قال محررون في صحيفة الوطن السعودية يوم
الثلاثاء ان السلطات السعودية اقالت رئيس تحرير الصحيفة اليومية
الاصلاحية البارزة بعد ان اصدر احد رجال الدين النافذين فتوى تدعو
القراء لمقاطعتها.
وقد اعلن عن اقالة رئيس تحرير صحيفة الوطن
"الليبرالية" جمال الخاشقجي بعد شهرين على تعيينه لموافقته على نشر
مقالات تنتقد المؤسسة الدينية. وقال صحافيون في "الوطن" لوكالة فرانس
برس ان السلطات العليا ابلغت جمال الخاشقجي وهو احد الصحافيين
والمحللين المشهورين في المملكة بوقف نشاطاته فورا.
جاء ذلك بعد حملة شنتها الصحيفة التي تصدر
بالعربية ضد رجال الدين ذوي النفوذ في المملكة اعتبرها صحفيون كثيرون
مؤشرا على صراع قوي بين المؤسسة الدينية المحافظة ومسؤولين من ذوي
التوجهات الاصلاحية.
وقال محررون سعوديون في الوطن التي يمتلكها نجل
الامير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي ان رئيس تحرير الصحيفة جمال
خاشقجي عزل من منصبه مساء الاثنين بعد ساعات من اصدار الشيخ عبد الله
بن عبد الرحمن الجبرين احد اعضاء لجنة الافتاء بالمملكة فتواه قائلا ان
الصحيفة تسخر من اناس "افاضل".
ولم يكن ممكنا على الفور الاتصال بخاشوقجي
للتعليق.
ونشرت الوطن مؤخرا سلسلة من المقالات النارية ضد
هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر التي تعرف بالشرطة الدينية في
السعودية التي تنفذ القواعد الصارمة للاسلام.
وينظر الى خاشقجي الذي عين حديثا رئيسا لتحرير
الوطن بوصفه صوت اصلاحي بارز في السعودية. وكتب عدة مقالات تدين التشدد
الديني بعد التفجيرات الانتحارية التي هزت الرياض الشهر الحالي وقتلت
34 شخصا.
وطردت السلطات السعودية العام الماضي ثلاثة
محررين بصحف محلية بينهم واحد من الوطن بزعم نشر مقالات اعتبرت ضارة
للمملكة.
والتقى وزير الداخلية السعودي الامير نايف بن
عبد العزيز خلال الاسبوع الحالي بعدد من كبار الصحفيين بعدة صحف سعودية
وحثهم على تجنب نشر اخبار قال انها "مضللة وتسبب ضررا".
واوضحت مصادر قريبة من الصحيفة ان امر اقالة
الخاشقجي جاء بعد نشر صحيفة الوطن انتقادات مفتوحة للاوساط الاسلامية
النافذة في السعودية ازدادت حدة بعد العمليات الانتحارية التي وقعت في
الرياض في 12 ايار/مايو ونسبت الى تنظيم القاعدة الارهابي واوقعت 34
قتيلا.
وقد تجاوزت "الوطن" في الاونة الاخيرة احد
الخطوط الحمر عندما تجرأت على توجيه نقد مباشر لهيئة "الامر بالمعروف
والنهي عن المنكر" (شرطة دينية) التي تحظى بنفوذ واسع في المملكة
والمكلفة بالسهر على الاخلاق.
وتهتم هذه الشرطة التي يبلغ عدد منتسبيها
(المطوعين) اربعة الاف رجل خاصة بقضايا تناول الخمر والمخدرات وقضايا
الاخلاق. ويعمل اعضاؤها (المطوعون) في المدن على حث المارة على ارتياد
المساجد في اوقات الصلاة والنساء على التحجب.
وهاجمت الصحف السعودية بشدة في آذار/مارس 2002
هذه الشرطة الدينية متهمة اياها بالتسبب في مقتل 15 طالبة سعودية بعد
ان منعهن المطوعون من مغادرة مدرستهم اثر نشوب حريق لانهن كن غير
محجبات. وتمت دعوة الخاشقجي نفسه قبل يومين من قبل ابراهيم الغيث رئيس
الشرطة الدينية (رتبة وزير) للتباحث بشأن مقالات نشرتها الوطن تتهم
افراد "النهي عن المنكر" بانتهاكات.
والخاشجقي هو ثاني رئيس تحرير للوطن يقال
للاسباب ذاتها. ويراس هذه الصحيفة التي اسست قبل سنتين ونصف في ابها
(عسير- جنوب) امير منطقة عسير خالد الفيصل ال سعود. وفي المقابل اعرب
مسؤول في هيئة "الامر بالمعروف والنهي عن المنكر" في مقال صحافي
الاربعاء عن ارتياحه لدعم وزير الداخلية السعودي الامير نايف بن عبد
العزيز لموقف الهيئة اثر الانتقادات التي طالتها.
وقال عبد الكريم التويجري المدير العام بهذه
الهيئة الدينية السعودية في مقال له نشر بصحيفة "الشرق الاوسط" ان
"ولاة الامر في مهبط الوحي" حرصوا باستمرار على قيام الهيئة بدورها وان
"اكبر شاهد على ذلك ما صرح به الامير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية
يوم الاحد 18 ايار/مايو في مؤتمر صحفي اذا ذكر ان الهيئة باقية ما بقي
الوطن وانها ركن اساسي في حكم الدولة الاسلامية". وتابع "هذا دلالة
كبيرة على حرصه وحبه ودعمه للآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر ورغبته
في ايضاح اللبس والخلط والتجني الذي يطال جهازا من اجهزة الدولة".
من جهة اخرى قررت وزارة الشؤون الاسلامية في
المملكة السعودية الثلاثاء وقف اكثر من 1700 من الائمة والمؤذنين
والخطباء عن العمل "لعدم صلاحيتهم" على ما افادت صحيفة "الحياة"
الاربعاء.
واوضحت الصحيفة ان الوزارة "تلقت توصيات رسمية
بطي قيد (فصل) 353 شخصا من العاملين في المساجد هم 44 خطيب جمعة و160
امام مسجد و149 مؤذنا وذلك بعد التأكد من عدم صلاحيتهم للعمل في
المساجد في حين الحقت 1357 شخصا بدورات شرعية هم 517 اماما و90 خطيبا
و750 مؤذنا".
ونقلت الصحيفة عن رئيس اللجنة الاعلامية لبرنامج
العناية بالمساجد في الوزارة الشيخ سلمان العمري قوله "ان اسباب طي قيد
هؤلاء الائمة والخطباء والمؤذنين لا علاقة لها باحداث التفجيرات
الاخيرة او باي ضغوط من هذا النوع" مشيرا الى ان بعض الاسباب تعود الى
"عدم انتظام بعض الائمة في عملهم او تقدم عدد منهم باعتذار رسمي عن
مواصلة العمل في المساجد بعد ما بدأت الوزارة حملة تقويم لهم".
واشار العمري الى ان هذه مرحلة اولى في العملية
وستتلوها مراحل اخرى موضحا ان عملية "اعادة التاهيل المتعلقة بالائمة
والخطباء والمؤذنين" تقررت بعد الاف الزيارات التي قامت بها لجان شرعية
وفنية تابعة للوزارة للمساجد.
من جهته اعلن وزير الداخلية السعودي الامير نايف
بن عبد العزيز الأربعاء اعتقال 11 شخصا خلال الاربع والعشرين ساعة
الماضية في المدينة المنورة من المطاردين في اطار تفجيرات الرياض في
السعودية بينهم رجال دين، ونفى مقتل اي شخص كما اشارت بعض المصادر في
المعارضة السعودية.
وقال الامير في مؤتمر صحافي عقده اليوم في تبوك
(شمال غرب) "من الامس الى اليوم الاربعاء قبض على 11 شخصا بالمدينة
المنورة منهم شخص حاول ان يهرب وقبض عليه في الطريق من المدينة الى مكة
المكرمة".
واضاف ان الشخص الذي حاول الهرب "كان معه نساء
يبدو انهن زوجات بعضهم"، مضيفا ان "النساء غير سعوديات".
واكد ان "من ضمنهم (المعتقلين) علي الخضير وفهد
الخضير واحمد حمود الخالدي وناصر احمد الفهيد" وهم من الشيوخ الداعين
للجهاد.
ونفى مقتل اي شخص في عملية القاء القبض على
المشتبه بهم.
وقال "احب ان اوضح بخصوص ما قيل ان هناك اشخاص
قتلوا ان لا صحة لذلك وكل من قبض عليهم احياء ولم يصابوا بشيء. ولم
يستعمل السلاح للقبض عليهم".
وكان المتحدث باسم الحركة الاسلامية للاصلاح،
سعد الفقيه، قال لوكالة فرانس ان "الشيخين علي الخضير واحمد الخالدي
قتلا الاثنين في مداهمة لعدد كبير من عناصر القوات الخاصة السعودية
للفيلا التي كانا يختبئان فيها مع عدد من تلاميذهما الذين قتل احدهم
ايضا".
وكان العالمان الدينيان اضافة الى الشيخ ناصر
بن حمد الفهد، قررا التخفي قبيل بدء الحرب على العراق في 20 اذار/مارس.
وواصل الشيخان من مخبئهما اصدار فتاوى تهاجم
قادة السعودية الذين قدموا تسهيلات عسكرية للاميركيين والبريطانيين
وتتهمهم "بالكفر والردة".
وقال الامير نايف ان عدد الذين القي عليهم
القبض اجمالا في مختلف مناطق السعودية في اطار ملاحقة منفذي تفجيرات
الرياض 21 شخصا.
واوضح "ان المقبوض عليهم حتى الان 21 شخصا وهم
في قبضة الجهات الامنية"، مشيرا الى انه "سيصدر بيان في وقت لاحق
بتفاصيل اكثر واشمل".
وفي سياق آخر نددت منظمة العفو الدولية في
تقريرها السنوي "بالانتهاكات الخطرة" لحقوق الانسان في المملكة
السعودية التي شهدت اعدام خمسين شخصا سنة 2002.
وقال التقرير "مثل السنوات السابقة سجلت
انتهاكات خطرة لحقوق الانسان. وزادت من حدتها السياسة الحكومية في مجال
مقاومة الارهاب التي اعقبت اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر 2001 في الولايات
المتحدة".
وبحسب المنظمة فان "عدة مئات من الناشطين
الدينيين المفترضين ومن منتقدي النظام اعتقلوا (..) والمرأة لا تزال
ضحية تمييز شديد (..) كما لا يزال اللجوء الى التعذيب والمعاملة السيئة
شائعا". واشار التقرير الى ان "المنظمات الدولية غير الحكومية للدفاع
عن حقوق الانسان لم يسمح لها بزيارة البلاد. ولم ترد الحكومة
(السعودية) على اي من المسائل التي تبعث على القلق والتي اثارتها منظمة
العفو الدولية خلال سنة" 2002.
واكدت المنظمة ان "حملات الاعتقال التي بدات اثر
اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر 2001 تواصلت (..) وان الحكومة بررت هذه
الحملات باشارات مبهمة الى (الارهاب) وبالاشارة الى "الاشتباه بوجود
علاقات مع القاعدة".
وقالت العفو الدولية ان "سجين راي سابق مفترض
افرج عنه في شهر آذار/مارس اكد انه تم ربط رجليه ويديه بالحديد وتم
ضربه ومنعه من النوم". واشارت المنظمة ايضا الى حالتي الكسندر ميتشل
ووليام سمبسون البريطاني والكندي اللذين حكم عليهما بالاعدام
لمشاركتهما في اعتداءات بالمتفجرات سنة 2000 في المملكة. وقالت منظمة
العفو ان محاميهما "صرحا ان موكليهما كانا ضحية تعذيب بدني ونفسي لدى
استجوابهما".
المصدر: وكالات |