احيت الهند الذكرى الـ
55 لوفاة الزعيم الروحي لها المهاتما غاندي باداء صلوات وطقوس
وزيارة نصبه التذكاري ووضع اكاليل من الزهور عليه.
واقيم احتفال كبير عند ضريح غاندي الذي يطلق
عليه (غاندي سمادي) في منطقة راجغات بالعاصمة نيودلهي حضره الرئيس
الهندي ابو بكر زين العابدين عبد الكلام ورئيس الوزراء اتال بيهاري
فاجبايي وزعيمة المعارضة سونيا غاندي وعدد من الشخصيات البارزة في
الهند.
واقامت ولايات الهند احتفالات مشابهة تقديرا
للمهاتما غاندي الزعيم الروحي للامة او (ابو الامة) .
على صعيد متصل شنت منظمة (ار اس اس)
الهندوسية المتطرفة اليوم هجوما عنيفا على المهاتما غاندي وقالت
انه ارتكب اخطاء كبيرة ما زالت الهند تدفع ثمنها.
واضاف رئيس المنظمة كي اس سودارشان في كلمة
له باحتفال اقامته المنظمة لجمع تبرعات قالت انها لحماية
الهندوس من المسلمين ان غاندي تسبب في انفصال باكستان عن الهند.
واوضح ان غاندي ارتكب خطأين اولهما تأييده
لنظام الخلافة الاسلامي والاخر موافقته على ان يصبح جواهر لال نهرو
اول رئيس لوزراء الهند مضيفا ان نتيجة تلك الاخطاء هي انفصال
باكستان عن الهند.
يذكر ان غاندي عاش حياة حافلة بالتضحية من
اجل استقلال الهند وحماية الفقراء واتبع فلسفة اتسمت بالسلم المطلق
لتحقيق اهدافه التي نادى بها.
اذ بدأ غاندي كفاحه التاريخي بصراع كبير في
جنوب إفريقيا ضد التفرقة العنصرية. وحين عاد بعد 21 سنة إلى بومباي
استقبل استقبالا مذهلا. وفي ذلك اليوم أطلق الناس عليه اسم (المهاتما)
أي (الروح العظيم).
وفي الهند عاود غاندي نشاطه ضد المستعمرين
الإنجليز، وقاد حملة اللاعنف في مواجهة الاستعمار الإنجليزي وتبعها
بحركة عدم التعاون. وتعرض غاندي للسجن أكثر من مرة ليعود من جديد
ليقود حركة العصيان المدني. وقرر الصوم بعد أن واجه الإنجليز الحركة
الشعبية بمنتهى العنف. وفي يناير 1948 بدأ غاندي صومه الكبير حتى
الموت إن لم يكف أهل دلهي الهندوس عن اضطهاد المسلمين وكراهيتهم،
واغتيل المهاتما غاندي في مثل هذا اليوم من عام 1948 على يد المتطرف
الهندوسي ناترام غوش في حادثة لاتزال تشكل لغزا محيرا للكثير
من الهنود، وكان ذلك في يوم من يناير 1948 بينما هو ماض إلى الصلاة
عجوزا، أضناه الصوم وجعله شبحا من الجلد على العظام يتوكأ على حفيدته،
برز في طريقه رجل بدا له أنه يهم أن يركع أمامه. وعلى بعد قدمين من
المهاتما أطلق الرجل المشئوم ثلاث رصاصات على غاندي الذي خر مع
الرصاصة الثالثة وهو يهتف بصوت ضعيف: يا إلهي.
وقد اشتهر غاندي بفكرته المعروفة اللاعنف وكان
قد جاء بها من جنوب افريقيا حيث النضال اللاعنفي ضد التمييز العنصري،
وبدأ بتطبيقها مع قيام الحرب العالمية الأولى 1914 حين اضطرت الهند
إلى مساندة الحلفاء وتقديم المعاونة الكبيرة أملا في الحصول على
الحكم الذاتي بعد انتهائها. ولكن الإصلاحات التي أدخلت بعد نهاية
الحرب لم تحقق هذه الآمال. وبدأ المؤتمر الهندي القومي بزعامة
المهاتما غاندي حركة منظمة من (عدم العنف) وكانت الهند خلال الحرب قد
فقدت الكثير من الضحايا لصالح بريطانيا التي وعدت بنوع من الحكم
الذاتي للهند. ولكنها حنثت بعهدها مما أثار الخواطر. وأعلن غاندي
الصوم العام وحركة العصيان المدني التي تقوم على كسر القوانين
الجائرة. وبدأت حركة عدم التعاون مع الإنجليز.
كانت فكرة غاندي في عدم التعاون بسيطة واضحة.
فقد رأى أن سلطة البريطانيين في الهند قائمة على تعاون جميع الطبقات
معهم.. فإذا أمكن سحب هذا التعاون فلن تستطيع الحكومة البقاء.
وقد اعتقد غاندي أنه وجد هذا المبدأ في مسألة
عدم العنف، وأعلن أنه لايتفق أن نناهض الحكومة ونعمل معها. فليست
المقاطعة إذن كافية إذا اقتصرت على الواردات الإنجليزية وحدها، وإنما
يجب مقاطعة المدارس الإنجليزية والمحاكم والأعمال والوظائف
الإنجليزية.
وبدأ غاندي تنفيذ فكرته، فقاد حملة مقاطعة
الملابس الأجنبية من أجل تحرير الاقتصاد الوطني. وبدأ ينفق كل يوم
أربع ساعات أمام مغزل يدوي لينسج قماشا اسمه (الخضار) راجيا أن يسوق
بنفسه للناس مثلا يحتذى فيستخدموا هذا القماش البسيط المغزول داخل
البلاد وبأيدي أبنائها بدلا من شرائهم المغازل البريطانية التي جاءت
خرابا على صناعة النسيج في الهند.
ونجحت المقاطعة. وبالفعل جاء الهنود والأغنياء
والتجار بما كان لديهم في دورهم ومخازنهم من المنسوجات الواردة من
الخارج فألقوا بها في النار. وفي بومباي وحدها أكلت ألسنة اللهب مائة
وخمسين ألف ثوب من القماش. وكانت حركة عدم التعاون هي مقدمة مرحلة (اخرجوا
من الهند).
وتوجت الحركة الغاندية بالانتصار في أغسطس
1947 حينما وافق الإنجليز مضطرين على الخروج من الهند. وانتهت
السيادة البريطانية حينما أسقط ملك بريطانيا عن نفسه لقب (إمبراطورية
الهند). وظفرت الهند باستقلالها بعد أن فصلت عنها الولايات ذات
الأغلبية الإسلامية وكونت منها دولة باكستان.
|