ظاهرة انتحار الشبان في بريطانيا بلغت درجة
الأزمة ويقول الدكتور (مارك ماكلور) إخصائي علم النفس الذي أجرى
دراسة بهذا الصدد جاء فيها: (إن الإحصائيات المتوفرة في هذا المجال
تخفي المستوى الخطير الذي بلغته المشكلة) ويأتي تصريح الدكتور ماكلور
بعد أن بلغت نسبة المنتحرين من الشبان رقماً خطيراً يحق أن يطلق
عليها بـ(أزمة فعلية)! هذا مقابل اعتراف وزارة الداخلية البريطانية
الذي كشفت عنه في دراسة لها عن (أن ثلث المرضى الذين يغادرون
مستشفيات الأمراض العقلية والنفسية يقدمون على ارتكاب جرائم خطيرة!).
فبينما يفضل المنتحرون إنهاء حياتهم بمأساة
الشنق كوسيلة سريعة للقضاء على النفس فإن الإحصاءات تشير بأن أعمار
المنتحرين تتراوح بين (15) و (19) سنة وهذا ما أكدته في دراسة نشرتها
مجلة (علم النفس البريطانية). ويحاول المحققون من جانبهم التغطية على
حجم مشكلة الانتحار في بريطانيا لذلك فإنهم يصفون حالات الوفيات التي
لا يجدون لها تفسيراً أو يجرون تغطية على أسبابها التي يتوصلون إليها
بأنها (حوادث مجهولة الأسباب) عند وجود أي شك في كونها انتحاراً، ومن
الأسباب المتقدمة في تحليل الدافع للإقدام على الانتحار هو الاعتقاد
بوجود أزمة بين الشباب وخصوصاً الذكور منهم نحو إنهاء حياتهم. ويقول
(الدكتور ماكلور): (إن العديد من حالات الوفيات المجهولة الأسباب
يدخل ضمن حالات الانتحار...) وذلك كرد على المحققين الذين يترددون في
اعتبارها حالات انتحار وهذا ما يقود إلى التعامل مع أجهزة القضاء
البريطانية بكونها تخفي الحقائق عن المجتمع البريطاني بوقت أن
المقتضيات تستوجب الإعلان عن كل حادثة انتحار بتفاصيل معلوماتها
الكاملة لا الناقصة أو المغايرة إذ إن المصارحة في هذا المجال ستدع
المجتمع (عوائل وأفراد) بصورة عامة يبدون اهتماماً أكثر بشرائح
الشبيبة وربما يساهمون في التخفيف من أعداد المنتحرين.
وإذ تأخذ حالة التثقيف حول أسباب الانتحار مدى
متفاعلاً في أوساط الشباب في بريطانيا وخصوصاً في المدن الكبيرة
ومنها العاصمة لندن. ويفسر الإخصائي بعلم النفس الدكتور (رودي
اوكودنور) شيئاً عن انتشار ظاهرة الانتحار عند الشباب في بريطانيا
فيقول: (إن تزايد حالات الانتحار بين الشبيبة يعكس المشاكل الملحة في
المجتمع البريطاني التي تحتاج إلى حل عاجل...).
فعندما يجد الشبان أنفسهم عاجزين عن الوفاء
ببعض الالتزامات فإنهم يلجأون إلى الانتحار هروباً من أعباء الحياة.
ومع هذا الوضع المقلق للمجتمع البريطاني إلا
أن الجميع يتفقون على أن المسؤولية في تلافي حالات الانتحار ينبغي أن
تبدأ بمواجهة أسبابها قدر الإمكان. باستثناء الحالات العاطفية فتلك
مسألة يصعب وضع ضوابط لها، وعلى أية حال فإن تفاقم ظاهرة الانتحار في
بريطانيا يدلّ على أن المجتمع البريطاني مريض حقاً ولا تعفى الجهات
الاجتماعية الرسمية من المساهمة لحل هذه المشكلة الغريبة في حجمها.
أما ما يقوم به المجانين الإنكليز من ارتكاب
جرائم فقد قالت دراسة بريطانية رسمية أنه: (في غضون فترة لا تتجاوز
خمس سنين من خروج المرضى النفسيين من المستشفيات فإنهم يرتكبون جرائم
العنف الجنسي وغيرها وأن نسبة (30%) من هؤلاء المرضى العقليين ينفذون
جرائمهم بدم بارد وكأن شيئاً لم يكن).
وتشير دراسة أعدها (معهد الطب النفسي) في لندن
إلى أن المعدلات الحقيقية لمرتكبي الجرائم بين المرضى العقليين تفوق
تلك الأرقام المعلنة رسمياً مما دفع وزارة الداخلية البريطانية إلى
فرض قوانين صارمة جديدة اعتقاداً منها أنها ستحول دون تمكين هؤلاء
المرضى من ارتكاب جرائمهم وتأتي القوانين المذكورة عقب وقوع سلسلة من
الجرائم الخطيرة التي أثارت حفيظة الرأي العام البريطاني والأوربي
ومن بينها جريمة راحت ضحيتها أم وابنها حيث قتلهما المطلق سراحه من
المستشفى الإنكليزي (مايكل ستون)، الذي اعتقد أنه قد شفي من مرضه
وذلك مما وضع الهيئة الطبية للمستشفى بالأمراض العقلية والنفسية التي
كان (ستون) أحد نزلائها في موقف حرج.
|