عاصفة الإنتقادات والشجب والإستنكار المحلي والإقليمي والدولي وحجم التفاعل الرافض لبناء جدار عازل حول مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين جنوب لبنان، أعادت إلى الواجهة الدولية ليس فقط قضية اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ومخيم عين الحلوة بوضعهم المعقّد والمركّب بحرمانهم من حقوقهم الإقتصادية والإجتماعية لعقود من الزمن وتراجع لخدمات "الأونروا" وفي ظل مرجعيات سياسية لبنانية تأبى التوافق لأن يعيش اللاجئ بكرامة كجسر للعبور إلى المزيد من رفض التوطين أو التهجير والتمسك حق العودة..، وانما للتذكير بقضية حوالي 8 ملايين لاجئ فلسطيني محرومين من حقهم القانوني المشروع بالعودة إلى ديارهم التي طردوا منها على أيدي العصابات الصهيونية إبان نكبة فلسطين في العام 1948 يعيش معظمهم في مناطق عمليات "الأونروا" الخمسة، وتشكل قضيتهم وصمة عار على جبين الأمم المتحدة التي تقف عاجزة لحوالي سبعة عقود عن تطبيق القرارات المتعلقة بالقضية الفلسطينية لا سيما القرار 194 للعام 1948، الذي أكد على حق العودة والتعويض واستعادة الممتلكات، لا سيما في ظل تحضيرات الأمم المتحدة لإحياء اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني الذي يوافق في التاسع والعشرين من شهر تشرين الثاني/نوفمبر من كل عام.
ويُسجل لـ "المنظمة العربية لحقوق الإنسان في أوروبا" من العاصمة البريطانية لندن بأن كانت أول من أثار القضية على المستوى الدولي من خلال بيان أشارت فيه إلى أن "فكرة إنشاء جدار لعزل مجموعة من السكان حفاظاً على الأمن فكرة بالية لم تعد مقبولة من كافة النواحي القانونية والأخلاقية في ظل تطور وسائل الحفاظ على الأمن التي تمكن من فرض الأمن وفق المعايير المنصوص عليها في القوانين المحلية والدولية، وبأن التعامل الأمني مع اللاجئين الفلسطينيين والنظر إلى المخيمات بأنها بؤر تهدد أمن لبنان بشكل مستديم لن يسعف الحكومة اللبنانية بوضع حلول ناجعة لأي حوادث أمنية مصدرها المخيمات، وأن بناء الجدار سيُظهر المخيم الذي كان رمزاً وشاهداً على النكبة الفلسطينية على أنه معسكر إعتقال يضم أناساً يشكلون خطراً على أمن لبنان الأمر الذي يلحق أضراراً فادحة بصورة الفلسطيني والقضية الفلسطينية ككل، داعية الحكومة اللبنانية إلى وقف أعمال بناء الجدار وإعادة النظر في قرار البناء الذي لن يجلب الامن للبنان إنما سيسيئ لصورة لبنان في ظل الرفض العالمي لبناء الجدر العازلة لما لها من رمزية عنصرية تنتهك الحقوق الأساسية للسكان المستهدفين"، لتتدحرج كرة التفاعل الدولي لتصل إلى إستعداد بعض المنظمات غير الحكومية في أوروبا لإرسال وفود برلمانية أوروبية لزيارة المخيم وللاطلاع على الجدار العازل والأبراج العسكرية ومدى تأثيرها على الحياة اليومية للاجئين.
تشير التقديرات إلى أن تكلفة بناء الجدار تصل إلى سبعة ملايين دولار وحتى الآن لم يتم الإفصاح عن مصدر التمويل، إلا أن أحد الدبلوماسيين السويديين قال "إذا تبين أن تمويل الجدار أوروبياً أي فسيتم إثارة الموضوع داخل البرلمان الأوروبي وإجراء المساءلة والمتابعة"، لكن أليس كان من الأفضل إستبدال تكلفة بناء الجدر والفواصل بين اللاجئين الفلسطينيين والسلطات اللبنانية ببناء جسور للتواصل والحوار من خلال القيام بتنفيذ مشاريع تنموية تساعد على ردم الهودة الإنسانية التي يعاني من منها اللاجئ على مستوى البطالة التي فاقت 60% وأمية زادت عن 25% وفقر مدقع وفي ظل وجود حوالي 30 ألف لاجئ فلسطيني مهجر من سوريا؟.
حينها حتماً ستتراجع الظواهر الأمنية، لذلك معالجة الأسباب أهم من معالجة النتائج التي تتراكم تباعاً سواء على المستوى المحلي المتعلق بالإفرازات الأمنية المرفوضة، أو نتيجة المعايير المزدوجة التي يمارسها المجتمع الدولي بتنكره لحقوق اللاجئين المشروعة، وفي هذا انعكاس سلبي ليس على اللاجئين فقط وإنما كذلك على المجتمع الدولي نفسه المتمثل في الأمم المتحدة.
اضف تعليق