q

حق التعبير عن الرأي واحد من حقوق الإنسان الفكرية المكفولة في القوانين الوطنية والدولية. وحق التعبير عن الرأي يعني حق الفرد في إسماع رأيه علنيا، مؤيدا أو معارضا، وحقه في المعرفة، وفي سماع آراء الآخرين، وحقه في الصمت وعدم الكلام. ومن وسائل التعبير عن الرأي: الكلام، الكتابة، المظاهرات، الإضراب، التصرفات، الإشارات، اللباس، وطريقة الجلوس، وغيرها.

إلا ان حرية الرأي إذا كانت نظريا مطلقة فهي عمليا وواقعيا ليست كذلك؛ بل مكبلة بقيود مفروضة بفعل واقع القانون الدولي، وبفعل القانون الوطني الداخلي، وبفعل الواقع والفكر السياسي.. وبحسب منظمة العفو الدولية " يكاد يكون تأكيد الحكومات على أهمية "حرية الرأي" مجرد مجاملة في معظم دساتير العالم تقريبا، حيث أن الواقع ليس بهذه الدرجة من الحرية. إذ يُزج بالكثير من الناس في السجون في مختلف أنحاء العالم أو يتعرضون لما هو أسوأ من ذلك لا لشيء سوى لتعبيرهم عن آرائهم علنا. " وهؤلاء الذين يزجون بالسجون لأنهم عبروا عن رأيهم يعرفون بـ "سجناء الرأي" وهم من أكثر فئات السجناء تعرضاً للمضايقات والاضطهاد؛ حيث تغيِّب في مثل هذه القضايا الآليات المناسبة لإجراءات حجزهم أو اعتقالهم، بل وتتم معاملتهم بأبشع صور المعاملة الحاطة بالكرامة وبالإنسانية.

والتعريف الدولي لـ "سجناء الرأي" هم "هؤلاء الذين يُعتقلون في أي مكان بسبب معتقداتهم السياسية أو الدينية، أو أية معتقدات أخرى نابعة من ضمائرهم، أو بسبب أصلهم العِرقي، أو جنسهم، أو لونهم، أو لغتهم، أو أصلهم القومي أو الاجتماعي، أو وضعهم الاقتصادي، أو مولدهم، أو أي وضع آخر، دون أن يكونوا قد استخدموا العنف أو دعوا إلى استخدامه".. بينما يطلق مصطلح "السجناء السياسيين" على الأشخاص الذين يعتقلون بسبب آرائهم أو معتقداتهم السياسية الموجهة ضد السلطة الحاكمة في بلدانهم. فتعبير "معتقل الرأي" أشمل من تعبير "المعتقل السياسي".

تكتظ سجون العالم العربي بالمدافعين عن حقوق الإنسان وسجناء الرأي والناشطين السياسيين؛ وقد يظن البعض أنه بثورات "الربيع العربي" انتهت أزمة سجناء الرأي من الوجود في الدول التي شهدت أو تشهد تحولاً ديمقراطيا، لكن الحقيقة عكس ذلك، فلازالت البيئة السياسية والقانونية في أغلب تلك البلدان كما هي، حيث تتيح التنكيل بالمعارضين السياسيين وفقاً لأهواء السلطة الحاكمة، ومنها دولة البحريين.

اعتقلت السلطات البحرينية آلاف المواطنين خلال الأربع سنوات الماضية من عمر الثورة التي اندلعت في ١٤ شباط ٢٠١١ وتشير التقارير الحقوقية إلى وجود عدد غير قليل من هؤلاء المعتقلين مازالوا في السجون البحرينية بينهم عدد من النساء والأطفال، بالإضافة إلى قيام السلطات البحرينية باعتقال عدد كبير من علماء الدين الشيعة بسبب آرائهم السياسية ونشاطهم الديني.

ويتعرض معتقلو الرأي البحرينيين لمختلف أشكال الاضطهاد، بسبب عدم قدرتهم في الدفاع عن حقوقها وقت الاعتقال والتوقيف، وغياب المؤسسات المحلية المستقلة التي تعمل للمطالبة بحقوق هذه الفئة، وغياب الرقابة من جهة مستقلة على الأجهزة التنفيذية التابعة للدولة، وصعوبة وصول معلومات أو قصص واقعية مدعومة بأسانيد للمؤسسات والهيئات الحقوقية خارج البحرين. ناهيك عن الخروقات والتجاوزات المتكررة والكبيرة التي تقوم بها الأجهزة التنفيذية في تعاملها مع هذه الفئة طوال المراحل التي يتعرض لها السجين ابتداء من استدعائه وتوقيفه والتحقيق معه ومحاكمته وسجنه، والتي من غير الممكن قبولها أو الرضا بها لا من الناحية الشرعية ولا من الناحية القانونية.

تشير تقارير دولية أن مستويات القمع ضد الأصوات المعارضة البحرينية قد اشتدت في السنوات الأخيرة، فالذين يعارضون الحكومة أو حكامها يُستهدفون بصورة روتينية. فقد طالبت منظمة العفو الدولية ملك البحرين حمد بن عيسى آل خلفية بأن يأمر بالإفراج الفوري عن جميع سجناء الرأي، المحتجزين لا لشيء سوى للتعبير السلمي عن رأيهم، وحثته على إلغاء القوانين التي تجرم الممارسة المشروعة لحرية التعبير وتتماشى مع المعايير الدولية، خاصة المواد 214، و215، و216، من قانون العقوبات البحريني، إضافة إلى إسقاط التهم الموجهة لجميع الذين يحاكمون في الوقت الراهن بتهم تتعلق بحرية التعبير من قبيل انتقاد بلدان أجنبية، أو الملك، أو المؤسسات الوطنية.

وقالت المنظمة: "إهانة الملك وعَلم البلاد والمؤسسات أو حتى بلد أجنبي، كل هذه تهم يمكن أن تؤدي إلى السجن لمدة سبع سنوات في البحرين، إذ تواجه الناشطة زينب الخواجة السجن لمدة ثلاث سنوات لتمزيقها صورة الملك. وآخر، وهو نبيل رجب، حكم عليه بالسجن، في يناير2015، بستة أشهر بتهمة "إهانة الهيئات النظامية " وزارتي الداخلية والدفاع، على "تويتر"، وهو مقبوض عليه حالياً للتحقيق معه في تهمة منفصلة. وحكم على أحد سجناء الضمير، أحمد مشيمع بالسجن مدة عام لقراءته شعراً يعتبر مسيئاً للملك. وتطول القائمة لتشمل العشرات من سجناء الرأي الذين يستمر احتجازهم خلف القضبان منذ 2011 بسبب تعبيرهم السلمي المعارِض".

كما طالب المفوّض الساميّ لحقوق الإنسان زيد بن رعد الحسين، في كلمته اليوم الاثنين 15 يونيو/ حزيران 2015، خلال الجلسة الافتتاحيّة لأعمال الدورة الـ 29 لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في جنيف، السلطات البحرينيّة بالإفراج عن معتقلي الرأي والسجناء السياسيين في البحريـن، مشيرًا إلى وجود انتهاكات، خصوصًا في سجن جو. واستنكر الحسين قمع التظاهرات السلميّة في البحرين وتعذيب المتظاهرين، مؤكّدًا أنّ هذه المرتكزات ذاتها التي يقوم عليها الفكر التكفيري.

نحن، كناشطين معنيون جميعاً دولا ومنظمات حكومية ومنظمات إنسانية بتحمل المسئولية الإنسانية والشرعية إزاء سجناء الرأي البحرينيين والعمل على ضمان حقوقهم كاملة ورصد أي تجاوز أو انتهاك يقع في هذا المجال، وعليه لابد من دعم سجناء الرأي البحرينيين، وتوفير قدر أكبر من الحماية لتلك الفئة المنسية في المجتمع البحريني من خلال:

1- فضح انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين وتعريف المجتمع العربي والإسلامي والدولي من خلال التعريف بسجناء الرأي البحرينيين والكتابة عنهم على صفحات الجرائد والانترنت والشبكات الاجتماعية؛

2- قيام بحملات تستهدف تغيير القوانين البحرينية التي تخالف القوانين الدولية وتنتهك حقوق الإنسان في البحرين وتساعد السلطات البحرينية في إيداع أصحاب الرأي في السجون البحرينية تحت عنوان سب الملك أو الإساءة إلى السلطات وغيرها؛

3- مراقبة السلطات التنفيذية البحرينية من أجل عدم إساءة توظيف القوانين الهامة التي تتصدى لخطاب الكراهية وغير ذلك من أشكال التحريض على العنف في قمع المعارضة المشروعة وسجن صاحب الرأي؛

4- الضغط على السلطات البحرينية للسماح للمنظمات الحكومية وغير الحكومية التي تعنى بحقوق الإنسان في البحرين، بالزيارات المفاجئة، لضمان الرقابة الفاعلة، وبالتالي تجنب التجاوزات والخروقات بقدر الإمكان والتعرف على أحوال السجون والمساهمة في تقديم الحلول أولا بأول؛

5- التضامن مع سجناء الرأي البحرينيين رجالا ونساء من خلال برقيات المساندة للسجناء وذويهم والتي تعزز وتقوي معنوياتهم وتعطيهم دعما إضافيا لمواصلة مطالبهم المشروعة؛

6- وبالنسبة لأولئك الذين ما زالوا في السجن، نريد أن نرى:

* الإفراج فورا ودون شروط عن جميع سجناء الرأي في البحرين؛.

* محاكمات عادلة في غضون فترة زمنية معقولة أو الإفراج عنهم.

* السماح بالتواصل مع الأقارب والأطباء والمحامين.

* وضع حد للحبس الانفرادي طويل الأمد.

...................................................

** مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات هو أحد منظمات المجتمع المدني المستقلة غير الربحية مهمته الدفاع عن الحقوق والحريات في مختلف دول العالم، تحت شعار (ولقد كرمنا بني آدم) بغض النظر عن اللون أو الجنس أو الدين أو المذهب. ويسعى من أجل تحقيق هدفه الى نشر الوعي والثقافة الحقوقية في المجتمع وتقديم المشورة والدعم القانوني، والتشجيع على استعمال الحقوق والحريات بواسطة الطرق السلمية، كما يقوم برصد الانتهاكات والخروقات التي يتعرض لها الأشخاص والجماعات، ويدعو الحكومات ذات العلاقة إلى تطبيق معايير حقوق الإنسان في مختلف الاتجاهات...

هـ/7712421188+964
http://ademrights.org
[email protected]
https://twitter.com/ademrights

اضف تعليق