لا تخلو معرفة نفسية الطفل من فراسة فطرية عند
الأبوين وخصوصاً الأم التي شاء الله سبحانه وتعالى أن تكون أكثر
التصاقاً بحياة وصحة وتوفير مستلزمات طفلها من طعام ولبس وسكن آمن.
والأم الذكية التي تواكب تلبية حاجات وليدها الطفل أول بأول دون أن
يطلب ذلك منها لعجزه وضعفه وعدم إدراكه لما يدور في محيطه ولكن مع نضوج
تمييزاته البديهية فيتعرف إلى أمه قبل غيرها من المحيطين به فيطمئن إلى
ثديها وهو يستدرر منه غذاءه وهذه هي إحدى معجزات الله سبحانه وتعالى في
خلقه.
ومع تنامي قدرات الطفل درجة درجة يعرف أنه يعيش
ضمن عائلة يربطها شيء من ديمومة الحنان الذي لا ينقطع ولا يمكن أن
تنفصم عراه فيزداد شعوره الابتدائي بكونه فرد من بين أفراد أسرته له ما
لهم وعليه ما عليهم فيستجيب وهو في عمر صغير لما يطلبه منه الأبوان
بدءاً من طلب مناولته لأحدهم حاجة صغيرة وانتهاء بمرحلة لاحقة لشراء
حاجة أخرى من محل بقالية قريب إلى سكن العائلة وبهذا..
الاستيعاب لدرجة التواشج بين أفراد العائلة
لاحظت إحدى الدراسات الحديثة أن الأبناء في مرحلة قبل المراهقة يفضلون
الأبوين أن يكونا في أعمار الشباب.
وعلى الأرجح فإن في كبر سن الأبوين أو أحدهما
يؤديان بتعليم الطفل أصول الذوق العام بشكل أفضل مما لو كان الأبوان
شابين إذ يمتاز الشباب بالممارسة المفرطة البعيدة عن الحكمة المطلوبة
التي اكتسبها الكبار وبديهي فإن الكبار هنا غير مقصود بهم الأبوين
العجوزين هذا على فرض احتساب أن سن اليأس يجعل من المرأة البالغة سن
الـ(45) سنة كـ(عجوز) وهي طبعاً ليست كذلك لأن إنجاب الأطفال في العموم
يتوقف بهذا السن.
إن تعليم الاتكيت أو الذوق العام موضوع مرهون
بالنجاح والأفكار الجيدة والجديدة ولا ينبغي أن تشرح فوائدها قبل أن
تصبح من منشطات حركة الأبناء داخل البيت والمدرسة والمجتمع وبصور
مستحبة ينال عليها الأولاد الثناء حيث يتسبب ذلك ضمن خط منعكسات
العلاقة بين الطفل وبيئته وبصورة متدرجة ترضي الجميع والطفل في كل
مراحل حياته ومعيشته يريد أن يرضي الجميع وبالذات أبويه لذلك يمكن
القول أن نشأة الطفل أو لمس ذلك منه يدل على خلل متأصل عند الأبوين
وليس الطفل فالصغير هو الذي يتعلم من الكبار وليس العكس ففي الحالات
الاعتيادية حين يكون الأبوان مثقفين فإن تفاعل الطفل مع بيئته العائلية
السوية تخلق منه إنساناً محترماً لنفسه وللآخرين ويبدع في علاقاته
الاجتماعية منذ الصغر بأفضل ما يطلب منه القيام به كإلقاء التحية على
الضيوف وغيرها من الاعراف والعادات الاجتماعية الحضارية.
ففي تدبير أمور الطفل على أساس من اكتساب مهارات
الذوق الرفيع لديه ستكون فائدته أعم بما لم يخطر على بال فهو سيفيد ثقة
وعائلته ومجتمعه وبذاك فإن المجتمع سيسود بمواهب أبنائه وبناته في مجال
الأخلاق المحترمة المتبادلة. وتلافي الأخطاء التي كرسها بعض الآباء
والأمهات في نفسية المتزوجين حديثاً يفضل أن يشكل ذلك في حياتهم درساً
وعبرة وبما لا يطبقوه على أولادهم من تلك الأخطاء وتؤكد دراسة حديثة أن
هناك ضرورة كي يتم الاهتمام بالطفل ابتداء من غذائه وانتهاء بغمره
بالحنان الذي يوصله لدرجة الدلال الإيجابي الموفر منه كافة مستلزمات
لعبه ودراسته مع ضرورة تعليمه أن يرسم الابتسامة خلال يومه فبقدر ما
للطفولة سحرها فلا بأس من تعويد الطفل الخجول تدريجياً على كيفية
مواجهة الغرباء أو من هم أكبر منه سناً ومتى يكون حذراً منهم.
وطبيعي فإن أعراض الخجل كما هو معروف هي أعراض
عضوية مثل جفاف الحلق وارتعاش اليدين وزيادة سرعة نبضات القلب مع ضرورة
أن يبقى الطفل في حدود الموضوعية ذو حياء من الناس المحيطين به ويراعي
قدر إمكانه ما يؤدي عدم إزعاجهم فبذاك لا يفقد الطفل الثقة بنفسه.
وتناول علاقة الطفل بالخوف مسألة تكتسب أهمية
تربوية قصوى وذلك عبر ترديد عبارات توجيهية لهم عبر اسماعهم كلمات تشير
فعلاً إلى عدم خوفهم مثل كلمة: (أدري أنك شجاع ولا تخاف من شيء) وإلى
آخر هذه الكلمات والجمل التي تبعث في نفس الطفل تشجيعاً لمواجهة مشكلات
يومه بأعصاب هادئة. فقد أكدت دراسة علمية نشرت حديثاً: (أن الأطفال
الذين لا يحسون بالرهبة تجاه أي شيء وهم في سن مبكرة تتضاعف احتمالات
بروزهم كأبطال رياضيين في المستقبل قياساً بنظرائهم الذين يبدو عليهم
القلق والتوتر والخوف.. وبمعدل زيادة ثلاث مرات). |