بسم الله الرحمن الرحيم
(ولا تحسبنّ الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً
بل أحياءٌ عند ربّهم يرزقون) صدق الله العلي العظيم.
لقد شاءت إرادة الله سبحانه أن يتّخذ من هذه
الأمّة (شهداء) ليكونوا مناراً للمؤمنين وقدوات في الصّبر والإستقامة
والتضحية للأجيال على مرّ التأريخ.
وقد كان الأمل معقوداً بنجاة الكثير من
المسجونين من المؤمنين المظلومين وخاصّة الآيات العظام والعلماء
الأعلام وحجج الإسلام ومدرّسي الحوزة العلمية والسّادة الأجلاء ـ من
تلك السجون الرهيبة التي قلّ أن يشهد تاريخ البشريّة لها مثيلاً ـ بعد
سقوط الحكم الجائر في العراق الجريح ، كي تستفيد الامّة من عطائهم
العلمي وتنتفع من وجودهم المبارك في مختلف الأبعاد الدينيّة والفكريّة
والإجتماعية وغيرها ، إلاّ أن اليأس حلّ مكان الأمل .. وتجدّدت الآلام
الشديدة وصارت الجروح الغائرة تنزف من جديد بعد إكتشاف المقابر
الجماعية وعدم وصول عمليات البحث إلى نتيجة.
والمشتكى إلى الله وليّ الشكوى.
ولئن حُرمت الامّة من أعيان هؤلاء النخبة فإنّ
أمثالهم في القلوب موجودة وسيظلون رموزاً لأنبل القيم الإيمانيّة على
إمتداد التأريخ بإذن الله تعالى.
نسأل الله سبحانه أن يلحقهم بمواليهم الأبرار
محمدٍٍ المصطفى والأئمة الطاهرين (صلوات الله عليهم أجمعين) وفي هذا
المجال نتقدم إلى مقام وليّ الله الأعظم مولانا صاحب الأمر (صلوات الله
عليه وعجّل الله تعالى فرجه الشريف) بأسمى آيات العزاء فإنّه هو صاحب
المصيبة ، ثمّ إلى الحوزات العلمية المباركة ، التي إفتقدت هذا الرّصيد
العلمي الكبير وهذه الوجودات المؤمنة المعطاءة ثمّ إلى اُسرهم
المفجوعين من بيوت مراجع الإسلام العظام وغيرهم ، ونسأله تعالى أن
يلهمهم جميعاً الصبر ويجزل لهم الأجر ويعوضهم افضل تعويض بمعاناتهم
الممتدة.
ولا يسعنا في هذا الموقف العصيب والمؤلم إلاّ ان
نتعزى بعزاء الله تعالى (الّذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنّا لله
وإنّا اليه راجعون).
5 ربيع الاول 1424 هـ ق
صادق الشيرازي |