تطورت نشاطات داعش الى مديات تدميرية واجرامية غير مسبوقة وان كانت لاتختلف عن نشاطاته السابقة ولكن يتم ذلك بعد اعلان تحرير العراق وتطهيره من براثنه فهذا امر يستدعي التوقف، فلم تعد المسالة تخص داعش وحده بل ارتبط الامر باستمرار نشاط الخلايا الداعشية (النائمة) في تقديم...
بعد ملحمة تحرير الموصل من براثن تنظيم داعش المتوحش اكدت المرجعية العليا في احدى بياناتها الجمعوية الحقيقة المرة التي غفل عنها الكثيرون او غضّوا ابصارهم عنها واخذتهم نشوة الانتصار على هذا التنظيم وحذّرت بان المعركة مع هذا التنظيم لم تنتهِ بعدُ وامام العراق شوط طويل للاحتفال بالنصر النهائي بذلك فالحرب لم تضع اوزارها بمجرد اعلان مقتضب للنصر.
فما جرى خلال الاحتلال الداعشي لثلث مساحة العراق امر ليس بالهين او العابر بعد ان ارتبط هذا التنظيم بالكثير من الاجندات الموالية له داخل وخارج العراق، كما ارتبط بوجود حواضن استراتيجية له تقدم الدعم اللوجستي بكافة اشكاله وتشكّل مثابات له ينطلق منها لتنفيذ اجنداته وضرب قواتنا الامنية بين الحين والاخر له كلما سنحت له الفرصة بذلك، وبالاستناد الى المعطيات السوقية على الارض وعلى ماتقدّمه الخلايا النائمة (وهي ليست بنائمة) اضافة الى الحواضن البعث/داعشية من تسهيلات ولولاها لايستطيع داعش ان ينفذ اجنداته التخريبية.
وتلك الخلايا لم تزل تشكّل العمق الاستراتيجي لداعش فهي توفر له الملاذات التي يحتاج اليها ومنذ اجتياحه للعراق والى الان فهي مربط الفرس في اي نشاط معادٍ يصدر من قبل هذا التنظيم، ناهيك عن الدعم المماثل الذي تقدمه الامتدادات الاقليمية الممولة لتنظيم داعش والداعمة لنشاطاته وعلى كافة الصعد اضافة الى الدعم اللوجستي وهي جهات لم تتوانَ عن تقديم دعمها لهذا التنظيم لتشابه اطروحاتها السيا/طائفية معه، ومنذ تحرير الموصل وانجلاء غبار المعارك استمرت التأكيدات وتواترت التحذيرات من عودة نشاط هذا التنظيم وباي شكل كان، وتكررت التأكيدات حيال ذلك ولكن بدون فائدة !!.
ومع وجود المعطيات آنفة الذكر وكواقع حال لايستغربنّ احد من عودة نشاط هذا التنظيم على شكل ضربات يوجّهها الى قواتنا الامنية مستغلا شتى الظروف الامنية والسياسية وحتى الجوية، وتختلف نوعية وقوة الضربات التي يوجّهها باختلاف تلك الظروف، ونرجع الى نقطة الصفر والتي تتضمن عدم التراخي والشعور بالزهو بالنصر ويجب اعادة تأهيل المناطق التي كانت تحت سطوة هذا التنظيم تأهيلا كافيا لغسل ادمغة اهالي تلك المناطق لغرض تنقيتها من ترسبات الفكر البعث/داعشي وليس هذا بالشيء المستحيل وذلك بالاستعانة بالدول التي مرت بظروف مشابهة للتخلص من ترسبات وافكار الماضي كألمانيا التي عانت الاهوال من الحزب النازي ومن حواضنه وذيوله واذنابه وايضا بيوغسلافيا السابقة.
وفي الفترة الاخيرة تطورت نشاطات داعش الى مديات تدميرية واجرامية غير مسبوقة وان كانت لاتختلف عن نشاطاته السابقة ولكن يتم ذلك بعد اعلان تحرير العراق وتطهيره من براثنه فهذا امر يستدعي التوقف، فلم تعد المسالة تخص داعش وحده بل ارتبط الامر باستمرار نشاط الخلايا الداعشية (النائمة) في تقديم الدعم لتنظيم داعش كما لو كان التنظيم موجودا في سابق عهده عندما احتل مساحة تساوي ثلث العراق وبتنوع نشاطه التخريبي تتضح حقيقة العودة المبرمجة والتدريجية حول عودته كتنظيم سابق.
او انه يعدّ العدة لإنتاج نسخة حديدة منه تكون اشد فتكا كما يدل ذلك على ان مايسمى بالخلايا النائمة هي ليست نائمة بالمعنى الحرفي للكلمة بل هي يقظة تماما وتقوم بتنفيذ اجندتها متى ما ارادت ولأي هدف تشاء فهي تختار الهدف والتوقيت المناسب له وبما يتناسب مع اجندتها البعث/داعشية التخريبية، مثل تخريب وضرب امدادات الطاقة الكهربائية الوطنية واشعال الحرائق في حقول الحنطة وذلك محاولة لتخريب الاقتصاد الوطني واحداث بلبلة في الشارع العراقي وحدوث حالة من الفوضى والشكوى وتذمر لدى المواطن العراقي من حكومته.
واجمالا فاعلان نهاية الحرب ضد داعش لايعني النهاية الفعلية ضد هذا التنظيم فهنالك حرب ضروس اخرى كان على الجهات المختصة ان تقوم بها وهي لاتقل ضراوةً وأهميةً عن الحرب الميدانية وبها يُستكمل النصر العسكري وتتحقّق نتائجه المتوخاة وبدونها يعدّ هذا النصر ناقصا، وتتمثّل اولا بإعادة تأهيل الحواضن المريبة كما اسلفنا، وثانيا بتفعيل دور الاستخبارات الوطنية والجهات الامنية واطلاق يدها في اكتشاف ومتابعة ومحاسبة الخلايا البعث/داعشية وهي خلايا تعد الجيش الخفي لداعش والامتداد السوقي له.
داعش يحاول وبشتى الطرائق ان يعوّض هزائمه في جبهات القتال ويقلّل من آثارها الصادمة على نفسيات عناصره ليرفع من معنوياتهم وليكسب المزيد من التمويل والتجنيد والدعم المادي واللوجستي والمادي والفتوائي والاعلامي من امتداداته الاقليمية والعالمية، ويسعى ايضا الى ايصال رسالة مفادها بانّه تنظيم أخطبوطي يتمدّد وله أذرع ضاربة في كل مكان في العراق ومن جهة اخرى تفنيد نظرية وجود مناطق آمنة او آمنة "نسبيا " لاسيما في وسط العراق وجنوبه فهو يجنِّد حواضنه ويسيّر خلاياها البعث/داعشية/النائمة ويبرمجها لأجل ذلك. وبدون هذين الاجراءين سنبقى كل يوم نصحو على كارثة داعشية جديدة.
اضف تعليق