مع انقضاء دور الانعقاد الأول من الفصل التشريعي
الأول لمجلس النواب ، باتت مختلف الكتل والاتجاهات تبحث عن أفضل الطرق
والأساليب لتطوير أدائها والارتقاء ببرامجها ، ويمكن لتلك الكتل
الإسهام بفعالية في تعزيز قوة وعمق تأثير المجلس من خلال منح الأولوية
لتبني الدفاع عن قضايا الوطن والمواطنين جميعاً ، عبر السعي باتجاه سن
التشريعات والقوانين التي تمكن من نيل جميع أبناء هذا الوطن للحقوق
الدستورية الخاصة بتوفير العمل اللائق والمساواة في الحقوق والواجبات.
ولهذا الهدف بالذات – وليس سواه- كانت الغاية والمبرر لوجودنا كنواب
وطنيين مدعومين من القوى التقدمية والديمقراطية وبمؤازرة بدأت تتسع من
مختلف الفئات الشعبية ،ولذلك فإن وجودنا في المجلس ليس من أجل رصف شارع
أو إنارة عمود كهرباء – على أهمية ذلك- ولا مجاملة لوزير أو مسؤول.
وأن الوعود التي قدمها النواب للناخبين وأبناء
الوطن جميعاً في مناقشة الأولويات الجوهرية التي ترفع من شأن الوطن
وتعزز حقوق المواطنين وتصون كرامتهم، وتنمي الاقتصاد والتنمية وتصون
حقوق الإنسان والحريات على هذه الأرض الطيبة، يجب أن تكون ديدن المجلس
في دور الانعقاد الثاني الذي سوف يبدأ في 14 أكتوبر 2003.
وليس – الانشغال ولا الاشتغال – بطلب الاعتذارات
من النواب كلما اختلفنا في بحث القضايا الجوهرية. فسمة المجالس
البرلمانية المنتخبة شعبياً هي الحديث الصريح- لا المداهن- الذي يعلي
من شان الوطن وأبنائه وليس الصمت ، بل المداولة والنقاش وإبداء الرأي
الحر والنقد الهادف البناء داخل جلسات المجلس وخارجه، وبمختلف السبل
المتاحة، من ندوات ومحاضرات ومقالات وكل ما من شأنه أن يوضح رأي النائب
في المسائل المعروضة على ساحة العمل السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
فبالنقاش العميق- لا الصمت- تتبلور الأفكار
والموضوعات. وحتى لا نجعل من مجلسنا فقط حلقة لرفع الأيدي بالموافقة أو
المعارضة، بل يجب أن يسبق ذلك المداولة- وأن اختلفت الآراء وتباينت –
فهي التي تقدم الصورة الحقيقية لمكانة وعمل المجلس ليتم بعد ذلك
تقديمها على شكل مشاريع بقوانين أو مختلف الأدوات البرلمانية المعروفة.
وكنواب وطنيين نرحب دائماً برصف الشوارع وإقامة
المستشفيات والخدمات الأخرى . لكن نؤيد إقامة تلك المشاريع بعدالة وضمن
خطة تنموية وطنية في مختلف أرجاء المملكة ، فكل الوطن وجميع المواطنين
– دون استثناء وتمييز – يستحقون الرفعة والتقدم في جميع الخدمات، متى
ما ثبت بالدراسة الموضوعية حاجة أية منطقة لخدمة معينة على أسس علمية
وموضوعية ضمن برامج الحكومة والوزارات المختلفة. فكل مشروع مهما بدا
كبيراً أم صغيراً يقام في أية منطقة من هذا الوطن يسهم – من دون شك -
في رقي وتقدم أبنائه ونماء اقتصاده.
وتبعاً لذلك فمن الأجدى للبرلمان احترام تخصص
المجالس المنتخبة الأخرى – البلدية- وتعزيز إسهامها في التنمية، وتوفير
كل الأسباب لكي تتمكن من تأدية واجبها على أكمل وجه، بما في ذلك تخصيص
الموازنات وتعديل وتوسيع القوانين المنظمة لعملها إن تطلب الأمر ذلك،
وأبدت تلك المؤسسات رغبتها في هذا الأمر . أما إذا حدث خلاف ذلك واستمر
مجلس النواب في تكرار مناقشة الموضوعات المناطقية، فدعونا نتساءل جميعاً
ما الذي سنتركه للمجالس البلدية المنتخبة – هي الأخرى شعبياً- لتقوم
خصيصاً وتؤدي هذا الدور؟
ومن هذا المنطلق فإن لدينا الإصرار والعزيمة
كنواب وطنيين على استمرار طرح القضايا الجوهرية مثل مكافحة الفساد
والتمييز المستشري في المجتمع الذي يحرم اعدادا كبيرة من المواطنين من
نيل حقوقهم، ومكافحة الفقر والبطالة، والعوامل المؤدية إلى تسريع
التنمية الاقتصادية وتوفير أسس حياة آمنة ومستقرة، وتعديل الأجور
والرواتب ، من دون أن نغفل طبعاً القضية الكبرى وهي المسألة الدستورية
بعد التمهيد لذلك وبلورة موقف داعم لها مع مختلف الاتجاهات والكتل داخل
وخارج المجلس ، لأن من شأن طرح تلك القضايا أن يشكل المدخل الصحيح
لتحقيق الواجب الوطني ، بحيث يؤثر المجلس في المجتمع ويصبح ركناً
أساسياً فاعلاً فيه.
النائب الأول لرئيس مجلس النواب
- البحرين
Mhadill22@hotmail.com |