السيل المتواصل من المعلومات بحالتيها الإيجابية
والسلبية بحسب تقبل أو رفض تأييد الجمهور لها من التأثير مالا يمكن
نكرانه ولعل السعي المفرط على متابعة الأخبار أول بأول يدع الناس في
حال سلبي قد يضر بصحتهم النفسية خصوصاً إذا ما تمت المغالاة في تصعيد
درجة الاهتمام بكل شاردة وواردة في العروض الإعلامية.
يقول البروفيسور براشرز بحسبما أفاد بذلك في
تصريح لـ(بي بي سي أونلاين): (أنه من المفيد للناس الحصول على
المعلومات فهي تساعد على مواجهة مخاوفهم) وفي مقال نشره بعنوان إدارة
الاتصالات والقلق في مجلة (اتصالات العلمية) أنه من الطبيعي أن يعتقد
المرء أن معرفة المزيد من الأخبار سيخفف من درجة المخاوف والقلق الذي
سيخفف من درجة المخاوف والقلق من المجهول. وكلما زادت الأحداث في
العالم زادت حدة الطلب على المعلومات إذ أن تأجيج المشاعر بحاجة إلى من
يخمدها فالناس يبقون في حالة قلق مادام هناك حدث كبير هنا أو هناك.
ومن الواضح تماماً أن تدفق الأخبار والمعلومات
بلا أنقطاع وعلى مدار الساعة تتطلب الوعي واليقظة إذ بدونهما لا يمكن
السيطرة على الأوضاع النفسية والتماسكات الشخصية خصوصاً تلك الصور التي
تثير الألم والأسى على من ذهب ضحية كـ(قدر عرضي) لأحداث لم تكن له فيها
ناقة ولا جمل أي من المواطنين الأبرياء الذين هم ليسوا طرفاً في نزاع
معين ولعل الدردشات المتوالية المبثة عبر الفضائيات الإعلامية مع كونها
نوع من خلق حالة تكيف بين الجهة الإعلامية المحددة والجمهور إلا أن
الجمهور الذي يتلقى الأخبار لحظة بلحظة دون أي جهد سوى تغيير موجة
المحطة الفضائية المرادة لكنه جمهور لا يتوقع تكاليف المبالغ الباهضة
التي تتكبدها وسائل الإعلام في نقل وقائع الحرب الدائرة في بلد معين أو
أكثر فعلى سبيل المثال أن محطة BBC الأخبارية كانت تدفع ما يقارب مليون
جنيه أسترليني أسبوعياً للتغطية المباشرة للحرب الدائرة في أفغانستان.
وعلى أية حال تشهد بلدان العرب والإسلام في
الأونة الراهنة حركة متزايدة متجهة نحو ترشيد الخطاب الإعلامي وجعله
محل ثقة أكثر الذي يفضل أن يهتم بتقديم أساليب مرنة في الطرح ناجح
الأبعاد وهذه العصرنة لأي جهاز إعلامي أمر لا غنى عنه وما يتوجب عليه
الأمر أن تكون مسألة كسب المستقبل عبر خلق إعلامي ناجح مستندة على
أسلوب إعلامي مستنير يقوم على صحة المعلومة وشفافية الطرح والإفصاح
وأحترام حرية الرأي والرأي الآخر وعدم الوقوف مع القوي لمجرد كونه قوي
فرسالة الإعلام الحقيقي أسمى بذلك بكثير فبذاك فقط سيمكن تضمين مصداقية
الخطاب الإعلامي في ساحات تشهد عدداً من الإعلاميات ما يصعب حصره في
أحيان ليست قليلة. |