التوصل إلى حل سياسي دائم يحظى بالدعم الدولي يتضمن تلبية احتياجات الشعب الفلسطيني وإقامة دولتهم المستقلة هو الحل الأفضل لضمان الاستقرار في المنطقة خصوصاً إن استمرار الحرب في غزة سيكون له تداعيات على القضية الفلسطينية والفلسطينيين منها انتهاكات واسعة لحقوق الانسان من قبل الاحتلال الإسرائيلي من خلال إصابة...

ناقش مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية وضمن نشاطاته الفكرية الشهرية موضوعا حمل عنوان (مآلات ما بعد طوفان الاقصى) بمشاركة عدد من مدراء المراكز البحثية، وبعض الشخصيات الحقوقية والأكاديمية والإعلامية والصحفية في ملتقى النبأ الأسبوعي الذي عقد بمقر مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام، قدم الورقة النقاشية وأدار الجلسة الحوارية الدكتور قحطان حسين طاهر أستاذ جامعي وباحث في مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية، وابتدأ حديثه قائلا:

"في الساعات الاولى من صباح السابع من تشرين الأول شنت كتائب عز الدين القسام الذراع العسكري لحركة حماس هجوماً عسكريا مباغتاً ونوعياً على المستوطنات الاسرائيلية، وتضمن الهجوم إطلاق آلاف الصواريخ على مستوطنات في ديمونا وهود هشارون والقدس، بالتزامن مع اقتحام بري من مقاتلي حركة حماس الجهادية بواسطة السيارات والدراجات والطائرات الشراعية بأسلوب لم يكن يتوقعه الإسرائيليون، وأسفرت هذه العملية العسكرية عن سيطرة مقاتلي حركة حماس على عدد من المواقع العسكرية القريبة من قطاع غزة مثل سديروت، وأسروا أعداداً من جنود جيش الاحتلال الاسرائيلي، وبعد أن خرج الجيش الاسرائيلي من هول الصدمة واستجمع قواه بدأ بشن هجوم واسع النطاق على غزة في عملية اطلق عليها السيوف الحديدية رداً على ما أسماه الفلسطينيون طوفان الأقصى.

وبعيداً عن أحداث المعركة وما يدور فيها من كر وفر وقصف إسرائيلي بلا رحمة لمناطق غزة والتي ذهب ضحيتها آلاف من الأطفال والنساء والشيوخ، لابد من الإشارة إلى إن هذه الحرب هي امتداد لحروب سابقة بين الطرفين وجاءت نتيجة لاستفزازات الاحتلال الاسرائيلي للفلسطينيين واعتداءاته المتكررة على أراضيهم بهدف توسعة المستوطنات اليهودية في ظل تردي الأوضاع المعيشية في غزة حيث تشير تقارير الأونروا إلى أن ٨١% من سكان خط مستوى الفقر، ويبدو إن ذلك قد أوصل الفلسطينيين إلى مرحلة اليأس وشعور بأن ليس أمامهم سوى الحرب لإجبار الاحتلال الاسرائيلي على الاعتراف بحقوقهم.

وبما إن لكل بداية نهاية فالكثير تساءل عن الكيفية التي ستنتهي بها هذه الحرب، وعند الحديث عن المشاهد المتوقعة لانتهاء الحرب في غزة، علينا أن نأخذ بنظر الاعتبار إن الوضع في المنطقة معقد ويتأثر بعوامل كثيرة، مع ذلك يمكن أن نضع المشاهد الآتية عن كيفية انتهاء الحرب:

1- وقف إطلاق النار، قد يتوصل الطرفان إلى اتفاق لوقف اطلاق النار ينهي القتال بينهما، ويمكن أن يتم هذا الاتفاق نتيجة للجهود الدولية المشتركة وضغوط المجتمع الدولي على الأطراف المتحاربة ومن ثم الدخول في مفاوضات للتفاهم بشأن المواضيع الخلافية.

2- اتفاق سياسي، يمكن أن يتم التوصل إلى اتفاق سياسي يعالج القضايا الاساسية والمشكلات العميقة التي تؤدي إلى تصاعد العنف بين الطرفين، قد يشمل هذا الاتفاق تبادل الاراضي ووضع خطوط حماية، وتوفير المساعدات الاقتصادية والانسانية للسكان.

3- استمرار الصراع، من الممكن الا يتم التوصل إلى أي اتفاق لوقف القتال، ويصر كلا الطرفين على موقفة وعدم التنازل عن مطالبه مما يؤدي إلى استمرار الحرب، مما قد يؤدي إلى توسع القتال يشمل أطراف محلية ودولية أخرى.

عموماً ان التوصل إلى حل سياسي دائم يحظى بالدعم الدولي يتضمن تلبية احتياجات الشعب الفلسطيني وإقامة دولتهم المستقلة هو الحل الأفضل لضمان الاستقرار في المنطقة خصوصاً إن استمرار الحرب في غزة سيكون له تداعيات على القضية الفلسطينية والفلسطينيين منها على سبيل المثال:

1- انتهاكات واسعة لحقوق الانسان من قبل الاحتلال الإسرائيلي من خلال إصابة واستشهاد الآلاف من الفلسطينيين وتشريد الآخرين وتدمير ممتلكاتهم مما يزيد من معاناة الفلسطينيين.

2- تدهور الاقتصاد والبنى التحتية، من خلال تدمير المنشآت الحيوية مثل المدارس والمستشفيات والمصانع، وهذا من شأنه أن يؤثر سلباً على اقتصاد غزة ويعيق توفير الخدمات الضرورية للشعب الفلسطينيين.

3- تعزيز الانقسام السياسي بين الفصائل الفلسطينية مما يعرقل مساعي توحيد المواقف والاتفاق على برنامج شامل ومشترك في مواجهة إسرائيل.

4- عرقلة جهود التسوية السياسية للقضية الفلسطينية، فالعنف والقتال والدمار يحد من عملية التفكير والسعي الى فرص التوصل إلى اتفاقات وتفاهمات سياسة مستدامة ومقبولة.

إن هذه التداعيات والآثار الناجعة من الحرب في غزة في حالة عدم احتواءها ومعالجتها من الممكن أن تتسع ليكون لها أبعاد إقليمية ودولية تصيب الشرق الاوسط والنظام العالمي ككل من خلال المظاهر الآتية:

1- ازدياد التوتر الاقليمي عندما تتوسع دائرة الحرب لتشمل حلفاء ومؤيدي حركة حماس عند إسرائيل ومصالح الدول الداعمة لها مثل الولايات المتحدة والاتحاد الاوربي لتتحول بالنتيجة إلى حرب بالوكالة.

2- انتشار العنف والصراعات في مناطق أماكن أخرى من منطقة الشرق الأوسط بدفع من دول فاعلة وقوية يهدف رفع الضغط عن إسرائيل مثلاً (الولايات المتحدة وافتعال الأزمات).

3- تغيير موازين القوى في الشرق الاوسط كأحد نتائج الحروب إذ تؤدي أحيانا إلى تقوية أحد الأطراف أو ضعف طرف آخر مما يؤدي إلى اختلال أو تغير التوازن بين أطراف و دول النظام الاقليمي أو الدولي.

4- تضرر العلاقات الدولية وارتباك المواقف السياسية عندما تكون مطالبة بتحديد موقف واضح من الحرب ودعم طرف ضد آخر وهنا تكون غير قادرة على الموازنة بين القرارات المبدئية التي قد تضر بين المصالح الاستراتيجية.

5- التأثير على المظاهر الثقافية والاجتماعية لشعوب المنطقة إذ من الممكن أن تؤدي الحروب إلى تعزيز القيم السلبية في الثقافة وتزداد معها عدم الانسجام الاجتماعي وازدياد الكراهية والطائفية والقومية والولاءات الفرعية.

6- تهديد أمن إسرائيل بما يدفعها إلى تغيير استراتيجيتها والبحث عن حلول مقبولة.

7- التأثير على الاقتصاد العالمي (زيادة أسعار النفط) وتباطؤ النمو العالمي.

وللاستزادة من الآراء والمداخلات حول الموضوع تم طرح السؤالين الآتيين:

السؤال الأول/ ما الآثار المحتملة لحرب غزة على القضية الفلسطينية؟.

السؤال الثاني/ ما بعد طوفان الاقصى، كيف سيكون شكل الشرق الاوسط، وكيف ستؤثر تحولاته على النظام العالمي؟.

المداخلات

- الدكتور حميد مسلم الطرفي:

"إن الطعنة العميقة والصفعة القوية التي وجهتها حماس للكيان الغاصب لجبروته العسكرية وسمعة جهاز مخابراته واستخباراته لن ترممها المجازر ضد المدنيين ولا قصف المستشفيات والمدارس والجوامع، وهو إنما يقوم بذلك للتنفيس عن صدمة 7/10 وامتصاص غضب المستوطنين في الكيان، حتى الآن ورغم الدمار الهائل الذي نال قطاع غزه من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه فإن النتيجة التي يتفق عليها عدو حماس وصديقها هي لصالح حماس والقضية الفلسطينية عموماً.

الكيان الغاصب اليوم ثور هائج يتخبط يميناً وشمالاً، وضع لنفسه سقوفاً في الأهداف لا يمكن الوصول اليها بسهولة فهو في ورطة ان تراجع عنها أضاف لنكسته الاولى نكسة جديدة وان أصر عليها فثمنها باهظ.

الجمهورية الاسلامية في ايران لا تسمح -وعبر أذرعها في المنطقة بهزيمة حماس في معركة طوفان الأقصى.

للكيان مخرجان من الأزمة الأول استخدام ورقة أسراه تحت ذريعة الخشية على حياتهم ووقف العمليات العسكرية حفاظاً عليهم وإجراء صفقة تبادل تقود إلى هدنة والثاني هو الإتيان بمجزرة جديدة كضرب أحد المستشفيات تُمَرر من خلاله أمريكا قراراً لمجلس الامن ملزم بوقف الحرب وفي كلا الحالتين فان حماس والقضية الفلسطينية هما المنتصران.

أما عن شكل الشرق الأوسط الجديد فهو مرهون بتطورات ما يجري في غزة فإن توسعت رقعة الحرب وتدخلت الولايات المتحدة فستكون روسيا والصين الداعم الأكبر لإيران وأذرعها رغبةً في استنزاف أمريكا بإغراقها في مستنقع حرب طويلة الأمد ولتخفيف الضغط على روسيا في جبهة أوكرانيا وسيبقى الشرق الأوسط مضطرباً لمدة، ذلك إذا أصرّت امريكا على ان يخرج الكيان منتصراً بهذه الحرب أما إذا قبلت بقاعدة لا غالب ولا مغلوب (وفق تصورها هي) فستجد للكيان مخرجاً كما أسلفنا والأيام حبلى بكل ما هو جديد".

- الأستاذ صادق الطائي:

"الكيان الاسرائيلي بنى نفسه كقوة عسكرية فقط دون ان تكون دولة ذات بعد اقتصادي ثقافي ومعرفي، عندما انهارت القوة العسكرية فقدت كونها دولة ذات ابعاد دولية متنوعة، بل تحولت الى معسكر منهزم ومنهار فاقد لروح المبادرة والنهوض، دولة بنت مؤسساتها على روح المبادرات العسكرية، لا يمكن ان تنهض وتبني نفسها مرة اخرى وهذا يعني ان (طوفان الاقصى) في غزة أنهى اهم سلاح او وسيلة تؤمن بها اسرائيل وهي التبختر والشعور بالفوقية.

من خلال عملية طوفان الأقصى شعرت الجماهير والمنظمات العاملة ان شعارات الحرية وحقوق الانسان والديمقراطية هي أكاذيب والفاظ وكلمات فضفاضة لا معنى لها، صنعت من اجل الخداع والكذب ولا يمكن الاعتماد عليها وبها، وكذلك افرزت (غزة) وطوفان الاقصى محور ذو بُعد ثوري يدافع عن (المستضعف) وارجاع حقوقه المسلوبة في ان حماس أحد اعضاء البارزين والمهمين في جبهة المقاومة والممانعة في الشرق الاوسط، طبعاً الكل يعلم تطور اسلوب المواجهة بدأ من الحجارة الى الصواريخ التي تضرب بها الدبابات والشاحنات العسكرية، واثبتت قدرتها على مقارعة الاحتلال".

- الدكتور علاء الحسيني:

"هذه الحرب ستنتهي في يوم من الأيام ولكن لن تحدث اثار حقيقية او ملموسة، على مجمل هذه الملفات وذلك لوجود المعسكرات التي كانت هي داعمة لأحدى هذه الجهات ومتمسكة بمواقفها في الاعمال التي تقوم بها بين الحين والآخر، وان كل الملفات العالمية التي فيها محاور صراع لم نجد فيها تغييرا حقيقيا او لافت للنظر كما في أفغانستان واليمن وليبيا مثالاً، وكذلك رغم كل الاحداث الكبيرة التي حدثت في هذه الدول ولكن لا زالت تقريباً نفس الأوضاع مسيطرة على هذه الملفات وهذا بسبب قواعد الصراع بين الدول الكبرى ومحاور الصراع بين الدول الكبرى الداعمة لإسرائيل وان قواعد الصراع التي بينهم لم تتغير، لذلك لا أتصور حدوث تغيير حقيقي، وان إسرائيل كل الذي تهدف له هو استعادة شيء من هيبتها وشيء من عنفوانها الذي فقد في هذه الحرب، وهناك شخصيات في الحكومة اليمينية المتطرفة وعلى رأسهم نتنياهو وغيرهم يحاولون احداث اكبر ضرر بالفلسطينيين وغيرهم من حلفائهم في لبنان وغيرها من الدول، ولذلك أتصور ان الحرب سوف تنتهي قريباً وتأتي على تغييرات فقط داخل إسرائيل على مستوى القوة والأحزاب الحاكمة في داخلها، اما على مستوى فلسطين سوف تبقى على نفس الوضع وان حماس سوف تبقى الطرف المهيمن في غزة وتبقى فتح وحلفائها في الضفة الغربية وتبقى القضية الفلسطينية مؤجلة الى بعد حين".

- الاستاذ عدنان الصالحي:

"ان كل البشرية بمجرد رؤيتها للجرائم التي تحدث للشعب الفلسطيني بالنزعة الإنسانية يستنكر هذا الامر، ولكن نحن اليوم نفكر بطريقة عقلانية وبطريقة الاستشراف المستقبلي والتحليل الآني والمستقبلي للأمور التي تحدث لذلك لن نتحدث بعاطفة في هذا الجانب، وان حماس فاجئت العالم كله حسب الظاهر وغير المعتاد من مظاهرات وغيرها التي تحدث بشكل دوري في فلسطين، وهل ان الذي حدث هو تكتيك من حماس من اجل العودة للواجهة ام انها شعرت بانها ستخرج من اللعبة الدولية ام انها ارادت ان تقطع جسر التطبيع للدول المطبعة واحست ان الطريق بدأ يضيق على الفلسطينيين، او قد يكون ذلك استدراج صهيوني لحماس على ان هناك أزمات داخل إسرائيل، فلذلك ان الاحداث التي حدثت قد يكون لم يخطط لها بالشكل الدولي ولكنها لا تخلو من هذه الاحتمالات، وان ما بعد عملية الطوفان المستفيد الأكبر هي أمريكا بالوقت الحاضر.

المنطقة تحاول ان ترسم مرة أخرى ولكن بالمواقع التي لا تتعارض مع الامريكان والمناطق التي تتعاون مع الامريكان وكأنما حرب حماس هي بالون الاختبار او المادة التي تختبر من خلالها الدول أي الدول مستعدة وممكن ان تكون غزة منزوعة السلاح تحت الاشراف الأمريكي، وقد تكون هناك قوات حفظ النظام داخل غزة وهناك من رفض هذا الامر ولكن الموضوع لن يكون بمزاجيات او قد تكون دول متعددة في محيط غزة تفصل بينها وبين باقي المقاطعات على ان تجعلها منطقة محصورة، وبعد طوفان الأقصى ستكون حماس مقيدة الحركة ولكن قد يحجمها وربما يصل ادراجها على قائمة الإرهاب وقطع التمويل المالي منها وادراج أسمائها على جرائم الحرب لكن المشكلة من وجود قوات اجنبية تكون بالقرب من غزة او داخلها هذا الشيء وارد جداً إضافة الى تشكيل المنطقة وتصنيفها من قبل الامريكان على شكل محاور وسيكون لهم حساب مع كل دول وفق موقفها الحالي".

- الدكتور مسلم عباس:

"ان الحدث مستمر وتتغير مجرياته في كل يوم، وهناك تحديث يومي لهذا الصراع في قطاع غزة وبالتالي سنتحدث عن أشياء تحققت بغض النظر عن نتائج المعركة وهنا نتحدث عن سيناريوهات اكثر مما نتحدث عن حقائق واقعية، وان الجانب الأول الذي تحقق بغض النظر عن نتائج تحدث بعد نهاية هذه الحرب التغير الذي حدث بالأمن الإسرائيلي، والحديث هنا عن الجيش الذي لا يقهر وهذه الفكرة انتهت بعد الاحداث التي جرت، وكذلك انتهت فكرة بناء الحواجز وكل أنواع الأسلحة هي غير قادرة على توفير الامن بإسرائيل الا من خلال الاعتماد على الحلول السياسية والحلول التي ترضي الأطراف الأخرى اكثر من الحلول التي ترضي إسرائيل، وبالتالي الحديث عن صفقة القرن او ما يشابه صفقة القرن او غيره هذا حل غير عملي اطلاقاً ولا يمكن ان ينجح، وان النتيجة الأساسية التي حدثت هي تهديم لفكرة الامن الإسرائيلي المطلق وهذه الفكرة هدمت وربما قد تكون لفترة طويلة.

اما السيناريوهات التي نتحدث عنها ومنها فشل إسرائيل في تحقيق أهدافها، ومواجهتها لازمة كبيرة على مستوى الجانب الاقتصادي او الإنساني، والسيناريو الاخر هو نجاح إسرائيل بالقضاء على حماس ولو ان هذا السيناريو مستبعد ولكن ممكن حدوثه وهنا ستواجه ازمة كبيرة وتتورط بإدارة منطقة غير مقتنعة او لا يوجد مقبولية لديها بتقبل إدارة إسرائيلية عليها او حتى إدارة دولية وهذا الامر لا يتأقلم معه الفلسطينيين، وربما الأخطر من هذا ظهور تنظيمات اكثر راديكالية من حركة حماس وهذا ما يسبب مشكلة اكبر بغض النظر عن كل نتيجة وستعاد فكرة هذه التنظيمات المسلحة المتطرفة على اعتبار انها حصلت على الشرعية وان الدول المدنية لم تحقق الذي حققته الجماعات المسلحة وبالتالي نحن كشعوب لا يحمينا الا هذه الجماعات وبالتالي بغض النظر عن أي نتيجة هذه الجماعات المسلحة سوف تصعد أسهمها في الدول العربية".

- الشيخ مرتضى معاش:

"هناك تحولات عالمية جيوسياسية كبرى تحصل في العالم، من الحرب الأوكرانية وقبلها الربيع العربي، والان قضية (إقليم قرة باغ) وتهجير 120 الف شخص وهو حدث كبير في العالم وقد تقبل بشكل طبيعي ومر مرور الكرام، وكذلك قضية تهجير مئات الالاف من اللاجئين الأفغانيين اجبروا على العودة من باكستان خلال أسبوع ولم يتم تسليط الضوء عليها بقدر اهميتها، وهناك احداث عالمية أخرى قادمة.

القضية الفلسطينية ليست بعيدة عن هذه التطورات بل هي في عمق التطورات التي تحصل وفعلاً ستنتج أشياء جديدة في الواقع العالمي، وان مستقبل هذه القضية اما استمرار إسرائيل ونتنياهو في الحرب مع حماس وتدمير غزة كاملا وتهجير مليونين ونصف الى خارج غزة وتحقيق هذا السيناريو صعب جداً حيث سيفجر متغيرات جديدة في المنطقة، وإسرائيل كما تحاصر غزة فهي محاصرة ايضا من قبل الضفة الغربية وعرب إسرائيل وكذلك الجولان، كما ان اوروبا قد لا تقبل في تهجير اهل غزة لأنه ستولد ازمة مهاجرين جديدة في أوروبا، وكذلك فان مصر والأردن لا تتحمل تهجيرا جديدا لأنها هي بحد ذاتها تعيش في ازمة اقتصادية، السيناريو الثاني يتمثل في انهاء غزة ولكن بقاء السكان في غزة ونهاية حماس او انسحاب حماس والدخول في هدنة بشرط المفاوضات التي تدخل فيها دول مثل تركيا وقطر الذين لديهم نفوذ على حماس ويقومون بسحب حماس من غزة كما انسحب ياسر عرفات في عام 1982 من لبنان، اما السيناريو الثالث هو ان تبقى حماس وتنتهي الحرب، وهذا ما قد يريده الامريكان رغم انهم لا يصرحون به خوفاً من ظهور تنظيمات متطرفة مثل داعش والقاعدة تصبح بديلا لحماس بعد غيابها عن غزة.

لذلك سوف تبقى حماس كما بقت طالبان في أفغانستان، ولكن مع نزع سلاح حماس واحلال قوات دولية وحكومة تكنوقراط من الفلسطينيين تحت اشراف الأمم المتحدة. ولكن إسرائيل قد لا تقبل بهذا السيناريو، لأنه سيؤدي الى سقوط الدولة اليهودية والدينية وسقوط اليمين المتطرف، وهو المشروع الذي يخطط له في المنطقة وهو انهاء الدول الدينية الذي يعد مشروع اليسار العالمي الليبرالي وبالتالي هيمنة القيم الغربية، كما ان بعض المفكرين اليهود هم ضد الدولة الصهيونية كما يدعون ويعتبرون ان هذه الدولة هي عملية تحجيم لليهود في العالم ووضع اليهود كلهم في مكان جغرافي واحد وبالتالي ضياع النفوذ اليهودي في العالم.

ان نتنياهو بالقصف العنيف الذي يمارسه هو محاولة لإثبات لوجوده وضمان بقائه، وكذلك يريد تقليل خسائره حتى يعطي لنفسه مكاسب عند المجتمع الإسرائيلي. ولكن هذه الازمة اثبتت من خلال التطورات انها تحولت الى ازمة معقدة داخليا وإقليميا ودوليا، كما ان الرأي العالمي قد انقلب من مؤيد الى إسرائيل الى ناقم على إسرائيل، لذلك نتنياهو دعا اليهود بالرجوع الى إسرائيل باعتبار ان إسرائيل أكثر امانا لهم".

- الاستاذ احمد جويد:

"النتائج ومهما كانت كيفيتها وان كانت ستدمر غزة بالنتيجة هو انتصار عالمي حققته حماس عبر الاعلام بكسرها للجدار، وان الحرب الدائرة هي حرب يمين إسرائيلي متطرف يمثله نتنياهو وحرب اخوانية متطرفة تمثلها حركة حماس وهي فقدت الكثير بفشل الربيع العربي في مناطق مثل مصر وغيرها ولم يبقى لها تركيا وقطر وبذلك هي اضطرت الى اللجوء لمحور المقاومة، ولنا ثلاثة مواقف منها الداخل الفلسطيني الذي تمثله الدولة ضد حركة حماس والموقف العربي الرسمي غالباً ضد حماس ويدين حماس، اما الموقف الدولي الرسمي يدين حماس ويعتبرها ارتكبت جريمة وهي المعتدية، وتبقى خيوط اللعبة كلها بيد الامريكان وهم المسيطرون وهي بالنتيجة متحكمة بالمشهد، فما زال انهم مثبتين قواعدهم وبوارجهم وهي قوة لا يستطيع احد التصرف خارج نطاق الخطوط التي ترسمها، وتبقى أمريكا هي المتحكمة بالمشهد والامريكان يعتبرون إسرائيل مرتكز وثابت من ثوابت الحكومات الامريكية والتي تؤكد على امن إسرائيل وبالتالي تعتبر إسرائيل قضية محورية بالنسبة للداخل الأمريكي السياسي، وان نية إسرائيل في قضية حل الدولتين وبالتالي هي تماطل لكي لا تحصل فلسطين على دولة وان نهاية هذه الحرب قد يكون بنهاية حركة حماس والتضييق عليها".

- الدكتور حسين السرحان:

"مستقبل القضية الفلسطينية ومستقبل الشرق الأوسط مرتبط بإشكاليات تتعلق بالأمرين، وعادة اللاعب الأساسي او المهم امنياً وسياسياً بالمنطقة هي ليست الدول فقط وانما هناك جماعات لا دولتية، ومنطقة الشرق الأوسط تتميز عن باقي مناطق العالم بهذه الخاصية ولذلك الصراع فيها يكون متمثل بعدم الاستقرار والهشاشة الأمنية وتكون مستمرة، وان القضية الفلسطينية هي متغير وهذا المتغير يوظف من قبل الحكومات ومن قبل الجماعات اللاحكومية بالمنطقة كلٌ حسب تفاعلاته الإقليمية والدولية حتى في الداخل الإسرائيلي توظف القضية الفلسطينية لأغراض سياسية حتى في العراق، وان طبيعة هذا الصراع كلا المتحاربين حماس والحكومة الإسرائيلية هما متطرفين وان حماس حركة يمينية متطرفة تصنف في بعض الأحيان على انها حركة إرهابية كذلك الحال بالنسبة لإسرائيل الحكومة اليمينية المتطرفة وهي إرهابية وكلا الطرفين متشابهين في طبيعة التكوين، ومن طبيعة الأهداف حماس تريد القضاء على إسرائيل بشكل كامل بالمقابل المتطرفين في إسرائيل يريدون القضاء على حماس بشكل كامل وهذه الأهداف المعلنة لكل منهما لذلك الصراع لن ينتهي بشكل سريع ولن يتم القضاء على حماس ولم يتم القضاء على إسرائيل، وان الفواعل الإقليمية هي التي تؤدي دور كبير في هذا الصراع وكحكومات وحتى ايران يتعاملون مع الموضوع بمنطق الدولة وليس منطق الثورة وان ايران في سلوكها الخارجي اختلفت في التعامل مع هذه الاحداث عن احداث 2014 واحداث 2006 مع حزب الله، وان حماس تصنف كجماعة سنية متطرفة لا تلتزم بأوامر ايران كمحور المقاومة في العراق وسوريا ولبنان واليمن لذلك ربما القضاء على حماس يأتي من مصلحة ايران ايضاً بالرغم من تشابه الأهداف وربما اذا ما حصل التطبيع ترتمي حماس في أحضان المملكة العربية السعودية.

العراق رسمياً ليس من ضمن محور المقاومة واكد على حل الدولتين والرجوع الى حدود 67 هذا مقررات 2002 وتم تأكيد هذه المقررات في بغداد 2012، والسوداني في كلمته في قمة القاهرة اكد على موضوع حل الدولتين ولا زال موقف الحكومي العراقي هو حل الدولتين وليس القضاء على إسرائيل".

وفي ختام الملتقى تقدم مدير الجلسة الدكتور قحطان الحسيني بالشكر الجزيل والامتنان إلى جميع من شارك برأيه حول الموضوع سواء بالحضور او من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، كما توجه بالشكر الى الدعم الفني واللوجستي الخاص بالملتقى الفكري الاسبوعي.

* مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية / 2001 – 2023 Ⓒ
http://mcsr.net

اضف تعليق