قدم الرئيس الاميركي جورج بوش الذي يعتزم مخاطبة
الجمعية العامة للامم المتحدة غداً، اشارة على استعداده للقبول بتوسيع
دور الأمم المتحدة في العراق فيما يتعلق بصياغة الدستور ومراقبة
الانتخابات، الا انه لم يضع التزاما محددا فيما يتعلق بالجدول الزمني
لنقل السيادة الى العراق.
وقال بوش في مقابلة مع شبكة التلفزيون الاميركية
«فوكس نيوز» اول من امس انه مستعد للسماح للامم المتحدة بمراقبة اول
انتخابات عراقية لمرحلة ما بعد الحرب. وهو ما نظر اليه المراقبون على
انه تنازل لحساب حلفاء قلقين يرغبون في تلعب الأمم المتحدة دورا اكبر.
وقال بوش «اعتقد انه سيكون من المفيد ان تقوم
الامم المتحدة بتقديم المساعدة على اعداد الدستور العراقي الجديد».
ولكنه قال انه غير متأكد من وجود حاجة الى ان تسعى واشنطن الى الحصول
على مشاركة اكبر من الامم المتحدة في الجهود السياسية لاعادة السيادة
الى العراق. واوضح «في البداية انا غير متأكد من ان علينا ان نقوم بذلك»،
مضيفا «وثانيا، اعتقد انه سيكون من المفيد ان تشارك الامم المتحدة في
صياغة دستوراعني انهم يجيدون ذلك. او ربما عندما تبدأ الانتخابات ستقوم
الامم المتحدة بالاشراف عليها. ان ذلك سيعتبر دورا اكبر».
واكد الرئيس الاميركي انه غير آسف ابدا لشن
الحرب على العراق بالرغم من العاصفة الدبلوماسية التي احدثتها الحرب
والانتقادات التي وجهت الى بلاده. وقال «سأوضح انني اتخذت القرار
الصائب وان الاخرين الذين انضموا الينا اتخذوا القرار الصائب». واكد ان
«العالم هو افضل بدون صدام حسين». ولمح بوش الى انه يتمسك بالخطة
المؤلفة من سبع نقاط التي تقدم بها بول بريمر الحاكم المدني الاميركي
في العراق والتي تنص على ان يتم تسليم السلطة الحقيقية كخطوة اخيرة.
واوضح ان «المهم في اي قرار، على كل حال، ليس الوقوف في طريق اي نقل
منظم للسيادة بشكل مبني على سلسلة من الخطوات المنطقية الا وهي (اعداد)
الدستور و(اجراء) الانتخابات، ثم نقل السلطة». وقال بوش انه يعتقد ان
مشاركة بعض الدول الاعضاء في الامم المتحدة في حل مشاكل العراق مثال
على توسيع دور الامم المتحدة في المنطقة. واوضح قائلاً «عندما افكر في
الامم المتحدة فانني افكر كذلك في الدول الاعضاء داخل الامم المتحدة
(...) وبالطبع فنحن نرغب في دور اكبر للدول الاعضاء في الامم المتحدة
في العراق». واشاد بوش ببريطانيا وبولندا اللتين تقودان فرقا عسكرية
متعددة الجنسيات في العراق، وقال ان هذين البلدين ساعدا في جعل العراق
اكثر امنا. وتقول مصادر دبلوماسية ان الرئيس بوش سوف يواجه فريقين
مختلفين من الدول، لدى مخاطبته الجمعية العامة، الاول يعتبر ان الاحداث
الجارية في العراق اثبتت صحة وجهات نظره في شأن الدعوة الى الحرب. وفي
حين تحرص ابرز دول هذا الفريق مثل روسيا والمانيا وفرنسا على اصلاح
علاقاتها مع واشنطن، فانها ترى ان القضايا الرئيسية في العالم، مثل
التخلص من اسلحة الدمار الشامل، يجب ان تعالج من خلال الامم المتحدة.
فيما تسعى الامم المتحدة الى دور اوسع في العراق،
فجر مهاجم انتحاري يقود سيارة مفخخة باكثر من 25 كيلوغراما من مادة "ت
ن ت" الشديدة الانفجار نفسه في ساحة مرأب السيارات في مقر الامم
المتحدة في بغداد، فقتل وحارسا امنياً، بعد شهر من انفجار شاحنة مفخخة
في المبنى أسفر عن مقتل اكثر من 22 شخصا بينهم الممثل الشخصي للامين
العام للامم المتحدة سيرجيو فييرا دي ميللو.
وأبدى الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان
استياءه من تدهور الوضع الامني في العراق وكلف الرئيس الفنلندي السابق
مارتي اهتيساري رئاسة "لجنة مستقلة" مسؤولة عن امن العاملين في المنظمة
الدولية في العراق. وصرح الناطق باسم الامين العام فرد ايكهارد ان عنان
"مستاء من استهداف الامم المتحدة مرة اخرى بعمل ارهابي في العراق. وهو
لا يزال يشعر بقلق بالغ من تدهور الوضع الامني في العراق".
وأبلغ الامين العام الى الصحافيين لدى وصوله الى
مقر الامم المتحدة ان خبراء الامم المتحدة يعيدون تقويم وضع المنظمة
الدولية في بغداد في ضوء عملية أمس عشية افتتاح دورة الجمعية العمومية
للامم المتحدة التي تضع في مقدم جدول اعمالها موضوع استقرار الاوضاع في
العراق بعد الحرب. وقال: "نحتاج الى بيئة آمنة كي نتمكن من العمل.
سنمضي قدما ولكن بالطبع اذا استمر تدهور الموقف فستتعطل عملياتنا الى
حد بعيد".
وستعمل اللجنة برئاسة أهتيساري خصوصا على درس
الاعتداء الذي استهدف في 19 آب فندق "القناة" حيث مقر الامم المتحدة في
بغداد. وقال ايكهارد ان اللجنة ستبحث في العلاقات بين المنظمة الدولية
وسلطات التحالف الاميركي - البريطاني في المجال الامني ومسؤوليات الامم
المتحدة في مجال حماية موظفيها. كما ستكلف اعطاء توجيهات من اجل تجنب
حدوث مثل هذه الاعتداءات مجددا.
وكانت الجمعية الممثلة للعاملين في الامم
المتحدة طلبت انشاء لجنة مستقلة للتحقيق في الظروف الامنية في العراق.
وقد أجلي القسم الاكبر من الموظفين الاجانب بعد الاعتداء الاول.
وسيساعد اهتيساري، وهو ديبلوماسي محنك، في الامم المتحدة كل من نائب
رئيس الشرطة الوطنية الايرلندية والرئيس السابق لشرطة الامم المتحدة
بيتر فيتزجيرالد والضابط في الجيش الفنلندي البريغادير جنرال ياكو
تانيلي اوكسانن والخبير في جامعة هارفرد كلود برودرلين من اجل كشف
ملابسات التفجيرين.
وجاء تعيين اهتيساري عقب شكاوى من انه لا ينبغي
ان تحقق المنظمة الدولية بنفسها في الامر. وترددت اسئلة عن دواعي وجود
هذا العدد الكبير من الموظفين في بغداد على رغم ان المنظمة الدولية
تعمل وفق "المستوى الرابع" وهو وضع امني يحتم انسحاب جميع الموظفين غير
الضروريين. |