إلتقى سماحة آية الله العظمى السيد صادق
الشيرازي دام ظله يوم الاربعاء المصادف 28/ج2/1424 بمجموعة من نساء
الكويت الناشطات في المجال الاجتماعي والثقافي والقى سماحته خلال هذا
اللقاء محاضرة قيمة إبتدأها دام ظله بالقول:
إن من اهم الامور هو أن الانسان كيف يصنع نفسه
وكيف يبني شخصيته؟ وهذا ما نستفاده من الحديث المروي عن امير المؤمنين
عليه السلام حيث يقول: (المرء حيث وضع نفسه) فكثير من الناس عاشوا
بأعمار مختلفه وذهبوا ولكن بعضاً منهم بقى له ذكر في التاريخ وبعض لم
يبقى له أي ذكر والسبب في ذلك هو أن كل انسان يصنع لنفسه التاريخ
المشرق بنفسه.
وفي معرض بيانه لنموذج من الذين صنعوا لأنفسهم
التاريخ الناصع قال سماحته: كانت هناك امرأة تكنى بأم الامور و كانت من
خيرة اصحاب الامامين الصادقين عليهما افضل الصلاة والسلام وهذه لم تكن
في بداية أمرها من الموالين لأهل البيت عليهم السلام حيث كان أبوها
واسمه (أعين) من المنحرفين عن اهل البيت عليهم السلام ومات على ذلك وجه
ها واسمه (سنس) كان من رهبان الناصرى ومات على النصرانية، لكنها اهتدت
الى طريق اهل البيت عليهم السلام و استطاعت ان تهتدي بعد ذلك عشرة من
اخوانها الى طريق اهل البيت عليهم السلام وهؤلاء العشرة صاروا بعدها من
خيرة اصحاب الأئمة عليهم السلام وعن طريقهم وصلتنا الكثير والكثير من
الاحاديث الشرعية وفيهم: زرارة بن اعين وحمران بن اعين وبكير بن أعين.
وتابع سماحته بالقول :إن المرء يستطيع ان يصنع
لنفسه هذا التاريخ المشرق وذلك بعزمه وتصميمه وسعيه حيث يصنع نفسه
والله عزوجل يقول: (وأن ليس للانسان الا ما سعى وأن سيعه سوف يرى ثم
يجزاه الجزاء الأوفى). فالتوفيق من الله تعالى وعلى المرء أن يسعى لجذب
هذا التوفيق الى نفسه وذلك ممكن بالامور الثلاثة التالية.
أولاً: الاخلاص: على الانسان ان يجعل هدف ومبتغى
عمله هو لله عزوجل فقط وسواء نظر الناس اليه ام لا فالمهم هو أن يسعى
في عمله لنيل مرضاة الله تعالى. واذا أخلص المرء عمله لله تعالى فسيكون
أيضاً محط نظر ودعوة الامام المعصوم (عليه افضل الصلاة والسلام) وهذا
مايزيد في توفيقه.
ثانياً: العلم: إن التعبئة العلمية الشاملة
المصحوبة بالرفق واللين هي آية تمكن الانسان أن يشق طريقه الى هدفه.
فبقدر ما يؤتى الانسان من العلم يستطيع أرشاد الآخرين.
ومجالات العلم كثيرة ومتعددة فهناك التاريخ
والفقه واصول الدين والمناقشات و... وعلما ازداد الانسان علماً ازداد
تقرباً الى خدمة أهل البيت عليهم السلام وصار من خلص أصحابهم حيث إن
الامام عليه السلام قال في حق زرارة كما قال رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم في سلمان: يا زرارة أنت منا اهل البيت.
وثالثاً:التضحية: إن الذي يجعل جُل فكره
واهتمامه في مأكله ومشربه وملبسه هذا لا يحظى بالتوفيق ولكن من نذر
نفسه وضحى بوقته وراحته وماله و ... لإجل تحصيل ونشر علوم أهل البيت
عليهم السلام فسيحالفه التوفيق ويكون من خيرة الأصحاب كام الاسود.
وضرب سماحته مثالاً على التضحيه بذكر ماقامت به
ابنة الشهيد الاول قدس سره صاحب اللمعة الدمشقة التي سماها علماء نا
الاجالاء ب(ست المشايخ) وكان اسمها فاطمة وتكنى بام الحسن. هذه المرأة
الصالحة والتي كان العلماء يطرحون عليها ما أشكل من المسائل فتحلّها
لهم طلبت من إخوانها ان يكون سهمها من إرث ابيها هو أربعة كتب فقط
تركها ابوها ضمن ما تركها من الارث الكثير من العقار و الارض و المال
.و هذه الكتب لم تكن سوى القرآن الذي كان يقرء فيه ابيها وكتاب الذكرى
(كتاب فقهي) وكتاب التهذيب للشيخ الطوسي وكتاب مصباح الدعاء للطوسي
أيضاً وما كان هدفها من هذه العمل سوى الإستزادة من تحصيل علوم اهل
البيت عليهم أفضل الصلاة و السلام.
وختم دام ظله كلامه بالقول: ان أية إمرأة تجمع
في نفسها نسبة جيدة من هذه الخصال فستكون في المستقبل إن شاء الله من
أصحاب اهل البيت عليهم السلام الذين بقى ذكرهم خالداً في التاريخ. |