عندما يفجر انتحاري، ينتمي للتنظيمات المتطرفة، نفسه في العراق او باكستان او الهند وافغانستان وغيرها من الدول... فانه غالبا ما سيختار هدفه الاخير بدقة ليتناسب مع معتقداته التكفيرة وعقائده الفاسدة، عندها فقط سيتوجه مباشرة لقتل أكبر عدد ممكن من المسلمين الشيعة، حيث يتم استهدافهم وهم يصلون داخل المسجد وفي السوق والمدرسة والتجمعات العامة... بل وفي كل مكان تقريبا، لا لشيء معين سوى لأنهم ينتمون الى المذهب الشيعي.
قبل أيام ذبح عدد من اقلية "الهزار" الشيعية، كان من بينهم نساء وأطفال، حيث ألقيت جثث الضحايا في ولاية زابل المضطربة بسبب معارك عنيفة بين فصائل مسلحة (أعلن البعض منها الولاء لتنظيم داعش وزعيمها أبو بكر البغدادي)، وبين تنظيم طالبان الأكثر نفوذا وانتشارا في باكستان وأفغانستان، التي خضعت لسيطرته الكاملة لخمس سنوات كاملة (1996-2001)، قبل ان تقود الولايات المتحدة الامريكية تحالفا غريبا أسقط دولة طالبان فيها... لكن من دون انهاء حركات التمرد والإرهاب حتى بعد 14 عام من وجودها، إضافة الى وجود القوات الدولية للمساعدة وتحقيق الاستقرار الأمني أيضا.
الطريقة التي ذبح بها الأطفال والنساء الشيعة في أفغانستان، اثارت استياء اقلية الهزار، ودعتهم للخروج بمسيرة فاق طولها (10 كم) في كابول، للمطالبة بتنحي الرئيس الافغاني (أشرف عبد الغني) والحكومة بعد فشلهما في توفير الامن والحماية للشيعة، خصوصا من هجمات المتطرفين، من أمثال القاعدة وطالبان، فضلا عن داعش... ومع هذا فقد سبق للهزار وغيرهم من شيعة العالم الخروج بتظاهرات ضخمة للمطالبة بحقوقهم القانونية والإنسانية في توفير الحماية وتوفير الامن.
كويتا عاصمة بلوشستان في باكستان، وكانت شاهدة، هي الأخرى، على أحد اسوء امثلة الإبادة الجماعية، بحق المسلمين الشيعة، وقد شهدت كويتا في شهر (نيسان/ ابريل عام 2012)، احتجاجات واعمال عنف على خليفة مقتل عدد من الهزار على يد تنظيم طالبان، وبدلا من محاولة الحكومة العمل على توفير الامن والحماية الكافية لهم، كانت فصائل إرهابية مثل جماعة (لشكر جهنگوی) توزع المنشورات التي تكفر الشيعة وتطالب برحيلهم عن باكستان قبل ان تتحول الى مقربة لهم.
لم يقتصر امر استهداف المسلمين الشيعة في باكستان او في أفغانستان وحدها، وانما شمل عموم الشرق الأوسط وفي أي دولة حول العالم يمكن ان يوجد على اراضيها جماعات متطرفة، ففي العراق لوحده شهد عشرات الاف ممن وقعوا ضحايا السيارات المفخخة والعبوات والتفجيرات الانتحارية، بالرغم من ان شيعة العراق يشكلون الأغلبية وليس الأقلية كما هو الحال في أفغانستان او باكستان.
العقلية التي تحكم هذا التطرف لم تأتي بالتأكيد من فراغ، بل لقنت وفهمت ورسخت عبر سلسلة طويلة من الضخ العقائد والديني المتطرف وبدعم من دول وجهات نافذه حاولت نشر الإسلام على طريقتها الخاصة التي تؤمن بها بعيدا عن إدراك حجم الكوارث الإنسانية التي قد يتسبب بها العنف الطائفي والديني بين أبناء الوطن الواحد او الدين الواحد.
تنظيم القاعدة وطالبان إضافة الى تنظيم داعش وغيرها من التنظيمات الارهابية، لم تتمكن كلها مجتمعة، حتى الان، من تغيير المعادلة الديمغرافية لسكان المناطق التي تم تهديدها سابقا، بل لم يستطع انهاء او اضعاف الوجود الشيعي في تلك المناطق واجبارهم على الرحيل مثلا... كما لم ينجح، من قبل، من تحويل الحرب ضد الإرهاب الى حرب داخلية، مثلما حدث في العراق عام 2006 وما تلاها.
اضف تعليق