غرور المثقفين أنهم لا
يبالون بأخلاقيات الحياة
الإمام محمد الشيرازي (قدس
سره)
فرنسا تريد مسلمين متناغمين مع قواعد الدولة
العلمانية ولكنها تواجه مشكلة كبرى تتمثل في غطاء رأس المسلمات (الحجاب).
تتزايد المطالب بمنعه في المدارس حيث يرسخ في
أذهان الفرنسيين الصغار قانون صدر في 1905 يفصل الدولة عن الدين ومن
المنتظر حسم هذه القضية في الشهر القادم.
ولكن يخشى البعض ان يكون لمثل هذه الخطوة أثر
سلبي بتأجيج التوتر بين أربعة الى خمسة ملايين مسلم في فرنسا والجماعات
الأخرى. قال برنار كانوفيتش المسؤول عن العلاقات مع المسلمين بالمنظمة
اليهودية الرئيسية في فرنسا "انها معركة خاطئة.. أي تشريع قد يكون خطرا."
يقول منتقدون ان الحجاب يشكل تحديا لنظام فرنسا
العلماني والمساواة بين الجنسين. يطالب المعلمون بقانون يحظر الحجاب
فورا في المدارس ويقول رئيس الوزراء المحافظ جان بيير رافاران انه يمكن
إصدار قانون.
وبعد ان أثار تنامي الأصولية قلقا في البلاد مدت
فرنسا يد المساعدة للمعتدلين المسلمين بالاشراف على تشكيل أول مجلس
وطني اسلامي هذا الشهر. كما تدرس باريس إمكانية تقديم قروض لإقامة
المساجد.
وفي الماضي اعترفت الأديان الأخرى وعلى رأسها
الكاثوليكية الديانة السائدة واليهودية بسيادة الدولة اما بتسليمها
ممتلكاتها او سيادة القانون العلماني على الأوامر الدينية. ويقول دعاة
الحظر انه لا يوجد سبب لكي لا يوافق المسلمون على صيغة وسطية.
وحاليا يجب على المعلمين التعامل مع حكم دستوري
صدر في 1989 يمنح المدارس سلطة منع أي رمز ديني سواء أكان حجابا
اسلاميا أو قلنسوة يهودية أو صليبا مسيحيا يرتديه الطلبة كوسيلة للضغط
أو الدعاية او الاستفزاز او التحريض على اعتناق دين معين.
قالت حنيفة شريفي بوزارة التعليم والتي تقوم
بدور الوسيط في اي خلاف بشأن الحجاب بين المدارس والطالبات "يشعر
المعلمون بأنهم مثقلون. المشكلة بالنسبة لهم مفاوضات مستمرة". وبالفعل
العواطف تلتهب.
وقوبل وزير الداخلية نيكولاس ساركوزي بصيحات
الاستهجان عندما أصر في اجتماع اسلامي الشهر الماضي على انه يجب على
المسلمات نزع الحجاب عند التصوير للحصول على بطاقات هوية. ورد مجلس
المنظمات الاسلامية في فرنسا بان الاسلام ينص على ان حجاب المرأة
التزام غير قابل للمناقشة.
ويطالب الاشتراكيون المعارضون بمزيد من النقاش
حول القضية. ويعترف وزير المعارف الفرنسي لوك فيري ان اي حظر للحجاب قد
يشكل خرقا لمعاهدات الاتحاد الاوروبي التي تسمح بالرموز الدينية في
المدارس.
وتقول حنيفة شريفي وهي غير محجبة انها تتعامل
الآن مع خلافات أقل حول الحجاب تصل الى 150 نزاعا في العام بالمقارنة
مع نحو 400 في منتصف التسعينات.
قالت "رغم وجود المزيد من الحجاب في الشوارع فان
الظاهرة أقل شيوعا في المدارس بفضل المعلمين."
قال رافاران انه يفضل عدم صدور قانون لتجنب "صراع
غير مجد". ولكن عدم اتخاذ قرار حاسم قد يترك الباب مفتوحا ليستغله
اليميني المتطرف جان ماري لو بن في انتخابات الاتحاد الاوروبي العام
القادم.
ولكن الضغط باتخاذ اجراء حيال المشكلة يأتي من
قيادة حزب الرئيس جاك شيراك. قال آلان جيب رئيس الحزب "يجب على
البرلمان تحمل مسؤولياته."
ومع أن الحجاب يقترن بالرغبة الفطرية عند المرأة
وكان سائداً في المجتمعات القديمة حتى قبل ظهور الأديان الثلاثة
الرئيسية التي آخرها هو الإسلام إلا أن التوجهات الرسمية تحاول أن تلصق
موضوع الحجاب على كونه منطلق إسلامي بحت مع أن العديد من النساء
المسيحيات محجبات أو يرتدين أزياء هي أقرب لصورة الحجاب. ففي فرنسا
يتصاعد عدد اللائي يضعن غطاء على رؤوسهن مما تعتبره السلطات الفرنسية
نزوح حول مبادئ الإسلام دون أن تلتفت تلك السلطات أن تغطية رؤوس النساء
لم يعد مقصوراً على المسلمات فقط حتى أن جمال غطاء الرأس أصبح موديلاً
مرغوباً لدى جمهرات من بنات حواء في فرنسا. أما فيما يخص القانون
الفرنسي الصادر منذ زهاء (100) سنة الخاص بفصل الدولة عن الدين الذي
صدر سنة 1905م فيكاد أن يكون تطبيقه خال من المعنى فيما يتعلق بأرتداء
المرأة للحجاب وبالذات إذا ما علم أن زهاء (5) ملايين مسلم ومسلمة
يعيشون الآن في فرنسا ويبلغ عدد النساء المسلمات زهاء (50%) من الرقم
الآنف أي ما يعادل (2.5) مليون مسلمة تقريباً ونسبة كبيرة منهن يضعن
الغطاء على رؤوسهن.
وإذ تتزايد المطالب لمنع الحجاب في المدارس
وبالذات بين الطالبات المسلمات فإن منتقدي الحجاب يتبجحون بأن الحجاب
يشكل تحدياً لنظام فرنسا العلماني ويسيء لمبدأ المساواة بين الجنسين
ومعلموا المدارس أصبحوا يطالبون بإصدار قانون يحظر الحجاب فوراً في
المدارس ويتحجج أولئك المعلمون بضرورة التعامل مع قرار حكومي فرنسي صدر
سنة 1989 يمنح فيه إدارات المدارس سلطة منع أي رمز ديني سواء كان حجاباً
إسلامياً أو صليبياً مسيحياً يستعمله الطلبة كوسيلة للدعاية من أجل
اعتناق دين معين (مثلاً) هذا وكانت الخلافات حول الحجاب أو عدمه قد
وصلت إلى (150) نزاعاً بين مؤيدي الحجاب ورافضيه وتجدد الجدال حول
الحجاب في فرنسا أضحى من نتائج التواجد الإسلامي هناك.
ومن إفرازات الساحة الفرنسية هو اتمام انتخاب
مجلس فرنسي للدين الإسلامي، يضم ويمثل معظم الطوائف الإسلامية وقد حصل
(الاتحاد الوطني لمسلمي فرنسا) بأغلبية نسبة (39%) من الأصوات، وحصل (اتحاد
المنظمات الإسلامية في فرنسا على نسبة (31.7%) بينما حصل مسجد باريس
الكبير على (14.6%).
أن قضية الحجاب في فرنسا وصعودها إلى واجهة
النقاش قد جعلت رئيس الوزراء الفرنسي جان بيير رافاران يصرح مؤخراً أنه
يفكر بـ(إصدار قانون) وأن شريحة الرأي العام غير الديمقراطي في فرنسا
تحاول الإيحاء أن (5) ملايين مسلم ومسلمة و(1600) مسجد أو قاعة صلاة هي
بؤر مشجعة على تثبيت أرضية للحوار من أجل إقناع المزيد من الفتيات
والنساء المسلمات لارتداء الحجاب وهذا ما جعل ويجعل الملف الإسلامي في
فرنسا ساخناً من خلال إثارة قضية الحجاب وموجباتها الإيجابية التي تحفظ
للمرأة هنداماً وقوراً وتحفظ كرامتها ومنزلتها في كل مجتمع ذكوري آيل
إلى الانهيار بالحضارة الغربية الخالية من أي مضمون يساوي حقاً بين
الجنسين ولا يجعل المرأة هي الضحية الدائمة المستجيبة لرغبات الرجل
وأنانيته. |