افاد تقرير للامم المتحدة انه رغم الازدهار
الاقتصادي في التسيعنات فان نحو خمسين دولة نصفها في أفريقيا في حالة
اسوأ مما كانت عليه قبل عشر سنوات مع تنامي المجاعة وتراجع متوسط
الاعمار.
واورد تقرير السنوي للامم المتحدة الخاص
بالتنمية البشرية الصادر يوم الثلاثاء ان المعونة الاجنبية تراجعت في
التسعينات فيما زادت ديون الدول الفقيرة وزادت بشدة حالات الاصابة بمرض
الايدز وانخفضت أسعار المواد الخام وهي الصادرات الرئيسية للدول
الفقيرة.
وقال مارك مالوتش براون مدير برنامج الامم
المتحدة للتنمية الذي أصدر التقرير "خلال ما وصف بانه عقد رائع انتهى
الحال بتدهور أكبر لعدد كبير من الدول وزيادة عدد الفقراء."
ويوثق مسح هذا العام ما أنجزته 175 دولة نحو
تحقيق أهداف الامم المتحدة الثمانية للتنمية في الالفية الجديدة والتي
اتفق عليها زعماء العالم قبل ثلاثة أعوام وتتراوح بين الحد من الفقر
المدقع ووقف انتشار الايدز بحلول عام 2015.
وأصبحت 54 دولة أكثر فقرا مقارنة بالحال في عام
1990 كما ان بعضها لن تحقق هذه الاهداف لمدة خمسين عاما.
ومن المحتمل ان تبلغ الدول العربية ودول امريكا
اللاتينية والكاريبي هذه الاهداف بحلول عام 2015 إلا ان التقرير ذكر ان
20 دولة في أفريقيا جنوب الصحراء تحتاج مهلة حتى عام 2129 لتعليم جميع
من هم في سن التعليم الابتدائي وحتى 2147 لخفض نسبة الفقر المدقع للنصف
وحتى عام 2165 لخفض معدل وفيات الاطفال بمقدار الثلثين.
وطالب التقرير مرة أخرى بمضاعفة المعونات
الاجنبية إلى 100 مليار دولار سنويا وتابع ان نسبة بسيطة جدا من
المعونات الحالية وتقدر بين 50 و55 مليار دولار تنفق على تنفيذ أهداف
الالفية الجديدة.
وقال مالوتش براون "تحصل كل بقرة في أوروبا على
دعم ثلاثة دولارات في اليوم بينما يعيش أربعين بالمئة من الافارقة على
أقل من دولار يوميا."
كما يطلب التقرير من الدول الفقيرة وضع خطط
مقبولة لتحقيق الاهداف الثمانية للالفية الجديدة وتحديد الأموال
والبرامج اللازمة لانجازها.
وتابع التقرير ان دول شرق آسيا والمحيط الهادي
وفي مقدمتها الصين خفضت عدد من يقاسون من فقر مدقع إلى النصف منذ
التسعينات.
إلا ان الفقر تفاقم في آسيا الوسطى خلال العقد
الماضي اثر تفكك الاتحاد السوفيتي وكذلك في مناطق في روسيا والجزائر
ومنغوليا ونيجيريا وفنزويلا وزيمبابوي.
ويتضمن التقرير مؤشرا للتنمية البشرية يصنف
الدول حسب مستوى التعليم ومتوسط العمر ودخل الفرد.
وجاءت النرويج للعام الثالث على التوالي في
المقدمة واحتلت الولايات المتحدة المركز السابع بينما احتفظت سيراليون
بالمركز الاخير بين 175 دولة.
واظهر التقرير السنوي حول التنمية البشرية ان
الهدف القاضي بتخفيض الفقر في العالم بمقدار النصف بحلول العام 2015
يسير وفق الخطة المرسومة بفضل النمو الاقتصادي المسجل في الصين والهند
لكن افقر دول العالم لا تزال تحتاج الى مساعدة كبيرة.
واشار التقرير حول برنامج الامم المتحدة
الانمائي الى ان عدد الاشخاص الذين يقل دخلهم عن دولار واحد في اليوم
في الصين تراجع من 33% من السكان خلال العام 1990 - العام المرجعي
بالنسبة لاهداف الامم المتحدة للالفية - الى 16% عام 2000.اما في الهند
التي بدأت بتنفيذ اصلاحات تقوم على اقتصاد السوق بعد اكثر من عشر سنوات
من الصين فتراجعت هذه النسبة من 42% عام 1993 الى 35% العام الماضي.
ويشكل سكان البلدين ثلث سكان العالم البالغ عددهم ستة مليارات نسمة.
وفي المقابل تحدث التقرير عن نتائج اكثر تواضعا
بكثير بالنسبة للاهداف الانمائية الاخرى في هذين البلدين ولا سيما خفض
عدد ضحايا الجوع وعدد الاشخاص المحرومين من مياه الشرب الى النصف بحلول
العام 2015 وخفض معدل الوفيات بين الاطفال ما دون الخامسة بنسبة
الثلثين.
واكد التقرير انه "تم تحقيق تقدم ملموس" في بعض
الدول العربية وفي اميركا الجنوبية وفي الكاريبي. ولكنه قال ان تحقيق
هذه الاهداف في مناطق اخرى يظل "تحديا هائلا". وذكر التقرير على سبيل
المثال انه اذا ما اخذنا بعين الاعتبار وتيرة التقدم الحالية في
افريقيا جنوب الصحراء فان دول هذه المنطقة تحتاج الى اكثر من مائة سنة
لتحقيق هذه الاهداف.
واشار التقرير الى تراجع مؤشر التنمية البشرية
في 21 دولة. ويتم تحديد المؤشر بناء على معايير مختلفة منها معدل
الحياة ونسبة الاولاد الذين يذهبون الى المدرسة ونسبة تعليم الاميين من
البالغين والدخل الفردي. وبين هذه الدول روسيا وست من دول الاتحاد
السوفياتي السابق و14 دولة افريقيا منها جنوب افريقيا حيث يسجل اوسع
انتشار لمرض الايدز.
واوصى التقرير بهذا الشأن باعتماد استراتيجيات
انمائية لا تقوم على النمو الاقتصادي فحسب بل تسعى ايضا الى توزيع اكثر
عدالة للثروات والخدمات.
ورأى مدير برنامج الامم المتحدة الانمائي مارك
مالوك براون ان "نجاح الصين والهند لا يتوقف على المنظمات الدولية او
الجهات المانحة بقدر ما يتوقف على جهود زعيم وطني حقيقي من اجل رفع
المناطق التي تعاني من التخلف الاقتصادي الى مستوى متوسط".
وشدد التقرير على ضرورة ان تحقق الدول الغنية
الاهداف التي حددتها "قمة الالفية" لتتمكن عندها من العمل على اصلاح
الاقتصاد والمؤسسات في الدول النامية مع خفض القيود على الاستيراد وخفض
الديون او الغائها.
ويبلغ حجم الدعم الحكومي للزراعة في دول منظمة
التعاون والتنمية الاقتصادية 300 مليار دولار في العام بحسب التقرير.
ويبلغ الدعم الحكومي لمنتجي القطن الاميركيين ثلاثة اضعاف المساعدة
الاميركية لدول افريقيا جنوب الصحراء. كما ان كل بقرة حلوب في الاتحاد
الاوروبي ينفق عليها مبلغ مالي اكبر من المساعدة الاوروبية للفرد في
افريقيا جنوب الصحراء.
وذكر التقرير بان دخل الفرد في الدول الفقيرة
ال42 الاكثر مديونية يقل عن 1500 دولار في العام داعيا الدول الغنية
الى المساهمة في تخفيف ديون هذه البلدان.
واوضح التقرير ان المساعدات الحكومية التي
انخفضت بشكل متزايد خلال السنوات الماضية سجلت ارتفاعا العام الماضي اذ
بلغت 57 مليار دولار مقابل 52,3 مليار دولار العام السابق.
وختم التقرير انه حتى وان وفت الدول الغنية
بالوعود التي قطعتها خلال مؤتمر الامم المتحدة حول تمويل التنمية الذي
عقد العام الماضي في مونتيري بالمكسيك وزادت مساعدتها الرسمية بمقدار
16 مليار دولار كل عام "لن يكون هذا كافيا اطلاقا حيث يتطلب تحقيق
الاهداف مئة مليار دولار على الاقل في السنة".
هذا وتبقى النروج للسنة الثالثة على التوالي على
رأس قائمة المؤشر العالمي للتنمية البشرية التي تصنف 175 دولة بناء على
عناصر مختلفة منها معدل الحياة ونسبة الاطفال الذين يذهبون الى المدرسة
ونسبة المتعلمين بين البالغين ودخل الفرد.
وبقيت الدول الاحدى والعشرين الاولى على رأس
القائمة انما بترتيب مختلف اذ ارتقت ايسلندا الى المرتبة الثانية
متقدمة على السويد. ونشرت القائمة الثلاثاء في الساعة 12,00 ت غ ضمن
التقرير السنوي حول التنمية البشرية الذي يصدره برنامج الامم المتحدة
الانمائي منذ 1990 وهي تتعلق بنتائج العام 2001.
وتراجعت الولايات المتحدة من المرتبة السادسة
الى المرتبة السابعة بالرغم من ان الدخل السنوي للفرد فيها والبالغ
34320 دولارا هو الثاني في العالم بعد لوكسمبورغ حيث يبلغ 53780 دولارا.
غير ان الولايات المتحدة صنفت الاخيرة بين الدول
السبع عشرة الاغنى في العالم في ما يتعلق بمؤشر الفقر البشري الذي يحدد
المستويات الوطنية للفقر والامية والبطالة والاحتمال عند الولادة بعدم
تجاوز سن الستين.
واوضح التقرير انه "بالرغم من ان دخل الفرد (في
السويد) ادنى منه في الولايات المتحدة الا انها تسجل نسبة اكبر من
المتعلمين بين البالغين ونسبة اقل من الفقراء". وتابع التقرير ان "هذا
المؤشر يعكس استمرار التفاوت الاجتماعي حتى في الدول ذات الدخل المتوسط
او المرتفع".
ويسجل اكبر متوسط عمر متوقع عند الولادة في
اليابان حيث يبلغ 81,3 عاما وهي الدولة الوحيدة التي يتجاوز فيها متوسط
الاعمار الثمانين عاما. وتأتي الولايات المتحدة في المرتبة الخامسة
والعشرين مع جزيرة بربادوس في ما يتعلق بمتوسط العمر المتوقع عند
الولادة حيث يبلغ 76,9 عاما. وعند اسفل هذا التصنيف تأتي سيراليون حيث
لا يصل متوسط العمر المتوقع عند الولادة الى 35 عاما. كما ان 36% فقط
من سكان سيراليون يمكنهم القراءة. ويبلغ متوسط دخل الفرد في هذا البلد
470 دولارا بالمقارنة مع متوسط عالمي لدخل الفرد يصل الى 7376 دولارا.
والملفت ان جميع الدول الخمس والعشرين في اسفل
القائمة هي دول افريقية. كما ان ثلاثين من 34 دولة مصنفة على لائحة
التنمية البشرية الضعيفة هي دول افريقية. اما الدول الاربع المتبقية
فهي هايتي والنيبال وباكستان واليمن.
وقد دعت الأمم المتحدة في تقريرها السنوي حول
التطور البشري عام 2003 الدول الغنية لزيادة مساعداتها للدول الفقيرة،
إذا كانت تأمل في استكمال معاهدة الحد من الفقر الموقعة عام 2000.
وقالت الهيئة الدولية إنه على الرغم من التطور
الكبير في تحقيق هذه المعاهدة، إلا أن أكثر من مليار إنسان ما زالوا
يقبعون تحت خط الفقر، كما أن مستوى المعيشة في عدد من الدول لا يزال في
انخفاض مستمر.
فقد تم تصنيف تيمور الشرقية من بين الدول التي
تواجه أزمات اقتصادية عديدة، غير أن وزير الخارجية خوسيه راموس هورتا
صرح بأن هذه الدولة التي نالت استقلالها عن إندونيسيا عام 1999، حققت
تطورا كبيرا في السنوات الأخيرة بفضل الشراكة مع الأمم المتحدة.
وأوضح هورتا أن بلدا جديدا كتيمور الشرقية يحتاج
وقتا لتحسين وضعه الاقتصادي.
وقال هورتا "أعتقد أن الطريقة المثلى لتحسين
الاقتصاد هنا، هي تقريب وجهات النظر ما بين الحكومة والشعب، حيث يتعين
على الحكومة الاستماع إلى الناس وتلبية مطالبهم واحتياجاتهم."
وأضاف هورتا أن على الدول الغنية مراعاة ظروف
الدول الفقيرة والعمل على تقديم المساعدة المالية لها ومحو جميع الديون
المترتبة عليها.
وتسعى الأمم المتحدة -من جهتها- لمطالبة الدول
الغنية بمساعدة الدول الفقيرة عن طريق تعليم الخبرات البشرية بدلا من
تقديم المساعدات المالية، لجعل هذه الدول أكثر شعورا بالاستقلالية.
المصدر: وكالات |