برز اسم داعش كأول مرة في سوريا على خجل قبل ان تصنع لنفسها صيتا عالميا عبر اجتياحها للموصل مشفوعا بإعلام ممنهج داعم لحركتها.
شأن داعش شأن باقي الحركات الاخرى التي تدار من قبل خفافيش الظلام تصنع بهدوء كورقة من الاوراق يتلاعب بها وقت الحاجة اليها، كما نلاحظ مثلها في حركة جديدة فتية يطلق عليها بحركة خراسان والتي تردد اسمها مرات عديدة قليلة في الوكالات العالمية فهي الورقة الاخرى التي لا زالت تطبخ على نار هادئة لا يعلم متى يحين امدها كقوة ضارية
ولعل ظهورها يستند الى ما اذا استنفدت الغايات المتوخاة من الحركة الداعشية ووصولها الى مرحلة مسدودة لا تلبي طموحات وارادات الجهات المدبرة لها.
الغموض المصحوب في حق داعش يجعلها موردا لتكهنات المحللين فمن هو صانعها.؟ متى ولدت..؟ والى اين تسير..؟ والسؤال الكلاسيكي المعهود من هو المستفيد منها؟
بعد حوالي سنوات ثلاث من بروز داعش، الذي يترائى لنا كمشاهدين للأحداث من بعيد وان قربنا ان جميع الاطراف المتنازعة الدولية والاقليمية لها نصيب من ما تحققه داعش واستغلال النتائج لتمشية مآربها ومخططاتها.
فالبعض من المراقين يرى ان امريكا شاءت ام لم تشأ هي المستفيدة الاعظم من سلوكيات داعش فلئن كانت الاطراف الاخرى تنتفع من وجود داعش وتتضرر في ان واحد الا انها هي وحليفها الاكبر إسرائيل، فهم الوحيدون في الساحة الذين لم ينالهم ضرر من تحركات داعش ووحشيته فهي كما يزعم مطرقة بيدها تشير بها الى من يريد التمرد على سياساتها سواء المتحالفين معها ام المتنازعين.
اما اروبا فهي مستفيدة منها في عدة مجالات منها، الصراع على النفوذ في مختلف مناطق الشرق الاوسط وافريقيا، ومتضررة ايضاً، لاحتمال ان تفرخ منهجية داعش في الداخل الاوربي نفسها بما انها تستوعب كما من المسلمين الفاقدين للهوية.
ويرى بعض المراقبين ان روسيا بإمكانها استغلال اسم داعش للقيام بعمليات ارهابية في مناطق معينة كالسعودية والعراق مما يسبب ارتفاع اسعار النفط التي تكبدت خسائر فادحة جراء خذلانها لها.
دول الخليج ايضا لا يعتري ذا عقل مستقيم شك وريب ان لها نصيبا وافرا من داعش وتحركاتها منعا من اكتمال الهلال الشيعي على حسب تعبيرها، وكمطرقة يستخدم كل منها ضد الاخر فقطر ضد السعودية والسعودية ضد الكويت وهكذا...
اما الاكراد فقد اخذوا قسمتهم من داعش في كركوك والتي لم يحسم امرها طيلة العشرة سنوات الماضية بعد سقوط الطاغية صدام.
اما سوريا والتي يترائى انها المتضررة بداعش بإمكانها –ان لم تفعل ذلك بالفعل– ان تواجه بداعش التمرد الخفي الخطير للأكراد الذي بدأوا يحظون بنوع من الاستقلالية من دمشق فبها تبعدها عن الساحة الكردية لترجع المناطق الكردية في احضان البلد الام.
ويرى مراقبون آخرون ان ايران هي الاخرى استفادت ايضا ولا تزال تستفيد من اسم داعش لترتيب وتوحيد نسيجها الاجتماعي داخل البلاد رغم كل المعارضات الصغيرة والكبيرة فيها خوفا من اجتياح داعش لإيران ما يهدد الامن والوطن والعمران والازدهار.
كما ان ايران جعلت لنفسها موطئ قدم مستحكم في العراق كانت تتمناه منذ 2003 الا ان خطواتها الاخرى في هذا السبيل مثل المليشيات التابعة لها، تعثرت اثر عدم وجود غطاء قانوني يسمح لها التحرك بحرية فهي بداعش خلقت لنفسها ورقة اخرى خارجية في العراق تشبه حزب الله اللبناني في امور وتفارقها في امور أخرى.
بل حتى دولة مثل اليابان ارادت عند قيام داعش بقتل الرهينتين ان تتملص مما اخذ عليها منذ خمسين سنة من حجر على نشاط عسكري فقرر البرلمان السماح بنشاط محدود عسكري.
داعش ذئب برؤوس متعددة يحركها عديدون، الا ان المتحكم الاخير يبقى في غرفة مظلمة خلف الشاشات السود الكبيرة يمضي بها حسب هواه.
اضف تعليق