عن الإمام علي (عليه السلام): (إن الله سبحانه
فرض في أموال الأغنياء أقوات الفقراء، فما جاع فقير إلا بما مُتع به
غني والله تعالى سائلهم عن ذلك).
البشرية تعيش التناقضات. وفي الليل يبدأ النداء
والصراخ والاستغاثة، والموت منتصب في وسطها، وأجنحته السوداء تخيم
عليها، ويده الهائلة تجرف إلى الهاوية أرواحها، أما عيناه الملتهبتان
فمحدقتان إلى الشفق البعيد.
وأبناء البشرية يسيرون والمنايا تسير معهم وهم
منها مشفقون خائفون وليس فيهم من يستطيع الوقوف للتحدي فسبحان من قهر
عباده بالموت.
وكل من عليها فانٍ ويبقى وجه ربك ذو الجلال
والإكرام، لكن الفناء، بعض يفنيه الجوع.
وفي ظلام الليل ينادي أخاه وأباه وأمه والكل
جائعون لاغبون متضورون، فلا من مجيب أولاً وثانياً وثالثاً يمر الموت
بالأم وطفلها والأب وأبنائه ويصفع الكل بجناحه، فيرقدوا إلى الأبد،
وأما فيظل سائراً لا يجوع ولا يعطش ولا يشبع ولا يرتوي من التهام أرواح
البشر.والبعض يفنيه التخمة، وكثرة المأكولات اللذيذة والمتنوعة، فيسقط
ما في يديه ولا يمتلك نفسه فيلتهم كل رطب ويابس إلى أن يقع صريعاً، قد
استلمته أجنحة الموت مسكين ابن آدم لا يملأ عينيه ولا يحدّ طمعه إلا
حفنة من تراب، حقاً إن القناعة كنز لا يفنى.
وما السمنة أو البدانة إلا نتيجة لطمع الإنسان
والإفراط في الأكل بنهم كأنه ألد خصامه غير آبه لمضرات البدانة
وتبعاتها كالسكري المنتشر بكثرة وعند النساء ترفع من خطر إصابة النساء
بسرطان الثدي خصوصاً اللاتي بلغن سن اليأس لأنها ترفع من مستوى
الهرمونات الأنثوية في الدم، وتساهم البدانة في تعزيز الإصابة بأمراض
القلب والسكتات الدماغية والخمول والكسل والى كثير من الأمراض.
والعلاجات كثيرة جداً منها الخضروات والأطعمة
القليلة الدهن والسكريات لكن يبقى العلاج الشافي للطبيعة بتكرار
المجاعات خلال مراحل التطور البشري المساهم العملي في إجبار النظام
البيولوجي على تنظيم الوزن لكي يتمكن من مقاومة خسارة الوزن بدلاً من
تأمين الحماية من زيادة الوزن.
فما أجمل الإنسان عندما يفكر بالآخرين دون
أنانية، ويقنع بما عنده بل يتقاسم ما عنده مع غيره لكي يحيا معه، تلك
هي النفسيات الجبارة التي استطاعت أن تهزم أهواء النفس لتصبح مطيعة له
ويذكرنا جميعاً الأغنياء والفقراء بالتعايش المنصف والأخوة الإنسانية
حتى تنتظم الحياة ويسود العدل وتلك هي أعظم سعادة. |