رغم كل الانفتاح السائد بين مجتمعات عالم اليوم
لكن مرض العنصرية مازال ينشط في النفوس الضعيفة التي تفرق بين إنسان
وآخر دون الالتفات إلى موضوع الحق وجانب المحق.
التنديد بكافة أشكال العنصرية يكاد يكون أمراً
مفروغاً من تأييده لكن العبرة تبقى في الالتزام بتطبيق ذلك وليس
بالإدعاء به وهيئة الأمم المتحدة ما برحت تنظم مؤتمرات من أجل مناهضة
العنصرية ويأتي هذا من باب الأمل بأن العنصرية على الرغم من كونها تشكل
مأساة بين بني البشر حتى في البلد الواحد لكن العالم يمكن أن يجد لها
علاجاً.
وعلاج مرض العنصرية ممكن أن يساهم به أي إنسان
بعد مراجعة ضميرية حية لشعوره اتجاه الآخر فالاختلاف عن الآخر مسألة
طبيعية لكن البعض ممن تتملكهم صفة توجيه مشاعر الدونية ضد الآخر دون
سبب عقلاني وحتى الآن لا أحد يحبذ أن لا يسمى ممارسة العنصرية مرضاً
ولكن لماذا يمارس الإنسان العنصرية ضد أخيه الإنسان؟ إن الجميع يتفقون
أن العنصري هو مريض ويعاني من نقص في تركيبة جوهر عقله وروحه وفيها
تجرد من أي لمسة من إنسانية النظرة – الموقف إذا صح التعبير بهذا.
ففي حقل السياسة – بصورة عامة – يلاحظ أن
الأنظمة العنصرية المعروفة سابقاً مثل (جنوب أفريقيا) وغيرها لم تعد
تستطيع إشهار عنصريتها لكن آثار الممارسات العنصرية ما تزال.. موجودة
فيها إن سنين طويلة من اعتماد سياسة أي بلد على العنصرية ممكن تمحو
نهجها بين ليلة وليلة وهزيمة الأنظمة العنصرية على مستوى الدول
والحكومات ربما يكون قد انتهى. لكن ما ينبغي أن لا يغيب عن البال أن
هناك من العنصرية التي لا تتعلق بعنصرية اللون أو الأقليم أو المعتقد
الديني أو المبدأ الأيديولوجي فكل شيء في هذا العالم أصبح متعلقاً بأحد
ظاهرتين أما لمجاراة ما تفرضه السلطات الجائرة الجاثمة على الحكم
والماسكة بزمام الأمور فيها إذ تعتبر كل من لم ينتمي إلى أصفافها فهو
مارق، ويستحق العقاب الذي يصل أحياناً إلى السجن لسنين طويلة أو
التصفية الجسدية.
بديهي أن علاج العنصرية (كمرض نفسي واجتماعي) أو
هو دون ذلك قليلاً يحتاج إلى عملية تثقيف ذاتي لكل من يمارس العنصرية
اللامحسوبة وهي الظاهرة الثانية سواء كان فرداً أو جماعة أو مجتمعاً
وإن ما يمكن إثارته في موضوع العنصرية داخل البيت حين يخرج الرجل الزوج
عن سرب أفراد العائلة ويتعامل مع العنصر النسائي في بيته بعنصرية ظاهرة
لكون النساء أثاث أو يتعامل مع تفضيل طفل له على آخر مزاجاً كما يوجد
نوع من العنصرية اللامنظورة بين أبناء مدينة وأخرى حيث يتسارع من جعلوه
وجهاً أو هكذا تخيل نفسه أن ينحاز إلى بني مدينة دون غيره حتى لو كان
غير سوي تماماً وتم ذلك على حساب صاحب حق بعيد قليلاً عن حلبة صراع
الجهل ومفلسفوا العنصرية اللامبررة لا عقلاً ولا ضميراً ولا أخلاقاً. |