يحتفل العالم زورا وبهتانا من خلال إستذكار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في العام 1948 والذي دعا الى تأمين تلك الحقوق في العالم بأسره.
67 عاما مرت على ذلك الإعلان الذي كان الدافع للمهتمين به ماجرى على البشرية من ويلات جسيمة أدت الى مقتل عشرات الملايين من البشر وتدمير المدن وحرق البيوت والمزارع وهتك الإنسانية في المعمورة دون رحمة، أو تردد ووصل الأمر بالولايات المتحدة الى أن تقوم بإلقاء القنابل النووية على رؤوس المواطنين العاديين في مدن هيروشيما ونازاغاكي اليابانيتين اللتين تعانيان حتى اللحظة من آثار مروعة للقصف الذي مورس ضدهما.
وطوال عقود تلت ذلك الإعلان فإن العالم مر بحروب وكوارث بيئية وطبيعية مروعة، وصار الإعتداء على الطبيعة أمرا عاديا مع التطور التقني والعمراني وسعة وإمتداد الحضارة حيث جرى جرف ملايين الهكتارات من الأراضي وحرق الغابات في بلدان عديدة ولوثت مياه البحار والأنهار وجفت بحار وآبار وبحيرات وقلت نسبة الأمطار مع إزدياد مساحات التصحر، صاحبها جفاف غير مسبوق وهلاك لأنواع من الحيوانات التي إنقرضت نهائيا، بينما زادت المصانع والمعامل من نسبة إنبعاثات الغاز، وإرتفعت تبعا لذلك حرارة الأرض، وأخذت الجبال الجليدية بالذوبان، وإرتفعت الأصوات المحذرة من كوارث طبيعية قادمة تتمثل بفقدان شبه كامل لمساحات كبيرة من الأراضي، وتلوث بيئي خطير، وظهور أنواع من الأمراض لم يكن متوقعا بهذه النسبة، خاصة مع الإستخدام المفرط للأسلحة المحرمة والمواد الكيمياوية القاتلة.
في المقابل فإن الإنشغال بهذه المشاكل العالقة والمتصاعدة لم يترك مساحة للإهتمام بالقضايا اليومية التي تستمر من خلالها حياة الناس وتتواصل طموحاتهم وهم عرضة للحروب والموت والجوع والعطش والمرض والسياسات الخاطئة وكميات كبيرة من النفايات التي لايتم معالجتها بطريقة علمية وتسبب الأمراض والأوبئة، وفي العراق يفتقد المواطن العادي الى الخدمات الطبيعية، ولايحصل على حقه في التعليم والتربية والإتصالات والرياضة وخدمات الماء والكهرباء والبيئة النظيفة والصحة والعمل، والطرق والجسور وحرية المعتقد وإمكانية التعبير عن الذات والمشاركة الحقيقية.
لاتتوفر كل تلك الحقوق للأسف ويعاني الناس من أزمات متصاعدة ومشاكل وسياسات خاطئة وفساد مستشري لايمكن تجاهل مايسببه من مشاكل وضعف وإنهيار للبنية الأساسية للحياة.
ورب قائل يقول، عن أي حقوق تتحدثون، وإنكم جميعا قريبا لهالكون؟ وربما كان الإهتمام بحقوق الخرفان أجدى فنحن متنازلون عن حقوقنا.
اضف تعليق