ان الحصول على نوم عميق ليس أمرًا بعيد المنال، بل يمكن تحقيقه من خلال ممارسات بسيطة كتمارين التنفس واليوغا والتمدد أو حتى المشي الخفيف. ومع الالتزام بعادات نوم صحية، مثل إبعاد الأجهزة الإلكترونية قبل النوم أو الحفاظ على مواعيد ثابتة، يصبح النوم رحلة طبيعية نحو الراحة والتجدد...

منذ فجر التاريخ والإنسان يبحث عن الراحة في نومٍ عميق يعيد لجسده طاقته ويمنح عقله فرصة للتوازن والهدوء. لكن في زمننا الحاضر، ومع ضجيج المدن، وتزايد ساعات العمل، والضغوط النفسية، والاعتماد المفرط على الأجهزة الإلكترونية، أصبح النوم الجيد حلمًا يطارده الكثيرون. تشير الأبحاث الحديثة إلى أن الأرق واضطرابات النوم لم تعد مشكلات فردية فحسب، بل ظاهرة عالمية تؤثر في صحة الإنسان الجسدية والنفسية، وتنعكس سلبًا على إنتاجيته وحياته اليومية.

أمام هذه التحديات، برزت مجموعة من التمارين البسيطة والفعّالة التي يمكن للإنسان أن يمارسها في بيته، دون الحاجة لأدوات معقدة أو أوقات طويلة، لتكون وسيلة طبيعية لاستعادة التوازن والقدرة على الاستغراق في النوم. هذه التمارين لا تقتصر على تحسين الدورة الدموية أو إرخاء العضلات فحسب، بل تتعداها إلى تهدئة العقل، وخفض مستويات التوتر، وتنظيم التنفس، بما يفتح الطريق أمام نومٍ عميق ومتواصل.

ومن تمارين التنفس العميق التي تُعيد الإيقاع الطبيعي للجسم، مرورًا باليوغا والتأمل التي تجمع بين الجسد والروح، وصولًا إلى التمارين الهوائية الخفيفة والتمدد قبل النوم، تؤكد الدراسات أن لكل منها دورًا ملموسًا في تحسين جودة النوم. كما أنّ عادات يومية بسيطة، مثل تقليل التعرض للشاشات أو الحفاظ على مواعيد نوم ثابتة، تسهم في جعل النوم أكثر راحة واستقرارًا.

إن هذا التقرير يأخذك في رحلة عملية بين أبرز هذه التمارين والعوامل المساندة، ليكشف كيف يمكن لإنسان العصر أن يستعيد حقه الطبيعي في الراحة، ويحوّل لحظة النوم من معركة مع الأرق إلى تجربة مفعمة بالسكينة والتجدد.

1_تنفس (4 - 7 - 8)

يُعدُّ تمرين تنفس (4 - 7 - 8) أحد تمارين الاسترخاء قبل النوم الذي يوظف كلاً من الشهيق والزفير، ويمكن أداؤه باتباع الخطوات الآتية: فتح الفم من خلال إبعاد الشفتين عن بعضهما بعضاً، ثم إغلاقهما بعد إخراج الزفير بشكل تام. ضغط الشفتين على بعضهما بعضاً مع أخذ شهيق عن طريق الأنف لمدة 4 ثوانٍ. حبس النفس لمدة 7 ثوانٍ. إخراج الزفير عن طريق الفم لمدة 8 ثوانٍ، وتكرار الخطوات السابقة لما لا يقل عن 4 مرات. بحسب صحيفة (الشرق الأوسط).

2_اليوغا

اليوغا هي نوع محدد من تدريب المقاومة الذي يركز على تحسين الوضعية وتمارين التنفس والتأمل 

لقد ثبت أن ممارسة اليوجا تساعد على تخفيف التوتر، وتساعد الأشخاص على فقدان الوزن، وتقليل الألم في الرقبة وأسفل الظهر.

قد تُحسّن ممارسة اليوغا أيضًا جودة النوم. مع أن العلاقة بين اليوغا وتحسين النوم لم تُقيّم على نطاق واسع من حيث السكان عمومًا، إلا أن بعض الدراسات أشارت إلى تحسن في النوم لدى بعض الأفراد، ومن بينهم كبار السن. بحسب (مؤسسة النوم).

3_التمارين الهوائية مثل ركوب الدراجات أو الجري

تقول الدكتورة هانا باتيل، خبيرة النوم المقيمة في تايم فور سليب: "إن التمارين الهوائية التي تزيد من معدل ضربات القلب والتنفس تُسهّل النوم عن طريق خفض ضغط الدم وتقليل التوتر. على سبيل المثال، يُعدّ الجري وركوب الدراجات مثاليين للتخلص من أي قلق يُبقيك مستيقظًا طوال الليل".

ويتفق لوك كوزينز، عالم وظائف الأعضاء في مجال الصحة والرفاهية في Nuffield Health، مع هذا الرأي ويضيف: "من المهم أن نتذكر أن توقيت ممارسة التمارين الرياضية أمر مهم بنفس القدر، لأن التمارين الرياضية يمكن أن تسبب أيضًا ارتفاعًا في الأدرينالين، مما يبقي جسمك في حالة تأهب.

"للحصول على أقصى استفادة، حاول ممارسة التمارين الرياضية قبل حوالي خمس إلى ست ساعات من محاولة النوم، ولكن ليس قبل ساعتين من النوم." بحسب موقع (RTÉ).

4_التمدد قبل النوم 

 يساعدك التمدد على ذلك بشكل أسرع، كما يقول ريباودو. كما أنه يُحسّن تدفق الدم ويُخفف توتر العضلات، وكلاهما يُساعد على تعافي العضلات وتحسين جودة النوم. كلما تمكنت من إرخاء جسمك قبل النوم، زادت فعالية نومك.

تقول شينا ألفا، أخصائية العلاج الطبيعي، وأخصائية العلاج الطبيعي، وأخصائية تقويم العظام السريرية في HSS: "النوم هو الوقت الوحيد الذي يرتاح فيه جسمك تمامًا، عندما لا تستخدم أي عضلات أو مفاصل لدعم نفسك". وتضيف: "التمدد قبل النوم يساعد جسمك على تجديد نفسه أثناء النوم".

يمكن أن يساعدك أيضًا على تجنب الانزعاج أثناء النوم، خاصةً إذا كنت تعاني من تشنجات عضلية خلال النهار. يقول ريباودو: "العضلات التي تُفرط في استخدامها خلال النهار - وخاصة عضلات الرقبة، وعضلات الساق، وأوتار الركبة، والعضلات الرباعية - قد تتشنج أثناء النوم". "إذا انتقلت مباشرةً من حالة النشاط إلى السرير، فأنت أكثر عرضة للإصابة بتشنجات، والتي قد تكون شديدة بما يكفي لإيقاظك". بحسب موقع (Hospital for Special Surgery).

5_تمرين التنفس الأنفي البديل

فيما يلي خطوات تمرين التنفس البديل من الأنف أو الأنف البديل، والذي يُسمى أيضًا نادي شودانا براناياما:

اجلس مع ساقيك متقاطعتين.

ضع يدك اليسرى على ركبتك وإبهامك الأيمن على أنفك.

قم بالزفير بشكل كامل ثم أغلق فتحة الأنف اليمنى.

يستنشق من خلال فتحة الأنف اليسرى.

افتح فتحة أنفك اليمنى وقم بالزفير من خلالها مع إغلاق فتحة الأنف اليسرى.

استمر في هذا الدوران لمدة 5 دقائق، وانتهي بالزفير من خلال فتحة الأنف اليسرى.

أفادت دراسة أجريت سابقًا أن الأشخاص الذين جربوا تمارين التنفس الأنفي شعروا بتوتر أقل بعد ذلك. بحسب موقع (Healthline).

6_التصور الإيجابي

التصور الإيجابي تمرين يساعدك على الاسترخاء من خلال تخيل مشاهد مريحة، قبل النوم، تخيلي مكانًا مريحًا مثل شاطئ هادئ أو حديقة جميلة، ركزي على تفاصيل المكان، وتخيلي نفسك هناك، هذا التمرين يساعد على تهدئة العقل وإزالة التوتر، مما يهيئك لنوم عميق. بحسب موقع (طلة).

7_تجنب التمارين الرياضية المكثفة قبل النوم

عند ممارسة التمارين الرياضية عالية الكثافة، يشهد جسمك زيادة في معدل الأيض، والأدرينالين، وضغط الدم، ومعدل ضربات القلب، ويستغرق وقتًا للعودة إلى حالتك الطبيعية والمريحة. تقول الدكتورة نيكول أفينا، عالمة الأعصاب الباحثة وخبيرة التغذية والحمية الغذائية وصحة الدماغ والعافية: "هذا يعني أنه إذا مارست الرياضة قبل النوم، فأنت معرض لحرمان جسمك من الوقت الكافي للاسترخاء". عندما لا يكون جسمك مسترخيًا قبل النوم، يصعب عليك النوم والبقاء نائمًا.

يمكن أن يؤدي التمرين أيضًا إلى زيادة درجة حرارة الجسم. تقول الدكتورة أنجيلا هوليداي-بيل، وهي طبيبة معتمدة وأخصائية نوم معتمدة ومقدمة برنامج " فن النوم": "بما أن انخفاض درجة حرارة الجسم بمقدار درجة أو درجتين ضروري للانتقال إلى النوم والحفاظ عليه، فإن ممارسة الرياضة قبل النوم قد تعيق قدرتك على النوم". بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يكون الإندورفين الذي يُفرز أثناء التمرين مُحفزًا ويُصعّب النوم. بحسب موقع (prevention).

8_المشي أو الركض

 ساعدا في تقليل شدة الأرق بما يقارب 10 نقاط على مقياس التقييم. بحسب موقع (RT).

9_تاي تشي

 وهو فن قتالي صيني قديم معروف بحركاته البطيئة والمتعمدة، يمكن أن يكون مفيداً لتحسين نوعية النوم. ويقول الباحثون إن هذا الفن هو ممارسة للعقل والجسم معاً بما يعزز الاسترخاء، ويقلل من التوتر، ويعزز الرفاهية العامة، وكلها تساهم في نوم أفضل. كما توصلت دراسة نشرتها المجلة الدولية للبحوث البيئية والصحة العامة إلى أن تمارين التاي تشي لها تأثير إيجابي على الأشخاص الذين يعانون من الأرق وتساعد في تخفيف أعراض الاكتئاب والقلق. نقلا عن موقع (العربية نت).

التنفس عن طريق البطن

يمكن للتنفس عن طريق البطن أن يساعد على الاسترخاء، ويتم عن طريق تحريك الحجاب الحاجز من خلال اتباع الخطوات الآتية:

-التمدد على الظهر مع مد الساقين بشكل مستقيم، ومد الذراعين بمحاذاة الجسم.

-وضع أحد اليدين على البطن والأخرى على الصدر.

-أخذ الشهيق من البطن عن طريق التأكد من ارتفاع مستوى اليد الموضوعة على البطن.

-الاستمرار بالتنفس مع التأكد من ارتخاء عضلات الوجه والتركيز على صوت النفس. بحسب موقع (ويب طب).

عوامل إضافية تسهم في تحسين النوم

-بالإضافة إلى ممارسة التمارين الرياضية هناك عدة عوامل تساعد في تحسين النوم ومنها:

-الذهاب إلى السرير في موعد ثابت يوميا حتى في عطلة نهاية الأسبوع، فهذا سيساعد على تنظيم الساعة الداخلية للجسم، ويعزز دورة النوم والاستيقاظ في وقت ثابت.

-أخذ حمام دافئ قبل النوم

-التقليل من التعرض للأجهزة الإلكترونية مثل الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية وأجهزة الحاسوب قبل ساعة على الأقل من موعد النوم، وذلك لأن الضوء الأزرق المنبعث من هذه الأجهزة قد يتداخل مع النوم.

-التأكد أن الغرفة مظلمة وهادئة وباردة، وذلك لجعلها مناسبة للنوم.

-تجنب تناول الكافيين في الساعات التي تسبق موعد النوم، لأنه من الممكن أن تتداخل مع جودة النوم، وتعطل دورة نومك.

-تجنب القيلولة لفترات طويلة أو بعد العصر، لأنها من الممكن أن تؤثر على قدرتك على النوم ليلا. وفقًا ما نشره موقع (الجزيرة نت).

الخلاصة 

يتضح أن الحصول على نوم عميق ليس أمرًا بعيد المنال، بل يمكن تحقيقه من خلال ممارسات بسيطة كتمارين التنفس واليوغا والتمدد أو حتى المشي الخفيف. ومع الالتزام بعادات نوم صحية، مثل إبعاد الأجهزة الإلكترونية قبل النوم أو الحفاظ على مواعيد ثابتة، يصبح النوم رحلة طبيعية نحو الراحة والتجدد. فالنوم الجيد ليس رفاهية، بل ركيزة أساسية لصحة الجسد والعقل، وهو استثمار يومي يعيد للإنسان طاقته ويمنحه القدرة على مواجهة تحديات الحياة بروح متجددة.

اضف تعليق