أعلن صندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (اليونيسيف)،
أن أكثر من نصف مليون طفل عراقي سيكونون بحاجة الى علاج نفسي بسبب
الحرب التي تشنها الولايات المتحدة وبريطانيا على العراق.
وقال ممثل اليونسيف في العراق كارل دي روي في
مؤتمر صحافي عقده في جنيف اعتقد ان نحو نصف مليون طفل في البصرة
والنجف وكربلاء وبغداد سيكونون بحاجة الى اعادة تأهيل نفسي اجتماعي
عندما نعود الى العراق.
وتعرضت المدن التي اشار اليها روي لموجات قصف
عنيف من الجو والبحر والبر، شنتها القوات الاميركية والبريطانية
الغازية.
وقال دي روي يوجد 5,7 ملايين طفل في سنّ
الدراسة الابتدائية في العراق ... وسيكون عشرة في المئة على الاقل من
هؤلاء الأطفال بحاجة الى المساعدة، وقد يكون العدد أكبر.
ومع ان اليونسيف لا تمتلك حتى الآن إحصاءات او
دراسات حول الآثار المحتملة للقصف على الأطفال، فإن دي روي ابلغ
الصحافيين كيف ان ابن احد موظفي اليونسيف في بغداد يبلغ التاسعة من
العمر كان بحاجة الى تهدئة روعه بعد ان أدى القصف الى تهشيم زجاج
نوافذ منزل عائلته. وأضاف هذا مثل واحد. نحن لا نعرف ماذا سنجد عندما
نعود الى هناك (العراق ) نعتقد انه سيكون هناك الكثير من الأطفال
المتضررين.
وقد أعربت منظمة الصحة العالمية عن قلقها من
الآثار النفسية للقصف الاميركي البريطاني على الأطفال وحتى الكبار في
العراق. وقالت المنظمة انها تخشى أن يحول القصف دون وصول المرضى الى
المستشفيات والمراكز الصحية لتلقي العلاج. لكنها قالت انها لم تتبلّغ
عن انتشار أوبئة او نقص في الأدوية والطواقم الطبية في المستشفيات
العراقية.
وعارضت منظمة هندية لجماعات حقوق الطفل الهجوم
على العراق، مشيرة إلى أن الاطفال هم الذين سيكتوون بأهوال الحرب.
وقالت شبكة ليبر آكشن لحقوق الطفل التي تضم
حوالى 250 منظمة غير حكومية معنية بمشكلات الاطفال ان صندوق الامم
المتحدة لرعاية الطفولة يقدر عدد الاطفال الذين لقوا مصرعهم بسبب سوء
التغذية والامراض بعد حرب الخليج العام 1991 والعقوبات الاقتصادية ضد
بغداد بنحو مليون ونصف مليون طفل.
وقال المنسق الوطني للشبكة جوزيف جاتيا إننا
نشعر بالاسى لإزهاق تلك الارواح، ونشعر بالصدمة بأن نرى التاريخ
بصورة ما يعيد نفسه. ونخشى من أن الحرب الراهنة لن تسهم فحسب في
زيادة المعاناة المتفشية بالنسبة للاطفال العراقيين، ولكن أيضا ستشجع
على سيطرة القوى الاصولية على عقولهم الصغيرة.
أضاف جاتيا إن التهديد (الذي يمثله العراق)
للسلام العالمي ليس خطيرا ووشيكا بما يبرر عملا وقائيا. ولأننا نعنى
بمستقبل الاطفال في هذا الكوكب، فإننا نعارض هذه الحرب بسبب المعاناة
التي ستسببها.
في هذا الوقت، يتساءل بعض الآباء الاستراليين
عما اذا كان يتعين عليهم منع أبنائهم من مشاهدة التلفزيون الذي ينقل
صور أحداث الحرب العراقية.
ويحذر خبراء علم نفس الاطفال من أن لقطات
الحرب من الممكن ان تسبب القلق لدى الاطفال وخاصة الاصغر سنا غير
القادرين على التفرقة بين الواقع والخيال. وذكرت بعض المدارس أن هناك
تلاميذ يعانون من الاكتئاب ويجهشون بالبكاء.
ونصحت الجمعية النفسية الاسترالية الآباء بمنع
الاطفال الذين لم تصل أعمارهم بعد لسن المدارس، أي دون سن الخامسة،
من مشاهد الحرب لأنهم لم يصلوا بعد لمرحلة النضح الانفعالي أو النفسي
لفهم الذي يدور حولهم.
ولكن لا يمكن منع تلاميذ المدارس من الانترنت
وغرف الدردشة والمجلات بل وحتى تجاذب أطراف الحديث في ملعب المدرسة.
وبالنسبة لهذه الفئة العمرية ينصح الآباء بمحاولة استكشاف ما يعرفه
الابناء بالفعل ومساعدتهم على فهم الحرب وتصحيح أي مفاهيم خاطئة.
ويحث علماء النفس الآباء على ملاحظة أي دلائل
قلق لدى ابنائهم مثل الارق أو الاحلام المزعجة او السلوك العدواني.
وكتبت الحكومة الاسترالية الى شبكات التلفزيون
تطلب منهم عدم نشر لقطات من الحرب في العراق أثناء وقت الذروة في
مشاهدة التلفزيون. وقالت الادارة المسؤولة عن خط ساخن خصص لإرشاد
الآباء حول أثر الاعلام على الاطفال ان عدد المكالمات زادت بشكل حاد
من الآباء الذين يطلبون المشورة خلال الأيام الخمسة الماضية.
ومن المعروف بان الحرب مهما كانت قصيرة الا ان
آثارها تبقى لفترة طويلة من الزمن، وتترك بصماتها الواضحة عند
الاطفال.
اذ تشير الدراسات إلى ان الحروب التي استمرت
طويلاً في لبنان قد ادت إلى عدد لا يستهان به من الاصابات كالاعاقة
والاضطرابات النفسية بين الاطفال، ويفسر الباحثون ذلك بأن الاطفال
اكثر عرضة لتأثير التجارب العنيفة التي تواجههم، اذ ليس لديهم على
العموم اساليب دفاعية محددة، كما هو الحال لدى البالغين لمجابهة
الحوادث التي تهددهم. لذلك يختلف رد الفعل النفسي عند الاطفال عن رد
فعل البالغين تجاه هذه التجارب.
عدا عن ذلك فإن الاطفال الذين يراقبون بأم
اعينهم ما تحدثه الحرب من ويلات لا يمكن ان تزول تلك المشاهد من
اذهانهم. ولهذا يمكن ان يتعرض مثل هؤلاء الاطفال للعديد من
الاضطرابات النفسية والسلوكية.
مشكلات عديدة اوضحت الابحاث والدراسات العلمية
التي اجريت عن الحالة الصحية لاطفال العراق، انه يواجه مشكلة زيادة
نسبة المعاقين، هذا فضلاً عن سوء الخدمات وانعدامها في اغلب الاحيان.
وقد كشفت احدث الدراسات ان هناك طفلاً واحداً
من بين كل ثمانية اطفال في العراق يولد بعجز خطير، حيث رصدت الدراسة
2126 حالة اعاقة، منها 731 حالة تعاني من ضعف القدرة على استيعاب
الدروس، و452 لديها توتر وانفعال، و330 تعاني من ضعف في النطق، و220
اعاقة ذهنية، اما الباقي فانهم يعانون من اعاقات اخرى مختلفة.
نقص معدل النمو وفي دراسة اخرى تبين ان اطفال
العراق يقل نموهم عن المعدل الطبيعي بنسبة 7% ويعتبر هذا الامر مؤشراً
خطيراً.
ومثل هذه الدراسات اجريت في سنوات الحصار، اما
اليوم وبسبب الحرب فإن هذه النسبة ستتضاعف بشكل خطير.
خطر الموت وتجدر الاشارة إلى ان احدى الوثائق
الرسمية الصادرة عن الامم المتحدة تشير إلى ان اندلاع الحرب سيعرض
30% من اطفال العراق ممن هم دون سن الخامسة لخطر الموت من سوء
التغذية، ان حوالي 26,1 مليون طفل من اصل 2,4 ملايين طفل.
|