منح فيلم الفيل (ايليفانت) للمخرج الاميركي غاس
فان سانت المستوحى من عنف الشباب في الولايات المتحدة جائزة افضل فيلم
وافضل اخراج في مهرجان كان السينمائي السادس والخمسين. وقال فان سانت
لدى تسلمه الجائزة على مدى سنوات حاولت ايصال فيلم الى كان، انها
مكافأة كبيرة قبل ان يهتف لتحيا فرنسا. واوضح رئيس لجنة التحكيم
الفرنسي باتريس شيرو ان لجنة التحكيم طلبت الحصول على استثناء لمنح
الفيلم جائزتين لان اللجنة تنتهك بدونه قواعد المهرجان التي تمنع منح
فيلم اكثر من جائزة الا اذا كانت احدى الجائزتين عن التمثيل. والفيلم
الذي صور خلال 21 يوما في تشرين الثاني/نوفمبر 2002 في بورتلاند (اوريغون)
بميزانية متواضعة بلغت ثلاثة ملايين دولار، مستوحى من مذبحة شهدتها
مدرسة كولومباين.
ويروي ايليفانت يوميات عادية في مدرسة ثانوية
الى ان يتحول اثنين من الطلبة الى قتلة بدون دوافع واضحة. وفان سانت
ولد في لويسفيل (كنتاكي) في 24 تموز/يوليو 1952 وبدأ مسيرته في الاخراج
من عالم الاعلانات. وهو يعد من المخرجين الاميركيين الاكثر تميزا في
جيله. ومن ابرز افلامه دراغستور كاوبوي (1989) وجيري (2002) وغود ويل
هانتينغ (1997) الذي حقق نجاحا باهرا ورشح لتسع جوائز اوسكار. ونال
فيلم اوزاك للمخرج التركي نوري بيلج جيلان جائزة التحكيم الكبرى بعد
عشرين عاما على فوز التركي يلماظ غوني بالسعفة الذهبية عن فيلم يول.
وفاز التركيان مظفر اوزدمير ومحمد امين توبراك (متوفى)
بجائزة افضل ممثل مناصفة تقديرا لدورهما في فيلم اوزاك. ويتحدث الفيلم
عن شخصيتين رئيسيتين، مصور يعيش ازمة وجودية ويعاني من الوحدة ويستضيف
ابن عم له من القرية يريد المغادرة على متن سفينة بحثا عن مستقبل افضل.
ويروي الفيلم قصة التعايش بينهما ويركز على الصعوبات التي يواجهها
البشر في التواصل.
وقد توفي محمد امين توبراك في تشرين الثاني/نوفمبر
2002 في حادث سير لدى عودته من مهرجان انقرة حيث عرض فيلم اوزاك. اما
جائزة افضل ممثلة فمنحت الى الكندية ماري-جوزيه كروز عن دورها في فيلم
الغزوات الوحشية (لي زينفازيون باربار) للمخرج الكندي دوني اركان.
ويجمع اركان شخصيات طيبة وشرسة حول ريمي (ريمي جيرار) الذي يعالج في
المستشفى لاصابته بسرطان، من زوجة سابقة واصدقاء وعشيقات سابقات مع
اولادهم. وفي نظر نجليه سيباستيان (ستيفان روسو) وناتالي (ماري-جوزيه
كروز)، حل المال واجهزة الكمبيوتر النقالة او حتى المخدرات محل العقائد
والاوهام. وقال اركان مفسرا عنوان الفيلم هناك عدة غزوات، والامراض
احداها: السارز والايدز وسيكون هناك امراض جديدة. والمخدرات هي غزو
ايضا، والهجرة واعتداءات 11 ايلول/سبتمبر ... كل هذه الظواهر هي غزو
وسنشهد المزيد في بداية هذا القرن. ونال فيلم ريكونستراكشن للمخرج
الدنماركي كريستوفر بو جائزة الكاميرا الذهبية التي منحتها لجنة
التحكيم برئاسة فيم فيندرز في مهرجان كان السينمائي. كما فاز فيلم
الساعة الخامسة بعد الظهر للمخرجة الايرانية سميرة مخملباف بجائزة لجنة
التحكيم.
وهو اول فيلم عن افغانستان في فترة ما بعد
طالبان حيث تحاول امرأة شابة التعبير عن طموحاتها. وقالت مخملباف لدى
تسلمها الجائزة ان فيلمي يروي قصة امرأة تريد ان تصبح رئيسة (...) لكن
رئيس اقوى دولة في العالم هو جورج بوش لذلك افضل ان ابقى مخرجة. ونال
فيلم كراكر باغ للمخرج الاسترالي غليندن ايفين السعفة الذهبية المخصصة
للافلام القصيرة. ونال اول فيلم افغاني يشارك في مهرجان كان للسينما،
يحمل للمفارقة اسم اسامة للمخرج صديق برمك على تنويه خاص منحته لجنة
تحكيم فئة الكاميرا الذهبية. ويستحضر الفيلم حقبة نظام طالبان ويروي
رحلة مذهلة لصبية تتنكر في زي فتى كي لا تعاني ما تعانيه بنات جنسها.
واعتبر عدد كبير من النقاد الدوليين المتابعين
لمهرجان كان السينمائي ان هذه الدورة السادسة والخمسين من اسوأ دورات
المهرجان في السنوات العشر الاخيرة لناحية جودة العروض السينمائية
وطبيعة المواضيع التي تناولتها. ويرى هؤلاء ان الحرب على العراق
والاوضاع الاقتصادية الدولية التي تعاني من الجمود على اصعدة كثيرة لم
تساعد منظمي مهرجان كان على الاحتفاظ بنفس مستوى المشاركات المعتادة
والتي جعلت منه المهرجان السينمائي الاول في العالم.
كما ان عددا من الافلام التي كانت منتظرة
لمخرجين كبار ومعتادين على مهرجان تأخر انجازها ولم تكن حاضرة في موعد
انعقاده، الامر الذي ينبئ بأن يكون مهرجان فينيسيا الايطالي والذي يبدأ
مطلع سبتمبر اكثر اهمية وجذبا هذا العام.
وأعرب المخرج الامريكي جوس فان سانت الذي فاز
فيلمه (الفيل) Elephant بجائزة أحسن فيلم وهي أكبر جائزة في مهرجان كان
السينمائي لعام 2003 عن سعادته ودهشته في آن واحد لغياب أي مشاعر
مناهضة للامريكيين خلال الدورة السادسة والخمسين للمهرجان.
وأسكت فوز فان سانت الاصوات التي قالت ان مهرجان
كان قد يشهد احتجاجا على السياسة الامريكية ربما يتمثل في حرمان
الامريكيين من جوائزه. وكرر المخرج الامريكي ما قاله مواطنه الممثل
الامريكي كلينت ايستوود حين قال انه لم يتغير شيء في الكوت دازور.
وقال فان سانت توقعت المزيد من الجدل حول
القضايا السياسية الراهنة ودهشت حين لم تجر مناقشات في هذا الصدد.
تصورت ان قدرا من التوتر سيسود الأجواء.
لكني وجدت أجواء مهرجان كان كما كانت عليه في
الماضي.
الحضور الايراني في الدورة السادسة والخمسين من
مهرجان كان السينمائي الدولي لم يقتصر على فيلم سميرة مخملباف الساعة
الرابعة عصرا الذي قدم ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان، فقد شارك فيلم
ايراني آخر في تظاهرة اسبوع النقاد.
والفيلم يحمل عنوان ملاكان ووقع من خلاله
الايراني محمد حقيقة اول عمل سينمائي طويل بعد بضعة افلام قصيرة وكتاب
حول السينما الايرانية خرج في باريس قبل عامين. ويتسابق ملاكان على
جائزة الكاميرا الذهبية التي تمنح للفيلم الاول للمخرج من بين مختلف
التظاهرات.
ويروي ملاكان قصة صبي في الخامسة عشر من عمره
يريد تعلم العزف على الناي غير انه يعيش في مدينة صغيرة من ايران، تحف
بها القبور المقدسة، وفي كنف اب متزمت يحاول منعه من تحقيق رغبته على
اعتبار ان الموسيقى مخالفة لاحكام الدين.
وتصبح الموسيقى بالنسبة للصبي علي بمثابة
النافذة التي تحمل اليه الحياة والحرية والامل وتخلصه من سلطة ابيه،
لذلك وبتشجيع من والدته يذهب الى المدينة لتعلم الموسيقى. ويحاول
الفيلم الالتحاق بجو اسطوري قصصي فحين يذهب علي للمدرسة ويعرب عن خشيته
من ابيه يقول له المعلم اتخذ اسما مستعارا لنسجلك تحته ويختار الصبي
اسم سحراب من حكاية يقتل فيها الوالد ابنه. ولا يخفي المخرج محمد حقيقة
واقع انه استوحى فيلمه من تجربته الذاتية وخاصة علاقته بوالده الذي كان
متدينا وقاسيا في تربيتة له. ويقول المخرج: العلاقة بين الابن والوالد
علاقة غير سهلة في ايران وهي حافلة بالمواجهة التي يمكن لها ان تمضي
بهما بعيدا لتصل الى الدراما.
ويضع المخرج في الفيلم شخصيات متقابلة هي نقيض
بعضها احيانا ففي مقابل الاب هناك الراعي الذي يلتقي به الصبي يوما
فيمنحه نايه طالبا منه الحرص عليه لان للناي روحا. وللتأكيد على هذا
التقابل فان الممثل الذي يؤدي دور الاب يؤدي هو نفسه دور الراعي.
وفي مقابل الصبي علي، هناك الفتاة ازار التي على
العكس منه تعيش في المدينة وتبدو اكثر ثقة بنفسها واكثر حرية في
اختياراتها.
المصدر: وكالات |