نبّه العلامة السيد حسين الشيرازي في سلسلة
محاضراته الأخلاقية التي يلقيها في بيت آية الله العظمى السيد الشيرازي
ليلة الجمعة الماضية إلى انتهاء المرحلة الدراسية للطلاب في المدارس
والجامعات وبدء أيام العطلة الصيفية مشيراً إلى أهمية الاستفادة
الصحيحة من أوقات الفراغ إذ من الممكن تحويلها إلى أرضية خصبة للفساد
بحيث تؤثر على المجتمع بأكلمه، خصوصاً في زمن انتشر فيه الفساد بشكل
مريع إذ بوادر انتشاره ظهر حتى في المدن المقدسة كما في قوله تعالى: (ظهر
الفساد في البر والبحر).
ثم بادر بطرح سؤال مهم هو أنه في ظل هكذا أوضاع
كيف لنا أن نحفظ شبابنا من أخطار الإنحراف ونجعلهم في أمان منه؟
وأجاب عنه: هداية الشباب ومساعدتهم على تمسكهم
بإيمانهم مسؤولية إلهية على عاتق الجميع ويجب على الكل أن لا يؤول جهداً
والاستفادة من جميع الطرق والإمكانات في سبيل ذلك. والإنسان يوم
القيامة لا يمكنه الاعتراض بعدم قدرته على ذلك، لأن الله تعالى حكيم
حاشاه أن يكلّف نفساً فوق طاقتها.
واستمر في حديثه عن الأبعاد المختلفة للفساد
مبيناً كثرة عوامل الفساد ووسائله وسهولة وصول الشباب إليها مع الميول
النفسية إلى ما يسرها من اللهو واللعب بالإضافة إلى طبيعة الفساد
المؤثر في الغير من أنه فاسد واحد يستطيع أن يفسد أناساً كثيرين في مدة
قصيرة كما أن الفاكهة الفاسدة تؤثر في اللاتي إلى جوانبها.
وأشار إلى خطورة الفراغ وسرعة تأثيره قائلاً إن
شخصاً إذا بقي مدةً بلا عمل يشغله فسرعان ما تنتابه أفكار مضطربة
تحيّره وتجرّه إلى الفساد سواء كان فساداً أخلاقياً أو دينياً أو روحياً.
وقال سماحته: إن للبطالة والفراغ آثاراً مدمرة
عجيبة جداً، بحيث أن أي شخص لو بقي فترة عاطلاً خطرت الأفكار الملوثة
في ذهنه سريعاً وفسد، ولا نعني به الفساد الأخلاقي وحده بالطبع، بل قد
يعرض له الفساد الجسمي أو الروحي.
وهنا تتجلى أهمية دور الأسرة في التربية فالأسرة
التي ربّت أبنائها على أسس أخلاقية وإنسانية ودينية متينة وواعية من
الصعب أن يفسد أبنائها بهذه السهولة مقارنة بغيرها بل يمكننا القول
بعدم الخطر عليهم من المحيط الفاسد أبداً لما يملكون من مبادئ راسخة في
أذهانهم لا تتلاشى.
وأخيراً بيّن أن من أهم عوامل التربية الصحيحة
وأفضلها سلوكا مذكورة في القرآن الكريم في سورة يوسف عندما قال عزيز
مصر لامرأته (أكرمي مثواه) آمراً إياها بإكرام النبي يوسف (ع) عندما
كان صغيراً.
ولا يخفى مدى فائدة احترام الطفل أو الشاب
وآثارها التربوية على نفسية الطفل أو الشاب في مستقبل حياته اذ ربما
يكون حافزاً له طول حياته من الدخول في المفاسد فالطفل الذي يحترمه
والديه وأسرته وأقربائه لا ينجرّ إلى الفساد بسرعة وإن تخبّط به مدة
لكنها تكون قصيرة ويعود بعدها إلى أصله.
فالإنسان الذي يريد أولاداً صالحين وسالمين عليه
احترام أولاده وتحسيسهم بشخصيتهم وأنهم عناصر فعالة في البيت والمجتمع.
وختم العلامة الشيرازي حديثه بالقول: إذا أراد
الإنسان أن يكون عنده أبناء صالحين فإن من أهم الطرق إلى ذلك هو
احترامهم وتقديرهم، الأمر الذي يلعب دوراً هاماً في بناء شخصيتهم. |