q

تتصاعد حمى التطرف الديني وتأخذ الحيز الأكبر من إهتمام العالم، ولعل مرد ذلك يعود الى الطبيعة التي عليها هذا النوع من التطرف الذي ينتج عنه عنف غير مسبوق وقاتل وصدام حضاري صارت جهات ومؤسسات ودول تستثمره في تفكيك منظومات وبقاء أخرى قوية وفاعلة ومؤثرة كالصهيونية العالمية وآلة الإقتصاد القاتل الغربية والأمريكية.

فالتطرف الديني الذي ضرب بين المسلمين السنة والشيعة وأوصلهم الى حال من التردي والتخلف والضياع والعداوة والخسارات لم يعد محدودا، أو مقيدا بقيود الجغرافيا، بل هو اليوم جزء من مشكلة العالم، ويكاد يحول الكرة الأرضية الى ساحة صراع مفتوح وممتد، فالتطرف الذي تمثله داعش والقاعدة والمنظمات السرية الإسلامية إنطلق من ساحة الصراع في المنظومة العربية والإسلامية الى بقية العالم، وصار يهدد الحياة البشرية بأوجهها المختلفة.

يتحول الصراع الى شكل آخر أكثر حدة، فهناك شبه صدام مسيحي إسلامي، ومسيحي يهودي، وإسلامي يهودي، بعضه متخف، ومنه الراكد، وهناك مايتأجج منه ويخيف العالم، اليوم يضرب المتطرفون المسلمون في أنحاء من أوربا وأمريكا ويقتلون الناس، ولايمكن أن يستمر الصبر عليهم الى ما لانهاية، أو عدهم خارج المنظومة الإسلامية، فهم في النهاية مسلمون ويستمدون أفكارهم من التعاليم الدينية الإسلامية ويتصلون بنظراء لهم في بلدان عربية ومسلمة، ويحصلون على الدعم، ولديهم أنصار في كل مكان، بينما لايمكن للحكومات الغربية أن تنجح الى الآخر في إقناع مواطنيها المسيحيين أنهم غير مستهدفين، أو أن طريقة حياتهم العادية والمألوفة ماتزال آمنة وغير مهددة، وهذا مايثير المخاوف من صدام مسيحي مسلم قادم يتمثل بأوجه عدة منها إقتصادي، ومنها ماهو عسكري عنيف، وبعضه سياسي.

اليهود يسيطرون على فلسطين، وهي بلاد يعتقد المسلمون والعرب أنها لهم وأن اليهود إغتصبوها، ويتمسك كل طرف بمعتقداته الدينية في هذا الشأن ليثبت أحقيته في السيطرة والنفوذ والعيش وإستغلال الموارد، وخاضت إسرائيل التي هي نتاج إحتلال اليهود لفلسطين حروبا عدة ضد المسلمين خلال السنوات السبعين الماضية عمقت الخلاف، وأكدت نوع الصراع المفتوح والممتد والخطر للغاية، وتقوم الحركة الصهيونية بتأجيج الصراع بين العرب والمسلمين من جهة واليهود من جهة أخرى، فمثلما إن اليهود ضحية للحركة الصهيونية فإن العرب والمسلمين ضحية لداعش والقاعدة، وتطرف جماعات دينية إسلامية.

لايمكن تجاهل أن هناك صراعا دينيا وقوميا وصراعا عنصريا بين السود والبيض في أمريكا يتأجج رويدا، عدا عن صراعات أخرى بين اللاتينيين والأمريكيين من أصول أخرى، وصراع بين الكاثوليك والبروتستانت، وصراع بين المسلمين والأرمن، وقصة إبادة الأرمن على يد الأتراك ماتزال تستعر وتأخذ طابعا دينيا في الحقيقة.

العالم يتجه الى الصدام بسبب المتطرفين، وهؤلاء يتزايدون يوميا، وفي الحقيقة فإن غالب البشر يمتلكون أعراض التطرف التي تصيبهم وتتحول الى جزء من كينونتهم النفسية والعقلية، وهم مستعدون على المديين القريب والبعيد ليكونوا محاربين في جبهات التطرف الأعمى.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق