ذكرت دراسة حديثة أن نحو ثلاثة من كل أربعة منازل يمتلكون واحدا أو أكثر من أجهزة الكمبيوتر الشخصية في سنغافورة البارعة في التكنولوجيا. وترتفع الارقام الواردة من هيئة تنمية إتصالات المعلومات بنسبة  68 في المئة عن عام 2002. وقالت الهيئة ان هناك وعيا كبيرا بين العائلات عن أهمية استخدام تكنولوجيا المعلومات وبرامج التعليم الوطني.. كما ساعدت الصفقات المالية الجذابة على تزايد دخول الانترنت إلى المنازل. وأسفرت خطط نظام الاشتراك الشهري لخدمة الانترنت الممكن تحملها إلى اشتراك  40 في المئة من المنازل التي جرى استطلاع آرائها في النظام العام الماضي 2003 مقارنة بنسبة  24 في المئة عام 2002.

 

إنَّ سكينةَ القلبِ تُوجبُ الاتزانَ في التفكيرِ، وهو بدورهِ يوجبُ التحرُّكَ الصحيحَ نحوَ الأهدافِ الرفيعةِ.

ايران في جولة ثانية: انكشاف اوراق اللعبة.. انتخاب السيئ لتفادي الاسوء
إغلاق صحف إيرانية جديدة بسبب إشكالات الانتخابات الأخيرة
استجواب صدام واعوانه تمهيدا للمحاكمة الكبرى
إنجاز 70 - 80% من صياغة الدستور العراقي الجديد
75 بالمائة من الفلسطينيين يؤيدون تخلي حماس عن العنف
ندوة الوثائق التاريخية للقدس محاولة عقلانية لإيقاف تهويدها
التغذية السليمة تضمن للانسان ذاكرة نشطة حتى سن التسعينات
 
 
 
 

 

نظرة الى المجتمع الرقمي العالمي

الباحث السوري : هشام محمد الحرك

تشكل شبكة الإنترنيت منذ تسعينيات القرن الماضي أساساً متنامياً، كماً ونوعاً، لمجتمع المعلومات الرقمي العالمي، وهي شبكة متطورة ومزدهرة باستمرار، ولم يكن يخطر ببال أي من العلماء الذين أشرفوا على بناء التجربة الأولى لهذه الشبكة (أربانت) أن تصل الشبكة التي وضعوا لبناتها الأولى إلى هذه المستويات النوعية والكمية التي وصلت إليها، فقد تجاوز عدد مستخدمي الشبكة رقم /391/ مليوناً، ومن المتوقع وصول عدد المستخدمين عام 2003 إلى /774/ مليوناً، وأمام هذا الحشد الهائل من المشتركين الذين يستطيعون في أية لحظة متابعة كل شيء بدءاً من البرامج المدرسية بالقرب من منازلهم، وحتى الأخبار الاقتصادية أو وقائع المؤتمرات العلمية التي تعقد على الجانب الآخر من الكرة الأرضية، فإن أي مشترك على الشبكة يستطيع الإدعاء أنه جار لأي مشترك آخر في العالم، حيث أن رسائله تصل بثوان معدودات، كما يمكنه متابعة كل ما يحدث من تطورات لدى هذا الجار عبر موقعه الشخصي أو المهني، ومن هنا أصبح يحق لنا أن نطلق على الإنترنيت تسميات عديدة: العالم السيبراني ـ الشبكة العالمية ـ الفضاء الرقمي·· إلخ، ولكننا سنعالج هذا الموضوع هنا انطلاقاً من أنها تشكل مجتمعاً رقمياً عالمياً، وهذه المسألة تثير مشكلات أخلاقية عديدة، فقد أطلق محبذو الإنترنيت على شبكتهم اسم (القرية العالمية) انطلاقاً من أملهم في أن تسودها روح المسؤولية الجماعية التي تتحلى بها القرية، إلا أننا نرى أن هذا الأمل، وإن كان مشروعاً، فهو لا يعبر عن الواقع الحالي بدقة، وهو الذي نستطيع أن نصفه بدقة أكبر إذا أخذنا تسمية )المدينة العالمية)، حيث يلتقي الإنسان أشخاصاً عديدين لايعرفهم، ويستطيع أن يناقشهم ويحاورهم ويتعرف إليهم، وقد يجري معهم صفقات اقتصادية· كما أن الإنترنيت شبكة لايقودها مركز واحد بل هي شبكة يتمتع فيها الجميع على قدم المساواة بالحقوق نفسها، وهي شبكة لا توجهها أية جهة سواء من حيث مضمون المواقع أو شكلها، وكل ذلك أشبه بطابع المدينة منه بطابع القرية· وتعاني هذه المدينة الكونية التي تشكل المجتمع الرقمي العالمي من مشكلات متزايدة تقنية وأخلاقية واجتماعية، وتشريعية، فلا يوجد تشريع واحد يمكن تطبيقه على الإنترنيت حتى لو اتفق عليه معظم سكان العالم، فهي شبكة لا يحكمها أحد، وفي هذه الحالة سيكون ميثاق الشرف لمجتمع المعلومات هو العامل الأهم في تطوير الشبكة باتجاه اجتماعي أخلاقي مفيد للمشتركين وللمجتمع الرقمي العالمي كمجموع· ونستطيع تصنيف المشكلات الرئيسة في الشبكة إلى عدة قضايا نوجزها فيما يلي:1 ـ حماية الخصوصية وحقوق الملكية الفكرية: عولجت في جزء سابق من هذا البحث· 2 ـ التعددية الثقافية واللغوية والفجوة الرقمية: عولجت أيضاً في جزء سابق من هذا البحث·3 حماية الشبكة من التلوث: يستغل بعض المشتركين حرية الإنترنيت المفتوحة، فيؤسسون مواقع مسيئة، سواء من حيث المضمون الجنسي الفاضح المسيء إلى الاحترام الاجتماعي، أو من ناحية التحريض على العنف وزرع روح الحقد بين الناس، وهناك بعض المواقع تشجع على الانتحار، وقد اتفقت مشتركتان مداومتان على مشاهدة هذا الموقع على الانتحار وقامتا بتنفيذ ذلك·· كل ذلك يلقي على المجتمع العالمي الافتراضي الموجود ضمن الشبكة، وعلى المجتمعات الأرضية الحقيقية للشعوب المتعددة مسؤولية أخلاقية كبيرة لايمكن تجاهلها· وقد حاولت بعض المدن أو الأحياء في الولايات المتحدة حل هذه المشكلة عبر تأسيس شبكات مغلقة تتصل مع الإنترنيت عبر بوابات يمكن التحكم بها جيداً، كما حاولت جهات أخرى حل المشكلة بإنشاء مواقع لتقييم المضمون الفكري والأخلاقي على الشبكة بما يتيح للمشتركين الوصول إلى المعلومات الجيدة مباشرة دون التعرض للمرور عبر مواقع تتسم بالتفاهة أو الإساءة أو نشر العنف والجنس والحقد، إنها مسؤولية أخلاقية وقانونية كبيرة من أجل العمل على حماية الشبكة· 4 ـ تدعيم الثقة بشبكة المعلومات الدولية: يصادف المشترك أثناء تجوله في الشبكة مواقع تنشر معلومات غير صحيحة وغير موثقة، وبغض النظر عن وجهة نظر صاحب المعلومة أو وجهة نظر الباحث المشترك، فإن المشكلة الأولى تبقى دائماً في أن المشترك لايستطيع أن ينقل عن الإنترنيت ما قرأه لأنه لايثق به· وهكذا نرى أن مسألة الثقة هي الأساس في الاستفادة من الإنترنيت، فما الذي نحققه من فائدة من ملايين النصوص إن لم تتوفر الثقة للاعتماد على المعلومات الواردة فيها إلى درجة الاستشهاد بها في دراسات مهنية أو رسمية؟ وتبرز هنا مشكلة أخلاقية وعملية وعلمية في الوقت نفسه، فكيف نضمن الثقة دون أن نخرق حرية انسياب المعلومات؟ وكيف نضمن حق كل مشترك في وضع مايريد دون أن يتسبب بذلك بإيذاء أشخاص آخرين خطؤهم الوحيد هو ثقتهم بالمعلومات التي وضعها؟ 5 ـ حماية الشبكة من التخريب والسرقة: تعد حماية الملكية الشخصية من أهم الواجبات الأخلاقية الاجتماعية، فمنذ حمورابي وفي جميع الديانات السماوية نجد أمراً واحداً يأتي في المقدمة لاتسرق، ولاتقتصر حماية الشبكة على الملكية الفكرية، بل إنها تشمل أيضاً الأموال العامة والخاصة التي يجري تداولها بمئات ملايين الدولارات كل يوم، بل كل ساعة على الشبكة، ويشمل ذلك مواقع المصارف العالمية التي تتعرض أحياناً للاعتداء، كما يشمل المواقع والمعلومات التي تم تحميلها بكلفة باهظة فيتم تخريبها دون أي سبب معلوم، كما يشمل ذلك حماية نظم المعلومات الإدارية من التخريب، وكل ذلك يحمل المجتمع الرقمي العالمي مسؤوليات أخلاقية متزايدة ، وإزاء كل هذه المشكلات المتفاقمة والخطيرة، والتي لايمكن أن تحسم بقانون أو تشريع، حتى لو أقرته معظم دول العالم ومجلس الأمن في الأمم المتحدة والجمعية العمومية، ولايمكن لأي حل أن يكون وافياً وشاملاً بقدر قوة الإقناع والالتزام الطوعي بأسس واضحة يقرها جميع المشتركين ويعملون معاً على ترسيخها ونشرها، فإننا ضمن هذا الإطار نقترح بعض الأسس التي يمكن تضمينها في ميثاق أخلاق مجتمع المعلومات نوجزها فيما يلي: ـ إن الحفاظ على شبكة المعلومات العالمية من التلوث بالنصوص والمشاهد المسيئة للمجتمع يشكل هماً مشتركاً لجميع مستخدمي الشبكة وهم بذلك يتحملون المسؤولية الأخلاقية الجماعية للحفاظ على الشبكة نظيفة ومفيدة للجميع· ـ تعد شبكة الإنترنيت مجتمعاً عالمياً مشتركاً لكل سكان الأرض، وإن من يبدأ بثقب هذا القارب إنما يسيء لنفسه بقدر إساءته إلى الآخرين، فكما يستطيع هو أن يخرب مواقع الآخرين أو يعتدي على ملكياتهم أو يتجسس عليهم، كذلك يستطيع الآخرون أن يقوموا بالشيء نفسه، وبالنتيجة يتدافع المستخدمون نحو نهاية محتومة لهذه الشبكة، ولذلك يتحمل المشتركون جميعاً مسؤولية أخلاقية جماعية، وهذه المسؤولية لاتنحصر فقط بالامتناع عن إيذاء الشبكة، بل وبمنع من يحاول ذلك من خلال نشر الوعي حول الأهمية الأخلاقية للسلوك الشخصي والجماعي في شبكة الإنترنيت· ـ من أهم المبادىء الأخلاقية لمجتمع المعلومات الرقمي العالمي المتصل بالشبكة تحويل هذه الأداة الجديدة للمجتمع الجديد إلى أداة للحوار والتفاهم والعمل والعلم والتبادل الاقتصادي والمعرفي بما يحقق الفائدة المشتركة للجميع ويتطلب ذلك دعم الشعوب الفقيرة من أجل تحقيق الإستفادة المثلى من الشبكة العالمية، كما يتطلب ذلك دعم الشرائح الاجتماعية المعزولة عن التقنيات الحديثة بهدف دمجها بالشبكة تحقيقاً لمبدأ الفرص المتساوية للجميع في مجتمع المعلومات العالمي·ـ إن وجود الشبكة العالمية بصفتها مجتمعاً رقمياً عالمياً يجب ألا يمس الوجود القومي لشعوب البلدان النامية، ولايعرض مصالحها وثقافاتها للخطر، ذلك أن الحفاظ على ثقافات شعوب البلدان النامية ومصالحها الاقتصادية يعد مصلحة عليا مشتركة للبشرية، كما يعد في الوقت نفسه واجباً أخلاقياً جماعياً لسكان الأرض، وعلى الأخص للبلدان المتقدمة تجاه البلدان النامية·

شبكة النبأ المعلوماتية - الثلاثاء 23/9/2003 - 26/ رجب/1424