الآن مضى نحو خمسين
عاماً وشعب العراق يقاسي آلاماً
ومشاكل كثيرة جداً
واليوم نرى أن مصيبة هذا الشعب تتضاعف |
|
قم - النبأ (خاص):
ألقى سماحة المرجع الديني الكبير آية الله العظمى السيد صادق الحسيني
الشيرازي (دام ظله الوارف) كلمة مهمة في يوم 26 محرم 1424 أمام جمع
من مسؤولي المؤسسات والمراكز الثقافية في
طهران، تركزت حول مستقبل العراق، وفيما يأتي نورد مقتطفات منها:
في البداية استهلّ سماحة السيد المرجع كلمته
بالحديث النبوي الشريف (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) معتبراً أن
المسؤولية التي يتحملها الناس عامةً حيال القضية العراقية، مسؤولية
جسيمة.
وضمن إشارته إلى الأوضاع الإنسانية المريرة
التي يعانيها العراق في الوقت الراهن، قال: الآن مضى نحو خمسين عاماً
وشعب العراق يقاسي آلاماً ومشاكل كثيرة جداً، واليوم نرى أن مصيبة
هذا الشعب قد تضاعفت.
وأضاف سماحته يقول: نظير هذه الحوادث، قد حصل
في تاريخ الأئمة المعصومين (ع)، كما جرى في زمن الإمام الباقر (ع)
والإمام الصادق (ع)، حيث كان بنو أمية على رأس الحكومة، وبنوا العباس
جعلوا يرفعون الشعارات، ودخلوا في حربٍ ضد الحكم الأموي، غير أن
الأئمة الأطهار (ع) لم يؤيدوا أياٍّ من الطرفين؛ ذلك لأنه في كلا
الحالتين سيراق دم الشيعة الأبرياء.
وأردف السيد المرجع بالقول: إن إحدى خصائص
الأئمة الأطهار (ع)، بعد النظر، وحساب ما ستؤول إليه الأوضاع في
المستقبل، إنهم لم يكونوا ليحسبوا حساب يومهم وحسب، بل كانوا يأخذون
بنظر الاعتبار مستقبل شيعة أهل البيت (ع)؛ ولذلك استثمروا تلك الفرصة
التاريخية لتعريف الناس بالإسلام الحقيقي.
وفي معرض إشارة سماحة آية الله العظمى السيد
صادق الشيرازي لطائفة من آثار وخدمات الإمامين الباقر والصادق (عليهما
السلام) قال: بحسب ما ينقل لنا التاريخ، فإن ما يربو على الأربعة
آلاف عالم تربوا ونهلوا العلم في مدرسة الإمام الصادق (ع)، وأكثر ما
وصلنا اليوم، من آداب الإسلام، والأحكام الاقتصادية والاجتماعية
والسياسية، هو من الإمام الباقر والإمام الصادق (عليهما السلام).
حسب ما أفادت بعض وسائل
الإعلام
فإن الغربيين يخططون
لبناء (25) ألف مدرسة في العراق لتحقيق أهدافهم. |
وفي جانب آخر من كلمته تطرق سماحة السيد
المرجع الشيرازي إلى تطفل الشيوعيين ورواج أيديولوجيتهم الخطرة في
المجتمع العراقي قبل حوالي خمسة عقود من الزمن، وقال: قبل نحو خمسين
عاماً راج الفكر الشيوعي في العراق، بحيث سرى حتى إلى وسائل الإعلام
العامة، والكتب والمجلات، إلى الحدّ الذي جعل أكابر رجالات العراق
يفقدون الأمل أمام هذا المدّ. في ذلك الوقت كان السيد الوالد (رحمه
الله) مستقراً في مدينة كربلاء المقدسة، واقترح أن يشكل جميع علماء
وخطباء كربلاء حلقات درس في مساجد المنطقة، للردّ على شبهات وأباطيل
الشيوعيين، وبيان أصول الدين للناس، الأمر الذي أدى، بعد مضي مدة،
إلى تجفيف جذور الشيوعية في كربلاء، وجعل جماهير المدينة المقدسة في
مأمن من تلك الفتنة العظيمة.
ووصف السيد المرجع الأوضاع الحالية التي يمر
بها العراق بأنها فظيعة ومفجعة، ودعا الناس بأن يتضرعوا إلى الباري
عز وجل لتخليص الشعب العراقي المظلوم من محنته، وتقديم كافة أشكال
المساعدات للبلوغ بهذا الشعب إلى ساحل الأمان والنصر المؤزر.
وفيما يخص وظائف المسلمين حيال مستقبل العراق،
قال سماحته: عديد الشعب العراقي يبلغ أكثر من (26) مليون نسمة، يشكل
الشيعة نحو 90% منهم، وأكثر من 41% من هذا الشعب هم من الشباب؛ أي إن
هناك حوالي عشرة ملايين شاب، إلا أن غالبيتهم ظلت بعيدة عن الثقافة
الإسلامية الأصيلة؛ فيتعين علينا جميعاً أن نعمل على تهيئة مقدمات
تعليم هؤلاء الشباب، عبر توزيع الكتب، وبناء المدارس والحسينيات
والمساجد، وتأسيس صناديق القرض الحسن، ومؤسسات الزواج، وما أشبه ذلك..
وتابع سماحته يقول: لقد أعدّ الغربيون خططاً
وبرامج كثيرة لشبابنا الأعزاء، وأنشأوا المؤسسات المختلفة، كما أفادت
بعض وسائل الإعلام بأنهم يخططون لبناء (25) ألف مدرسة في العراق،
لتحقيق أهدافهم.
ودعا السيد المرجع جميع المسلمين بأن يساهموا،
كلاً بحسب استطاعته، في التخفيف من معاناة الشعب العراقي، كما طلب من
سائر الشيعة في العالم، أن يتعاونوا بالشكل المطلوب في إعادة إعمار
العراق، وتجديد بنيته الثقافية، مؤكداً سماحته بأن هذه هي مسؤولية كل
الشيعة، ذلك لأن الشيعة هم قوام العراق.
ووصف سماحة آية الله العظمى السيد صادق
الحسيني الشيرازي مستقبل العراق بأنه واضح، قائلاً: إذا ما حرر
العراق، فإن مئات الملايين من عشاق الأئمة الأطهار (ع) سيزورون هذا
البلد، وسيشمّرون عن سواعدهم لإعادة إعماره.
وفي ختام كلمته، تضرع السيد المرجع إلى الباري
عز وجل لينقذ الشعب العراقي المظلوم، وتنتهي هذه الحرب دون إراقة
المزيد من دماء الأبرياء.
هذا وكان سماحته (دام ظله) قد القى كلمة في
يوم الاثنين 27 محرم 1424 على جموع كثيرة من العراقيين
المقيمين في مدينة قم المقدسة ضمت علماء الدين واساتذة الحوزة
العلمية ورؤساء العشائر وممثلين عن الاحزاب والمنظمات العراقية .
وقد بدأ المرجع الديني حديثه مستهلاً بكلام
الامام زين العابدين عليه السلام : «اللّهم انّي اعوذ بك من مظلوم
ظلم بحضرتي فلم انصره» منوهاً الى ما يمر على الشعب العراقي من مآسي
ومظالم لا حد لها مذكراً بأنّ جميع هذه المآسي والويلات التي الّمت
على العراق هي نتيجة حتمية لانحراف ادارة الحكم في العراق عن المنهج
الاسلامي الذي سلكه الامامين علي بن ابي طالب ونجله الامام الحسين
عليهما السلام .
وقد اشاد المرجع الديني بالفترة الذهبية من
تاريخ العراق الذي تنعم فيه بحكم امير المؤمنين عليه السلام ذاكراً
نماذج من عدله حتى مع اعدائه .
ثم خاطب المرجع الديني الامام الشيرازي جموع
العراقيين : بأنّكم انتم العراقيون مسؤولون عن ادارة العراق على ضوء
منهج اهل البيت وسيعود الخير الى العراق لأنّ العراق ليس بحاجة الى
شيء فهو يمتلك الموارد المعنوية والمادّية .
على جميع الشيعة في
العالم
أن يتعاونوا بالشكل المطلوب
في إعادة إعمار العراق
وتجديد بنيته الثقافية. |
واخذ الامام الشيرازي يسرد للمستمعين ما
يمتلكه العراق من موارد :
في المعنوية؛ مراقد اهل البيت عليهم السلام
التي هي مهوى افئدة المسلمين في كل مكان . والحوزات العلمية في النجف
الاشرف وكربلاء المقدسة والعلماء والمثقفين الذين يزخر بهم العراق
والعشائر العراقية المسلمة.
امّا الموارد المادية فالنفط والارض الصالحة
للزراعة والثروة الهائلة وكلّ هذه الموارد هي عصب التقدم والحياة
السعيدة في العراق .
إذاً لا يحتاج العراق الاّ ادارة رشيدة تقوم
على منهج اهل البيت عليهم السلام.
هذا ما اكّده الامام الشيرازي في ختام لقائه
مع الجموع العراقية مشيراً الى بعض معالم الادارة الصالحة في العراق
.
وهي ادارة تقوم على مبدأ الحرية الاسلامية
والتعددّية القرآنية واحياء الارض لمن عمّرها .
فلو قيّض الله للعراق من يعمل بهذه المبادئ
فسوف يسعد الشعب العراقي ويصل الى مدارج الرقي والازدهار .
وهذه الادارة التي يطمح اليها الشعب العراقي
ويتوق لها منذ عدّة قرون وجاء الوقت لأن ينعم بها .
وفي نهاية خطابه دعى الامام الشيرازي
العراقيين المتواجدين في الخارج الى نصرة اخوتهم في العراق بالدّعاء
لهم وبدعمهم مادّياً ومعنوياً وذلك بتشكيل لجان لاغاثة الشعب العراقي
كما طالب المثقفين العراقيين بالتفكير جدياً لوضع الخطط الحكيمة
لادارة دفة الامور في العراق على ضوء منهج القرآن الكريم .
وفي النهاية تضرّع الى الباري العلي القدير ان
ينصر الشعب العراقي وان تنتهي الايام الحالكة من حياته وان يعود
لعراق المقدسات الخير والصلاح .
|