للتدقيق المحاسبي ، التي قامت بتدقيق حسابات " انرون " وغطت على فضيحة إفلاسها قبل إشهاره ، مما أدى إلى انصراف الزبائن عنها ، وجعلها على حافة الانهيار وتشريد آلاف الموظفين ..

استمرار موجة الإفلاس بين الشركات الأمريكية :سجلت حالات الإفلاس في الولايات المتحدة ارتفاعها خلال النصف الأول من العام الحالي لتسجل رقماً قياسياً جديداً في حالات الإفلاس. وقد أدت حالات الإفلاس التي شهدها النصف الأول من العام الحالي والذي تضمن شركات كبرى مثل " إنرون " إلى وضع أصول قيمتها 260 مليار دولار تحت الحراسة القضائية لسلطات التفليسة والتصفية وبلغ عدد الشركات المسجلة في بورصة نيويورك التي أشهرت إفلاسها خلال الشهور الستة الماضية 255 شركة. وما نطالعه كل يوم من أخبار عن إفلاس كبرى الشركات الأمريكية ، إنما هو بسبب تلاعب هذه الشركات في بياناتها ، والذي تمثل في تقليل النفقات الحقيقية وتضخيم الإيرادات الحقيقية ومن ثم إظهار أرباح وهمية وبالتالي يستفيد مديروا هذه الشركات نتيجة تضخيم مكافآتهم السنوية ومكافآت نهاية الخدمة ‏,‏ في الوقت الذي لا يبالون فيه بالخسائر التي تلحق بحملة الأسهم وأصحاب المعاشات من جراء إفلاس الشركات أو هبوط أسعار الأسهم في البورصة‏ . ‏وقد توفرت ظروف عدة سمحت لهذه الشركات بالتلاعب من أهما :‏- المفهوم الخاص للاقتصاد الحر الذي طبقته الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة - بعد مجئ بوش- بصفة خاصة حيث ضعفت إلى حد بعيد نظم الرقابة الحكومية الفعالة في المجال المالي تحت حجة تحرير الشركات من القيود التي تعطلها وتعوق سرعة تقدمها لمواجهة المنافسة العالمية لا سيما بعد توقيع اتفاقية " الجات " الجديدة عام‏1994

- الدور الخطير الذي قامت به بعض مكاتب المحاسبة والمراجعة في الولايات المتحدة وبصفة خاصة ما لجأت إليه من أساليب ملتوية للالتفاف حول قواعد الشفافية والمكاشفة‏.‏‏- التقارير غير الدقيقة التي نشرتها بعض بيوت السمسرة ومكاتب التحليل المالي عن شركات معينة وإعطائها درجات تقويم أكثر مما تستحق حيث إن كبار العاملين في هذه المكاتب يستثمرون أموالهم في هذه الشركات ومن ثم يحققون أرباحا خيالية ‏.‏

- القرارات المحفوفة بالمخاطر التي اتخذها مديرو هذه الشركات بهدف تضخيم الأرباح كما سبق و أن أوضحنا‏.‏

انهيار شركات الطيران الأمريكية :بحلول نهاية العام الجاري أعلنت شركتا طيران عملاقتان وهما "يو.أس. إيرويز" و"يونايتد إيرلاينز" إفلاسهما ، ومن المتوقع أن تليهما شركات أخرى في عام 2003 .

إفلاس " يونايتد إيرلاينز " :" يو‏.‏ايه‏.‏إل " الشركة الأم لشركة " يونايتد إيرلاينز " للطيران قدمت ملف الطلب الخاص بإشهار الإفلاس لـ " يونايتد إيرلاينز " إلى السلطات الأمريكية المختصة ‏.‏وجاء إقرار إشهار إفلاس " يونايتد ايرلاينز " بعد رفض مجلس استقرار الطيران الجوي طلباً لتوفير قرض فيدرالي قدره ‏1.8‏ مليار دولار مما أدي إلى تراجع شديد في قيمة أسهم الشركة بالبورصة ووصول سعر أسهمها إلى‏92‏ سنتا فقط ‏.‏

إفلاس " يو اس إيروايز " الجوية الأمريكية : طلبت مجموعة الخطوط الجوية الأمريكية " يواس ايروايز " حمايتها من الدائنين بموجب الفصل الحادي عشر من قانون الإفلاس الأمريكي‏‏ وذلك بعد أن قدمت الشركة طلباً رسمياً بإشهار إفلاسها إلى محكمة الإفلاس في مدينة الكسندريا بولاية فيرجينيا .وتعد شركة " يواس ايروايز " سابع شركة طيران أمريكية ‏,‏ كما أنها تشغل رقم‏14‏ في قائمة كبرى شركات الطيران العالمية وتخدم أكثر من‏200‏ موقع داخل الولايات المتحدة .

شركات طيران أخرى تعلن إفلاسها : شهد العام 2002 توقف الكثير من الشركات عن العمل ، فقد توقفت شركة طيران أمريكية صغيرة هي " ميدواي إيرلاينز " عن العمل وسرحت جميع موظفيها البالغ عددهم ألفا وسبعمائة موظف .وقال مسئولو شركة " دلتا إيرلاينز " ، ثالث أكبر شركة طيران في العالم إنه من المحتمل أن تستمر الشركات في تسريح أعداد من الموظفين ، وتوقع " جوردون بيتون " رئيس شركة " كونتيننتال " أن يفقد مابين مائة ومئتي ألف موظف يعملون بشركات الطيران حول العالم وظائفهم بسبب الكارثة ويعتقد المحللون أن خسائر قطاع النقل الجوي في الولايات المتحدة قد تبلغ سبعة عشر مليار دولار فى 2001.

أما التساؤل الآن فهو عن الآثار الخطيرة التي نجمت عن مسلسل الإفلاس هذا :‏أولاً :‏ انخفاض سعر الدولار أمام العملات الأجنبية‏ ,‏ فمنذ بداية العام الحالي انخفض الدولار بنحو‏12%‏ أمام اليورو ‏,‏ كما انخفض بنحو‏6%‏ أمام الجنيه الاسترليني ‏,‏ وبالنسبة نفسها تقريبا أمام الين الياباني‏ ، كما ‏بينا سابقاً . ثانياً ‏: التراجع الحاد في أسعار الأوراق المالية في البورصة " وول ستريت " وغيرها من أسواق المال الأمريكية‏ ..‏

ثالثاً ‏:‏ فقد المستثمرين ثقتهم في الاقتصاد الأمريكي ‏.‏رابعاً ‏:‏ اتجاه البطالة نحو التزايد بسبب إفلاس بعض الشركات وتقليص حجم الأعمال في البعض الآخر‏ ,‏ فطبقا لأحدث البيانات ارتفعت البطالة في أمريكا في شهر مايو‏2002‏ إلي‏6%‏ لتسجل أعلي مستوي لها منذ أكثر من سبع سنوات‏ .‏خامساً ‏:‏ أن كثيرا من البنوك المركزية بدأت تعيد النظر في اقتناء المعدن الأصفر " الذهب " إلى خزائنها كاحتياطي بعد التخلي عن هذه السياسة في السبعينيات من القرن الماضي حيث قامت كثير من البنوك المركزية ببيع احتياطياتها من الذهب بعد أن فقد بريقه كمستودع للقيمة‏ .‏

ثانياً : آثار الغزوة سياسياً :تركت أحداث 11 سبتمبر , وبعمق , آثاراً واسعة على الوضع الدولي، ومثلَّت ساحة مصيرية لاختبار الأبعاد السياسية للوضع الدولي الذى حاولت الولايات المتحدة فرضه على العالم ، وإعادة تشكيله وعلى رأس هذه الأبعاد قيادة الولايات المتحدة للتحالف الغربي ودورها العالمي كقوة عظمى وحيدة ، وكذلك مخططاتها بالنسبة للأمة الإسلامية بعدما اندفعت في حروب ضدها ... متدحرجةً ككرة الثلج ، بدأت من افغانستان ووصلت إلى العراق .وهكذا كانت ضربات 11 سبتمبر البداية لتفجير سلسلة من التناقضات داخل الدول الغربية وبين هذه الدول الغربية والولايات المتحدة .. وقد ضاعف من تاثير تلك الأحداث أن الأمريكيين لم يحققوا الشيء الكبير الذي شمله إعلانهم هذه الحرب الصليبية ، فلا هم استطاعوا القضاء على تنظيم القاعدة ، ولاهم استطاعوا فرض الاستقرار في القلب الآسيوي المشتعل والذي كان في الثمانينيات ساحة صراع بينهم وبين السوفييت ونعني هنا أفغانستان. ورغم أن الولايات المتحدة سعت فى هذا القلب الآسيوى إلى إشعال حرب حضارية شاملة على الإسلام بمحاولة حشد الطاقات الهندوسية – الهند - للضغط على باكستان من ناحية والحصول على مساندتها داخل أفغانستان- من جانب آخر- إلا أن الهنود ورغم انجرارهم إلى هذه اللعبة إلا أنهم استخدموها بدقة لمصلحتهم ، الأمر الذى وضح فى التقارب الهندى الصينى الأخير وهو فى كل الأحوال استمثار لزيادة الوزن الاستراتيجى للهند لعقد اتفاقات مع الصين العدو الاستراتيجى الصاعد لمواجهة الولايات المتحدة والتفوق عليها.وقبل النظر إلى نتائج هذه الحرب أو حصيلتها لابد أن نتتبع اتجاه الريح والذي أخذ في اتجاه لا تشتهيه السفن الامريكية و لا السفن الغربية على حد سواء ، فالغرب الاوروبي أدرك أنه يقع في فخ القوة العظمى مسلوباً قراره السياسي ، والأمريكيون يدركون أنهم منطلقون بلا توقف إلى جحيم لا يعرفون كيف الخروج منه ، إذ لا يكفي أن تركب الصعب منطلقاً ، بل ينبغي أن تعرف كيفية الرجوع بطريقة صحيحة ، وذلك جوهر ما استند اليه المحللون الاستراتيجيون في فترة ما بعد الحرب . لقد خاضت الولايات المتحدة عدوانها ضد افغانستان ثم العراق ضمن استراتيجية الهجوم الوقائى على مستويين:

الأول : مستوى الحكومات :والتى اتهمتها بفرية أسمتها " دعم الارهاب " للحصول على شرعية للاعتداء عليها وهو ما وصفه الجميع بالحرب على الإسلام تحت مسمى الحرب على الإرهاب ..

الثاني : مستوى الأفراد : وهو العدوان والملاحقة والقتل للمجاهدين في كل مكان ، والذين وصفتهم بالإرهابيين فى محاولة لفصلهم عن قاعدتهم الشرعية وعن سائر الأمة الإسلامية التي بدت تدعم توجهاتهم بشكل متصاعد وبطريقة خلخلت شرعية الحكومات العميلة مع الغرب ..

لقد انطلقت العقلية الامريكية في التعامل مع الإسلام ومع جميع الحركات والجمعيات الإسلامية باعتبارها حركات وجمعيات معادية للغرب والأمريكان ولحليفها الاستراتيجي الكيان الصهيوني وبالتالي استوجبت من وجهة النظر الامريكية القضاء عليها.

ويبرز ذلك أكثر فيما قاله المحلل السياسي الامريكي الصهيوني " توماس فريدمان " في نيويورك تايمز في 27 نوفمبر 2001 اذ قال: " إذا كان تاريخ 11 سبتمبر في الحقيقة بداية الحرب العالمية الثالثة فعلينا أن نفهم ما تقصده هذه الحرب ، علينا ألا نكافح لاستئصال الإرهاب .. فالإرهاب أداة فقط ، نحن نحارب لهزيمة الأيديولوجيا : التدين الديكتاتوري ، فالحرب العالمية الثانية والحرب الباردة كانت صراعاً لهزيمة الحزب العلماني المتطرف -النازية والشيوعية - أما الحرب العالمية الثالثة والحالية فهي معركة ضد الحزب الديني المتطرف – على حد زعمه - الذي يفرض على العالم سلطة إيمانية تنفي الآخرين، إنها الـ «بن لادنية» - نسبةً إلى الشيخ بن لادن - لكنها خلاف النازية ، فحكم الحزب الديني لا يمكن أن يُقاتل بالجيوش وحدها ، بل يجب أن يُقاتل في المدارس ، والمساجد والكنائس ، ولا يمكن أن يهزم بدون مساعدة الأئمة والأحبار والكهنة " أ.هـ. وفى تتبع الآثار السياسية لهذه المرحلة على الوضع السياسى الأمريكى سواءً على الصعيد الأوروبي أو الآسيوي أو العربي والإسلامي وقياساً على مستويات الدعم لاستراتيجية الهجوم الوقائى على الإسلام والمسلمين القائم على أساس عقدى أو مايسمونه المواجهة الحضارية ضد الإسلام نلاحظ أمرين :

الاول: نوع من التردد والحذر فى الغرب من مساندة أمريكا فى استخدام القوة العسكرية في حالة افغانستان ورفض قوي في حالة العراق بسبب مخاطر اتساع نطاق استخدام القوة العسكرية على نحو يهدد بحروب اقليمية وبسبب رغبة الدول الغربية فى ترك أمريكا معرضة لاستنزاف يهدد عوامل قوتها .

الثاني: نوع من الإتهام - الضمني أحياناً والصريح أحياناً أخرى - بأن السياسات الأمريكية العالمية مسئولة عن إثارة العداء ضد الولايات المتحدة وأن على الولايات المتحدة أن تتأنى في حساباتها وتحركاتها حفاظاً على السلام العالمي . ووفقاً لمؤشر السياسة الدولية فإن ساحة زلزال سبتمبر إمتدت من أقصى آسيا الى أقصى أفريقيا وبالذات منها الشمال الأفريقي والمنطقة العربية فيه ، وتُرسم الخطوط السياسية الحمراء كحدود للدول المحيطة بالبحر الاحمر ، وشمال أفريقيا حتى المغرب ، بينما تؤطر آسيا برمتها كمركز لهذا الزلزال ، خاصةً وقد أصبحت هذه المناطق بحكم ظروف كثيرة الأكثر ضغطاً ، والأكثر شعوراً بعدم التوازن ، والأكثر ثراءً بعد هذا ، وهي مناطق المصالح الامريكية بالتحديد . تعيش هذه المناطق كما هو معروف وفي جوفها شقان من الاضطرابات - داخلية و وخارجية - ومن ثم رأت أمريكا أن لحظة انفجار 11 سبتمبر أثبتت أن هذه الاوضاع لا ينبغي أن تستمر بهذا الشكل ، وهكذا نجد الخطاب الأمريكي تحول باتجاه الحرب المفتوحة. ومن نتائج ذلك وآثاره :

ـ عودة الاضطرابات بل وبلوغها ذروة اشتعالها بين الهند وباكستان على خلفية تفجير بمبنى البرلمان الهندي والذي اتهمت به الهند مسلمين هنود وقالت إنهم يتلقون دعمهم من باكستان... وتحرك الهندوس ببراجماتية عالية باحثة عن مصالحها.

وانعكس ذلك على الداخل الباكستاني الذي قدم تنازلات كثيرة لكي لا يتهم بالارهاب فازداد قمع الحكومة الباكستانية العميلة للحركات الاسلامية وهو ما ضاعف الإتجاه الشعبى نحو تأييد المجاهدين من القاعدة وطالبان وليس العكس .

بل إن شدة الضغط على باكستان دفعت قطاعات من الدولة الباكستانية للشعور بمخاطر استراتيجية من الوجود الأمريكى والتسهيلات ... وانتهى الأمر بأن أصبحت الحدود الباكستانية تقوم بدور مشابه للدور الذى قامت به خلال مقاومة السوفييت.

ـ ربط الكيان الصهيوني قضية الارهاب المزعوم بالجهاد في فلسطين - وفقاً للمفهوم الأمريكي - وهو ما كشف زيف الإدعاءات الامريكية ضد المجاهدين من طالبان والقاعدة وليس العكس حيث ظهر لكل مسلم أن المستهدف هو الإسلام والمسلمين .

ـ واذا كانت الولايات المتحدة الامريكية قد استفادت من دخولها ساحة الفناء الخلفي لخصم صراعها السابق - الإتحاد السوفييتي سابقاً - عبر تكريس وجودها وتعزيز قواعدها في الجمهوريات المستقلة عنه بشكل لا يوحي بالبقاء المؤقت فقد نتج عن ذلك تحرك اوروبا بالطلب من جورجيا بلجم الوجود الأمريكي كما تحرك الروس لتشكيل حلف عسكرى جديد من بعض الجمهوريات المستقلة عن الإتحاد السوفيتي .

وكذلك مجموعة شنغهاي أيضاً أقلقها الاعتزام الأمريكي بالاستقرار في آسيا فرأت أن هذا الوجود بات يفتقد لمبرراته، محذرة من أن « أي محاولات لفرض أشكال أخرى من الإدارة على الحكومات الآسيوية بعد الأفغانية غير مقبول وأنه سيفضي إلى أزمة جديدة ».

ـ التحالف الاوروبي الامريكي بدا ضعيفاً، وآل في النهاية إلى انفصال أو محاولات انفصال خاصة عندما حددت أمريكا أهدافها الحقيقية وهي « التدخل في الشئون الداخلية لدول العالم الثالث » بهدف رسم معالم عالمها الجديد أو إعادة أقلمة المناطق وفق مصالحها واستراتيجياتها ، وهو ما دفع أوروبا إلى بداية نهوض فى مواجهة الولايات المتحدة ولأول مره منذ الحرب العالمية الثانية وهو التطور الأخطر فى الوضع الدولى .

آثار الغزوة اجتماعياً :نشرت صحيفة " نيويورك تايمز " وشبكة " CBS " التلفزيونية الأمريكية استطلاعا للرأي أجريتاه في 13/06/2002 وشمل940 شخصاً من سكان مدينة " نيويورك " , ولم يتعد هامش الخطأ نسبة 3% , تبين من خلاله أن مدينة " نيويورك " مازالت تعيش أجواء القلق بعد مضي تسعة أشهر على أحداث 11 سبتمبر وأن أهالي المدينة مازالوا يعانون من الأعراض النفسية .

وأشار الاستطلاع إلى أن الكثير من سكان نيويورك يتجنبون زيارة ناطحات السحاب والمراكز الرياضية بسبب مخاوف من وقوع هجمات أخرى ، ومازال 60% من سكان " نيويورك " يعتقدون أن مدينتهم مهددة بوقوع هجمات أخرى أكثر من غيرها من المدن الأميركية .

وقال مشاركون في الاستطلاع إنهم دائما ينظرون حولهم ، وأنهم يعتريهم الخوف عند سماع صوت أزيز الطائرات أو عند الدخول إلى نفق .

ويعتبر نحو 50% من الذين استطلعت آراؤهم أن إجراءات الأمان في المدينة وفي المطارات والجسور والأنفاق والمحطات النووية غير كافية .

وقال ثلث المشاركين إنهم يتجنبون الأماكن المزدحمة والأماكن التي تجري فيها أحداث رياضية ضخمة باعتبارها أهدافا إرهابية محتملة ، في حين اعترف 25% من الذين يعملون أو يزورون ناطحات السحاب أن هجمات سبتمبر تركتهم في حالة نفسية قلقة .

أما 16% فقالوا إنهم مازالوا يعانون من مشاكل في النوم. وقد تركت الأحداث بصمات لا تمحى على الحياة العامة للأميركيين رغم أن وسائل الإعلام لم تعد تتحدث عن الحرب ضد الإرهاب إلا بصورة عابرة سرعان ما تنتقل بعدها إلى أنباء فضائح البورصة أو جرائم خطف الأطفال ، ورغم تأكيد باحثين أميركيين في العلوم الاجتماعية بأن نمط الحياة الاجتماعية استعاد طبيعته إلا أن هذه التأكيدات تمثل جزءً من حيلة سياسية لتهدئة المخاوف . يؤكد " توم سميث " الباحث في العلوم الاجتماعية ، والذي شارك في وضع تقرير بعنوان " أميركا تتعافى " ، أن جزءا كبيراً من السكان مازالت تبدو عليه آثار الانهيار العصبي الانفعالي ، نسبة هؤلاء حوالي 8% على الصعيد الوطني و15% من سكان نيويورك .

أحدث الهجوم تناقضاً في الطموحات داخل الثقافة السياسية الأمريكية التي تتأرجح بين العداء للفيدرالية والنزعة الانعزالية من جهة ، وبين الوحدة الوطنية والعولمة من جهة أخرى , وتقول " كارين لارسون " عالمة الاجتماع في معهد " جوستافوس أدولفوس " في " سانت بيتر " بولاية " مينيسوتا " أنه لا يزال معظم الأمريكيين يشعرون بالحيرة والاضطراب حيال مغزى ما حدث ولايدرون كيف يردون ، فمن جهة تدفعهم النزعة الفردية إلى السعي لحماية حياتهم الخاصة والاحتماء بمحيطهم الاجتماعي الصغير وعدم الرغبة في أن يكونوا موضع مراقبة ومن جهة أخرى ينتظرون من الدولة أن توفر لهم الحماية التامة من الإرهاب . وتقول أيضاً : من السهل الاعتقاد بأن شيئاً ما لم يتغير ، لكن التغيرات في الواقع متغلغلة وكامنة وستكون بعيدة المدى ..لم يعد هناك شك في أن ضربات 11 سبتمبر فتحت فصلاً جديداً إن لم يكن عهداً جديداً في حياة أميركا.

فقد زاد تدخل الدولة في الشأن العام وزادت الميزانيات البوليسية ، وصدرت تشريعات جديدة لزيادة سلطة المراقبة وحدث تشديد لم يخطر على بال في أمن المطارات . وتزايد الحديث عن خطر نووي داخل الولايات المتحدة استناداً الى مبدأ " تخيل ما لا يمكن توقعه " أو " توقع الأسوأ " وهو المبدأ الذي وضعه كبار رجال المخابرات بعد 11 سبتمبر ، فالمخزون الاميركي الهائل من الأسلحة النووية والبيولوجية والكيماوية ، وكذلك العدد الهائل من المفاعلات النووية والتي كانت حتى وقت قريب تشكل مصدراً للأمن والردع والقوة - ولاتزال كذلك – تحولت إلى مصدر للقلق والخوف في نظر كثير من رجال الأمن والاستخبارات ليس بسبب وجود احتمال تسرب إشعاعات منها لأخطاء فنية ولكن بسبب خطر احتمال أن تكون مخازن هذه الأسلحة والمفاعلات هدفاً في هجمات أخرى . ومع ذلك فإن محاولات رفع المعنويات لا تجدي حينما يتم خلطها بهواجس الخوف والقلق التي تسيطر على أجهزة صناعة القرار وأولها الأجهزة الأمنية , فالشعب الأميركي أصبح في ظل هذه الأجواء المشحونة بالتوتر والقلق والخوف من المجهول أسير حرب وهمية غير معروفة العواقب ولا محددة الخصوم ولا يعرف أحد متى تنتهي .

لقد تهدمت أسس المجتمع تحت سياط هذا الخوف الذي وجد من يستثيره كلما توارى قليلاً كما حدث في قصة جرثومة " الجمرة الخبيثة " فقد انتهزت نخبة المجتمع الاميركي الفرصة لتنقض على الاسس التي قام عليها المجتمع الأمريكي , فالديمقراطية وحقوق الإنسان وعدم التفرقة بين الأمريكيين بسبب العرق أو الدين كل هذه القيم التي يتباهون بها زوراً أصبحت محل إعادة تقييم ، كما أن مجتمع المؤسسات تحكم فيه مجموعة من الأشخاص وحتى القانون والقضاء أصبح مثل الألعوبة ..الأمة الأمريكية كما هو معروف أمة هجينة من دون تراث ، والتراث الأمريكي مرتبط حقيقة برعاة البقر (الكاوبوي) والسلاح لديه هو جزء من مكونات اللاوعي الأمريكي ورمز لقوة الفرد وحقه في الدفاع عن نفسه وعن حريته، ولقد انساق الاعلام الأمريكي لتمجيد السلاح والسياسات التسلحية وألقى على المجتمع مهمة لا سابقة لها في تاريخ البشرية وهي مهمة تبرير إلقاء القنبلتين الذريتين على اليابان ، ثم تولى تبرير قصف الفيتناميين بالنابالم وغيرها من الأسلحة والتي يقولون بأنها محرمة دولياً .

ثم كان على الشعب بعد ذلك تبرير تزويد أصدقاء الولايات المتحدة بالسلاح لإبادة شعوب أخرى ، ولذا فهي موغلة وممعنة في التمترس بالقوة والعنجهية والارهاب ..واخترعت دائماً عدواً حتى تشد الناس إلى سياساتها في محاربة هذا العدو، وتوجه الأنظار إليه .

فيما مضى قال الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون : "على أعداء الولايات المتحدة أن يدركوا أننا نتحول إلى حمقى إذا قربت مصالحنا !! بحيث يصعب التنبؤ بما قد نقوم به بما لدينا من قوة تدميرية غير تقليدية ، وعندها سوف ينحنون خوفا منا .." أ.هـ.

تستعمل الولايات المتحدة الأمريكية قضية حقوق الانسان خارج دولتها ، تثيرها حين يكون لها مصلحة في إثارتها وتسكت عن الانتهاكات التي تمارس ضد حقوق الإنسان كأبشع السكوت بل لقد تدعم الانتهاك وتبرره بدواعي الأمن كما فعلت منذ خمسين عاماً ولا تزال في دعم اليهود في فلسطين في حين تثير مسألة حقوق الإنسان في وجه الصين حين يكون لها مصالح تريد تمريرها .

إن الشعور بالعظمة والقوة لدى الادارة الأمريكية وتدريسها هذه العظمة للطلاب على مقاعد الدراسة إنما يوحي لنا بالشعار الذي طرحه أدولف هتلر إمام النازية الألمانية " ألمانيا فوق الجميع " في حين قال بوش الأب: " أمريكا أولاً " .

وأما وسائل التعليم فتغرس في نفس الطالب شعارها "بأننا الأقوى ونحن الأغنى" وهو نمط من أنماط العنصرية والعنجهية الأمريكية .

و عقب أحداث الحادي عشر من سبتبر انكشفت أقنعة أمريكا وسقطت شعاراتها الزائفة فبدأت تسن التشريعات التي تصفها فيما مضى بأنها تهدر حقوق الانسان .أدت جملة من القرارات - غير المسبوقة – فى أعقاب أحداث الحادى عشر من سبتمبر والتى مست الحريات العامة إلى مخاوف الامريكيين من تحول بلادهم إلى دولة بوليسية .وترى " مارى جوهوايت " - المحللة الاستراتيجية الامريكية - أن الحرب التى تشنها الولايات المتحدة حالياً على ما تسميه بـ" الارهاب " فجرت ثورة قانونية داخل الولايات المتحدة حيث تركزت تساؤلات أنصار الحريات المدنية والمحللين الاستراتيجيين وخبراء الامن الامريكيين عما إذا كان وزير العدل الامريكى " جون أشكروفت " ومعاونوه قد ضربوا بالإجرآءات الحمائية المؤسسية عرض الحائط من أجل توفير الأمن ومحاربة الإرهاب , وأضافت إنه يوجد بالطبع ثمن باهظ يدفعه الأمريكيون من حرياتهم المدنية كلما تبنينا مبادرات أمنية على المستوى القومى .ويخشى أنصار الحريات المدنية بالولايات المتحدة من خضوع المزيد من الحريات المدنية والأنشطة الشخصية الأخرى كخدمات الأنترنت والمكتبات وعمليات استعارة الكتب وكروت الائتمان للإجرآءات الأمنية .وقد أثارت الاجراءات الأمنية الأمريكية الواسعة النطاق والتى مست بعض الحريات العامة وأعطت للادارات الفيدرالية سلطات واسعة النطاق كمراقبة الاتصالات الهاتفية والبرق فى أعقاب أحداث الحادى عشر من سبتمبر عاصفة من الانتقادات داخل الولايات المتحدة حيث رفضتها حوالى 100 مدينة إضافة إلى ولاية " هاواى " .وأصدرت مدينة " أركاتا " بولاية " كاليفورنيا " فيما يعد مؤشراً واضحاً لما سببته غزوة سبتمبر من خلاف وتفكك بين المجتمع الأمريكي أصدرت قراراً يدعو المسئولين بالمدينة إلى الاحجام عن التعاون مع المحققين الفيدراليين بمقتضى التشريع الذى صدر فى أعقاب 11 سبتمبر والذى أعطى سلطات واسعة النطاق للإدارات الفيدرالية فى إطار ما يعرف باجراءات " محاربة الارهاب " .

وقال " دافيد ميسيرف " عضو مجلس المدينة : إن تشريع مكافحة الإرهاب الذى صدر فى أعقاب أحداث سبتمبر غير دستورى لأنه يقيد الحريات العامة .بينما كان الأمريكيون "مذهولين" إثر الحدث , فوَّض الكونجرس الأمريكي يوم 14 أيلول " سبتمبر " الرئيس الأمريكي السلطة المطلقة , " كي يستخدم كل القوة الضرورية والمناسبة , ضد أي دولة أو منظمة أو شخص , قام حسب تقديره , بإعداد أو تنفيذ أو تسهيل الهجمات الإرهابية , التي وقعت يوم 11 أيلول " سبتمبر " 2001، أو قام بإيواء مثل تلك المنظمات , أو هؤلاء الأشخاص , وذلك من أجل منع أي عمل إرهابي دولي في المستقبل ضد الولايات المتحدة , تقوم به تلك الدول أو المنظمات أو الأشخاص ".

وتم التصديق على هذا القرار بالإجماع في مجلس الكونجرس , بناقص صوت واحد .

وقام مجلس " الكونجرس " بالتصويت على منح الرئيس صلاحية صرف 40 مليار دولار في الحرب, التي سيخوضها ، وفي الوقت نفسه أعلن الرئيس بوش تشكيل مكتب " الأمن الداخلي " برئاسة " توم ويدج " في 20 أيلول " سبتمبر " 2001، بسلطات توازي سلطات " كوندليزارايس " مستشارة الأمن القومي . وهكذا غدت الولايات المتحدة تفرِّ بين الأمن الداخلي والأمن الخارجي ، وبالنظر لما اختص به مكتب الأمن الداخلي من سلطات كبيرة ، كان التعليق بأن العسكريين الأمريكيين باتوا مسيطرين على الحياة المدنية الأمريكية .

و قد تساءل " تييري ميسان " في كتابه الذي اعتمدنا عليه في إثبات هذا الواقع تساءل " لماذا يمنع مكتب التحقيقات الفيدرالي الكونجرس والصحافة من متابعة تحقيقاته؟ " . وقال " أليس معنى هذه القرارات أن النظام السياسي قد تغير بالفعل ؟ , فالقضاء ولجان التحقيق في الكونجرس والصحافة ، هي القوى الثلاثة , التي تحقق التوازن السياسي في ظل النظم الديمقراطية ".

وختم بما علق به الصحفيان الأمريكيان جون ستانتون ورين ماديسون في كتابهما "مجيء الدولة الفاشية الثيوقراطية الأمريكية", عن انتهاء الديمقراطية, وولادة الدولة الفاشية .

العنف في أمريكا :يقول أستاذ التاريخ في جامعة " ايموري " ومدير مركز " ايموري " للدراسات الخاصة بأعمال العنف في الولايات المتحدة الأمريكية " مايكل. أ. بليسيلس " :" أصبح العنف في السنوات الأخيرة ظاهرة تؤرق المجتمع الأمريكي " , ويري " أن العنف واقع في أمريكا من خلال تجلياته في عدة ميادين ، وليس أقلها وسائل الاعلام ، إذ لا تخلو الصحف مثلاً كل يوم من قصص العديد من الجرائم التي يتم فيها استخدام الأسلحة النارية لأتفه الأسباب ، إلى درجة يبدو فيها أن الأمريكي يعيش حياته وإصبعه على الزناد.

وما كنا نراه في أفلام رعاة البقر " الكاوبوي ـ " أصبح بمثابة حقيقة واقعة مع فارق أن الهندي الأحمر أصبح هو " الجار " أو " زميل الدراسة " أو " معلمة الصف " أو حتى الأقرباء , ويري أن أصل المشكلة , يبدو في أن الأمريكيين مستسلمون بغالبيتهم إلى الاعتقاد بأن العنف هو نتاج الإرث التاريخي للدولة وللحروب القديمة مع الهنود الحمر الذين احتاج " الأجداد " للأسلحة من أجل مواجهتهم وتأمين " الدفاع الفعّال عن النفس " و " البحث عن الغذاء " ، وهذا يعني كما قال البعض بأن الجميع كانوا قتلة.

بعد أحداث الحادي عشر من " سبتمبر " ارتفعت جرائم العنف والاعتداء على الممتلكات في الولايات المتحدة عام 2001 بنسبة 2.1 في المائة مقارنة مع عام .2000 .و قال محللون إن الزيادة تعود في جانب منها إلى الركود الاقتصادي وآثار هجمات "سبتمبر " .

و الخلاصة : أن الوضع الدولي للولايات المتحدة بعد غزوة منهاتن انتقل من مرحلة السيطرة على العالم إلى مرحلة من الصراع مع الكتل الرئيسية في العالم.. وأن الوضع الداخلي الأمريكي قد تغير فانتهت مرحلة الحريات العامة أو كادت ، أما الإقتصاد الأمريكي فقد شهد هزة خطيرة ، ضاعفت حجم مشكلاته ودفعته رويداً رويداً نحو الأزمة والركود .

الفصل الثاني :

الخسائر الأمريكية نتيجة العدوان على أفغانستان و العراق

أولاً : أفغانستان :على الرغم من البيانات المتلاحقة للإدارة الأميركية حول انتصاراتها العسكرية في أفغانستان وما تسميه بالرد " الشجاع " على أحداث " سبتمبر " فإن الفصل الأخير الجوهري لهذا العمل عبارة عن حلقة فى سلسلة قد تمتد لسنوات حملت وتحمل في طياتها أحداثاً أكثر خطورة حيث يتزايد ويتصاعد الاستنزاف الأمريكي يوماً بعد يوم ..وفي مايلي إحصائية للخسائر التي تكبدتها أمريكا نتيجة غزوها لأفغانستان ، مع الأخذ في الاعتبار عدم تمكن المجاهدين ومصادرهم وحتى المصادر المحايدة من حصر القتلى والجرحى في كثير من العمليات ، لحرصهم على الانسحاب المباشر بعد انتهاء العمليات خشية القصف الجوي ، إضافة إلى أن السياسة العسكرية لدى الأمريكان فيما إذا وقع منهم قتلى أو أسرى في أي منطقة فإنهم يقومون بقصف المنطقة قصفاً مكثفاً حتى لا يبقى لهم أثر ولا يستطيع أحد تصوريهم أو إثبات قتلاهم بالصور.

وكذلك عدم وجود مصادر أخبار في الفترة ( يناير ، فبراير ، مارس ، ابريل ) 2002.

بلغ عدد القتلى الأمريكان حتى كتابة هذا التقرير 1631 قتيلاً .

وبلغ عدد الجرحى 269 ، فيما بلغ عدد الطائرات المقاتلة التي أسقطت 24 ، وعدد المروحيات التي أسقطت كذلك 10 .

كما دمر المجاهدون 20 عربة نقل جنود ، و 23 عربة مدرعة ، و 5 دبابات أمريكية .

هذا بالإضافة إلى خسائر قوات تحالف الشمال الموالية للأمريكيين والذي بلغ 1092 قتيلاً ، و376 أسيراً خلال مرحلة العدوان الأولى وجرحى بالمئات .

ناهيك عن الانتصارات الأخيرة التي حققتها حركة طالبان وتنظيم القاعدة على أراضي أفغانستان والتي كثيراً ما تسفر عن قتلى في الجانب الأمريكي والتحالف الشمالي مما لم تستطع أمريكا إخفاءه عن وكالات الأنباء العالمية .

في ضوء العرض السابق، يتحدد أنه إلى جانب الأبعاد العقائدية والحضارية في العدوان الأمريكي على الأمة فأن ثمة معطيات اقتصادية وعسكرية وسياسية في العدوان الأمريكي على إخواننا المسلمين في العراق ..

والسؤال هو إلى أي مدى حقق الأمريكان نتائجهم المرجوة من هذا العدوان ؟ أو بعبارة أدق .. ماذا خسر الأمريكان حتى الآن في مقابل ما حققوه؟!

ثانياً : العراق :

التكلفة الإقتصادية للعدوان على العراق : ( وفق المصادر الأمريكية في بداية العدوان )

جاءت أقل من مبلغ ال62 مليار دولار التي كانت مرصودة لها حسب ما يقوله المسئولون الأميركيون ، وهو ما يعني أن الرئيس الأميركي " جورج بوش " لن يضطر إلى العودة إلى الكونغرس مرة أخرى من أجل الحصول على اعتمادات مالية إضافية خلال العام الجاري ، فيما قدرت تكلفة ما يسمونه بإعادة اعمار العراق بنحو 30 مليار دولار سنويا ً.

وقالت صحيفة " يو اس ايه توداي " الأميركية أن قصر فترة الحرب ضد العراق وما استتبعها من استخدام أقل مما كان متوقعاً من الصواريخ واندلاع عدد محدود من الحرائق في حقول النفط ونزوح أعداد أقل من اللاجئين جميعها عوامل أسهمت في خفض اجمالي تكلفة الحرب .

وعلى الرغم من أنه لن يتسنى قبل مضى عدة أشهر إصدار بيان شامل وتفصيلى بإجمالي قيمة تكلفة الحرب ضد العراق إلا أن مسئولين بارزين بإدارة بوش صرحوا بأن تكاليف نشر القوات الاميركية والعمليات القتالية ذاتها سوف تقل بفارق طفيف عن مبلغ 62,6 مليار دولار الذى صدق الكونغرس فى شهر مارس الماضى على تخصيصه لتغطية نفقات عملية " حرية العراق " على حد زعمهم .

وأشارت الصحيفة إلى أن هذه تعد هى المرة الأولى التى يصدر فيها من جانب المسئولين الاميركيين تقدير مبدئى لتكاليف هذه الحرب ..

وقالت " يو اس ايه توداي " أيضا إن ذلك يعنى أن قيمة التكلفة التى يتحملها كل مواطن أميركى تصل فى المتوسط إلى حوالى 220 دولار .

وكانت قيمة نفقات حرب الخليج الأولى قد وصلت إلى حوالى 76 مليار دولار وفقاً للأسعار السائدة حاليا غير أن هناك اختلافا واضحاً بينها وبين حرب العراق الأخيرة وتتمثل فى أن دولاً أخرى كالسعودية والكويت تولت تمويل نسبة 80% من تكلفة الحرب الأولى فى حين أن الولايات المتحدة تحملت الجانب الأكبر من نفقات حرب العراق الأخيرة .

وفيما يتعلق بالأسباب التي ساعدت على تقليل تكلفة الحرب الأخيرة ، فإن ميزانية الحرب التي تقدمت بها الإدارة الأميركية كانت قائمة على أساس عمليات حشد القوات ثم فترة شهر من القتال والقصف تتبعها عدة شهور من المناوشات ، إلا أن المسئولين قالوا إن الحرب استمرت 26 يوما ابتداءً من اطلاق أول صاروخ في 19 مارس الماضي حتى منتصف ابريل عندما التقى ما يصفونهم بأنهم قادة سياسيون ودينيون عراقيون مسئولين أميركيين بشأن تشكيل حكومة عراقية انتقالية ، غير أن الأمور انقلبت رأساً على عقب بعد ظهور وازدياد المواجهات والعمليات التي تستهدف القوات الأمريكية في العراق ، و كذلك عدم القدرة على تصدير النفط العراقي بالمعدلات التي توقعتها الولايات المتحدة وبريطانيا.

وقد رفض " دانيالز " ومسئولين آخرين في " البيت الابيض " ووزارة الخزانة والدفاع " البنتاغون " رفضوا إعطاء تقديرات لتكلفة مواجهة العمليات التي تستهدف القوات الأمريكية خلال مرحلة ما بعد الحرب النظامية وإعادة بناء ما دمرته الحرب في العراق مما أدى إلى بروز شكاوى من أعضاء في الكونغرس وجهات أخرى.

وقال مسئول بمركز تقييم الميزانية ، وهو عبارة عن مركز أبحاث خاص ، إن تكلفة ما يدعون بأنها عمليات "حفظ السلام "على مدى خمس سنوات في العراق ربما تتجاوز 100 مليار دولار ، فيما قدر المركز تكلفة إعادة بناء ما دمرته الآلة العسكرية العدوانية الأمريكية فى العراق بحوالي 30 مليار دولار سنوياً.

غير أن الأمور هذه جميعا قد انقلبت أيضا الآن بعد تصاعد وتيرة الهجمات على نحو سريع وقوي فاجأ الجميع حيث يتم تنفيذ العمليات بواقع 25 عملية يومياً الأمر الذي جعل التكلفة الأمريكية فى العدوان أضعافاً مضاعفة بل جعل كل المشروعات والأهداف الأمريكية من هذا العدوان بخسائره السياسية والاقتصادية والعسكرية مهدداً بفشل عظيم ..

حيث يتصاعد الإستنزاف الاقتصادى وتوجه العمليات ضرباتها إلى خطوط أنابيب النفط بما يعوق ضخ النفط وهو ما تراهن عليه الولايات المتحدة فى تعويض خسائرها وفى إنعاش اقتصادها وفى الضغط على حلفائها وفى إضعاف اقتصاديات دول الجوار المعتمده على البترول فى اقتصادها اعتمادا كليا .

كما أن هذه العمليات تشكل نزيفا بشريا يضاف إلى نزيف الخسائر البشرية في أفغانستان بما يضعف قدرة المجتمع الأمريكى على احتماله.

اكتشفت إدارة الاحتلال التي ظنت أن الأزمة انتهت بسقوط النظام العراقي وأن إعادة ترتيب المجتمع والسلطة في العراق وفقاً للأجندة الأمريكية بات أمراً ميسوراً, غير أنها اكتشفت بعد إنتهاء الشكل النظامي للحرب أنها تسبح فوق بحر من الرمال المتحركة لا أول له ولا آخر في العراق بدليل سقوط قتلى وجرحى من الجنود الأمريكان يومياً في مختلف أنحاء المدن العراقية ..

ولهذا سارعت بإعلانها عن تعزيزات تصل إلى خمسين ألف جندي من قوات " المارينز " بالكويت للمساعدة على بسط نفوذها وإحكام سيطرتها على المسلمين في العراق مع بقية القوات الأخرى البالغة مئة وخمسين ألف جندي أمريكي بخلاف جنود بريطانيا , كما أن استمرار تلك الخسائر في الأرواح بين الجنود الأمريكان في العراق سوف يشكل تحديا مهماً للإدارة الأمريكية الحالية في الانتخابات القادمة في العام المقبل وقد يكون استمرار سقوط قتلى وجرحى بين الجنود الأمريكان عاملا مهماً في خسارة " جورج بوش " للانتخابات في معركة تمثل له حركة حياة أو موت ويخشى من تكرار تجربة والده صاحب الخبرة والذي كان خارجا لتوه من "نصر" على العراق في حرب الخليج الثانية وبتأييد دولي حينذاك أمام شاب جديد قليل الخبرة والتجربة " بيل كلينتون " الذي خاض الانتخابات تحت شعار " إنه الاقتصاد يا غبي " ونجح فعلاً في تحقيق تقدم اقتصادي للشعب الأمريكي وإنقاذ الاقتصاد الأمريكي من كبوته .

وقد قدمت وكالة " رويترز " حصيلة استناداً إلى ما أعلنته السلطات الأميركية والبريطانية، كما أكدها مراسلو الوكالة , وطبقاً للحصيلة بلغت خسائر القوات الأميركية والبريطانية 126 جندياً وهم 96 أميركياً و30 بريطانياً وهناك 10 أميركيين في عداد المفقودين (حتى كتابة التقرير).

وتلفت الوكالة النظر الى أن الأرقام الرسمية عادة لا تواكب الخسائر في ساحات القتال ولا تتضمن أعداد قتلى غير محددة .

الفصل الثالث :

الخسائر الأمريكية جراء تبني أمريكا للكيان الصهيوني

وهذا الفصل أضفناه كما ذكرنا سابقاً للتذكير بأن الحرب بين أمريكا والأمة شاملة ، وأن الخسائر متعددة المصادر والأبعاد .

صدر فى الكويت في 17/11/2002 تقرير اقتصادى أوضح أن الولايات المتحدة تتكبد خسائر كل عام مابين 20 الى 25 مليار دولار سنوياً بسبب مساعدة الكيان الصهيوني .

وأشار التقرير الذى أصدره مكتب " الشال " للاستشارات الاقتصادية إلى أن "توماس ستوفر " وهو اقتصادي نفطي معروف قدم محاضرة في 14 مايو في مركز تحليل السياسات حول فلسطين رأينا ضرورة تلخيص بعض محتواها ، ويذكر " ستوفر " بأن أقل أنواع المساعدات التي تقدمها الولايات المتحدة للكيان الصهيوني أهمية وقيمة هي المساعدات المباشرة والمعروفة والتي تبلغ قيمتها نحو 5.5 مليارات دولار أميركي .

ولكن هناك 5 أنواع أخرى من التكاليف والمساعدات غير المباشرة وغير المعروفة للعامة ، فهناك ـ طبقا " لستوفر " ـ تكلفة إضافية سنوية بنحو 8 مليارات دولار أميركي ناتجة عن مساعدات أميركية أخرى تقدمها لدول مثل تركيا ودول وسط آسيا والقوقاز ومشروطة بعلاقاتها الجيدة بإسرائيل .

وهناك أيضاً تكاليف ظرفية أخرى وتتلخص في تبرعات الجالية اليهودية الأميركية للكيان الصهيوني والتي تتراوح ما بين 1 ـ 1.5 مليار دولار أميركي ، وتخسر الخزينة الأميركية ضريبتها لأنها معفية من الضرائب .

ولكن الخسائر الحقيقية تأتي مما يصعب متابعته ، فيذكر مثلاً ما ينسبه إلى بنك " إسرائيل المركزي " من أن " الولايات المتحدة الأميركية " قامت بالثمانينات بتعويم البنوك الصهيونية من أزمتها وكلفها ذلك حينها ما بين 10 ـ 12 مليار دولار أمريكي ولا يعتقد أنها أموال استردت أو يمكن استردادها.

ومثال آخر وهو ما قدمته " الولايات المتحدة " من ضمانات بنكية بحدود 10 مليارات دولار أميركي يعتقد بأن نحو 7 مليارات دولار أمريكي منها قد خصمت ولا يعتقد باحتمالات إستردادها أيضا .

ومنها تكاليف هجرة اليهود الروس إلى الكيان الصهيوني والتي تكلف " الولايات المتحدة " الأميركية ما بين 60 ـ 100 مليون دولار سنويا.

وهناك خسائر القطاع العسكري ، فالتعاون العسكري والتقني يفرض على الولايات المتحدة الأميركية شروطا تسبب خسائر حقيقية لها بسبب منافستها للصناعات الأميركية ، ومشروعي طائرة ليفي " lavi " ونظام " آرو " للصواريخ مثالين فقط .

ويتمتع الكيان الصهيوني بخصم خاص على مشترياتها من الأسلحة تحت ما يسمى نظام " الفائض " (surplus) ..

ولإسرائيل اليد الطولى في علاقاتها مع الشركات العسكرية الأميركية ، فالشركات الأميركية مجبرة في عقودها على التعامل مع شركات صهيونية كمقاول من الباطن لتصنيع مكونات إنتاجها ، وهي عقود الأحوال العادية تشغل شركات محلية أميركية أخرى .

بالإضافة إلى ذلك مقابل كل دولار تعطيه الولايات المتحدة الأميركية بشكل معدات عسكرية للكيان الصهيوني ، تشترى مقابله ما يساوي 60 سنتاً من المعدات الصيونية . والفرق هنا طبقا " لستوفر " هو أن " الولايات المتحدة الأميركية " تدفع مالاً حقيقياً في تعاملاتها مع الكيان الصهيوني بينما هو لا يفعل ذلك .

وإلى جانب ضمان " الولايات المتحدة الأميركية " لإمدادات البترول للكيان الصهيوني حال انقطاعها ودون النظر إلى وضع الإمدادات في " الولايات المتحدة " وهو دائما يمثل تكلفة محتملة ، هناك الخسائر الكبيرة وغير المباشرة الناتجة عن العجز التجاري المستمر لصالح الكيان الصهيوني والبالغ نحو 5.5 مليارات دولار أميركي ..

أحد أسبابه مثلاً هو أن " إسرائيل " يمكنها شراء منسوجات صينية وتضع عليها علامتها وتصدرها معفاة من الرسوم إلى " الولايات المتحدة الأميركية " ، ولكن لأن الكيان الصهيوني لا يدفع نقوداً حقيقية لوارداتها عكس " الولايات المتحدة " فإن العجز أكبر من حقيقته المعلنه وقد يبلغ الـ10 مليارات دولار أميركي .

يضاف إليه كنتيجة لهذه العلاقة خسارة الاقتصاد الأميركي نحو ربع مليون وظيفة كان يمكن أن يكسبها في علاقة عادلة مع دولة أخرى.

ويقول " ستوفر " بأن المقاطعة والحصار الذي تفرضه " أميركا " على مجموعة من الدول حول العالم موجه في معظمه للموقف من الكيان الصهيوني أو دعما له ، وأن خسارة الاقتصاد الأميركي بسببه تتراوح ما بين 20 ـ 25 مليار دولار أميركي وتسبب في فقدان 500 ـ 600 ألف وظيفة كان بإمكان الشركات الأميركية خلقها لو لم يحدث ذلك .

ويعتقد " ستوفر " أن هذا مبرر فقط من وجهة نظر الساسة الأميركيين والذين يمثل دعم الجالية اليهودية البالغ 20% ـ 40% من تكاليف الحملات الانتخابية لهم وتقدر بعشرات المليارات ، ولكن لا يعتقد بأن ذلك في صالح الشعب الأميركي ، ولابد من معرفة رأيه عندما تناقش حقيقة تكاليف الدعم للكيان الصهيوني وهي في تقديره لاتنشر وغير معروفة ..

ومن ناحية أخري بلغ حجم الخسائر الفعلية للشركات الأمريكية في الدول العربية نتيجة حملة المقاطعة الشعبية خلال شهر أبريل 2002 فقط حوالي 250 مليون دولار .

وانخفض حجم أرباح شركة "أمريكانا" بنسبة 10% في عام 2001 مقارنة بعام 2000م.

وخسرت شركات " ماكدونالد " ، وشركات المياه الغازية وفى مقدمتها "كوكاكولا"نحو 80% من زبائنها خاصة في الآونة الأخيرة نتيجة حملات المقاطعة ..

وأشارت إحصائية رسمية نشرتها الصحف البريطانية والأمريكية إلى تعرض الشركات الأمريكية والغربية في الدول العربية لخسائر كبيرة نتيجة للمقاطعة الشعبية التي بدأت مع اندلاع الانتفاضة ، حيث انخفضت " الكوكاكولا " في الإمارات المتحدة بنسبة 20%، وانخفضت مبيعات الوجبات الأمريكية السريعة " ماكدونالدز " في مصر بحوالي 35%، فيما انخفضت مبيعات شركات " إيريال " الأمريكية للمنظفات بنسبة 25% . وقد ذكر مسئولون في غرفة المنشآت السياحية المصرية أن المطاعم الأمريكية تواجه كسادًا متزايدًا ، أدى إلى انخفاض عائدات مبيعاتها بنسبة 35% وخاصة مطاعم " كنتاكي " و"ماكدونالدز " ، ومُنيت هذه المطاعم بخسائر مماثلة في السعودية والخليج ؛ مما دفعها للإعلان عن تخصيص 18 بنسًا من كل وجبة للمستشفيات الفلسطينية ، لإدرار التعاطف معها لمحاولة منع حدوث أية خسائر أخرى .

وأكد "محمود جيران" -مدير شركة مواد التنظيف- التي تعمل بترخيص من شركة procter Gamble الأمريكية ، أن مبيعات الشركة من المنظفات مثل " إيريال " وغيرها انخفضت ما بين 20 و25% بسبب المقاطعة .

وقد أكد خبير اقتصادي عربى من مؤيدى مقاطعة السلع الاميركية في العالم العربى: أن حملة المقاطعة حققت بعض أهدافها وألحقت أضراراً بالغةً بالاقتصاد الاميركي الداعم الأول للكيان الصهيوني , وأضاف المصدر أن الاحصاءات المتوافرة اثبتت أن خسائر الشركات الاميركية من المقاطعة في دول مجلس التعاون الخليجي ومصر بلغت 200 مليون دولار في شهر ابريل 2002 فقط , وأشار إلى أن هناك حديثا حول أن محلات "ماكدونالد " خسرت في مصر 80% من أرباحها وأن شركة " كوكاكولا " خسرت في مصر وحدها 260 مليون جنيه فيما انخفضت قيمة أصولها بنحو 100 مليون جنيه مصري . هذه أهم الجوانب التي تبرز حجم الخسائر التي تنهش في الإقتصاد الأمريكي جراء دعمهم ووقوفهم مع إسرائيل ....

الخاتمة

كان هذا تقريرًا موجزًا يقتصرُ على مقتطفاتٍ مما اعترف العدوُّ به ، ومعلومٌ حرص العدو على تقليل حجم الخسائر للمحافظة على بقية سمعة اقتصاده المنهار.ومن تأمُّل هذا التقرير تعلم سطحيَّة القول بأنَّ آثار الغزوة المباركة كانت آثارًا يسيرةً ، أو أنَّ أمريكا استطاعت تجاوزها ، كلُّ ما في الأمر أن أمريكا تمالكت نفسها قليلاً ، واستعانت بما تملك من اقتصاديين وخبراء استطاعت بهم أن تؤخّر انهيارها قليلاً.

على أنَّ زوال أمريكا أمر يقيني مستمد من سنن الله الكونية قبل أن يكون تحليلاً اقتصادياً أو سياسياً ، وما زوالها إلاَّ مسألة وقت بإذن الله ولو لم تتعرَّض لضرباتٍ أُخرى ، إلاَّ أنَّ شباب الإسلام يُعدُّون لها بحول الله وقوَّته ما لا يصمدُ أمامه شيءٌ من استعداداتهم واحتياطاتهم بإذن الله.

والاقتصاد الربويُّ الهشُّ ، منذُ سنواتٍ عديدةٍ ، وهو يُنادي المسلمين ، ويُرشدهم إلى قتله وينادي : يا مسلم ، هذا يهوديُّ ورائي تعال فاقتله ، وقد وعد الله أن يمحق الربا ، فرمى المجاهدون وما رموا إذ رموا ولكنَّ الله رمى ، فكان ما ترون.

ولعل في هذه الصفحات رسالة إلى الأمة ، لتنظر ماذا فعلت هذه الفئة القليلة الصابرة ، وماذا أجرى الله على أيديهم من نصر للإسلام ، وكسرٍ لأعداء المسلمين ، مما شرحت لنا الأرقام بداياتِه ، وأخبَرَتْ عما يُتوقَّعُ في نهاياتِهِ.

وفيها رسالةٌ إلى من يزعم عن غير علمٍ ولا معرفةٍ : أنَّ المسلمين عاجزون اليوم عن الجهاد ، لا يملكون مفاتحه ولا آلاتِه ، وأنتَ ترى هذا الثَّغر العظيم في اقتصاد العدوِّ مفتوحٌ عن مقاتلِ الكفرة ، لم يصرف الناس عنه فيما مضى إلاَّ تخذيل المخذّلين وتضليل المضلِّلين.

نسأل الله أن ينصر المجاهدين ، وأن يمكّنهم من رقاب عدوِّهم ، ويهديهم إلى ثغورِهم ، والله أعلم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

خبير تقني في هندسة النظم – استاذ محاضر في مؤتمرات العلوم العربية

WWW.SRMDNET2.JEERAN.COM

شبكة النبأ المعلوماتية - الثلاثاء 7/10/2003 - 9/ شعبان/1424