كل عام تُقام مراسم العزاء الحسيني بشكل
متعاظم ومتزايد في سائر أرجاء العالم، عبر رفع اللافتات، وارتداء ثوب
الحداد، ونشر السواد على التكايا والجدران في الشوارع والأزقة، وعلى
أبواب المنازل ومحلات الباعة، كأحد أبرز علائم الحزن واللوعة لدى
أهالي كل منطقة من مناطق المسلمين على مستوى العالم.
قبل نحو سنتين، جرى تعليق وإضاءة عدد كبير جداً
من المصابيح الحمراء على أبواب المنازل والمحلات العامة والخاصة،
بناءً على اقتراح مرجع الطائفة الشيعية في العالم سماحة آية الله
العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي – طيب الله ثراه -، كتعبير رمزي
لدم وشهادة سبط الرسول الأكرم سيد الشهداء الإمام أبي عبد الله (ع)
وأولاده وأصحابه الأبرار – رض -، إحياءً لدين الله، وسنة رسوله
الأكرم محمد المصطفى (ص)، وإبقاءً لجذوة الإيمان، وإثارة لنوازع
الخير، والثورة في نفوس المؤمنين ضد الظلم والاستبداد في كل عصر ومصر.
وحين سئُل الإمام الشيرازي الراحل – قدس سره
الشريف – عن فلسفة هذا العمل، قال: (لا يمكن تمييز اللافتات السوداء
أثناء الليل، ولهذا انصبوا المصابيح الحمراء، لأجل أن تحكي حالة الهم
والحزن في الليل، فضلاً عن أنه كان هناك تقليد جار في مدينة كربلاء
المقدسة، بأن الناس يضيئون في أيام محرم الحرام مصابيح حمراء على
جدران الشوارع والدكاكين والمنازل).
من حسن الحظ أن هذه السنة الحسنة، قد اتسع
نطاق العمل بها خلال العامين الماضيين، وجعل أهالي هذه المدينة (قم
المقدسة) ينصبون اللافتات البيضاء والمصابيح الحمراء على جدران
الأزقة والشوارع في المناطق التي يقطنونها، بل حتى بلدية المدينة
استبدلت كل المصابيح المعلقة في أطراف ونواحي الحرم الطاهر للسيدة
فاطمة المعصومة (ع)، بمصابيح حمراء، وإبقائها مضاءة في ليلتي تاسوعاء
وعاشوراء؛ مما أضفى معلماً آخر من معالم الحزن واللوعة على أجواء
المدينة المقدسة.
جدير ذكره في هذا الصدد، أن إحدى الهيئات
الحسينية بادرت باهداء سبعة آلاف مصباح أحمر للمنازل، خلال الأيام
الماضية من شهر محرم الحرام الجاري، عملاً بالسنة الحسنة التي أحييت
بفضل الاقتراح السالف الذكر، والذي قدّمه المرجع الديني الأعلى
للطائفة الشيعية في العالم سماحة آية الله العظمى السيد محمد الحسيني
الشيرازي – أعلى الله مقامه – قبل نحو عامين، والذي طالما أكد سماحته
على تشديد الاهتمام بمراسم العزاء في عشرة عاشوراء سيد الشهداء
الإمام أبي عبد الله الحسين بن علي – عليهما السلام -، وكم حريٌ
بالهيئات الحسينية والمراكز والمؤسسات الإسلامية المنتشرة في أغلب
أقطار العالم، أن تعمل وفق هذه السنة الحسنة التي فيها إبراز أكثر
للاحتفاء بشهر الشهادة والدم الزكي الذي أُريق حفاظاً على روح الدين
القويم وقيمه ومبادئه، والسنة النبوية الشريفة التي عطّلها حكّام بني
أمية، وأحلوا محلها سنّة سيئة تخدم أغراض وأمراض أرباب السلطة
الغاشمة وأعوانهم...
|