من يريد ان يتحدث عن الظلم اليومي الذي يتعرض له المسلمين الشيعة في شتى انحاء العالم، عليه ان يؤلف عدة مجلدات في هذا المجال، لا ان يكتب مقالا مقتضبا يحاول فيه تلخيص هموم الشيعة في العالم... لكن "لكل مقام مقال"، وحديثنا هنا يركز على ان الشيعة يتعرضون الى نوعين من الظلم:
- الظلم الواقع عليهم من الأنظمة الديكتاتورية وحكامها المستبدين الذين لا يتوانى أي حاكم منهم عن استخدام القسوة والعنف المفرط بحقهم وان لم يكن هناك سبب يبرر افعالهم الشنيعة.
- الظلم الواقع عليهم من "المجتمع الدولي" بوسائل الاعلام والأنظمة الغربية الديمقراطية والمنظمات الحقوقية ذات الطابع الاممي وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني، التي تتجاهل (عن عمد) مظلومية الأقليات الشيعية وكشف النقاب عنها لمصالح سياسية واقتصادية خاصة.
وحتى في حال فرضنا جدلا ان هناك من يدافع او يناصر المضطهدين من المسلمين الشيعة، فإنها، في الغالب، لا تعدو كونها أصوات خجولة سرعان ما تضيع بين ابواق "الدعاية الملكية" او لمن "يدفع أكثر"، وقد شاهدنا وسمعنا كيف تعامل الغرب والمنظمات الأممية مع "الربيع العربي" عام 2011 وفرق بين ثورة "البحرين" او "اليمن" او "السعودية" وغيرها من العالم العربي، بل وكيف انتهى المطاف بمن قاموا بتلك الثورة بعد ان تخلى الجميع عنهم.
اما الحكام واستبدادهم المفرط، فقد اوغل في استهداف المسلمين الشيعة، خصوصا إذا كانوا يشكلون الأقلية في تلك البلدان، ولعل ما وقع مؤخرا على "شيعة نيجيريا" مثال واضح للاستهتار المطلق... بكرامة الانسان أولا... وحقوق المواطن ثانيا... وحرية المعتقد والدين ثالثا، لكنهم في جميع الأحوال لا يفقهون شيئا مما قد سبق.
وقد تحدثت منظمة "هيومن رايتس وتش" العالمية (ولم اسمع بغيرها من المنظمات العالمية الغربية قد دانت هذا الفعل الهمجي) من خلال دانيال بيكيلي مدير مكتبها في افريقيا بانه "من شبه المستحيل ان نفهم كيف يمكن ان يبرر قيام عدد من الشباب الغاضبين باغلاق طريق الى قتل مئات الاشخاص"، مضيفا "ان اقل ما يمكن ان يوصف به ذلك هو انه رد فعل مفرط ووحشي، وأكثر ما يمكن ان يقال انه هجوم مدبر على الاقلية الشيعية"... والغريب ان مئات المواطنين الشيعة قتلوا امام العالم في هجوم عسكري كاسح ضد مدنيين عزل اثناء اقامتهم لطقوسهم الدينية الخاصة، وبلا مبرر منطقي، ثم يتم دفنهم بمقابر جماعية، ويعتقل اهم شخصية دينية لديهم (الشيخ إبراهيم الزكزكي) بعد تعذيبه ووضعه في السجن، والتهمة التدبير لاغتيال قائد الجيش في نيجيريا.
اما الاغرب من ذلك فهو ما أمرت به الحكومة النيجيرية مؤخرا بفتح تحقيق عن حادث قتل المئات من الشيعة؟ بعد ان قتلتهم القوات الأمنية (الجيش النيجيري) التابعة للحكومة ذاتها؟ اليس الامر غريب فعلا!
الغرابة لا تنتهي عند هذا الحد... فقد اتصل الملك السعودي "سلمان بن عبد العزيز" برئيس جمهورية نيجيريا الاتحادية "محمد بخاري"، ليعرب عن "تضامن المملكة مع حكومة نيجيريا في مواجهة الإرهاب، والوقوف إلى جانبها، إثر العمليات الإرهابية التي وقعت في نيجيريا مؤخرا"، مؤكدا أن "هذه الأعمال الإجرامية يدينها الإسلام، ورفض المملكة التدخل الأجنبي الذي يهدف إلى زعزعة أمن واستقرار نيجيريا"... ولا نعرف صراحة من قام بالعمل "الإرهابي" اهي الحكومة ام المواطنين الذين قتلوا بالمئات! كما لا نعرف ان من بين الضحايا من شيعة نيجيريا أي أجنبي من إيران او العراق او الصين او الهند مثلا!
وذكر الاعلام السعودي ان الملك "سلمان" شكر الرئيس "بخاري" لانضمام بلاده الى "التحالف العسكري الإسلامي" ضد الإرهاب بقيادة السعودية... وهنا لا اعرف لماذا تذكرت كلمات "دانيال بيكيلي" مدير مكتب منظمة "هيومن رايتس" في افريقيا عندما قال "انه هجوم مدبر على الاقلية الشيعية".
وكما قلت لكم، فان الغرابة في الموقف العالمية لا تنتهي، مثلما لا ينتهي ظلم الحكومات الاستبدادية الموجة ضد مواطنيها الشيعة، فالحكومة النيجيرية التي أعلنت انها فتحت تحقيقا رسميا لكشف ملابسات مقتل أكثر من (300) مواطن نيجيري شيعي من قبل عناصر الجيش، ما زالت تقوم بذات الممارسات الهمجية في التضييق على مواطنيها، في مقابل غياب أي طرف دولي يحاسب او يدقق في هذه الانتهاكات التي وصلت حد:
- تدمير منزل الشيخ "الزكزكي" بالكامل بعد اعتقاله الى جهة مجهولة، قبل ان ينقل لاحقا الى المحكمة في "وسي ابوجا".
- قمع التظاهرات التي خرجت في "سوكوتو" ومدينة "غومبي" احتجاجا على عمليات القتل والاعتقال السابقة.
- تدمير حسينية "بقية الله" والمركز الإسلامي ومقبرة الشهداء بالكامل... وقد تعرضت جميع هذه الأماكن الى عمليات سلب ونهب كبيره وامام انظار الأجهزة الأمنية التي لم تتدخل بالمطلق.
- تدمير المقبرة التي دفنت فيها والدة الشيخ "إبراهيم الزكزكي" وهدم قبر والدته في مسكن "جوشي"، زاريا في ولاية "كدونا"... ولا اعرف السبب لماذا!.
اضف تعليق