سياسة - عنف وارهاب

فلّوجة اوروبا

أو القاعدة الخلفية للإرهابيين المسلمين في اوروبا

هي بلجيكا، التي تحتل المرتبة الأولى في عدد الإرهابيين الذين تصدرهم الى سوريا والعراق نسبة الى عدد سكانها، مثلما كانت الفلوجة العراقية هي حاضنة الإرهابيين الذين كانوا يدخلون الى العراق بعد العام 2003، وموقع القيادة المركزي بالنسبة الى ابي مصعب الزرقاوي أيام قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين.

فحسب احدث الإحصاءات للسلطات البلجيكية، فان 500 شخص سافروا الى سوريا للجهاد من مجموع 11 مليون نسمة فيما يعتقد ان 800 الماني سافر الى سوريا من مجموع 81 مليون هم سكان المانيا.، وبلجيكا أيضا، هي المكان الذي أنتج منفذي هجمات الجمعة الدامية في باريس وهجمات أخرى من العام الماضي.

وتعتبر ضواحي بروكسل واحياؤها المضطربة مثل مولنبيك وآندرليخت مرتعا خصبا للاسلاميين الراديكاليين، ويقيم في هذه المناطق مهاجرون يشعرون بأنهم مهشمون، ولكن يمكن للمتزمتين منهم الاختباء داخل هذا المجتمع بعيدا عن الأعين تماما.

وقد طرح سؤال على اكثر من مستوى في القارة الاوربية بعد تفجيرات فرنسا هو: هل تحولت بلجيكا الى مركز للإرهاب في العالم وهل تشكل خطرا امنيا على القارة كلها بعد اعتبار حي مولنبيك سان جون في بروكسل مركزا رئيسا لإيواء جهاديي أوروبا؟.

ومولنبيك تلك المدينة البلجيكية التي تعتبر مرتعا خصبا للإسلاميين الراديكليين كما يتم وصفهم في الصحافة وعلى لسان النائب البلجيكي هانز بونت حين اعلن بعد حملة المداهمات التي أعقبت تفجيرات باريس: إنه غير متفاجئ على الاطلاق لاعتقال العديد من المشتبه بكونهم ارهابيين في مولنبيك. وعزا ذلك لسببين اولهما تعدد اجهزة الشرطة وثانيهما غياب الرقابة والمتابعة الاجتماعية للمسلمين الراديكاليين.

بعد تحميلها مسؤولية السماح لخلية جهادية بالتخطيط من بروكسل لشن هجمات في العاصمة الفرنسية باريس نفت بلجيكا وجود تقصير من جانبها، لكنها اقرت بوجود مشاكل ظرفية لجهة النقص في المحققين الناطقين باللغة العربية والتشتت في مركزية القرار.

في حي مولنبيك الذي تقطنه غالبية مسلمة، ولد عبد الحميد اباعود العضو في "تنظيم الدولة الاسلامية" العقل المدبر لهجمات باريس الإرهابية.. وفي هذا الحي ايضا اعتقل شخصان، متهمان بإدخال صلاح عبد السلام الى بلجيكا، والمشتبه به الرئيسي في هذه الاعتداءات، وكان المتحدث باسم النيابة العامة البلجيكية اريك فان قد قال "كنا نعرف انهم كانوا متطرفين (الاخوين عبد السلام) وربما كانوا يذهبون الى سوريا"، واضاف "لكنهم لم يظهروا اي علامة على وجود تهديد محتمل. وحتى لو كنا ابلغنا فرنسا عنهما، اشك في اننا كنا قادرين على ايقافهما".

تفجيرات بلجيكا سبقتها بعض المقدمات التي كانت تشير الى عمل إرهابي تخطط له داعش، لكن تلك المقدمات لم يتم التعامل معها بصورة جدية، ففي العام الماضي، اعلنت نيابة بلجيكا عن اعتقال شخصين في ما عرف بملف (راكبي الدراجات النارية)، يشتبه في انهما كان يعدان لاعتداءات في بروكسل خلال فترة اعياد نهاية السنة. واعتبرت هذا التهديد "خطيرا" ويستهدف "عددا كبيرا من المواقع الرئيسة والمعالم في بروكسل".

وذكر عدد كبير من وسائل الاعلام البلجيكية وقتها ان أحدهما، المتهم بـ "تهديدات، والمشاركة في انشطة مجموعة ارهابية بصفته قياديا وبالتجنيد لارتكاب جرائم ارهابية" هو في الثلاثين من عمره وكان قائد هذه المجموعة من راكبي الدراجات النارية، ويتحدر من اندرلخت، واوضحت صحيفة "لا درنيير اور" ان اسمه قد ادرج في ملف مجموعة "الشريعة من اجل بلجيكا" الاسلامية الصغيرة. وقد ادين في وقت سابق بتهمة السطو المسلح.

واوضحت الصحافة ان الثاني الذي يبلغ السابعة والعشرين من العمر واعتقل بتهمة "تهديدات بالقيام باعتداءات والمشاركة في انشطة مجموعة ارهابية" كان عضوا في المجموعة.

في وقت سابق من العام الماضي، اعتبرت بلجيكا ان 828 من رعاياها لديهم ميول "اسلامية متطرفة"، ويتوجب مراقبتهم عن قرب، أكانوا توجهوا للقتال في صفوف الجهاديين في سوريا او العراق، ام لديهم النية ليفعلوا ذلك.

وتشير التوجيهات الوزارية الى احصاء اجرته هيئة التنسيق لتحليل الخطر، يوضح ان من اصل الاشخاص الـ828 الذين احصوا، فان "270 شخصا توجهوا فعلا الى العراق او سوريا، و18 هم في طريقهم، و129 عادوا الى بلجيكا، و62 منعوا من الرحيل و352 لديهم نية التوجه الى منطقة قتال".

وفي شهر مايو من العام الماضي أيضا، كانت قد بدأت محاكمة افراد احدى ابرز شبكات تجنيد اسلاميين للقتال في سوريا وتم تفكيكها في بلجيكا.

وشملت المحاكمة 32 شخصا متهمون بالانتماء لتنظيم ارهابي، تم محاكمة نصفهم غيابيا سواء بسبب وجودهم في ساحات القتال في سوريا او بسبب مقتلهم هناك.

وهذه المحاكمة بدأت بعد اربعة اشهر من اعتداء باريس وتفكيك خلية في فيرفييه، شرق بلجيكا، بعد ذلك بأيام كانت تعد لهجوم وشيك على اهداف امنية في هذا البلد.

وكان احد ابرز الغائبين عن المحاكمة هو الشخص الذي يعتبر العقل المدبر لهذه الخلية ويدعى عبد الحميد ابا عود.

وفي شباط من العام الماضي أيضا، تبنى هذا البلجيكي من اصل مغربي (27 عاما) التحضير لاعتداءات في بلجيكا واكد انه انضم الى تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا.

لكن ابا عود لا يحاكم في بلجيكا بشان الخلية التي تم تفكيكها في فيرفييه بل لانه كان احد حلقات شبكة واسعة لتجنيد مقاتلين اسلاميين في اطار تحقيقات فتحت بين 2012 و2013 وادت الى 55 عملية تفتيش وتوقيف 74 شخصا.

وفي وقت متزامن من ذلك العام، ادين زعيم جماعة "الشريعة لبلجيكا" الاسلامية الصغيرة وعدة عناصر فيها بتشكيل "منظمة ارهابية" في ختام محاكمة احيطت بحماية امنية مشددة بعد شهر على اعتداءات باريس وتفكيك خلية تخطط لهجمات في بلجيكا.

وحكم على فؤاد بلقاسم (32 عاما) الداعية الاساسي في الجماعة بالسجن 12 عاما لانه تزعم هذه الجماعة السلفية التي تشكل ابرز شبكة تجنيد جهاديين في بلجيكا للتوجه للقتال في سوريا.

الاتهامات لبلجيكا كونها القاعدة الخلفية للارهاب الأوربي، او فلوجة اوربا، لم تأت من فراغ، رغم انها تعتبر من أوائل البلدان الاوربية التي حذرت في مطلع 2013 من التهديد الذي تشكله عودة (الجهاديين الأوروبيين) الى بلدانهم، الا انها أيضا كانت تستخدم قاعدة خلفية ، وتعرضت للتهديد بالانتقام منذ اواسط التسعينات من الجماعة الاسلامية المسلحة الجزائرية بعد القضاء على احد خلاياها في بروكسل.

وبعد اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة، تبين ان قتلة القائد مسعود الذي كان يتزعم قتال حركة طالبان في افغانستان، كانوا يستخدمون جوازات سفر بلجيكية مزورة ويحصلون على دعم لوجستي في بلجيكا. وفي هذه الاثناء، اعتقل لاعب كرة قدم سابق محترف عضو في تنظيم القاعدة، بينما كان يخطط لاعتداء على قاعدة عسكرية.

 

اضف تعليق