يعزو علماء النفس ممارسة العنف ضد المرأة في
أحيان كثيرة إلى تأثير عهد الطفولة بالنسبة للذكور حيث النشأة التربوية
غير الصحيحة أو بالذات حين يرى الأولاد الصغار كيف تتعرض أمهاتهم
للإهانات والضرب من قبل آبائهم لأتفه الاسباب.
وتلعب اليوم الحركات النسوية دوراً مهماً من أجل
التعريف بمشاكل المرأة وما تواجهه من تعامل سلبي من قبل الرجل وخاصة
العنف وكان المؤتمر الدولي للمرأة المعقود سنة 1995م في بكين قد أقر
منهاج العمل الدولي عبر إعلان نصت (الفقرة 29) منه على ضرورة أتخاذ
إجراءات متكاملة لمنع العنف الموجه ضد المرأة ودراسة أسباب ونتائج هذا
العنف وفعالية التدابير المتخذة في هذا الصدد. والقضاء على الاتجار
بالنساء ومساعدة ضحايا العنف الناجم عن البغاء وعمليات بيعهن!
وخلافاً للفهم الصحيح لموقع المرأة (النظيرة
للرجل في الخلق) أكدت دراسة تركية محلية: (أن زهاء 60% من النساء
التركيات فوق سن الخامسة عشرة تعرضن للعنف أو الضرب أو الإهانة أو
الإذلال على أيدي رجال من داخل أسرهن.. وأشارت الدراسة إلى أن (50%) من
النسبة الآنفة يتعرضن للضرب بشكل مستمر أو أن (40%) منهن يرجعن السبب
في ذلك لظروف اقتصادية وتناول الكحوليات وأن (25%) فقط من أولئك النساء
اللاتي يتعرضن للضرب يقمن بالرد على العنف بعنف مماثل في حين أن (10%)
منهن يتركن المنزل احتجاجاً على العنف الذي يتعرضن له وأن (70%) من
النساء المعنيات لا يحبذن الطلاق حفاظاً على مستقبل الأولاد في حين أن
(15%) فقط منهن لا يطلبن الطلاق بسبب حبهن لأزواجهن).
وتوضح منظمة الصحة العالمية في رصدها لظاهرة
العنف ضد المراة في تقرير لها (أن 69%) من النساء المتعرضات للعنف في
بعض البلدان بلغن عن تعرضهن إلى اعتداء جسدي عليهن).
وفي المؤتمر الأقليمي الخاص بـ(العنف ضد المرأة
– أبعاده وعواقبه) الذي انعقد منذ أيام في القاهرة أكدت فيه مندوبات من
(15) دولة عربية على انتشار هذه الظاهرة في المجتمعات العربية. وقالت (هايدي
الطيب) الباحثة بالمنظمة العربية لحقوق الإنسان على صعيد تبيان
الاعتداء الجسدي ضد المرأة: (أن بين كل (10) إناث تعرضّن (7) منهن
للضرب في المغرب ووصلت النسبة في مصر إلى (25%) وفي اليمن (64%) ويدخل
ضمن النطاق أيضاً جرائم الشرف التي تقع ضحيتها النساء بنسبة (59%) وأن
(العنف الرهيب) الذي تتعرض له النساء في النزاعات المسلحة في البلاد
العربية، خصوصاً في الجزائر حيث يتعرضن للعنف بشكل مزدوج من قبل
الجماعات المسلحة والسلطات العسكرية من قتل واختطاف وإجبار على الزواج
والاغتصاب واعتقال السلطات العسكرية لهن إذا كن قريبات لأعضاء الجماعات
المسلحة).
أما عن تأثير العنف على المرأة والإساءة النفسية
إليها فذلك ما يؤثر بشكل سلبي على الصحة النفسية للزوجة وللأسرة ككل
فقد أكدت دراسة مصرية متخصصة نشرت حديثاً في القاهرة تم التوضيح فيها:
(أن الإساءة للزوجة تأخذ أشكالاً مختلفة... مثل إهانتها واحتقارها
وشتمها وقد تكون جسيمة مثل ضرب الزوجة وإصابتها أو محاولة حرقها أو
قتلها) وتناولت الدراسة عينة من الزوجات والأزواج لمعرفة طبيعة شخصية
الزوجات المساء إليهن والأزواج المسيئين لزوجاتهم في محاولة للوقوف على
طبيعة ظاهرة الإساءة للمرأة واسبابها ووضع بعض المقترحات لعلاجها إذ
جاء في الدراسة الآنفة: (إن الإساءة تؤدي إلى اضطراب شخصية الزوجة...
مما يجعلها سلبية نحو ذاتها والآخرين وخاصة الزوج والأسرة...). |