اجرت صحيفة المؤتمر العراقية حوارا في تاريخ
13 /12/2002 مع الاستاذ نزار حيدر
الذي يعتبر من الناشطين في مجال المعارضة العراقية، وجاء في الحوار:
المؤتمر: أصدرت سلطة بغداد سلسلة من
القرارات، مثل إطلاق سراح السجناء ورفع القيود عن السفر، كالغاء
الضريبة عن المسافرين وغيرها ، ماهو برأيكم القصد أو السبب الذي دفع
هذه السلطة الى إصدار مثل هذه القرارات الان وليس قبل ذلك؟
نزار حيدر: بات من الواضح جدا أن سياسة نظام
بغداد تعتمد مبدأ (كل شي من أجل البقاء في السلطة) كاستراتيجية ثابتة
لاتتغير. كان ذلك في العام 1975 م عندما أهتزت سلطته فتنازل عن كل شي
لشاه ايران أنذاك وقبل يديه، وتكرر المشهد في عام 1991 م عندما
كادت عاصفة الصحراء ان تعصف بسلطته فوّقع على كل شي متوسلا في خيمة
صفوان حتى سمى العراقيون الديكتاتور (بصام حسين) تندرا لكثرة مابصم
ووقع.
ويتكررالمشهد اليوم بعد أن تيقن النظام من أن
راسه هو المطلوب هذه المرة وليس أسلحة الدمار الشامل فقط.
ولذلك حاول ويحاول إعطاء صورة مغايرة للحقيقة
والواقع من خلال اصدار سلسلة قرارات تبدو للعيان وكان العراق بدأ
ينافس اعرق دول العالم ديمقراطية فبادر مثلا الى فتح أبواب السجون
على مصراعيها (حسب بما يدعي) وأعلن انه ليس في العراق اليوم أي سجين
سياسي. وكلامه هذا صحيح 100% كالنسبة المئوية التي حصل عليها
الديدكتاتور في الاستفتاء الأخير، ولكن بالمقلوب. فاذا كانت النسبة
المعلنة للاستفتاء 100% كذب ، فان الادعاء بأن سجون العراق خالية من
نزلائها صحيحة 100% ، لان النظام لم يبق على أي سجين سياسي حيا، أذ
تمت تصفيتهم جميعا أما بعمليات الإعدام الجماعية، أو بحملات تنظيف
السجون التي يقودها إبن الديكتاتور، واما باستخدامهم مادة للتجارب
المختبرية على الأسلحة الفتاكة المحرمة دوليا.
إن طبيعة القرارات التي صدرت مؤخرا عن النظام
تحكي عن نفسها بشكل واضح وجلي، فهو يحاول بها ذر الرماد في عيون
المغفلين من جانب، وكسب ود الشعب العراقي والحيلولة دون تمرده على
السلطة حال تعرض النظام لاي هجوم عسكري محتمل من قبل الولايات
المتحدة الامريكية من جانب أخر.
كذلك سعى النظام بمثل هذه القرارات لاعطاء
مادة لحلفائه في المجتمع الدولي كفرنسا مثلا للدفاع عنه أمام التصلب
الأمريكي والبريطاني من خلال حصرالموضوع في أسلحة الدمار
الشامل فقط وإغلاق الباب أمام واشنطن التي تحصر النظام وحلفائه في
زاوية حرجة من خلال فتح ملفات أخرى غير ملف الاسلحة مثل ملف حقوق
الإنسان ومحاكمة صدام وأعوانه كمجرمي حرب ضد الإنسانية وغيرها. إضافة
الى أن النظام حاول بقرراته الأخيرة أن يساعد فلول المثقفين
والاعلاميين العرب المأجورين من الذين باعوا آخرتهم بدنيا سيدهم
الديكتاتور من خلال إعطائهم مثل هذه المواد الصحفية الدسمة التي تطرب
لها اليوم آذان الشعوب العربية والاسلامية المغلوبة على أمرها
ليواصلوا التطبيل والتزمير والثناء والمديح له من على شاشات التلفزة
والفضائيات والصحف والمجلات.
أما الحقيقة فلا زال نظام بغداد لم يغيرمن
طبيعته الدكتاتورية المستبدة الأرهابية قيد أنملة، فهل يمكن للذئب أن
يستبدل طبيعته العدوانية بأخرى مسالمة؟
فلازال الديكتاتور الآمرالناهي الوحيد ولازالت
الأجهزة القمعية والأرهابية هي التي تسيطر على الشارع العراقي بلا
منازع ولازالت الأفواه مكممة وإرادة الشعب مصادرة والسجون والمعتقلات
أعيد تنظيمها لتستقطب المزيد من المعارضين والمتمردين والرافضين لهذا
النظام، الذي لم يكن ليبادر إلى هذه المسرحيات لو لم يشعر أن ساعة
التغيير باتت قاب قوسين أو أدنى، في محاولة منه لتأجيلها وليس
لالغائها بالتأكيد، لعل الزمن يحدث لصالحه أمرا ما في الربع ساعة
الأخيرة، وهو يراهن على إحتمالات التصادم بين واشنطن وباريس في
مجلس الأمن أو غيره.
وبكلمة موجزة فان حديث الديكتاتور صدام حسين
عن الديمقراطية يشبه الى حد بعيد حديث المومس عن الشرف.
المؤتمر: كيف تقيمون وضع المعارضة العراقية
الآن، بمعنى هل تمكنت المعارضة من الإرتقاء الى مستوى الإنعطافة
الخطيرة التي تمر بها القضية العراقية؟
نزار حيدر: أعتقد أن مشكلة المعارضة العراقية
في كل برهة زمنية معينة من عمرها المديد تتلخص في ثلاثة امور:
الامر الأول: هي أنها لاتمتلك مشروعا حقيقيا
وواضحا لاسقاط نظام بغداد، وتغيير الاوضاع في الداخل لصالح إرادة
الشعب العراقي، يأخذ بنظر الأعتبار الظروف الموضوعية التي تمر بها
القضية العراقية في كل مرة. واذا كانت أحيانا تمتلك مثل ذلك
فلا يعدو كونه ملامح عامة ونظرية مجردة لاترقى الى مستوى المشروع
الفعلي والعملي القادر على تحقيق إنجاز ملموس على الارض. ولذلك
فهي ترنو بعيونها عادة الى القوى الخارجية تستمد منها الدعم كلما
لاحت في الافق بوادر جدية، سواء الأقليمية منها أو الدولية
ساعية الى معرفة ماتحمله في جعبتها لاسقاط النظام ومن ثم هي تسعى
للاستفادة من هذا المشروع او ذاك قدر الأمكان.
الأمر الثاني: انها لاتزال تعيش عقدة إختصار
بعضها للبعض الاخر، فنرى في كل حقبة زمنية هناك من الفصائل المعارضة
من يدعي أنه يمثل كل الساحة فيسعى لالغاء الآخر او اقصائه عن
الساحة.ان من يفكر بتغييرالاوضاع في العراق بعد إزالة الديكتاتورية
لتحل محلها الديمقراطية، ينبغى عليه أن يثبت مصداقيته للآخرين
اليوم وهو في المعارضة قبل أن يصل الى السلطة غدا، ليطمئن
الآخرون ويصدقوا متبنياته وشعاراته. لأن من يتعامل بديكتاتورية
وأستبداد مع زملائه ورفاق دربه وهم بعد في المعارضة لايمكن أن ننتظر
منه تعاملا ديمقراطيا مع الاخرين عندما يصل الى السلطة. ان
صورة التعامل في مرحلة ماقبل السلطة هي الصورة الحقيقية وإن كانت
المصغرة لصورة التعامل في مرحلة السلطة.
الامر الثالث: أنها تحولت إلى سفراء للدول
المضيفة في ساحاتها الداخلية بدل ان تكون سفراء ساحاتها
الداخلية الى الدول المضيفة، وهذا أفقدها الكثيرمن خصوصياتها ونقاط
قوتها وإرادتها وهيبتها.
نتمنى أن تقلع المعارضة عن هذه الصفة وتقرر أن
تعين نفسها سفراء قضيتها الى كل القوى الأقليمية والعربية والدولية
التي تتعامل معها أو تبدى إستعدادا لدعم قضيتها.
أما المعارضة العراقية في هذه المرحلة بالذات
فاعتقد أنها بحاجة الى أن تتحلى بسعة الصدر ليستوعب بعضها البعض
الآخر، فلا يقولن أحدهم أنني أولى من الآخر أو أن يسعى هذا الطرف
لالغاء الطرف الآخر، أو أن يسعى بعضهم لاضعاف البعض الآخر أو
تلخيص هذا التيار او ذاك بإسمه أو تنظيمه.
المعارضة العراقية بحاجة إلى رفع شعار يحمل
ثلاث لاءآت: ألاولى، لا للإلغاء، والثانية، لا للتهميش،
والثالثة، لا للمصادرة. فلا يلغي أحد أحدا، ولايهمش تنظيم ولايصادر
نشاط.
إن القضية العراقية تمر اليوم بمنعطف مصيري
خطير بحاجة الى طاقات جبارة كبيرة وكثيرة لايقدر فصيل أو قائد أو
تيار على ضمانها او توفيرها لوحده، ولذلك يلزم أن يفسح المجال للجميع
ليشارك في عملية التغيير ومن دون إستثناء أحد، ومن كل حسب طاقاته
وقدراته ومميزاته.
يخطأ من يظن أنه القادر لوحده على إستغلال
فرصة التغيير من دون جهد الآخرين، ويخطأ من يتصور أن الساحة بلون
واحد أو بتيار واحد فيعمد الى إلغاء الاخرين وتكريس وجوده لوحده.
ويخطأ من يظن أن قوته تكمن بتضعيف الآخرين أو أنه سينهض إذا اتكأ على
الآخرين وأقعدهم عن العمل وسلب منهم الفرصة.ان لكل جهد عراقي معارض
تنظيما كان أم فردا، موقعه الطبيعي في عملية التغيير وأن لكل منهم
مفتاح لحل عقدة ما من عقد القضية العراقية، فلماذا نزهد به
وتظل العقدة من دون حل ؟
المؤتمر: كيف ترون الخارطة الاسلامية السياسية
وما هو موقف القوى الاسلامية
العراقية عموما وموقفكم خصوصا من عملية
التغيير سواء بمساعدة العامل الخارجي أو
بانتفاضة جماهيرية عراقية؟
نزار حيدر: لاتختلف الخارطة الإسلامية
السياسية كثيرا عن بقية أجزاء خارطة المعارضة العراقية وان كانت
تتميز ربما ببعض نقاط القوة التي لاتمتلكها بقية الاجزاء، الا انها
بشكل عام جزء هام ومكمل لخارطة المعارضة، فلا هي تفكر في الاستغناء
عن بقية اجزاء الخارطة، ولا باقي الاجزاء تفكر بذلك. ولهذا نرى
أن الحركة الاسلامية بكافة فصائلها وقياداتها تؤكد دائما بانها جزء
لايتجزء من الخارطة العامة والكبيرة والواسعة للمعارضة العراقية،
شاركت معها في النضال والتضحية في مختلف المراحل، كما ساهمت معها
بمختلف التحالفات السياسية وتعاونت معها على عقد كل المؤتمرات طوال
العقدين الماضيين، كما أنها لاتزال تقيم تحالفات إستراتيجية وثيقة مع
بقية التيارات بمختلف إتجاهاتها الفكرية والسياسية والقومية.
أما بالنسبة للموقف من عملية التغيير، فكان
بودنا جميعا كعراقيين أن ياتي التغييرعلى يد الشعب العراقي مباشرة،
ومن دون تدخل من أي قوة خارجية إلا أن قسوة النظام على الشعب وقواه
المعارضة، وسياساته الكارثية التى ورطت البلاد بثلاث حروب عبثية
داخلية ومع الجيران من جانب، والمشاكل المتعددة والمستعصية في
بعض الأحيان التي تعيشها المعارضة العراقية بسبب كونها المعارضة
المهاجرة الوحيدة في العالم أجمع ومن دون استثناء من جانب ثاني،
والتناقضات التي يعيشها الجوار العراقي إزاء قضيتنا والموقف من
النظام وعملية التغيير، سواء فيما بينه، أو بينه وبين العامل
الدولي من جانب ثالث. إن كل ذلك ساهم بشكل أو بآخر، وبكل أسف، في
تدويل القضية العراقية حتى أنتهت الامور الى مانراه اليوم من صراع
محموم بين الإدارة الأمريكية التي تصر على تغييرالنظام في
العراق وبين الأخيرالذي يصر على البقاء في السلطة مهما غلا الثمن.
فيما تتوزع المواقف الأقليمية والعربية والدولية بين من يقف مع
واشنطن في مشروعها ضد النظام وبين من يصطف الى جانب النظام ضد
الإدارة الامريكية. الكل ينطلق من مصالحه الذاتية المعروفة ولاأستثني
أحدا من ذلك.
وبين مطرقة الولايات المتحدة الأمريكية وسندان
النظام الديكتاتوري يقف الشعب العراقي ومعه المعارضة العراقية بكافة
تياراتها وفصائلها وشخصياتها ساعية الى الإستفادة من الفرصة للإجهاز
على النظام بأقل ثمن ممكن وبأسرع فرصة متاحة.
وبسبب هذه الظروف المعقدة، ترى المعارضة أن
مسار الأحداث يجب أن ينتهي بإسقاط النظام الحاكم في بغداد، وإقامة
البديل الوطني الذي يؤمن للشعب الحرية والعزة والكرامة، في ظل نظام
ديمقراطي تعددي دستوري برلماني يعيد للعراق عافيته
ويساعده على أن ياخذ موقعه الإقليمي والعربي
والدولي الطبيعي. نظام يحترم حقوق
الإنسان ويطلق العنان لارادة الشعب الذيسيختار
بملئ إرادته وبكامل حريته نوع
النظام السياسي الذي يرتئيه، في إطار حكم
الأغلبية مع إحترام رأي الأقلية التي
ستمكّن من لعب دورها في الحياة السياسية من
دون ديكتاتورية الأغلبية، من خلال
الاحتكام الى صناديق الاقتراع فقط ، (صوت واحد
لمواطن واحد). ليضع حدا للعبة
الانقلابات العسكرية (السرقة المسلحة) سيئة
الصيت.
وإزاء كل ذلك تشخص امام المعارضة العراقية
مسؤولية إستثمار الفرصة والتعاون مع
من يمد لها يد العون والمساعدة لتحقيق إرادة
الشعب العراقي في الخلاص من هذا النظام الديكتاتوري الأرعن.
نحن مع كل مساعدة تقدم للشعب العراقي في إطار
المصالح المتبادلة، وإحترام الإرادة والخصوصية للخلاص من النظام
الدكتاتوري، سواء جاءت من الدول الاقليمية أو من المجتمع الدولي.
ولكننا وبكل تأكيد وحزم واقولها بضرس قاطع، لسنا مع أية مساعدة
مقرونة بالاملاءآت والشروط التي ربما تساهم مرة اخرى في مصادرة رأي
الشعب العراقي، وتجاوز إرادته وسحق حقوقه وكرامته وهدرطاقاته وتبديد
مستقبله وتطلعاته.
نحن نتمنى على المعارضة العراقية أن تحث الخطى
لتجميع صفوفها والإتفاق والاعلان عن القواسم المشتركة في عملية
التغيير ومايخص عراق مابعد الديكتاتورية، والاتفاق على مرجعية سياسية
واحدة تمثل كل مكونات الشعب العراقي، قادرة على طمأنة دول الجوار
والمجتمع الدولي بشأن مستقبل العراق، لتسد كل الأبواب والمنافذ بوجه
المتربصين بها الدوائر، لاقتحامها بحجج وأعذار واهية، إ ما لتشويه
سمعتها أو لحشد الرأي العام ضدها ولصالح النظام أو لفر ض إملاءات
معينة هي في نهاية المطاف بالضد من إرادتها وإرادة شعبها، او
بالتخويف من إحتمالات مايسمونه بالتقسيم أو الحرب الأهلية أو ماشابه
من العناوين المرفوضة وغير الواقعية.
المؤتمر: كيف تنظرون الى مواقف الحكومات
العربية والاسلامية من قضية الشعب العراقي واصطفاف الكثيرمنها مع
سلطة صدام؟
نزار حيدر: إن مما يؤسف له حقا هو هذا الموقف
العربي والاسلامي المتخاذل من قضية الشعب العراقي، والذي يصب كل
إهتمامه على النظام ومستقبله من دون أن يعير الشعب العراقي ومأساته
وظروفه أي إهتمام.
إن القضية ليست منحصرة بالنظام والادارة
الامريكية، كلا وانما هناك الشعب الذي عانى ماعانى من الديكتاتورية
الحاكمة في بغداد نيف وثلاثين عاما، فلماذا النظر الى القضية من
زاوية واحدة، ولماذا لاتنظر لها الأنظمة العربية والاسلامية من مختلف
جوانبها. لقد أبتلى الشعب العراقي بنظام بطموحات مريضة يتصف
بالقابلية على تنفيذ سياسات ورغبات الاخرين، من جانب كما أبتلى بجوار
اصم ابكم أعمى، لايسمع صرخاته ولاينتصر لمظلوميته ولو بكلمة طيبة،
ولاينظر الى حمامات الدم التي لاتزال تجري انهارا من شمال العراق الى
جنوبه مرورا بالوسط مدة 35 سنة.
أما إذا تضررت مصالحه مباشرة من النظام تراه
يملأ الدنيا صراخا ويقيمها ولايقعدها لماذا؟ أو ليس الشعب العراقي
بشرا هو الاخر؟ أوليس لهذا الشعب حق الجوار على جيرانه؟ أو لم يناصف
شعوب المنطقة والعالم العربي والاسلامي خيرات بلاده؟
أجزم ان الأنظمة التي تصطف اليوم مع نظام
بغداد أنما هي أحد نظامين: أما مستفيد من النظام، او خائف على حاله
بعد التغييرالمرتقب في بلاد الرافدين.
يبقى أن هناك نوع ثالث من الأنظمة، تلك
هي التي لاترغب بأن ترى صدام حسين في السلطة في بغداد، الا أنها في
نفس الوقت لاتريد أ ن يتغير النظام السياسي القائم في العراق، ولهذا
فهي تسعى الى فرض بدائل اقرب ماتكون الى نموذجها السياسي، ولضمان ذلك
فهي تسعى للحفاظ على النظام السياسي مع تغيير راس الهرم الحاكم فقط،
وهذا مانراه مضرا بمصلحة الشعب العراقي ولايخدمها بشكل من الاشكال
ولايحل المشكلة. ان مثل هذا الامر مرفوض من قبلنا جميعا جملة وتفصيلا.
كنا نتمنى ان يساعد العالم العربي والاسلآمي
شعب العراق في محنته مع الدكتاتورية حتى لانضطر الى ماأضطررنا اليه
الان، اما وقد الت الامور الى ماالت اليه اليوم، نتمنى عليها الا
تعارض عملية التغييرالمرتقبة في العراق، فليقولوا خيرا او يسكتوا.
المؤتمر: بعد الاختلافات والخلافات الكثيرة،
هل تفضلون عقد مؤتمر موسع للمعارضة، ام تقليص حجم المشاركة على العدد
المعروف؟
نزار حيدر: اذا ارادت المعارضة العراقية وخاصة
ما بات يعرف بمجموعة الستة ان تحترم نفسها وتقوي شوكتها وتحافظ على
وحدتها، فلتبادر الى فسح المجال امام الجميع ليشاركوا في الجهود
المبذولة من اجل تغييرافضل .
يكفي المعارضة العراقية التخطيط في الظلام
ويكفيها سياسة الاقصاء والتشبث بالاساسي وغير الاساسي وعليها ان
لاتعول كثيرا على شهادات تصدرها عناصر في الادارة الامريكية لتحدد
لها من هو الاساسي ومن هو غير الاساسي.
ان كل عراقي معارض ناشط هو عنصر اساسي في
عملية التغيير مالم يثبت العكس، ولايثبت العكس الا بعد سقوط نظام
بغداد والاحتكام الى صناديق الاقتراع، فعندها فقط يحق لمن يشاء ان
يدعي انه اساسي وغيره ثانوي اذا ماأعتمده الشعب وصوت لصالحه وصالح
مشروعه السياسي وتنبنياته الفكرية.
اننا مع عقد مؤتمر عام موسع للمعارضة العراقية
يشارك فيه الجميع، فليس من المعقول ان نهمش من يعرض خدماته لصالح
عملية التغيير بحجج واهية.
كما اننا ضد الوصاية التي يسعى البعض لفرضها
على هذا التيار اوذاك الخط . اذ ليس من حق احد ان ينصب نفسه
وصيا على الاخرين مهما كان موقعه في الخارطة السياسية للمعارضة
العراقية او امتد نضاله في عمق الزمن او زادت تضحياته على الاخرين،
لاننا جميعا سنظل مدينين للشعب العراقي الذي ناضل وضحى وصمد وتحمل
الالام اكثرمن اي واحد منا.
ادعو الفصائل ا لستة الى التحلي
بالواقعية والشجاعة والاخلاص والمرونة لتبادر فورا الى التنازل عن
الامتياز الذي كسبته بزيارتها الى واشنطن (!!) لصالح عموم
المعارضة العراقية، وذلك قبل فوات الاوان، والا فان الاصرار على
قضايا هامشية والتضحية بالقضايا الاستراتيجية والتشبث بالفيتو الذي
منحته لنفسها من دون ادنى وجه حق يعرض مصداقية المعارضة الى التساؤل
والتشكيك ،خاصة وان الوقت يجري لغير صالحنا فلا بد من التنازل للصالح
العام لتحقيق المطلوب ولنتذكر ابدا بان المعارضة اليوم امام امتحان
القدرة واختبار الوحدة والقيادة.
النقطة المهمة التي يجب ان لا تغيب عن
بالنا هي ان المعارضة العراقية قطعت اشواطا كبيرة ومهمة في مؤتمر
صلاح الدين، سواء على صعيد تسمية التيارت ونسب التمثيل، او على صعيد
الهيئات القيادية والخطاب السياسي، ولذلك فان من المناسب ان تستفيد
المعارضة من جهدها الذي بذلته طوال العقد الماضي من الزمن لاكمال
المشوار مع الاخذ بنظر الاعتبار المعطيات الجديدة ومتطلبات المرحلة
الحالية حتى لاتبدا مرة اخرى من نقطة الصفروالذي يعني الاستهانة
بالجهود الذاتية والزمن المبذول.
اننا على ثقة عالية من ان المعارضة العراقية
قادرة على لملمة شملها والعض على الجراح وتجاوز مرارات الماضي
واخطائه لتثبت كفاءتها وحرصها وقدرتها على حاضر العراق ومستقبله من
اجل استغلال الفرصة التاريخية على طريق بناء مستقبل زاهر للعراق بعد
اسقاط النظام الدكتاتوري ،ولتؤكد مرة اخرى انها فوق الحزبية الضيقة
والفئوية المحدودة وانها على استعداد تام للتنازل عن كل شيء الا
المصلحة العليا للشعب العراقي، بالضبط مثلما فعل التيار الكردي مؤخرا
عندما تجاوزت فصائله وقادتها المناضلين كل مشاكل الماضي وتعقيداته
ليعيدوا الحياة من جديد الى العمل المشترك تحت قبة البرلمان.
المؤتمر: نشكركم لاتاحتكم لناهذه الفرصة
لاجراء هذا اللقاء.
نزار حيدر: أشكركم كذلك متمنيا لكم كل التوفيق
والنجاح ول (المؤتمر) السداد في تبليغ رسالتها الاعلاميةالمقدسة ،
رسالة الشعب العراقي المظلوم، وكلي أمل في أن نلتقي في المرة القادمة
في العراق الجديد ، عراق الحرية والكرامة والعزة، عراق الديمقراطية
والتعددية والحياة البرلمانية والدستور، عراق الانسان الجديد المتمتع
بحريته وإرادته وكرامته ، عراق السلم والأمن، عراق يحترم حقوق
الإنسان ويصون الدين والعرض والعلم ، ويحترم العلماء، عراق المجتمع
المدني، بعد زوال النظام الديكتاتوري باذن الله تعالى.
* ولد نزار حيدر في محافظة كربلاء
المقدسة، عام 1959 م. وإنتمى لصفوف الحركة الاسلامية المجاهدة في
العراق عام 1972 م. وشارك بفاعلية في انتفاضة صفر عام 1977، انهى
دراسته في جامعة السليمانية كلية الهندسة قسم الاليكترونيات عام
1980. ولنشاطه السياسي المتميز في الجامعة طورد من قبل سلطات الأمن
وحكم عليه بالاعدام غيابيا في ثلاث قضايا سياسية منفصلة مما اضطرته
الظروف القاسية للهجرة الى خارج العراق ليواصل نشاطه المعارض في
بلدان المهجر التي استقر فيها لفترات زمنية متفاوتة منها سوريا
وايران وعدد من الدول الاوربية ثم ايران ولبنان وسوريا ليستقر به
المقام حاليا في العاصمة الأمريكية واشنطن.
انتخب عضوا في أول مكتب سياسي لمنظمة العمل
الاسلامي في العراق عام 1989 م ليعاد انتخابه مرة ثانية في العام
1992، كما راس تحرير جريدة (العمل الاسلامي) الناطقة باسم المنظمة في
الفترة (1982-1989) كما ان له مساهمات اعلامية وثقافية وفكرية
في العديد من وسائل الاعلام العربية وخاصة صحف المعارضة العراقية.
|