المطلع على الأخبار الداخلية التي تعنى بالشأن
الأمريكي هو غير ذاك الذي عاش فترة على أرض الولايات المتحدة الأمريكية
أو الذي تواجد كمقيم لعدة سنوات في بلدان غربية شبيهة ولكن من حيث
النفس الاجتماعي بأمريكا يلمس أن انطباعاته وتحليلاته تختلف عن الذي
لدى غيره.
المتلقون لما تنقله الأخبار العمومية من داخل
الولايات المتحدة الأمريكية يصدقون ما تأتي به من خلاصات أو تفصيلات
على اعتبار عدم وجود مبرر للمغالاة حول ما تصدره دولة كبرى كأمريكا حيث
أضحت الأنظار العالمية تتجه لها ولتصريحات قياديي إدارتها ومؤسساتها
المختلفة. ولعل في نشرات الأخبار التلفزيونية والراديوية ما يمكن أن
تدع أي متابع ليكون في غنى عن تدقيق مدى مصداقية أو لا مصداقية هذا
الخبر الأمريكي مثلاً أو غيره.
صحيح أن أحداث أيلول مازال لها الأثر الذي تبني
عليه الإدارة الأمريكية العديد من ردود الفعل لديها للتعامل السياسي مع
دول العالم وتطلب الولاء لخططها الأمريكية الرسمية ضد ما تسميه
بـ(الإرهاب) و(الإرهابيين) لكن هذه الإدارة لا تستطيع أن تنسى أن
الشعوب التي تطالب بالحرية والديمقراطية بكل ما تعنيه هاتين الكلمتين
من معاني يفترض تطبيقها فإن الرابع من شهر تموز كل سنة يصادف احتفالات
عيد الاستقلال الأمريكي الذي يذكر هو الآخر بأن بقية المجتمعات ترغب هي
الأخرى أن يكون لها استقلال ولكن حقيقي وليس استقلال شكلي لدول باقية
على تبعيتها لدول أجنبية.
وإذا كان الأمر يتعلق بالوطنية الأمريكية فإن
الوطنية الحقة هي أن تكون ملكاً لكل المجتمعات كي يستمتعوا بنسائم
الحرية على أراضي بلدانهم وهذا الفسح للآخرين أيضاً هو أقصى درجة في
الوطنية.
فمما قد لا يعرف الجميع أن العملات والأوراق
المالية الأمريكية تحمل عبارة: (وبالله نؤمن) وهي عادة ما تزال متبعة
حتى الآن وموثقة على النقود الأمريكية.
والداخل الأمريكي كأي بلد آخر لا يعرف أحد ما
يجري فيه على وجه التمام إلا لدى المقيمين في أمريكا أو المتابعين
الحياديين لنشاطات المجتمع الأمريكي وتوجهاته المعاصرة المنوعة ففي
مجال التخوف من إمكانية ظهور تكساسيين جدد في كل مدينة أمريكية بظرف
انتعاش قادم أشارت دراسة حديثة إلى وجود (3.5) سلاح بين أيدي الأفراد
العاديين مقابل (226) مليون قطعة سلاح بحوزة قوات مسلحة حكومية في
العالم وفي الموازنة بين من يحمل السلاح واجباً ومن لا يجوز له حمله
تملك قوات الشرطة زهاء (18) مليون قطعة بينما تقول إحصائية مأخوذة عن
بعد أن زهاء مليون قطعة هي بيد الحركات المتمردة وأكثرها في وسط القارة
الأفريقية.
هذا وتملك الولايات المتحدة الأمريكية وحدها
زهاء (50%) أي نصف كمية الأسلحة النارية المحصاة في العالم إذ تبلغ
النسبة (84) سلاحاً لكل (100) شخص وبديهي فإن هذا العدد يعتبر ضخماً
أمام مسؤولية دولة ذات قوانين صارمة وقرارات تدعوا لمحاربة الإرهاب على
المستوى الدولي فما هو المبرر من ذلك؟! |