تشهد سوريا تزايدا في عدد زبائن التداوي
بالاعشاب والنباتات وما يسمى بـ"الطب الشعبي" وعدد بائعي الاعشاب
والنباتات الطبية.
ونظرا لهذا الاهتمام الشعبي يشهد سوق "البزورية"
المعروف في دمشق القديمة رواجا منقطع النظير لاسيما ان متاجره تتميز
ببيع النباتات الطبية والاعشاب ومركباتها التي تعالج معظم الامراض
التي تصيب الانسان.
وقال محمد الخطيب الذي ينتمي الى عائلة
دمشقية يعمل العديد من افرادها في هذه المهنة منذ مئات السنين ان
عائلته عملت بالاعشاب الطبية منذ 250 سنة وبرغم انه يحمل شهادة
جامعية منذ 1960 فانه فضل العمل في مهنة الاعشاب الطبية ولم يعمل في
مجال تخصصه العلمي لانها مهنة الآباء والاجداد.
واضاف انه من الجيل الرابع الذي عمل في هذه
المهنة التي ورثها ابنه الذي يحمل شهادة جامعية في هندسة الكهرباء
والالكترونيات لكنه فضل العمل مع والده.
وحول الاقبال الكبير على المعالجة بالنباتات قال
ان الاعشاب شيء حضاري برع فيه الآباء والاجداد منذ القدم وعالجوا
بها امراضا كثيرة.
وعزا سبب الاقبال على النباتات الطبية الى عدم
تسببها في أي اعراض جانبية كما هي الحال في الادوية الكيميائية "لكن
يظل ان طب الاعشاب برع في مجالات معينة في حين ان للطب الحديث
مجالات واسعة وهو ما لا يختلف عليه اثنان".
وقال ان "هناك امراضا لا تعالج بالاعشاب في حين
توجد امراض تفوق طب النباتات في معالجتها وبخاصة امراض المعدة
والقولون والالتهابات الصدرية والاعصاب".
واضاف ان العديد من الاطباء يوصون مرضاهم
بالتداوي بالاعشاب "وهذا يدل على الشهرة الواسعة التي تحظى بها
النباتات والاعشاب الطبية حتى بين الاطباء".
وقال بائع آخر يدعى ابو عمار دركل "زبائني
بالعشرات ويأتون يوميا من مختلف الشرائح.. هناك البسطاء والمثقفون
ومن يحمل شهادات جامعية الى جانب السياح العرب والاجانب الذين يأتون
الينا طلبا للاستشارة".
وقال آخر "برع العرب في معرفة الاعشاب وكان
المشتغل بالعطارة يسمى اصلا "العشاب" وتطورت التسمية الى العطار
بسبب الروائح التي تصدرها الاعشاب لذلك تعد هذه المهنة الصيدلية
العربية الشعبية".
والاعشاب تنمو بشكل طبيعي في مناطق جبلية وفي
السهول والوديان وفي مختلف الفصول وهناك اناس يدركون اهميتها
فيبادرون الى قطفها حسب الجزء المستفاد منها وبيعها في سوق البزورية
قبل قطعها وتقشيرها وتجفيفها حسب نوعها وتغليفها وتعبئتها.
وبدأت جهات حكومية متخصصة بالنباتات باقامة
دورات تدريبية وندوات حول المعالجة بالاعشاب وانشاء مصنع لتحضير
النباتات بصورة علمية مدروسة.
والبيئة السورية غنية بالنباتات الطبية اذ يوجد
فيها ما يقارب ثلاثة الاف نوع وكلها ذات خصائص علاجية اكتشفها
المشتغلون في مهنة التداوي بالاعشاب منذ مئات السنين او توارثوا هذه
المهنة واصبحوا يصفون لكل مرض نباتا للعلاج اضافة الى تجهيز
النباتات بشكل علمي وعرضها في محلاتهم بسوق البزورية.
ومن ابرز نباتات البادية السورية "القيصوم" الذي
يستعمل كعلاج هضمي وطارد للديدان و"الشيح" الذي تحوي ازهاره زيتا
طيارا يستعمل كمشروب يزيل الحرارة ويعالج الروماتيزم.
وهناك "الخلة" التي تغلى ثمارها ويشرب ماؤها
لادرار البول وتسكين آلام المغص الكلوي والتخلص من الحصوات الموجودة
في الجهاز البولي.
وفي المنطقة الساحلية هناك نباتات طبية تعالج
العديد من الامراض منها الحبق "البقدونس الصخري" و"البابونج"
و"المريمية" والزعتر البري والنعناع الذي يعالج امراض المعدة في حين
ان الزعتر البري يعالج التهاب القصبات وامراض الصدر.
وفي ريف دمشق هناك "الزلوع" وهو نبات جذري مقو
للاعصاب واطلق عليه البعض في الآونة الاخيرة اسم "فياغرا سوريا".
وفي سوق البزورية المتخصص بالعطارة وبيع
النباتات والاعشاب الطبية هناك العديد من الاختصاصيين في النباتات
توارثوا العمل فيها.
هشام محمد الحرك
fdhisham@scs-net.org |