مازالت موجة الحر الشديد التي اجتاحت أوروبا
الأسبوع الماضي مستمرة دون هوادة، فيما انخفضت مناسيب الأنهار، وتعرضت
قضبان السكك الحديدة للانبعاج واشتعلت حرائق الغابات.
ففي أعقاب يوم شهدت فيه لندن درجات حرارة غير
مسبوقة تقريبا بلغت 35.3 درجة مئوية، تقول الأرصاد الجوية إن الأيام
المقبلة قد تشهد درجات حرارة ليست أفضل بكثير.
وقد لقي 37 شخصا حتفهم في أنحاء مختلفة من
القارة الأوروبية نتيجة الحرارة الشديدة ومن جراء حرائق الغابات.
وكانت البرتغال الأشد تضررا من جراء تلك الحرائق،
حيث أتت النيران على نحو 54 ألف هكتار من الغابات، غير أن رجال الإطفاء
تمكنوا الآن من السيطرة على أسوأها.
ويقول جيل مارتينز، مدير مركز عملية الإغاثة
الوطنية، "إن الوضع أهدأ كثيرا عما كان في الأيام الأخيرة".
ويضيف مارتينز إن حريقا واحدا فقط على بعد 180
كيلومترا شمال شرق العاصمة البرتغالية لشبونة، مازال خارج نطاق السيطرة.
وكان أكثر من 2,300 من رجال الإطفاء و700 جندي
قد انخرطوا في جهود إطفاء الحرائق.
وفي تلك الأثناء في لشبونة قال محققو الشرطة
إنهم ألقوا القبض على 26 شخصا يشتبه في أنهم أشعلوا الحرائق عمدا، من
بينهم رجل إطفاء سابق.
وتشير التقديرات الأولية لحجم الخسائر إلى فقد
نحو 20 ألف هكتار من غابات الفلين، حيث تعد البرتغال أكبر منتج للفلين
في العالم، إذ تصدر ما قيمته 880 مليون يورو منه كل عام.
في حين تنبأ علماء الأرصاد بمزيد من العواصف
الرعدية والرياح القوية في غربي كندا، وضرب إعصار إيتاو وهو العاشر هذا
الموسم جنوب غرب اليابان ما أسفر عن إصابة الكثير من الاشخاص والمنازل
وفي انقطاع التيار الكهربائي وإلغاء الرحلات الجوية. وضرب إعصار قوي
ولاية فلوريدا الاميركية وتسبب في إلحاق أضرار واسعة النطاق .
وتثير التغييرات المناخية المتطرفة انقساما بين
الخبراء فيرفض بعضهم ربطها بتنبؤات ارتفاع درجة حرارة الكرة الارضية.
بينما يقول آخرون اننا نشهد بداية كابوس ارتفاع حرارة الكرة الارضية
الذي يعتقد خبراء البيئة انه سيسبب الجفاف والتصحر وارتفاع مستوى مياه
البحار في العقود القادمة.
وقال اندي ييتمان المتحدث باسم مكتب الارصاد
الجوية ببريطانيا ان فصول صيف شديدة الحرارة مثل صيف 1995 التي كانت
تحدث مرة كل قرن ستحدث مرتين كل ثلاث سنوات بحلول العام 2100.
وتقول اللجنة الحكومية الدولية للتغيرات
المناخية ان الجفاف والفيضانات ستكون أكثر حدوثا بسبب ارتفاع درجة
حرارة الارض. وان انبعاث الغازات التي تحبس الحرارة في طبقات الجو
العليا سترفع متوسط درجات حرارة الكرة الارضية في المئة عام القادمة
بين 1,4 درجة مئوية الى 5,8 درجة مئوية.
وقالت المنظمة العالمية للارصاد الجوية بينما
درجات حرارة الكرة الارضية تستمر في الارتفاع بسبب التغيرات المناخية
فان الاحوال الجوية المتطرفة ربما تزيد وتصبح أشد وطأة.
ولكن خبراء الاحوال المناخية بالمنظمة يقولون
انه يستحيل التنبؤ بالطقس مقدما لاكثر من عشرة أيام ويحذرون من القفز
الى نتائج بان العالم يشهد ارتفاعا في حرارة كوكب الارض. وقال كين
ديفيدسون رئيس برنامج الاحوال المناخية ليست لدينا أدلة كافية نريد
أكثر من حدث أو حدثين. والصورة قد تتضح أكثر بحلول العام 2007 عندما
تستكمل المنظمة تقييمها لاسباب وتأثير تغير الطقس.
وقال بيل أوكيف عضو مجلس ادارة معهد مارشال
بواشنطن انه لا دليل على أن زيادة مقدارها 0,6 درجة مئوية في حرارة
الارض في القرن الماضي ستؤدي الى المزيد من الاحوال المناخية المتطرقة.
ويعزو علماء الارصاد الجوية الحرارة الى الضغط
العالي القادم من شبة جزيرة ايبيريا الى وسط اوروبا مع وجود منخفض جوي
في شمال افريقيا يمتد حتى شبه الجزيرة الايبيرية· ويؤدي اجتماع
الظاهرتين الى ضخ الهواء الساخن من شمال افريقيا واسبانيا الى الشمال·
وبينما سعد بعض السياح لتشبعهم بالشمس في حدائق
لندن او بالبحث عن مكان ظليل لتناول المثلجات الايس كريم في فرنسا فان
الحر والجفاف لكثير من القرويين والمزارعين في البرتغال و اسبانيا
وايطاليا لم يجلب لهم سوى التعاسة·
واعلنت البرتغال وهي من افقر دول الاتحاد
الاوروبي حالة الطوارئ· وقالت جمعية شركات التأمين البرتغالية ان
ممتلكات مؤمن عليها بنحو خمسة ملايين يورو هلكت في الحرائق·
وقال مسؤولون ان تقدير الحكومة لكلفة الدمار قد
يصدر بعد ان يقابل خوسيه مانويل دوراو باروسو رئيس الوزراء انا
دايامانتوبولو مفوضة الشؤون الاجتماعية والتوظيف للاتحاد الاوروبي
لمناقشة معونات الكوارث·
واكتسحت الحرائق اجزاء ايضا من اسبانيا· وتم
اجلاء نحو 600 شخص من ما كانيت دي لا سيلفا في الشمال الشرقي· والقي
القبض على ثلاثة اشحاص للاشتباه في انهم اشعلوا عن عمد الحرائق ومنها
حريق اكتسح ثمانية آلاف هكتار في وسط اسبانبا·
وقالت هيئة أبحاث المحاصيل الزراعية في ايطاليا
انه من المتوقع ان يكون محصول الذرة هذا العام الاسوأ منذ خمسة أعوام·
وقال روبرتو ميليتي المحلل الكبير لمحاصيل
الحبوب في هيئة ابحاث المحاصيل هذا يرجع كلية للجفاف·
وفي أسبانيا وألمانيا تلقت السلطات بلاغات عن
وفاة 19 شخصا على الاقل بسبب الحر· كما غرق شابان بريطانيان أثناء
استحمامهما هربا من الحر· وفي فرنسا حذر رجال الارصاد الجوية الناس من
ان الحر الشديد سيستمر خمسة أيام أخرى على الاقل· وكانت المقاهي في
شوارع باريس تقريبا خالية·
وجاهد بائعو الزهور في امستردام للحفاظ على
باقات الورد من الذبول حيث وصلت درجات الحرارة 31 درجة مئوية·
وتقول اللجنة الحكومية الدولية للتغيرات
المناخية التي تعتمد على تقارير علمية من مختلف أنحاء العالم في أحدث
دراسة لها ان انبعاث الغازات التي تحبس الحرارة في طبقات الجو العليا
وتخلق ظاهرة الاحتباس الحراري يمكن ان ترفع متوسط درجات حرارة الكرة
الارضية في المئة عام القادمة بين 1,4 درجة مئوية الى 5,8 درجة مئوية·
قالت المنظمة العالمية للارصاد الجوية في تقرير
الشهر الماضي بينما درجات حرارة الكرة الارضية تستمر في الارتفاع بسبب
التغيرات المناخية فان الاحوال الجوية المتطرفة ربما تزيد وتصبح أشد
وطأة· ولكن خبراء الاحوال المناخية بالمنظمة يقولون انه يستحيل التنبؤ
بالطقس مقدما لاكثر من عشرة أيام ويحذرون من القفز الى نتائج بان
العالم يشهد ارتفاعا في حرارة كوكب الارض·
قال كين ديفيدسون رئيس برنامج الاحوال المناخية
بالمنظمة ليست لدينا أدلة كافية لنقول هذا الآن· نريد أكثر من حدث أو
حدثين· وأضاف ان الصورة قد تتضح أكثر بحلول عام 2007 عندما تستكمل
المنظمة تقييمها لاسباب وتأثير تغير الطقس·
ولكن آخرين أكثر اقتناعا يقولون اننا نشهد بداية
كابوس ارتفاع حرارة الكرة الارض الذي يعتقد خبراء البيئة انه سيسبب
الجفاف والتصحر وارتفاع مستوى مياه البحار في العقود القادمة·
ولكن معلقين يتشككون في أن تغييرات مناخية
يسببها الانسان ستحدث اطلاقا· ناهيك عن انها ستقع الآن·
قال بيل أوكيف عضو مجلس ادارة معهد مارشال
بواشنطن انه لا يوجد دليل على أن زيادة مقدارها 0,6 درجة مئوية في
حرارة الارض في القرن الماضي ستؤدي الى المزيد من الاحوال المناخية
المتطرقة·
ويحذر خبراء الارصاد الجوي في النمسا من اهمال
نتائج هذه الظاهرة ويطالبون بمعالجة سريعة لها وعلى كافة المستويات
ولاسيما في مجال البحوث .
وطبقا لما جاء في دراسة لمجموعة من هؤلاء
الخبراء نشرت هنا مؤخرا فانه لاتتوافر حتى الان معلومات كافية وواضحة
حول الالية التي تعمل بها هذه التغيرات المناخية واثارها المحتملة
الاخرى .
ولم تعد حالة الطقس في النمسا على سبيل المثال
كما كانت في السابق فالفيضانات المدمرة التي وقعت العام الماضي في
البلاد والرعد والبرق الشديدين وارتفاع درجات الحرارة المفاجئ في شهر
يونيو الماضي كشفت عن قوة طبيعية كبيرة لم تكن في الحسبان .
وبهدف منع وقوع كوارث وانجرافات ارضية وتقليل
حجم الخسائر المادية والبشرية الى اقل حد ممكن يخطط العلماء
النمساويون لانشاء نظام رقابة مبكر للكشف عن موعد الفيضانات وتحذير
السكان لفترة تصل الى 50 ساعة قبل حدوث مثل هذه الكوارث حيث يعتمد هذا
النظام المقترح على تحليل المعلومات الخاصة بدرجات الحرارة و هطول الامطار
بشكل خاص .
وقال رئيس دائرة الانواء والبحوث الجوية بفيينا
ارنست رودل "ان ارتفاع درجات الحرارة والتقلبات المناخية لها علاقة
بالاستخدام المتزايد للطاقة على الارض والاحتراق الحراري وانبعاث غاز
ثاني اكسيد الكربون".
واشار الى ان البلاد لم تشهد مثل هذه التقلبات
الشديدة في الطقس ولاسيما ارتفاع منسوب المياه في نهر الدانوب الذي
يخترق اوروبا بشكل قياسي العام المنصرم الا قبل حوالي الف عام .
واوضح انه منذ منتصف القرن التاسع عشر ارتفعت درجات الحرارة في منطقة
جبال الالب التي تنضم النمسا اليها بمقدار 8ر1 درجة مئوية .
واكد هربرت فورماير من المعهد الفيزيائي بجامعة
فيينا ان النمسا تعرضت عام 1968 الى موجة برد شديدة لكن درجات الحرارة
بدات ترتفع تدريجيا ولغاية منتصف القرن العشرين وهي عودة الى درجات
الحرارة العادية . وقال ان الارتفاع الشديد في درجات الحرارة في
النمسا و بما يزيد عن 30 درجة مئوية منذ فترة السبعينات بات من الصعب
تفسيرها . وتوقع الخبير فورماير ارتفاع درجات الحرارة بنسبة 8ر5 درجة
مئوية بحلول 2100 .
وكشف هذا الخبير بان منظمة الفضاء الاوروبية
تخطط للقيام برحلة فضائية خلال عامى 2007 - 2008 بمشاركة خبراء في
الانواء الجوية من النمسا والدنمارك حيث سيقومون بتجارب لاتقتصر على
قياس درجات الحرارة والضغط الجوي بل تشمل ولاول مرة قياس بخار الماء
في الفضاء لمعرفة تاثيراته على حرارة الارض . وعلى الرغم من البحوث
والتجارب وخطط اقامة انظمة الانذار المبكر الا ان خبراء الارصاد
الجوية والبيئة يتوقعون استمرار حالات التطرف في الطقس وربما بشكل اسوا
في المستقبل ويجمعون على عجز التكنولوجيا في مواجهة هذه الظواهر
الطبيعية التي يتحمل الانسان جزءا من مسؤولياتها.
وقد كان من نتئج هذه الموجة القاسية على اوربا
بعض المظاهر الغريبة عليها:
ففي مقاطعة بريتاني الفرنسية قال المزارعون إن
ما لا يقل عن 100,000 من الدواجن لقت حتفها من جراء الحرارة المرتفعة،
فيما تم استدعاء رجال الإطفاء لصب المياه على حظائر الدواجن.
- نصح خبير نمساوي بقصر ممارسة الجنس على ساعات
الليل لتجنب احتمالات الإصابة بالسكتة القلبية مع الحر.
- أوردت محال بيع وإنتاج المراوح نفاد ما لديها
من مخزون مع شدة الإقبال في أنحاء القارة.
- اضطرت طائرة كونكورد تابعة للخطوط البريطانية
إلى التوقف في كندا لإعادة التزود بالوقود حيث تسبب الهواء الساخن، وما
ينتج عنه من ارتفاع الضغط الجوي، إلى استهلاك مزيد من الوقود.
- أشارت السلطات السويسرية إلى وجود بوادر على
ذوبان القمم الثلجية لجبال الألب، بما يزيد المخاوف من وقوع انهيارات
أرضية نتيجة تعرية الصخور.
- ارتفعت مبيعات الأيس كريم والمثلجات بشكل مطرد
في أنحاء القارة، حيث أوردت سلسة محال سينسبري ببريطانيا زيادة مبيعات
الأيس كريم بنسبة 60 %.
- مازالت الحرائق مستمرة في أنحاء مختلفة من
إيطاليا، حيث وردت أنباء عن اندلاع 350 حريقا متفرقا يوم الأربعاء وحده.
- في جنوب إيطاليا أجبر الدخان الكثيف المنبعث
من حرائق الغابات الشرطة على إغلاق طريق سورينتو-أمالفي الساحلي الذي
يمر بمناظر خلابة، لعدة ساعات.
- في جزيرة «باغ» الكرواتية حظر على السكان غسل
سياراتهم او سقاية الحدائق، والاستحمام على الشواطئ من اجل توفير
المياه.
- في امستردام، تلقى مائة شخص من مشجعي فريق «اجاكس»
لكرة القدم، الاسعافات الاولية من الجفاف والاعياء.
- في المانيا، ازدحمت الطرق السريعة (لان
السيارات تسير ببطء) وسارت القطارات في بريطانيا وكرواتيا ببطء خوفا من
الاحتكاكات في سكك الحديد اثناء ارتفاع درجات الحرارة.
- في بلجيكا، اخذ احد المستشفيات يوزع «الايس
كريم» مرتين يوميا على المرضى.. وعانت شركات تأجير القوارب من الخسائر
بسبب المحاذير التي وضعتها السلطات على ركوب الانهار التي انخفض فيها
منسوب المياه.
كما ارتفعت حرارة مياه البحر الابيض المتوسط الى
32 درجة مئوية في الايام الاخيرة اي اكثر بخمس درجات عن معدلها في مثل
هذه الفترة من السنة كما افاد مركز الاحوال الجوية في كتالونيا
باسبانيا.
ودرجة الحرارة هذه هي اعلى درجة يتم تسجيلها في
البحر المتوسط منذ 45 سنة ويمكن ان تستمر في الارتفاع حتى منتصف ايلول/سبتمبر
حين ترتفع حرارة مياه البحر عادة الى اعلى مستوى لها في المعدل السنوي.
وقال مركز الاحوال الجوية الاسباني انه يخشى على
المدى البعيد من هبوب عواصف هوجاء على ساحل المتوسط بنهاية اب/اغسطس
وبداية ايلول/سبتمبر نتيجة لالتقاء كتلة الهواء البارد بالمياه الساخنة.
وقال المركز ان موجة الحر التي تضرب القسم
الاكبر من اسبانيا والبرتغال ستمتد على الاقل حتى نهاية الاسبوع المقبل
وان معدلات الحرارة سترتفع الى اعلى من 40 درجة في معظم المناطق.
وتوقع المركز ان تكون معدلات الحرارة حول 40
درجة حتى 16 اب/اغسطس مع احتمال ارتفاعها الى 43 و44 درجة في الاندلس
خصوصا ابتداء من منتصف الاسبوع المقبل.
المصدر: وكالات، النبأ
المعلوماتية |