الوضع في أفغانستان يكتسب من الأهمية بسبب ما
آلت إليه الحرب من وضع سياسي جديد تعهدت الولايات المتحدة رعايته
وإعادة بناء حياته واقتصاده. ففي كابول ومن يتابع الحياة الاجتماعية
والسياسية يلاحظ أن 11/ 9/ 2001م تعني لهم انهيار النظام السابق وقيام
أخر جديد أكثر مما تعني انهيار البرجين الأمريكية. فمن جهة هناك ارتياح
عام للتخلص من عهد التزمت السابق يعبر عنه حتى الباشتونيون ممن ينتمي
طالبان إليهم، ومن جهة أخرى، ثمة قلق حيال نقص الجدية في تقديم الأموال
اللازمة لإعادة أعمار أفغانستان.
فالكثير من الأفغان الذين فروا من البلد عادوا
إليه، كما عادت النساء والفتيات إلى أعمالهم ومدارسهم وتسمع الموسيقى
في أي شارع من شوارع كابول، هي التي كانت ممنوعة كلياً تبعاً لتأويل
طالباني متزمت للإسلام...
لكن تتكاثر التقارير التي تتحدث عن عنف متزايد
في المناطق النائية، لا سيما مناطق الجنوب التي كانت معقل النظام
السابق، والمناطق الحدودية المضطربة مع باكستان ويتسآل الأفغان لماذا
لم يبذل جهد كاف لمد الأمن الكابولي إلى باقي أجزاء البلاد؟ وغالباً ما
يصاغ النقد أن الولايات المتحدة وحكومة كرزاي مهتمتان فقط بمطاردة فلول
القاعدة، وطالبان، إلا أنهما غير مهتمتين بالإفغان أنفسهم، ولهذا السبب
فالطرفان يوصفان بتغليب الاعتبارات العسكرية على تلك الاقتصادية
والتنموية.
لكن تسمع في المقابل، لا سيما في أجواء بعض
المشتغلين في القطاعين التجاري والخدمي في العاصمة من يجزم بالتحسن
النوعي، وهذا ما يمكن تلمسه في بعض المطاعم كما في بعض الشوارع
التجارية وما تشهده من حركة بيع وشراء فيما تتكاثر الأرقام التي تظهر
في الخارج عن العودة غير المسبوقة لكل تجارات المخدرات؟.
وكان كرزاي قد أعلن عن إصلاحات مؤجلة منذ وقت
طويل في وزارة الدفاع لتمهيد الطريق أمام خطة طموحة تدعمها الأمم
المتحدة لنزع أسلحة زعماء الحرب وإجراء انتخابات وتطوير الجيش الوطني
الذي لا يزال محدود العدد والعتاد.
وقالت الحكومة أن أعادة هيكلة وزارة الدفاع التي
يسيطر عليها التاجيك تهدف إلى توسيع قاعدة التمثيل فيها من الناحية
العرقية وزيادة كفاءتها وكان مرسوم قد وقعه كرزاي قد أعطى البشتون –
أكبر أعراق أفغانستان – نصيب الأسد في الوزارة لكن السيطرة ظلت في يد
وزير الدفاع التاجيكي القوي محمد قاسم فهيم بينما انتقل التاجيكي بسم
الله خان منصب نائب الوزير إلى منصب الأركان يذكر أنه تم تعيين 22
شخصية جديدة في حكومة كرزاي.
وكانت الدول المانحة للمساعدات لأفغانستان وكذلك
الأمم المتحدة تدعو لتطبيق هذه الإصلاحات منذ شهور.
وتأتي جولة كرزاي لـ(كندا وبريطانيا) الحليفتين
الوثيقتين لحكومته المؤقتة يذكر أن كرزاي سيلتقي بالرئيس الأمريكي بوش
والمستشار الألماني شرودر والرئيس الباكستاني برويز مشرف وسيتحدث أمام
اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة وقال جويد الدين أن كرزاي سيبحث
سبل تعزيز الأمن في المناطق الريفية ومن بينها إمكان توسيع نطاق عمل
قوات حفظ السلام التي يقودها حلف شمال الأطلسي إلى مناطق خارج كابول
ونشر فرق مدنية وعسكرية إقليمية إضافية لأعادة الأعمار، يذكر أن الناتو
أتخذ خطوة أولية نحو توسيع نفوذه لحفظ السلام إلى مناطق خارج العاصمة
يقوض فيها أمراء الحرب القبليون الأمن والتنمية، وقالت مصادر في الحلف
أنه وافق على طلب مشورة من خبراء عسكريين بشأن كيفية توسيع القوة
الدولية للمساعدة الأمنية، إيساف، والتي يبلغ قوامها 5500 جندي، وتساند
ايساف، جهود السلطة الأفغانية لإحلال الأمن منذ أن أطاحت الولايات
المتحدة بحكومة طالبان 2001م، ويذكر أن الحلف تولى الشهر الماضي قيادة
القوات في أفغانستان وهي المرة الأولى التي ينتشر فيها قوات خارج أوربا
وأمريكا منذ إنشائه قبل 54 عاماً.. وكان المتحدث الرسمي باسم الحكومة،
جويد الرين قد قال أن كرزاي يعتزم الآن تنفيذ خطة لنزع أسلحة نحو 100
ألف من مقاتلي الفصائل بحلول منتصف أكتوبر تشرين المقبل.. |