q
يمثّل العنف الناجم من الأسلحة النارية مشكلة واسعة النطاق في الولايات المتحدة حيث يقول الناشطون المدافعون عن ضبطها إن الانتشار الكبير للأسلحة والقوانين المتساهلة نسبيا تؤدي إلى تكرار هذا النوع من الحوادث. وثلاثة أرباع جرائم القتل تُرتكب بأسلحة وما زال عدد الأسلحة النارية المبيعة مستمرا في الارتفاع...

أظهر تقرير نشرته وزارة العدل الأميركية اخيرا أنّ شركات تصنيع الأسلحة النارية في الولايات المتّحدة أنتجت خلال السنوات العشرين الماضية أكثر من 139 مليون قطعة سلاح ناري مخصّصة للبيع للأفراد، بينها 11.3 مليون قطعة أنتجت في سنة 2020 لوحدها.

وأضاف التقرير الوزاري أنّه في الفترة نفسها استوردت الولايات المتّحدة 71 مليون قطعة سلاح ناري وصدّرت 7.5 مليون قطعة فقط، في أرقام تعكس الكمّ الهائل للأسلحة النارية المتوفّرة في البلاد والذي ساهم في تصاعد أعمال العنف المسلّح وجرائم القتل وعمليات الانتحار.

وفي الواقع فإنّ قطاع صناعة الأسلحة النارية زاد أضعافاً خلال عقدين من الزمن، إذ إنّ عدد شركات صناعة السلاح العاملة في الولايات المتّحدة زاد من 2222 شركة في العام ألفين إلى 16,936 شركة في العام 2020، وفق التقرير.

بدوره قفز الإنتاج السنوي للأسلحة النارية المخصّصة للبيع التجاري من 3.9 مليون قطعة في العام ألفين إلى 11.3 مليون قطعة في العام 2020، علماً بأنّ هذا الرقم بلغ ذروته في العام 2016 بتسجيله 11.9 مليون قطعة سلاح.

وأظهر التقرير أنّه إذا كان الأميركيون يفضّلون الأسلحة النصف آلية، النوع الذي استُخدم في تنفيذ العديد من عمليات إطلاق النار الجماعية، فإنّ الغالبية العظمى منهم اشترت مسدسات نصف أوتوماتيكية من عيار 9 ملم، وهو سلاح زهيد الثمن ودقيق التصويب وسهل الاستخدام ويشبه السلاح الذي تستخدمه الشرطة.

من جهته أخرى، تواجه السلطات الأميركية زيادة في الأسلحة "الشبحية"، وهي عبارة عن مسدسات أو بنادق تباع أجزاء مفكّكة ويمكن صنعها في المنزل مقابل بضع مئات من الدولارات كما يمكن شراء بعض أجزائها عبر الإنترنت أو إنتاجها بواسطة طابعة ثلاثية الأبعاد.

وخلافاً للأسلحة النارية التي تنتجها مصانع السلاح فإنّ هذه الأسلحة الشبحية لا تحمل أرقاما تسلسلية، الأمر الذي يجعل تقفّيها مهمة شبه مستحيلة (ومن هنا اسمها)، كما أنّ بيعها وشراءها لا يحتاج إلى ترخيص كونها لا تباع كاملة بل أجزاء مفكّكة وبالتالي لا تُعتبر سلاحاً كاملاً.

وبما أنّ مشتري هذا النوع من الأسلحة لا يحتاجون لرخصة حمل سلاح، فهم لا يخضعون للقيود المفروضة على مشتري الأسلحة النارية التقليدية مثل صحيفة السوابق والأهلية العقلية والنفسية.

وبحسب التقرير، فإنّ عدد "الأسلحة الشبحية" التي صادرتها الشرطة الأميركية في 2021 بلغ 19,344 قطعة سلاح مقابل 1,758 قطعة في 2016.

وفي نيسان/أبريل، شدّد الرئيس جو بايدن القواعد المتعلّقة بهذا النوع من الأسلحة، إذ أصبح تجّارها مجبرين على التدقيق بصحيفة سوابق الزبون كما أصبح مصنّعوها ملزمين بحفر رقم تسلسلي على كلّ جزء من الأجزاء الرئيسية المكوّنة لها.

وقالت نائبة وزير العدل ليزا موناكو في بيان "لا يمكننا التصدّي للزيادة الحالية في أعمال العنف إلا إذا توفّرت لدينا أفضل المعلومات المتاحة واستخدمنا أكثر الأدوات والدراسات فاعلية لتعزيز جهودنا".

ويأتي نشر هذا التقرير بعد عطلة نهاية أسبوع شهدت خلالها الولايات المتحدة عمليتي إطلاق نار جماعيتين، نفّذ أولاهما في بوفالو بنيويورك شاب عنصري من دعاة تفوّق العرق الأبيض أردى عشرة من مواطنيه السود، في حين سقط في الثانية في لوس أنجلوس بكاليفورنيا قتيل وخمسة جرحى.

وتكثر حوادث إطلاق النار في الولايات المتحدة التي يكفل دستورها الحق في حيازة أسلحة نارية، إلا أنّ محاولات تنظيم حيازتها والمطالبات بفرض رقابة أكثر صرامة على مبيعاتها تتعطّل في الكونغرس بضغط من لوبي الأسلحة.

جرائم عنصرية

قتل مسلح أبيض يبلغ من العمر 18 عاما عشرة أشخاص بالرصاص وأصاب ثلاثة آخرين في متجر بقالة في حي بوفالو للسود بنيويورك قبل أن يستسلم للشرطة فيما قالت السلطات إنه سيتم التحقيق فيه باعتباره جريمة كراهية وعمل من أعمال “التطرف العنيف بدوافع عنصرية”.

وقالت السلطات إن الجاني الذي كان مسلحا ببندقية هجومية ويبدو أنه تصرف بمفرده جاء إلى بوفالو من مقاطعة في نيويورك “على بعد ساعات” لاستهداف المتجر في هجوم بثه على الإنترنت. وقال مسؤولون إن 11 من بين 13 شخصا أصيبوا بالرصاص من السود وإن الاثنين الأخرين من البيض.

وقالت الشرطة إن المسلح كان مدججا بالسلاح وكان يرتدي سترة واقية من الرصاص.

وقال مفوض شرطة بوفالو جوزيف جراماجليا في إفادة صحفية إنه عندما واجه المسلح رجال الشرطة في المتجر وضع مسدسا على رقبته لكنهم تحدثوا معه وأقنعوه بإلقاء السلاح والاستسلام.

وقال جراماجليا إن المسلح تبادل إطلاق النار في البداية مع رجل شرطة سابق يعمل كحارس أمن بالمتجر ولكن المسلح كان محميا بسترته الواقية من الرصاص.

وكان هذا الحارس أحد العشرة الذين لقوا حتفهم بالرصاص في الحادث. وقالت السلطات إن ثلاثة آخرين أصيبوا لكن من المتوقع أن ينجوا.

وقال ستيفن بيلونجيا من مكتب التحقيقات الاتحادية إنه سيتم التحقيق في الهجوم باعتباره جريمة كراهية وعملا من أعمال “التطرف العنيف بدوافع عنصرية” بموجب القانون الاتحادي.

وتُشير عبارة "جرائم الكراهية" تقليديًا في الولايات المتحدة إلى فعل موَجّه ضدّ شخص بسبب عناصر في هويته مثل العرق أو الدين أو الجنسيّة أو التوجّه الجنسي أو إعاقة محدّدة. وبما أنها جريمة فدراليّة ينطوي على ظروف تشديدية، فهي تؤدي تلقائيًا إلى عقوبات أقسى.

وردا على سؤال عما إذا كان مطلق النار يواجه عقوبة الإعدام على المستوى الفدرالي، قال الممثل المحلي للنيابة العامة إن "كلّ الخيارات مطروحة على الطاولة".

بدأ منفّذ العمليّة الذي كان يحمل كاميرا بثّ جريمته على منصّة "تويتش" التي قالت إنها "صدمت" ووعدت بـ"عدم التسامح مطلقًا مع أيّ شكل من أشكال العنف".

وقالت الشبكة الاجتماعيّة إنّ المحتوى حذِف بعد "دقيقتين" على بدء بثّه وإنّه جرى "تعليق حساب المهاجم نهائيًا"، مشيرة إلى أنّ "كلّ الحسابات التي يُحتمل أن تُعيد نشر هذا المحتوى تخضع للرقابة".

وتحدّثت وسائل إعلام أميركيّة أيضًا عن "بيان" ذي طبيعة عنصريّة نُشر على الإنترنت، كما هو الحال غالبًا في الجرائم التي يرتكبها متعصّبون للعرق الأبيض. وكشفت صحيفة "بوفالو نيوز" أنّ كلمة مهينة وعنصريّة ويحظر استخدامها في الولايات المتحدة لوصف السود، كُتِبت بالأبيض على قطعة السلاح.

وقالت حاكمة ولاية نيويورك كاثي هوكل على تويتر إنها "مجزرة مروّعة ارتكبها شخص يؤمن بتفوق البيض".

من جهته، كشف رئيس بلديّة بوفالو بايرون براون وهو أميركي من أصل إفريقي، أن منفّذ الهجوم سافر لساعات من أجل ارتكاب جريمته في حيّ في بوفالو تقطنه غالبيّة من السود.

وتذكر هذه الحادثة بمجزرة عنصرية وقعت في الثالث من آب/أغسطس 2019 عندما قتل رجل يميني متطرف يبلغ من العمر 21 عاما 23 شخصا بينهم ثمانية مكسيكيين وأشخاص "ناطقين بالاسبانية" في إل باسو بولاية تكساس، وأخرى وقعت في 17 حزيران/يونيو 2015 عندما قتل رجل أبيض عنصري تسعة مصلين أميركيين من أصل أفريقي في كنيسة في تشارلستون بولاية ساوث كارولينا.

وتشهد الولايات المتحدة بشكل شبه يومي عمليات إطلاق نار وقتل في أماكن عامة بينما تسجل في عدد من المدن الكبرى مثل نيويورك وشيكاغو وميامي وسان فرانسيسكو زيادة في الجرائم التي تستخدم فيها أسلحة نارية خصوصا من انتشار وباء كوفيد.

وتفيد أرقام برنامج "مراقبة الأسلحة الصغيرة" (سمول آرم سيرفي) بأنه كان في الولايات المتحدة في 2017 نحو 393 مليون بندقية أي أكثر من عدد السكان.

وفي 2021 قتل بأسلحة نارية حوالى 45 ألف شخص في الولايات المتحدة، بما في ذلك نحو 24 ألف انتحار، حسب منظمة "غان فايولنس اركايف".

وفشل عدد كبير من المبادرات من قبل البرلمانيين لتشديد القوانين المتعلقة بحيازة الأسلحة في الكونغرس في السنوات الأخيرة بينما ما زال لوبي السلاح القوي "الرابطة الوطنية للأسلحة" (ان آر ايه) مؤثرا جدا.

وخلال زيارة لنيويورك في شباط/فبراير، دان الرئيس جو بايدن زيادة عنف السلاح في المدينة ووعد ببذل المزيد على المستوى الفدرالي ضد هذه الآفة.

ارتفاع في معدلات الجريمة

وفي وقت سابق جرح 16 شخصا على الأقل بإطلاق نار في ساعة الذروة صباح الثلاثاء في محطة المترو في حي بروكلين بنيويورك فيما تبحث الشرطة عن مشتبه فيه.

وأشارت السلطات إلى العثور على عبوات ناسفة في المكان.

وأظهرت صور ومقاطع فيديو نشرها شهود برك دماء وأشخاصا ممددين على أرضية أحد قطارات الأنفاق، وكذلك على رصيف محطة "شارع 36" في حي بروكلين.

واظهر مقطع مصور آخر حشودا تخرج من عربات المترو وسط دخان كثيف وصراخ وتدافع.

وقال أحد الركاب ويدعى ياف مونتانو لمحطة "سي ان ان" التلفزيونية "انفجرت قنبلة دخانية... قنبلة قبل دقيقتين حسب تقديري من وصولنا إلى المحطة".

وأضاف الرجل "يبدو أن الأمر كان مخططا له (..) كنا عالقين في عربة القطار (..) وثمة دماء على الأرض. الكثير من الدماء على الأرض"

وأوضح متحدث باسم الدفاع المدني لوكالة فرانس برس أنه تم العثور على "عبوات ناسفة غير منفجرة"، لكن تغريدة للشرطة أوضحت أن أيا "من العبوات الناسفة غير قابل للتشغيل".

ونشرت تعزيزات أمنية كبيرة في شارع 36 والجادة الرابعة في جنوب بروكلين حيث وقع الحادث قرب مقبرة غرينوود الشهيرة.

وألغت مدارس عدة في بروكلين رحلات التلاميذ خارج حرمها.

وذكرت وسائل إعلام عدة من بينها "إن بي سي نيويورك" وصحيفة "نيويورك تايمز"، أن الشرطة عن رجل يضع قناعا واقيا من الغاز وبزة جسم كاملة برتقالية مثل التي يرتديها عمال البناء في المدينة الضخمة التي يناهز عدد سكانها 9 ملايين نسمة، وهي أكبر مدن الولايات المتحدة.

ويأتي الهجوم في وقت تشهد مدينة نيويورك ارتفاعا في معدلات الجريمة منذ جائحة كوفيد-19.

أطلق رئيس بلدية نيويورك الديموقراطي الجديد إريك آدامز الذي تم انتخابه بناء على وعود بتحسين الوضع الأمني، خطة في نهاية كانون الثاني/يناير لمكافحة انتشار الأسلحة النارية بعد مقتل عنصري شرطة بالرصاص خلال عملهما. لكن تصدّرت مذاك حوادث إطلاق نار مأسوية أخرى عناوين الصحف.

في الربع الأول من عام 2022 (من 1 كانون الثاني/يناير إلى مطلع نيسان/أبريل) ارتفع عدد عمليات إطلاق النار في نيويورك من 260 إلى 296 مقارنة بالفترة نفسها من عام 2021، وفقا لأرقام شرطة نيويورك الصادرة الأسبوع الماضي.

وألقت الشرطة الأمريكية القبض على المسلح الذي أطلق النار بمحطة المترو في حي بروكلين بنيويورك وهو يضع قناعا واقيا من الغاز ما أدى إلى جرح 23 شخصا من بينهم عشرة أصيبوا بطلقات نارية بعد أكثر من 24 ساعة من الهجوم المروع.

وباء الأسلحة النارية

وكان جو بايدن أعلن إجراءات لمكافحة بعض الأسلحة النارية المنتشرة في الولايات المتحدة والتي أودت بحياة 45 ألف شخص في البلاد عام 2021 بما في ذلك حالات انتحار، وفقا لمنظمة "غان فايولنس أركايف". وهو أمر وصفه البيت بالأبيض بـ"الوباء".

ويأتي الهجوم في وقت تشهد مدينة نيويورك ارتفاعا في معدلات الجريمة منذ جائحة كوفيد-19، من 319 عام 2019 إلى 488 في 2021.

وتُضاف هذه الحوادث إلى سلسلة عمليّات إطلاق نار جماعي في الولايات المتحدة حيث استُخدمت الأسلحة النارية في 40 ألف حادثة وفاة سنويا بما في ذلك حالات انتحار.

ويمثّل العنف الناجم من الأسلحة النارية مشكلة واسعة النطاق في الولايات المتحدة حيث يقول الناشطون المدافعون عن ضبطها إن الانتشار الكبير للأسلحة والقوانين المتساهلة نسبيا تؤدي إلى تكرار هذا النوع من الحوادث.

وثلاثة أرباع جرائم القتل في الولايات المتحدة تُرتكب بأسلحة وما زال عدد الأسلحة النارية المبيعة مستمرا في الارتفاع.

فقد بيع أكثر من 23 مليون سلاح ناري عام 2020، وهو رقم قياسي، و20 مليونا عام 2021،

في حزيران/يونيو 2021، قال 30 في المئة من البالغين الأميركيين إنهم يملكون سلاحا واحدا على الأقل وفقا لإحصاء أجراه مركز "بيو".

ويمثّل العنف الناجم من الأسلحة النارية مشكلة واسعة النطاق في الولايات المتحدة حيث يقول الناشطون المدافعون عن ضبطها إن الانتشار الكبير للأسلحة والقوانين المتساهلة نسبيا تؤدي إلى تكرار هذا النوع من الحوادث.

في حزيران/يونيو 2021، قال 30 في المئة من البالغين الأميركيين إنهم يملكون سلاحا واحدا على الأقل وفقا لإحصاء أجراه مركز "بيو".

مسدسات ذكية

تدخل مسدسات "ذكية" مصممة لتحديد من يمكنه الضغط على الزناد سوق الأسلحة الأميركية المزدهرة هذا العام، والهدف منها الحد من عدد ضحايا الأسلحة النارية، فيما يواجه المشرعون الفدراليون طريقا مسدودا بشأن تنظيم حمل السلاح.

وتثير فائدة هذه التكنولوجيا ومدى موثوقيتها بالإضافة إلى المعارك السياسية حول تنظيم حمل الأسلحة النارية، جدلا منذ عقود، لكن مؤيّديها يقولون إنها فرصة لمنع الأطفال والمجرمين والأشخاص الذين لديهم ميول لإيذاء النفس، من الضغط على الزناد.

لكن هل سيقدم المشترون على هذه الأسلحة الذكية؟ وهل ستنجح التكنولوجيا في عالم الواقع وتوفر مزيدا من السلامة؟ إنهما سؤالان قد يبقيان بلا جواب حاسم على مدى سنوات.

وقال آدم سكاغز كبير المستشارين ومدير السياسات في مجموعة "غيفوردز" لمكافحة انتشار الأسلحة "لا يمكنني معرفة ما إذا ستكون (المسدسات الذكية) إيجابية أو سلبية، أو إذا ستواجه الفشل نفسه الذي منيت به الأسلحة الذكية الأخرى في الماضي".

يستخدم النظام الذي تقدمه شركة "سمارت غانز" التي يملكها رائد الأعمال توم هولاند رقائق "رفيد" (بطاقات تحديد الترددات اللاسلكية)، على غرار الشارات التي يستخدمها كثر في سياراتهم لدفع الرسوم الإلكترونية، مثبتة داخل حلقات.

وعندما يمسك صاحب السلاح مسدسه بيده التي يضع فيها حلقة متصلة، تفتح آلية أمان ما يمكّنه من إطلاق النار.

وصممت شركة هولاند هذه التكنولوجيا خصوصا للشرطيين الذين يخشون من أن يستولي مشتبه به على مسدسهم فيما يقبضون عليه، والأهالي الذين يخشون من أن يعثر أطفالهم على أسلحتهم النارية ويستخدمونها.

وقال هولاند لوكالة فرانس برس "إن الأمر يتعلق فقط بسلامة السلاح. بالنسبة إلى المشترين الذين يريدون +سلاحا أكثر أمانا+... يمكنهم الحصول على هذه الأسلحة الذكية إذا كانوا يشعرون بحاجة ماسة إلى حماية أنفسهم".

ويتوقع هولاند أن يبدأ بيع مسدساته التي قال إنها قيد التجربة من قبل شرطيين في أنحاء الولايات المتحدة، للمدنيين بحلول نيسان/أبريل أو أيار/مايو.

ويعيش حوالى 40 في المئة من الأميركيين البالغين في منزل فيه أسلحة، وفقا لمركز بيو للبحوث.

وساهمت جائحة كوفيد والاحتجاجات ضد التمييز العنصري في ارتفاع حاد في جرائم القتل عام 2020 مع بقاء معدلاتها دون الذروة في التسعينات.

كما أن حوادث إطلاق النار في المدارس وفي الأماكن العامة جذبت الانتباه إلى الموضوع بقوة، لكن أكثر من نصف عدد القتلى بالأسلحة النارية الذي يبلغ حوالى 40 ألفا سنويا، حالات انتحار.

وقالت جينجر تشاندلر المؤسسة المشاركة لشركة "لودستار ووركس" لصناعة الأسلحة الذكية، إن نظام المصادقة هو بمثابة حاجز مادي ضد الحوادث وحالات الانتحار والجرائم، لكن أيضا حاجز نفسي.

وأوضحت "في لحظة توتر، يلتقط الشخص المخوّل السلاح الناري، لكن عليه القيام بهذه الخطوة الإضافية التي تمنحه وقتا ليفكر +هل أريد فعلا القيام بذلك+؟".

وتطور شركتها مسدسا عيار 9 مليمترات سيكون متاحا في السوق بحلول العام 2023، يمكن تفعيله بثلاث طرق: عبر تطبيق يحمّل على الهاتف، أو باستخدام رمز سري أو عن طريق مستشعر بصمة الاصبع.

تصل هذه الشركات بعد سنوات من الاضطرابات بشأن الأسلحة "الذكية". ففي العام 2000، اتفقت شركة "سميث أند ويسون" لصنع الأسلحة النارية مع إدارة الرئيس آنذاك بيل كلينتون على إجراء إصلاحات للحد من عنف السلاح شملت تطوير أسلحة ذكية، لكن المشروع لم ير النور بعد تدخل عنيف من لوبي حقوق السلاح النافذ في أميركا.

وفي العام 2002، أثار قانون لولاية نيو جيرزي كان من شأنه حظر المسدسات التي لا تتمتع بنظام مصادقة المستخدم ضجة كبيرة وقد أعيدت صياغته في العام 2019 لمطالبة متاجر الأسلحة في الولاية ببيع الأسلحة الذكية بمجرد أن تصبح متاحة تجاريا.

كما أن الضربة التي تلقتها الشركة الألمانية "أرماتيكس" التي طورت مسدسا ذكيا، أثرت سلبا على هذه التقنية. ففي العام 2017، تمكن أحد المقرصنين من اختراق نظام الأمن باستخدام مغناطيس.

وفيما يلقى مفهوم السلاح الذكي دعما من دعاة تنظيم حمل الأسلحة، أشار بعض الخبراء إلى أنه يبقى رغم ذلك سلاحا فتاكا.

وقال دانيال ويبستر مدير مركز جونز هوبكنز لسياسة وبحوث السلاح لوكالة فرانس برس في بيان "إن فكرة السلاح الذكي برمّتها تتجاهل الطريقة الأكثر شيوعا التي تستخدم فيها الأسلحة للقتل في الولايات المتحدة، انتحار الشخص الذي اشتراها".

غير أن هذه التكنولوجيا لديها جاذبية خصوصا فيما يبدو أن الاستقطاب السياسي يضمن عدم وجود قيود فدرالية جديدة على الأسلحة في المستقبل القريب.

وقال غاريث غلايزر المؤسس المشارك ل"لودستار" إن الشركة حاولت تجنّب الانزلاق في الجدل السياسي حول الأسلحة مضيفا "إنه حل بديل. نفضل أن تبقى الحكومة بعيدة عن هذا الموضوع وأن تسمح للمستهلك بالاختيار".

المحكمة العليا للولايات المتحدة منقسمة

وأثارت مسألة حق الأميركيين في حمل السلاح خارج منازلهم انقساما في المحكمة العليا للولايات المتحدة خلال جلسة يمكن أن تؤدي إلى التشكيك في عدد كبير من القوانين الأميركية.

وناقش القضاة التسعة وبينهم ستة محافظين، لساعتين قانونا لولاية نيويورك ينص منذ 1913 على أن حيازة السلاح خارج المنزل تقتصر على الأشخاص الذين يثبتون أنهم يواجهون خطرا محددا.

ويطلب اثنان من مالكي أسلحة حُرما من الحصول على تصاريح وفرع من مجموعة الضغط "الجمعية الوطنية للسلاح" (ان آر ايه) من المحكمة العليا إلغاء القانون. وقال محاميهم بول كليمنت أن "حمل سلاح ناري خارج المنزل حق دستوري أساسي".

ولقي المحامي دعم القاضي المحافظ صموئيل أليتو الذي تحدث عن "الأشخاص العاديين والصادقين الذين يعملون في وقت متأخر من الليل" مثل البواب والنادل والممرض، والذين لا يملكون حق حمل سلاح لضمان سلامتهم "بينما يتمتع النجوم والقضاة وضباط الشرطة المتقاعدون بالحق في الدفاع عن النفس".

لكن القضاة التقدميين الثلاثة اعترضوا على عرض أليتو في بلد يقتل فيه حوالى أربعين ألف شخص سنويا بسلاح ناري بما في ذلك بالانتحار. وقال عميد قضاة المحكمة ستيفن إن "هذه أسلحة خطيرة"، معتبرا أن "الخروج بسلاح مخفي ثم استخدامه قد يؤدي إلى قتل أشخاص".

وعلى الرغم من انتقاداتهم للقانون الصادر عن ولاية نيويورك، حاول القضاة المحافظون البحث عن حل وسط. وقالت إيمي كوني باريت التي عينها الرئيس السابق دونالد ترامب إن "الجميع متفقون على أننا بحاجة إلى ضوابط محددة".

وناقش القضاة مطولا المعايير التي من شأنها أن تسمح بتحديد "الأماكن الحساسة" التي يمكن حظر حمل الأسلحة فيها إذا تم إبطال القانون، مشيرين إلى قطارات الأنفاق وملاعب كرة القدم الأميركية وساحة تايم سكوير.

هذه هي المرة الأولى منذ أكثر من عشر سنوات التي تعيد فيها المحكمة العليا فتح هذه القضية التي تسبب انقساما حادا في الولايات المتحدة. وتثير الأغلبية المحافظة في المحكمة قلقا لدى مؤيدي تعزيز تنظيم حمل السلام.

وقالت أنجيلا فيريل-زابالا نائبة رئيس منظمة "أيفيري تاون فور غان سيفتي" و"مامز ديماند أكشن" (الأمهات يطلبن التحرك) لمجموعة صغيرة من المتظاهرين الذين تجمعوا أمام المحكمة قبل الجلسة إن "المخاطر كبيرة جدا". وأضافت أن قرار الحكماء التسعة "قد يؤدي إلى تعقيد المدن والدول لمحاربة أزمة".

ويفترض أن تصدر المحكمة العليا قرارها قبل نهاية حزيران/يونيو 2022.

اضف تعليق