ذكرت مجلة (نيوزويك) الأسبوعية الأمريكية في
عددها الصادر اليوم بأن إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش (الأبن) قررت
عدم إدراج السعودية على لائحة الدول التي لا تحترم الحريات الدينية،
مما سيؤدي إلى إثارة اعتراض المحافظين والمدافعين عن حقوق الإنسان
على السواء.
وأشارت المجلة إلى أن الجنرال المتقاعد كولن
باول وزير الخارجية، سينشر قريباً لائحة تضم أسماء الدول التي انتهكت
(برأي الولايات المتحدة) الحريات الدينية بصورة منهجية ومتواصلة، غير
أنه وبعد مناقشة حامية داخل إدارة بوش وبعكس توصيات اللجنة الأمريكية
حول الحرية الدينية الدولية، تقرر عدم إدراج الرياض على اللائحة
السوداء.
وكانت اللجنة المذكورة قد اعتبرت وبعد سقوط
نظام طالبان، أن السعودية (هي على الأكثر أسوأ دولة في مجال قمع
الحرية الدينية في العالم) كما قالت المجلة، وفي حديث لها حول
الموضوع قالت رئيسة اللجنة (فيليس غاير) (إني مستغربة ومصابة بخيبة
أمل) ولكنها أعربت عن (عدم دهشتها).
وسبق لبرلمانيون ورجال دين محافظون مراراً
عديدة أن المحوا إلى مسألة عدم احترام الحريات الدينية في
السعودية.
وبينت المجلة، أن الإدارة الأمريكية ترى أن
انتقاد السعوديين حول هذه المسألة وفي الوقت الذي تتهيأ فيه لشن حرب
على النظام العراقي الفاشي سيؤدي إلى نتائج معاكسة، وسوف لن يخدم
الأهداف الاستراتيجية للولايات المتحدة في الوقت الراهن.
ومن الطرف الآخر وحول نفس الموضوع أصدر المجلس
الأعلى لرعاية آل البيت بياناً ناشد فيه أنصار حقوق الإنسان لمساندة
شيعة الأراضي الحجازية وأورد البيان العديد من حالات القمع ضد الشيعة
السعوديين وحرمانهم من ممارسة حرية الشعائر الدينية.
وأورد البيان أيضاً عملية قيام الحكم السعودي
باستكتاب رموز شيعية في المنطقة الشرقية لتعهدات بمنع إقامة الشعائر
الحسينية وجاء في البيان أنه سبق للمجلس الأعلى لرعاية آل البيت في
مصر أن نشر بجريدة (صوت آل البيت) وفي أكثر من مرة عن ما تعرض ويتعرض
له الشيعة في المنطقة الشرقية من المملكة السعودية خلال الأعوام
السابقة.
وأضاف البيان: وللأسف لم يتعظ النظام السعودي
لما تعرض له في نجران بعد قيام بعض العناصر المتعصبة والحاقدة –
كعادتها – بحرق كتب الشيعة الإسماعيلية وما ترتب ونتج عن ذلك من قتل
وإصابات كاد أن يصل الى الحاكم نفسه.
وأشار البيان إلى ما قامت به السلطات السعودية
من أعمال، بعد إتهامهم لقبيلة (دهم) الشيعية بالتأمر مع أمريكا،
ومحاولة تلك السلطات على اتهام الشيعة في أرض الحرمين عموماً، لكي
تبرر ما يرتكبه النظام المذكور من أعمال قمع واضطهاد، وكبت وحرمان من
القيام بأبسط الشعائر والمعتقدات الدينية.
وأختتم البيان بمناشدة المجلس الأعلى لرعاية
آل البيت، أنصار الديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم، للحيلولة دون
تعرض الشيعة لمزيد من المآسي ولتسليط الأضواء على قضيتهم العادلة.
إن كل الدلائل والأحداث والوقائع السياسية
التي جرت وتجري منذ الحادثة (الهليوودية) يوم الحادي عشر من أيلول/
سبتمبر من عام 2001م وحتى هذه اللحظات تؤكد بما لا يقبل الشك، أن
الولايات المتحدة مقبلة على تنفيذ مشروعها الاستراتيجي للقرن الحادي
والعشرين والذي يتضمن القيام بإعادة صياغة أو ما يسمى إعادة رسم
الخريطة الجغرافية – السياسية للعالم القديم، وبالخصوص ذاك الذي قامت
بريطانيا بتشكيله (وصنعه) بعد خروجها من الحرب العالمية الأولى
باعتباره القوة الاستعمارية العظمى في العالم وقتذاك.
ولقد قلنا بأن الحرب القادمة على النظام
العراقي ستكون الخطوة الأولى والمرحلة الابتدائية لتنفيذ ذلك المشروع
الكبير المتعدد الجوانب.
وأشار الكثير من المحللين أن العربية السعودية
تقع ضمن ذلك المشروع التغييري الواسع، وأن واحدة من المسائل التي
تستقدم الولايات بإثارتها بوجه الحكم السعودي، والتي ستكون واحدة من
أهم الأسلحة التي ستستخدمها ضد ذلك النظام، هو حرمان الشيعة
السعوديين من حقوقهم الدينية طيلة سنوات حكم آل سعود ولكن يبدو ومع
اقتران بداية الحرب مع نظام العفالقة في بغداد أن هذا الموضوع قيد
التأجيل الآن، وحتى الانتهاء من تلك الحرب واحتلال العراق، وبه
ستنتهي المرحلة الأولى من المشروع.
ولكننا نعتقد بأن هذه القضية ستثار مجدداً
وبشكل أقوى بعد ذلك، وليس لنا غير أن ننبه إلى مخاطر إنجرار بعض
أبناء المنطقة الشرقية وراء ذلك المخطط، وأن عليهم أن يكونوا يقظين
في تعاملهم مع الولايات المتحدة..
لقد كان الشيعة وعلى أمتداد التاريخ هم أصحاب
الطريق السليم والصحيح في التعامل مع كل الأحداث والقضايا، إسلامية
كانت أو وطنية وحتى قومية، وكانوا دائماً أيضاً هم الرافضين للتعاون
مع أي أجنبي، وأول المقاومين لكل الغزاة والمستعمرين.
وهم ومنذ عقود يتعرضون للقمع والاضطهاد وكم
الأفواه والحرمان من أبسط حقوق الإنسان سواء أكان ذلك في العراق أو
في المملكة السعودية أو في البحرين، على الرغم من أنهم يمثلون
الغالبية العظمى من السكان في بلدانهم أو في مناطقهم كما هو في
المنطقة الشرقية من نجد في المملكة السعودية.
ولكنهم وعلى الرغم من كل وسائل القمع فأنهم لم
يركنوا للظلم ولم يركعوا لظالم.
وهاهي الولايات المتحدة القوة العظمى الأولى
في العالم، ترى بأنها وفي عالمها الجديد الذي تريد بحاجة الى
مساندة الشيعة في هذه المنطقة الحيوية من العالم، وهي اليوم إذ تتبنى
بعض مطالبهم، بعد أن ساندت تلك الأنظمة طيلة عقود عديدة، أو سكتت،
وصمتت عما كانت تقترفه من جرائم وفظائع، وسحق وإهانة لأبسط حقوق
الإنسان، وهي إقامة الشعائر وممارسة الحرية الدينية.
فإن على الشيعة ولأنهم أصحاب قضية عادلة، أن
لا يلوثوها بالاغراض والمطامع الدنيئة والرخيصة للولايات المتحدة.
|