العلاقة الاوربية الاسلامية هي علاقة حساسة
تاريخيا وحضارية فقلما وجد التسامح في هذا البين، وتورد نشرات الاخبار
يوميا نماذج من هذا الصدام الذي يعبر عن البعد في فهم الآخر مع وجود
حكم مسبق عليه وانغلاق باب الحوار.. ولكن هناك من يعمل من اجل ان ينشر
التسامح عبر فتح بوابات الحوار والتواصل والتفاهم..
من هذا ما ذكرته دراسة سنوية رسمية حول الحالة
العنصرية في دول الاتحاد الأوروبي ان المسلمين تعرضوا الى اعتداءات
عنصرية خلال عام 2002. ودعت الدراسة السياسيين الأوروبيين للتصدي بجدية
لموجات العداء المتصاعدة ضد الاقليات الدينية والعرقية داخل مجتمعاتهم.
وأظهرت الدراسة الصادرة عن مركز «مراقبة
العنصرية والتعصب» التابع للبرلمان الأوروبي، استمرار المعدلات
المرتفعة للأعمال العدائية الموجهة ضد المسلمين في أوروبا طوال عام
2002 وبنفس مستوياتها عقب تفجيرات سبتمبر.
وأوضحت الدراسة ان مظاهر الكراهية للاسلام تركزت
في تعرض الجاليات الأوروبية المسلمة خلال عام 2002 للاضطهاد وتعديات
لفظية وبدنية واعتداءات اتجه اغلبها نحو نساء يرتدين الحجاب وشملت
الاعتداءات أيضاً عدداً من المساجد.
وضربت الدراسة مثالاً اخر للتمييز الواقع على
الاجانب عموماً والمسلمين خصوصاً بقوانين الهجرة واللجوء المشددة التي
صدرت عام 2002 بالتزامن مع الصعود القوي للأحزاب اليمينية المتطرفة
المعادية للأجانب في معظم دول الاتحاد الأوروبي.
وكشفت الدورات عن تفشي الصور النمطية السلبية
والاحكام الجزافية حول الاسلام والمسلمين بصورة غير مسبوقة في
المجتمعات الأوروبية خلال العام الماضي 2002.
كما أشارت الدراسة إلى ان حالات التمييز
والاضطهاد ضد المسلمين لم تعد مقصورة على المواطنين الأوروبيين
العاديين مثلما كانت الحال بعد احداث سبتمبر، وانما اتسعت لتضم موظفين
عموميين وإداريين من جميع الشرائح الأوروبية.
وفي المانيا تم حظر نشر كتاب يسيء للمسلمين في
ألمانيا، عنوان الكتاب هو الحرب في مدننا حيث اثار مشاعر المسلمين في
ألمانيا هذه الأيام والعنوان الثاني للكتاب هو كيف يتمكن المسلمون
المتطرفون من اختراق المانيا.
وقد أصدرت محكمة برلين حكما بوقف اصداره وتوزيعه
بعد ان رفع الاتحاد الاسلامي في برلين دعوي قضائية ضد دار النشر
الالمانية ومؤلف الكتاب هو الصحفي المعروف أودو اولفكوتة بتهمة الاساءة
إلي الاسلام والتشكيك في نيات وسلوكيات المواطنين المسلمين المقيمين في
المانيا.
ويعترض المسلمون علي الكتاب لان المؤلف اعتبر ان
كثيرين من المواطنين المسلمين المقيمين والمندمجين في المجتمع الالماني
يتخذون من حياتهم الطبيعية هذه غطاء لافكارهم المتطرفة واستعدادهم
لممارسة العنف.
وكان قد سبق هذا الحكم ارسال انذار إلي دار
النشر وأمر بوقف اصدار طبعة جديدة منه بعد ان صدر للمرة الاولي في مارس,
غير ان المشرفين عليها لم يستجيبوا لاحتياجات الروابط الاسلامية وبيعت
منه25 ألف نسخة.
وفي اطار فتح الحوار ونشر التسامح دعت وزيرة
الخارجية النمساوية بينيا فيررو فالدنر الى اجراء حوار لتعزيز
التعاون بين اوروبا والدول المطلة على السواحل الجنوبية للبحر
المتوسط.
وقال بيان صادر عن وزارة الخارجية في فيينا
مساء اليوم ان دعوة فالدنر وردت خلال اجتماع وزارء خارجية الدول
الاوروبية والمتوسطية الذي ختم اعماله مساء اليوم في جزيرة كريت
اليونانية.
واضاف ان فالدنر اعربت عن قناعتها بانه ومن
خلال الحوار الثقافي والديني يمكن تسهيل دمج الاقليات في المجتمعات
التي يقيمون فيها.
واشار الى انها شددت على ضرورة مواصلة الحوار
مع العالمين العربي والاسلامي وان النمسا استضافت العام الماضي وبدعم
من المفوضية الاوربية مؤتمرا اوروبيا متوسطيا للبحث في الدور المركزي
للاعلام في نقل المعلومات عن الثقافات والديانات الاجنبية.
وقال انها اعلنت ان مدينة غراتز النمساوية
الجنوبية ستستضيف في شهر يونيو المقبل مؤتمرا لائمة المسلمين للبحث
في الآفاق المستقبلية للديانة الاسلامية في اوروبا.
كما ذكر انها اشارت الى ان الهدف من اللقاء هو
ايجاد ارضية مشتركة للحوار يضطلع فيها المثقفون والمفكرون بدور جوهري
لتحقيق فهم افضل بين الاتحاد الاوروبي ودول البحر المتوسط المجاورة
لها.
وقال البيان ان وزيرة الخارجية النمساوية حثت
على انشاء صندوق اوروبي متوسطي يتكفل بتعزيز الحوار بين الثقافات
والحضارات بحيث يعمل كمحور لتوسيع الاتصالات بين المنطقتين.
لكن مسارح بريطانيا قد تفجر جدلا عنيفا عندما
تشهد الاوبرا فيها مسرحية عن التشدد الاسلامي. حيث يقتحم عالم الاوبرا
في بريطانيا الذي عادة ما كان يتسم بالهدوء مجالا جديدا مختلفا بعرض
يروي قصة عن متشددين اسلاميين تظهر الجانب الانساني للتطرف.
ومن المتوقع ان تثير اوبرا (المصير الواضح) جدلا
عنيفا عندما تعرض على مسرح في لندن في الخريف المقبل. فقصتها تدور حول
ليلى التي كانت ستصبح مهاجمة تفجر نفسها انتقاما لقتل والدها الفلسطيني
لكن ينتهي بها الحال قيد الاعتقال الامريكي في سجن جوانتانامو.
وابلغ ديك ادواردز كاتب النص رويترز "ما اردنا
اظهاره هو ان الارهابيين بشر يشعرون بما نشعر به."
وأضاف "رغم انه من المستحيل التعاطف مع الارهاب
اعتقد انه يتعين علينا ان نحاول فهم ذلك من اجل المستقبل."
وجاءت فكرة هذه الاوبرا من المؤلف الموسيقي
الانجليزي كيث بورشتاين بعد هجمات في نوفمبر تشرين الثاني على مطار في
كينيا. وكان قد كتب من قبل عملا لاحياء ذكرى محارق النازي.
وابلغ بورشتاين رويترز مشيرا الى المزاعم التي
لم تتأكد بعد بشأن برامج الاسلحة العراقية "بعد تفجيرات كينيا بدأت
اشعر باننا نطعم عفنا من الاكاذيب بشأن حقيقة ما يحدث. وتصاعدت عمليات
الكذب فيما يبدو الى ذروة مجنونة بغزو العراق."
وفي حين تركز الاوبرا على قصة ليلى والدراما
النفسية المحيطة بجماعة ارهابية غير محددة الا انها تعد كذلك عملا
سياسيا مباشرا وستتضمن تقليدا ساخرا لكلمات الرئيس الامريكي جورج بوش
ورئيس المخابرات المركزية الامريكية.
وعنوان الاوبرا مستمد من سياسة طبقتها الولايات
المتحدة في القرن التاسع عشر لتبرير توسعها في اراضي السكان الاصليين.
ولا يخشى واضعا هذه الاوبرا وكلاهما من المؤمنين
بان يكون الفن متاحا للجماهير من الجدل الذي قد يثيره عملهما.
وقال ادواردز "كنت دائما مؤمنا بان المسرح ساحة
جدال. مسرحيتي السابقة ...اثارت اعمال شغب وانتهى بها الحال الى
استجواب في البرلمان."
وتصور الاوبرا البطلة ليلى باعتبارها كاتبة
متأثرة بالغرب تدرس في لندن وتعيش قصة حب مع المؤلف الموسيقي اليهودي
دانيال ثم تتوجه الى الشرق الاوسط لتنضم الى خلية انتحارية.
ويلقى القبض على ليلى بسبب خيانة من احد افراد
الخلية وقع في حبها ولا يريدها ان تقتل. وتأخذ ليلى الى قاعدة
جوانتانامو في كوبا. وهناك تنتحر لكن ليس قبل ان تكمل كتابة عمل كانت
قد بدأته.
ويتمكن محمد احد اعضاء الجماعة المتطرفة وهو
عميل مزدوج للامريكيين من تهريب النص الى لندن ليستخدمه دانيال في
تأليف اوبرا.
وقال بورشتاين "ليلى تركت رؤية مكنتها من النظر
لابعد من عقيدتها الاسلامية المتشددة والارهاب القاتل...باتجاه نبذ
العنف."
وسيبدأ عرض اوبرا (المصير الواضح) بالة بيانو
وعدد محدود من المؤدين على مسرح صغير في لندن قبل ان تنتقل الى انتاج
ضخم في موقع اكبر.
وقبل ان تعرض بدأت بالفعل المقارنات بين هذه
الاوبرا واوبرا (موت كلينجوفر) التي كتبها بريطاني اخر هو جون ادامز
وكان موضوعها خطف السفينة اكيلي لاورو عام 1985 وقتل ليون كلينجوفر
الامريكي اليهودي المقعد والقائه من على ظهر السفينة.
وبالرجوع الى الماضي فان اعمالا شهيرة مثل (زواج
فيجارو) لموتسارت كان لها تفسيرات سياسية لكن بورشتاين اصر على ان هذه
الاوبرا لم يسبق لها مثيل في رصد الاحداث الجارية.
وقال "لا اذكر اي اوبرا تناولت مثل هذه الظروف
الراهنة بشكل يشبه تقريبا الكتابة الصحفية." |