من أي نقطة يمكن أن ينطلق منها الحديث عن اللجوء
بعد أن غدا ظاهرة عالمية ما تزال تشهد فصولاً مختلفة بين بلد ملتزم
بقوانينه القوة المقرة من قبل هيئة الأمم المتحدة وآخر لا يرى فيه ما
يوجب أي إلزام لتنفيذه.
يقف المبرر السياسي الاضطراري لمن هو بحاجة
فعلية لمنحه حماية حياتية على رأس قائمة طالبي اللجوء في البلدان
الأخرى وطبيعي فهذا لا يقلل من معنى توفر الأسباب الأخرى للاجئين.. ففي
أفريقيا مثلاً (17) بلد يعيش شعوبها في حالة طوارئ معاشية نتيجة
لاستفحال الأزمات الاقتصادية فيها. وعدم وجود فرص للعمل هو سبب متقدم
لطالبي اللجوء ففي قارة آسيا وحدها يوجد ما لا يقل عن (21) مليون عاطل
عن العمل هذا في حين يضاف ما يربوا على (2.5) مليون عاطل سنوياً في
البلدان العربية إلى تجمع العاطلين عن العمل في حين تستثمر بعض البلدان
العربية الغنية الأيدي العاملة أو ما يسموه بالعمالة من بلدان أجنبية
وبالذات من بلدان جنوبي شرقي آسيا.
أن لمحة تاريخية على اللجوء المعاصر بشكل عام
ترجح أن نظام اللجوء قديم وبدء منذ فترة بدايات تدوين التاريخ أو كان
معروفاً لدى بعض المجتمعات كالمجتمع العربي مثلاً حيث كانت القبائل
تستقبل من يلتجيء إليها من الهاربين عن القبائل الأخرى بسبب خلاف ما
يضطر الهارب إلى الدخول دخيلاً عند مضيف رئيس عشيرة أخرى وأكيد فإن
اللجوء يرجح إلى الفترة التي سبقت تدوين التاريخ أيضاً وكم كانت أرض
شبه الجزيرة العربية مسرحاً لتقبل أمر اللاجئيين ورعايتهم عن طريق
الدور القبلي أو العشائري.
وعلى مستوى النطاق الدولي يمكن اعتبار مطلع
القرن القريب تاريخاً لبداية مشكلة اللجوء المعاصر بسبب الحروب الدولية
التي تمت سواء الحرب العالمية الأولى أو ما تبعها من مشاكل حربية بعد
ذلك في العالم لكن البحث عن الحلول المناسبة لحل مشاكل اللاجئين مسألة
ما تزال تشغل اهتمام العقول وأمام كل التطورات المتعلقة بمسألة اللجوء
واللاجئين ترتكز معظم الاهتمامات على وضع استراتيجية شاملة تخصص على:
* التصدي للنزاعات والحروب ومنع نشوبها قدر
الإمكان.
* دعم حقوق الإنسان بشكل فعال.
* القضاء على الفقر.
هذا بوقت حرصت فيه الجمعية العمومية للأمم
المتحدة على متابعة العديد من الدول وإجبارها أدبياً كي تقبل اللاجئين
إليها عبر تزويدهم بالحماية الدولية مع إيجاد الحلول الدائمة لهم وثم
ذلك بقرار صريح صدر عنها منذ سنة 1950م.
إن تعريف اللاجئين بحسب ما ورد في اتفاقية جنيف
سنة 1951م الذي يحدد من هو اللاجئ ومن هو غير اللاجئ وتزداد هذه
الإشكالية حين يطرح السؤال بالصيغة الآنفة حين يتم التفكير أن العديد
من الناس الذي يتركون بلدانهم بسبب الحروب (مثلاً) هم غير مستهدفين
بالأسم لكن أتون الحرب حين تأتي فإنها تحرق الأخضر واليابس من هنا تم
استحداث تسمية لجوء من ونوع آخر هو غير (اللجوء السياسي) وأطلق عليه
بـ(اللجوء الإنساني) ولكن مع هذا فبعض البلدان الغربية مثلاً ترفض
أحياناً منح من يطلب منها قراراً باللجوء السياسي تمنحه موافقة باللجوء
الإنساني مع علم الهيئات المحققة معه في الدولة الغربية المعنية أن
حياة طالب اللجوء في بلده بخطر فعلاً وهذا الإبهام في تحديد نوع اللجوء
يصادف أن يطال أشخاص آخرين ومن خلال المتابعة الصحفية والشخصية يمكن
التأكيد على أن أناس ما قد حصلوا على قرارات باللجوء السياسي على كونهم
معارضين لنظام معين لكنهم حتى لحظة إبلاغهم بمنح اللجوء السياسي لهم
كانوا محسوبين على النظام الذي أدعوا أنهم معارضين له.
هذا وتبتعد بعض الحكومات في البلدان النامية عن
الواقع حين لا تمنح لجوءاً سياسياً إلا لمن يوالي سياساتها – وكيفما
اتفق – ولعل هذا ما جعل النظرة إلى دوائر المفوضيات التابعة لهيئة
الأمم المتحدة العاملة في البلدان النامية بصورة عامة مدعاة للتساؤل..
ومن بين ركام الكلام المتداول عن حقيقة اللجوء
وأحقية اللاجئين تنتشر مقولة أن منح اللجوء ليس أمراً (لله بالله) بل
تقف وراءه عملية صراع معنوي خفي تريد منه بعض بلدان الغرب قبل غيرها من
الإثبات وكأنها ملتزمة تماماً بشروط اللجوء تماماً مع إصدار موافقاتها
بهذا الشأن لا تتعدى في الإطار العام أكثر من التزام جزئي مما تتطلب
مكاسب قوانين اللجوء واللاجئين المقرونة من قبل هيئة الأمم المتحدة.
ففي ألمانيا مثلاً يوضع اللاجئون الجدد بما يشبه مخيمات أو معسكرات ولا
يمنح أي منهم سوى وجبتي طعام بدلاً من ثلاث وجبات وفي بريطانيا لا يمنح
اللاجئون العُزّاب مثلاً أكثر من مقادير نقود لا تكفي لسد رمقهم حتى لو
قاموا بطبخ الطعام داخل أماكن سكنهم إلا أن ما يلاحظ في بلدان غربية
أخرى أن التفكير يتجه بصورة أكثر إنسانية للاجئين حيث تقر القوانين
مثلاً في السويد والدنمارك حصص مالية أكثر يستطيع منها اللاجئون أن
يستنشقوا الأوكسجين بصورة افضل وهم يسيرون جوالين في بلدان اسكندنافية
لا تتصدر من ناحية الإمكانات دول صناعية أكبر مثل بريطانيا وألمانيا.
المصدر: شبكة النبأ المعلوماتية |