العدل سمة الأسوياء من الناس فمنه تنطلق مواقف
التصدي لكل استدراج سلبي في الحياة لذلك فقد اقترنت مفردة (العدل)
بـ(الميزان).
تمتاز سائر العلائق الطبيعية بدافع الحرص لإقامة
العدالة الاجتماعية التي هي بدونها لا يكون للحياة طعمها المستساغ بين
الناس وفي المجال العملي إذا اقترن العدل بتوفر عنصر الكفاءة فإن
النجاح يكون حقيقياً للمرء في مجال عجلة أي نوع كان هذا العمل.. فمثلاً
إذا كان الشخص.. طبيباً عادل الشخصية ولديه من الكفاءة الطبية ما يمكن
أن يواشج بينهما فلا يخشى منه شيء بعكس الأطباء الكفوئين في مهنتهم
الطبية وفاقدي العدالة في نفوسهم إذ من بين النوع الثاني من الأطباء
يختار من ينزل جريمة الموت بناس أبرياء بفطرة المراجعة لهؤلاء الأطباء
في عياداتهم لكن سرعان ما يتم الاكتشاف أو بأجل ما أن اقترافات جرائم
الأطباء المعنيين كما تنقل بعض الأخبار يبيعون أعضاء من مرضاهم إلى
جهات طبية أخرى كالعيون والكلى وغيرهما لقاء مبالغ محددة ولكن على حساب
من فقد الحياة من المرضى حين كانوا تحت رحمة أولئك الأطباء المجرمين.
والأمثلة في قائمة اللاعادلين طويلة عريضة لا
يدري المرء من اين يبدأ بسردها. وبالذات في هذه المرحلة الراهنة التي
تتصاعد فيها الدعوات المحلية والأقليمية والعالمية لحفظ حقوق الإنسان.
إن المرء الذي هو حارس لسلوكه يفترض أن يفهم دائماً أن تسويق الظلم على
الآخرين الأبرياء هو نوع شنيع من صور الاستبداد والفرق يبقى غير كبير
بين القاتل بالسلاح والقاتل بالاستغلال كما لاحظنا في مثال الأطباء
الفاقدي للعدالة. فليس في العدل التنكيل بالآخرين خصوصاً حين ينطوي
الأمر الاستفادة المالية الجشعة أو كسب جاه لا مشروع.
ولعل خطوة الأنحراف عن العدل إذا ما بدأت متحدية
طبائع الناس المعتادة سيصاحبها حتماً ظهور خلاف بين المدعين واللامدعين
لكن الجرأة في الدفاع عن الظالم تأخذ أحياناً شكلاً من الوضوح في
البلدان التي تجتاحها عمليات اغتيال لمبادئ العدالة بحيث أن المستضعفين
يصلوا إلى درجة من الشعور باليأس لتغيير أوضاعهم العائلية أو
الاجتماعية إلى نقطة التلاشي فكل شيء يسير باتجاه التجميد الحقيقي
للجهود المخلصة إلا أن نهج العدل يبقى دائماً في محل اعتزاز لدى الشخص
العادل ومكان إعجاب عند عموم الناس.
ومدرسة العدل التي رفعتها الضمائر إلى ذرى
التقييم لما قال القدامى بـ(عدالة السماء) كنوع من خلود مبدأ العدل
فبالعدل تسود الأخلاقيات الفاضلة وتدرك الأمور في أجل معانيها ومدرسة
العدل الضامنة لالتفاتة عظيمة لعرفان ما بلحاظ الناس بعضهم لبعض تعري
أي احتمال لانحراف قد يمثل ابتعاداً عن موقع العدالة السماوية الإلهية
مادام الاستيعاب ممكن أن يعبر عن فكرة أيجابية في هذا المجال ويحافظ
على تقنية تطبيق العدل في كل وقت. مع اليقين إن الحياة لا تقدم مكاسبها
بطبق من ذهب والتربية على العدل وتجذيرها في المجتمع ليست مهمة يسيرة
إذ تصطدم أحياناً بقوة العرف الاجتماعي إلا أن الممارسة الصحيحة
الواضعة للحواجز أمام أي تسلل على أخلاقيات العدل هي التي تعطي مكانة
مرموقة للعدل في النفوس بحيث يتقارب الجميع لتطبيقه من منطلقات إنسانية
بحتة.
وخطاب العدل في كل صراع واضح تماماً لذلك فإن
بعض الجهات تحاول خلط الأرواق ويصبح الايذاء والإساءة تحت ضغوط ظروف
سلبية مدعاة للاستنكار والاشمئزاز ضد من يتبنى مواقفاً ضد العدل لأجل
تحقيق مكاسب أنانية وفي العصر الراهن حيث الجميع يدعون العدل في
التوجهات وخصوصاً في المجال السياسي فإن المحاولات المحمومة لإبعاد
الشبهات عن المسارات المضادة للعدل لا يبدو أنها تمهد لطريق معبد أو
مدروس من حيث أثر الزمان والمكان عليه ويبقى التحلي بالعدل سيد كل موقف. |