الكتاب:
كيف نزوّج العازبات؟
المؤلف:
السيد محمد الحسيني الشيرازي.
الناشر:
هيئة خدام المهدي (ع)، بيروت.
الطبعة:
ط2، 1423هـ/2002م.
عرض:
بشير البحراني
يقف سماحة الإمام المجدد آية الله العظمى السيد محمد الحسيني
الشيرازي (قدس سره الشريف) في هذا الكتاب على موضوع مهم جداً، يرتبط
بحياة الإنسان واستقرارها، وهو موضوع التخلص من العزوبة باتجاه
الزواج المشروع.
يقول الإمام المؤلف في مقدمة كتابه: «قد صارت
العزوبة بنات وبنيناً مشكلة في كل بلاد الإسلام -حسب ما أعلم-
والفتيات أكثر تضرراً من غيرهن» [ص7-8]. ولذلك فسماحته يتطرق في
الكتاب إلى بعض الموضوعات المهمة في هذا المجال رغبة منه في تسهيل
أمر الزواج بالنسبة للرجال والنساء، وحسبما يشير الناشر من أن الكتاب
لا يقتصر على موضوع تزويج العازبات فقط، «بل يشمل مسألة تزويج العزاب
أيضاً، ولعل المؤلف (قدس سره) خصص العنوان بالعازبات من باب ضرورة
عدم الغفلة عن مشاكلهن ولزوم الاهتمام بهن، مضافاً إلى أنهن الأكثر
تضرراً في مشاكل العزوبة، بالإضافة إلى أن عددهن أكثر من العزاب في
المجتمعات خاصة إذا لاحظنا أن الرجال أكثر عرضة للموت من النساء
لمشاركتهم في الحروب وخوضهم في الأعمال الشاقة الخطرة» [ص7-8].
إذاً، نحن أمام مشكلة إنسانية كبيرة تمس حياة
كل فرد، واستقرار كل مجتمع، والكتاب الذي بين أيدينا يحاول أن يسلط
الضوء على هذه المشكلة بحثاً عن الأسباب والحلول.
السؤال المهم: ما هي موانع الزواج؟
في الفصل الأول من كتابه؛ يناقش الإمام المؤلف
بعض المعوقات التي تمنع الشباب والشابات من الزواج، ومن هذه الموانع
أو المعوقات؛ إلغاء قانون إباحة الأرض لمن عمرها، حيث أن ذلك عقّد
عملية الحصول على مسكن مما أدى إلى تأجيل وتسويف الزواج ريثما يتوفر
سكن للزوجين.
ومن الموانع؛ إلغاء قانون الأمة الواحدة، حيث
تولدت الكثير من العقبات بسبب الحدود الجغرافية المصطنعة بين البلدان
الإسلامية، مما قيّد التنقل والزواج من أي بلد مسلم بسهولة دون
الاصطدام بالقوانين الوضعية في هذا البلد أو ذاك.
ومن الموانع؛ عدم تطبيق قانون الأخوة
الإسلامية، حيث صار بعض المسلمين ينظرون في موضوع الزواج إلى الفوارق
الطبقية بين بعضهم البعض، كما أنهم لا يساعدون إخوانهم في الدين على
الزواج.
ومن الموانع؛ وضع قيود قانونية مفتعلة لم ينزل
الله بها من سلطان، وذلك فيما يرتبط بالعادات والتقاليد والقوانين
الحكومية الوضعية، مما يثقل ويقيد موضوع الزواج بالأغلال.
ومن الموانع؛ البطالة حيث ساهمت بقوة أيضاً في
عرقلة مشاريع الزواج.
يقول الإمام المؤلف: «بعد أن آثر الكثير من
المسلمين والمسلمات العزوبة على الزواج ورغبوا عن سنة رسول الله (ص)
ابتليت البلاد الإسلامية بالعديد من المشاكل وظهرت في مجتمعاتهم
الكثير من المظاهر السيئة التي لم يكن لها أثر ولا خبر أصلاً في
المجتمعات الإسلامية سابقاً» [ص35].
ففي الفصل الثاني من الكتاب يسلط سماحته الضوء
على بعض الآثار الوخيمة لازدياد حالات العزوبة في المجتمع الإسلامي،
ولعل أول هذه الويلات؛ رفض الحجاب الذي شرعه الإسلام على المرأة،
وكان هذا الرفض بمثابة الإشعال لمزيد من المصائب على المجتمع.
كما أنه بسبب العزوبة ازداد وتفشا الزنا بين
المسلمين، كما ابتلي الكثير بعادة سيئة وهي العادة السرية أو
الاستمناء، كما لوحظ تفشي المساحقة بين العازبات واللواط بين العزاب،
وتشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال، وانتشرت العديد من الأمراض
النفسية والجسدية.
*
خطوات في حل مشكلة العزوبة:
سؤال جميل في غاية الأهمية يطرحه الإمام
المؤلف: من أين نبدأ في حل مشكلة العزوبة؟
وحسب رأي سماحته فإن الحل ليس صعباً، وإن
المشكلة في أن الأمة غير جادة في الحل فكأنها تنكره أو لا تعتقد به،
«فإن نقطة البداية لحل جميع مشاكل المسلمين، تتمثل في الرجوع إلى سنن
الإسلام العزيز. ففي مشكلة العزوبة وكيفية زواج العازبات والعزاب
مثلاً، عندما نعود ونعمل بسنن الإسلام كما عمل بها المسلمون السابقون،
فإننا سنقضي عليها تماماً فلا يبقى في بلادنا الإسلامية من يعاني من
مشكلة العزوبة» [ص74].
ويرى الإمام المؤلف بأن من الأمور الجدير
بالمسلمين في العصر الراهن أن يؤكدوا عليها؛ هو تركيز ثقافة الزواج
في المجتمع وبيان استحبابها المؤكد في الشريعة الإسلامية السمحاء،
وحث الشباب على الزواج عبر الإعلام والتعليم وما شابه، كما ينبغي على
أهل الخير من المقتدرين مادياً المساهمة في مشاريع الزواج وإعانة
الشباب على ذلك، ومن ذلك أن تساهم الشركات والمؤسسات التجارية بتقديم
بعض المساعدات العينية للزوجين مثل أثاث البيت على سبيل المثال،
وينبغي الحث على الزواج المبكر على وجه الخصوص، وجعل مهر المرأة
قليلاً حيث في ذلك سعادتها، واتخاذ البساطة في العيش، وعدم التقيد
بالماديات، ونبذ العادات والتقاليد التي لا ضرورة فيها، وتحذير الناس
من خطر ومفاسد العزوبة، وحث الناس إلى الالتجاء إلى الدعاء والتوسل
من أجل أن يسهل الله عز وجل لهم أمر الزواج ويوفقهم فيه.
ومن الأمور التي يحث عليها الإمام المؤلف أيضاً
في هذا الباب؛ هو العمل على إقامة المجالس الحسينية البيتية، حيث تحل
البركة على أهل البيت الذي يقام فيه المجلس ومن ذلك توسع رزقهم وكفهم
عن البلاء والمرض وتزويج أبنائهم وبناتهم وغير ذلك.
يضع الإمام المؤلف لكتابه خاتمة يضمنها العديد
من الأمور؛ منها حثه على ضرورة أن تحسن الزوجة معاشرة زوجها،
واستحباب الزواج بين وفاة الزوج أو الزوجة. كما يعدد الإمام المؤلف
في خاتمة كتابه بعض آداب الزواج والخطوبة.
وقبل أن يختم كتابه يعود ليؤكد مسؤولية
المسلمين في التصدي لحل مشكلة العزوبة والقضاء عليها في شتى أنحاء
العالم، ويركز سماحته على دور رجال الدين والخطباء في هذه المسألة.
|