ستبقى المرأة محوراً للخير في العائلة رغم كل
ما يقال عنها سلباً من قبل بعض الرجال المتزمتين الذين لم ينصفوها
بعد. وجدلية معرفة المرأة كمخلوق نظير يتمثل بها الوصف بأن السعادة
بدونها تعني مواتاً ولكن النظرة الناقصة لها من قبل الرجل السلبي لا
يبدو أنها ستنتهي بسهولة ما دامت الأمور مختلطة في ذهنه في فهم حقيقة
المرأة ودورها المؤكد في البناء الروحي لكل مجتمع طموح.
مروءة المرأة مبدأ عرفته النساء كما عرفه
الرجال وهذا ما يقرب الأفهام إلى إنسانية المرأة بنفس القدر المطلوب
لمعرفة أفضل لإنسانية الرجل التي تكتمل بخلقه للمرأة بقدر ما تكتمل
هي بخلقها له. إن النظرة إلى الإنسان من دون تحديد جنسه (امرأة أم
رجلاً) يحث على التشجيع أن لا يغدر حق أحد منهما، فحين كان المجتمع
الإنساني القديم أمومياً في كثير من بقاع العالم حيث لم يكن الأولاد
يعرفون إلا من خلال أمهاتهم كانت البشرية تتقاسم الخيرات بحسب كل
تجمع بشري ولا أحد يدري كيف انقلب الحال حين أصبح المجتمع (ذكورياً)
بعد تكوين الأسرة في تلك المجتمعات المتخلفة البعيدة عن مراكز
الحضارات القديمة لما بدأ البشر يعادي بعضهم البعض على مستوى البلدان
وكبرت في رؤوس المتسلطين طموحات استغلال خيرات الغير دون وجه حق حيث
تم تركين مبادئ الخير عند المرأة بعد تحييد مشاركتها في المسائل
الكبرى وتجاهل سماع صوتها في أكثر الأحيان بعد أن تحولت من متبوعة في
مجتمعها الأمومي إلى تابعة للرجل في المجتمع (الذكوري) حتى وصل الحال
إلى ما هو عليه في أيامنا هذه حيث تجري عمليات تهميش دورها البناء في
الحياة وكأنها خلقت للإنجاب فقط بحسب النظرات المحافظة عند الكثير من
الرجال بالرغم من الاعتراف بأنها قد وصلت إلى مراكز مرموقة في
المسؤوليات الوظيفية لدى بعض الدول.
لقد أدت محاصرة حقوق المرأة من قبل الرجل
المتزمت إلى تشكيل حركات نسائية من كافة الطبقات طالبت بحقوق المرأة
في المشاركة بالحياة السياسية خصوصاً ففي ألمانيا والنمسا كانت
الحركة النسائية تتحرك بهذين البلدين اللذين لم يكونا منفصلين
جغرافياً إذ صدرت فيهما مجلة للعاملات باسم (مساواة) منذ سنة 1892م
مما يوضح قدم المطالبة لرفع الحيف عن المرأة من حيث مساواتها مع
الرجل في الحقوق والواجبات الممكن أن يقوما بانجازهما بصورة جلية،
لذلك يلاحظ أن الغرب الذي عجز عن الوقوف بوجه حقوق المرأة بعد أن
اغراها للنزول إلى سوق العمل في المصانع والأسواق قد سن قوانين تشجع
على نشر السلوكيات المناوئة للرزانة والرفعة عند المرأة مما أدى إلى
بدء عهدٍ جديد كان متوقعاً أن تكون المرأة الغربية فيه ضحية وهذا ما
حدث فعلاً؛ إذ أخذ ذلك شكلاً متدرجاً أوصل المرأة الغربية إلى أوضاع
مزرية جعلتها اليوم تتطلع إلى عهود العفة وتتحسر على الأزمنة الخوالي
التي كانت فيه المرأة محبوبة من قبل رجل واحد ولا يطمع بها الرجال
الآخرون فقد لامستها رياح الحنين والعودة إلى الماضي الذي كانت فيه
المرأة أملاً عسير المنال – في العموم – على ا لرجل كمخلوق غالي في
عالمه الحالم وعالمها الرومانسي بعيداً عن أي علاقة متدنية.
وبالرغم منادعاء الغرب بانه قد اعطى حقوق
المرأة لكن الواقع العملي يظهر خلاف ذلك اذ لازالت تقف خلف الرجل رغم
نفوقها عليه في مجالات مختلفة، فقد اظهرت احصائية اصدرها المكتب
الوطني البلجيكي للاحصاء في بروكسل، ان المرأة البلجيكية تتحصل على
شهادات دراسية بنسبة اعلى من الرجال. وجاء في الاحصائية ان نسبة
البلجيكيات اللاتي حصلن على درجة علمية او دراسات علمية عليا تمثل 28
%، بينما نسبة الرجال هي 27 % من بين الذين تقدموا للحصول على تلك
الشهادات العلمية العليا.
الا انه بالنسبة للأجر الذي تتحصل عليه المرأة
البلجيكية عقب حصولها على الشهادات والتحاقها بالوظائف المختلفة، فقد
اظهرت الاحصائية ان المرأة تحصل على اجر اقل مما يتقاضاه الرجل. وتصل
نسبة أجر المرأة الى ما يعادل 89 % من قيمة ما يتقاضاه الرجل.
هذا بالنسبة لبلجيكا، اما بالنسبة لاوروبا او
بمعنى ادق باقي دول الاتحاد الاوروبي فان المرأة تحصل على نسبة اقل
حيث يصل معدل ما نتقاضاه من الاجر الى 84 % من قيمة ما يتقاضاه الرجل
الاوروبي.
اما على مستوى الشهادات الدراسية فقد اظهرت
الاحصائية ان نسبة السيدات اللاتي يحصلن على مستوى عال من التعليم
داخل دول الاتحاد الاوروبي بصفة عامة تصل الى 21 % بينما تصل نسبة
الرجال الى 23 %. وعن الاتجاهات التي تسلكها المرأة الاوروبية في
العمل بعد التخرج، قالت الاحصائية ان المرأة تفضل المجالات العلمية
والطبية والادبية والتعليمية، في حين يفضل الرجل الاتجاه الى اعمال
ووظائف ذات صلة بالامور الهندسية والتقنية.
نعم قد يتشعب البحث في موضوع جدلية معرفة
المرأة وما جبلت عليه من فطرة طيبة لكنها ما زالت تعاني من التمييز
في مختلف المجتمعات بينما يلاحظ أن سهم المرأة المسلمة المحجبة في
رفعة دائمة ويخلق عندها شعوراً قوياً بالاعتداد بنفسها فهي حين تتزوج
فإنها لا تكون في عائلتها المسلمة التي تشكل أحد قطبيها، مخلوقاً من
الدرجة الثانية، وذلك من باب التعميم على الأقل بما منحها الدين
الإسلامي الذي ساوى بينها وبين الرجل ولم يجعله يمتاز عليها إلا
بميزة القيمومة عليها وتلك حكمة الله في خلقه. وهذا يعني أن المساواة
في الإسلام بين المرأة والرجل مع احترام قيمومة الثاني ينبع من صميم
ما ينبغي أن يكون عليه كل منهما.
|